المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دلالات حدوث الدول عند المنجمين


القديمي
10-09-2007, 05:49 AM
تاريخ ابن خلدون
الجزء الأول
الفصل الثالث والخمسون في حدثان الدول والأمم
وأما المنجمون فيستندون في حدثان الدول إلى الأحكام النجومية‏.‏ أما في الأمور العامة مثل الملك والدول فمن القرانات وخصوصاً بين العلويين وذلك أن العلويين زحل والمشتري يقترنان في كل عشرين سنة مرة ثم يعود القران إلى برج آخر في تلك المثلثة من التثليث الأيمن ثم بعده إلى آخر كذلك إلى أن يتكرر في المثلثة الواحدة اثنتي عشرة مرة تستوي بروجه الثلاثة في ستين سنة ثم يعود فيستوي بها في ستين سنة ثم يعود ثالثة ثم رابعة فيستوي في المثلثة باثنتي عشرة مرة وأربع عودات في مائتين وأربعين سنة ويكون انتقاله في كل برج على التثليث الأيمن وينتقل من المثلثة إلى المثلثة التي تليها أعني البرج الذي يلي البرج الأخير من القران الذي قبله في المثلثة‏.‏ وهذا القران الذي هو قران العلويين ينقسم إلى كبير وصغير ووسط‏:‏ فالكبير هو اجتماع العلويين في برجة واحدة من الفلك إلى أن يعود إليها بعد تسعمائة وستين سنة مرة واحدة والوسط هو اقتران العلوي في كل مثلثة اثنتي عشرة مرة وبعد مائتين وأربعين سنة ينتقل إلى مثلثة أخرى والصغير هو اقتران العلويين في درجة برج وبعد عشرين سنة يقترنان في برج آخرعلى تثليثه الأيمن في مثل درجه أو دقائقه‏.‏ مثال ذلك وقع القران أول دقيقة من الحمل وبعد عشرين يكون في أول دقيقة من القوس وبعد عشرين يكون في أول دقيقة من الأسد وهذه كلها نارية وهذا كله قران صغير‏.‏ ثم يعود إلى أول الحمل بعد ستين سنة ويسمى دور القران وعود القران وبعد مائتين و أربعين ينتقل من النارية إلى الترابية لأنها بعدها وهذا قران وسط‏.‏ ثم ينتقل إلى الهوائية ثم المائية ثم يرجع إلى أول الحمل في تسعمائة وستين سنة وهو الكبير‏.‏ والقران الكبير يدل على عظام الأمور مثل تغيير الملك والدولة وانتقال الملك من قوم إلى قوم والوسط على ظهور المتغلبين والطالبين للملك والصغير على ظهور الخوارج والدعاة وخراب المدن أو عمرانها‏.‏ ويقع أثناء هذه القرانات قران النحسين في برج السرطان في كل ثلاثين سنة مرة ويسمى الرابع‏.‏ وبرج السرطان هو طالع العالم وفيه وبال زحل وهبوط المريخ فتعظم دلالة هذا القران في الفتن والحروب وسفك الدماء وظهور الخوارج وحركة العساكر وعصيان الجند والوباء والقحط ويدوم ذلك أو ينتهي على قدر قال جراس بن أحمد الحاسب في الكتاب الذي ألفه لنظام الملك‏:‏ ‏"‏ ورجوع المريخ إلى العقرب له أثر عظيم في الملة الأسلامية لأنه كان دليلها فالمولد النبوي كان عند قران العلويين ببرج العقرب فلما رجع هنالك حدث التشويش على الخلفاء وكثر المرض في أهل العلم والدين ونقصت أحوالهم وربما انهدم بعض بيوت العبادة‏.‏ وقد يقال‏:‏ إنه كان عند قتل علي رضي الله عنه ومروان من بني أمية والمتوكل من بني العباس‏.‏ فإذا روعيت هذه الأحكام مع أحكام القرانات كانت في غاية الإحكام‏.‏ وذكر شاذان البلخي‏:‏ ‏"‏ أن الملة تنتهي إلى ثلثمائة وعشرين‏.‏ وقد ظهر كذب هذ القول‏.‏ وقال أبو معشر‏:‏ يظهر بعد المائة والخمسين منها اختلاف كثير ولم يصح ذلك ‏"‏‏.‏ وقال جراس‏:‏ ‏"‏ رأيت في كتب القدماء أن المنجمين أخبروا كسرى عن ملك العرب وظهور النبوة فيهم وأن دليلهم الزهرة وكانت في شرفها فيبقى الملك في أربعين سنة‏.‏ وقال أبو معشر في كتاب القرانات‏:‏ القسمة إذا انتهت إلى السابعة والعشرين من الحوت فيها شرف الزهرة‏.‏ ووقع القران مع ذلك ببرج العقرب وهو دليل العرب ظهرت حينئذ دولة العرب وكان منهم نبي ويكون قوة ملكه ومدته على ما بقي من درجات شرف الزهرة وهي إحدى عشرة درجة بتقريب من برج الحوت ومدة ذلك ستمائة وعشر سنين‏.‏ وكان ظهور أبي مسلم عند انتقال الزهرة ووقوع القسمة أول الحمل وقال يعقوب بن إسحق الكندي‏:‏ أن مدة الملة تنتهي إلى ستمائة وثلاث وتسعين سنة قال‏:‏ لأن الزهرة كانت عند قران الملة في ثمان وعشرين درجة وثلاثين دقيقة الحوت‏.‏ فالباقي إحدى عشرة درجة وثماني عشرة دقيقة ودقائقها ستون فيكون ستمائة وثلاثاً وتسعين سنة‏.‏ قال‏:‏ وهذه مدة الملة باتفاق الحكماء ويعضده الحروف الواقعة في أول السور بحذف المكرر واعتباره بحساب الجمل‏.‏ قلت‏:‏ وهذا هو الذي ذكره السهيلي والغالب أن الأول هو مستند السهيلي فيما نقلناه عنه‏.‏ قال جراس‏:‏ ‏"‏ سأل هرمز إفريد الحكيم عن مدة أردشير وولده وملوك الساسانية فقال‏:‏ دليل ملكه المشتري وكان في شرفه فيعطى أطول السنين وأجودها أربعمائة وسبعاً وعشرين سنة ثم تزيد الزهرة وتكون في شرفها وهي دليل العرب فيملكون لأن طالع القران الميزان وصاحبه الزهرة وكانت عند القران في شرفها فدل أنهم يملكون ألف سنة وستين سنة‏.‏ وسأل كسرى أنو شروان وزيره بزرجمهر الحكيم عن خروج الملك من فارس إلى العرب فأخبره أن القائم منهم يولد لخمس وأربعين من دولته ويملك المشرق والمغرب والمشتري يغوص إلى الزهرة وينتقل القران من الهوائية إلى العقرب وهو مائي وهو دليل العرب فهذه الأدلة تفضي للملة بمدة دور الزهرة وهي ألف وستون سنة‏.‏ وسأل كسرى أبرويز أليوس الحكيم عن ذلك فقال مثل قول بزرجمهر‏.‏ وقال توفيل الرومي المنجم في أيام بني أمية‏:‏ ‏"‏ إن ملة الإسلام تبقى مدة القران الكبير تسعمائة وستين سنة فإذا عاد القران إلى برج العقرب كما كان في ابتداء الملة وتغير وضع الكواكب عن هيئتها في قران الملة فحينئذ إما أن يفتر العمل به أو يتجدد من الأحكام ما يوجب خلاف الظن‏.‏ قال جراس‏:‏ ‏"‏ واتفقوا على أن خراب العالم يكون باستيلاء الماء والنار حتى تهلك سائر المكونات وذلك عندما يقطع قلب الأسد أربعاً وعشرين درجة التي هي حد المريخ وذلك بعد مضي تسعمائة وستين سنة‏.‏ وذكر جراس‏:‏ أن ملك زابلستان بعث إلى المأمون بحكيمه ذوبان أتحفه به في هدية وأنه تصرف للمأمون في الاختبارات بحروب أخيه وبعقد اللواء لطاهر وأن المامون أعظم حكمته فسأله عن مدة ملكهم فأخبره بانقطاع الملك من عقبه واتصاله في ولد أخيه وأن العجم يتغلبون على الخلافة من الديلم في دولة سنة خمسين ويكون ما يريده الله ثم يسوء حالهم ثم تظهر الترك من شمال المشرق فيملكونه إلى الشام والفرات وسيحون وسيملكون بلاد الروم ويكون ما يريده الله‏.‏ فقال له المأمون‏:‏ من أين لك هذا فقال من كتب الحكماء ومن أحكام صصة بن داهر الهندي الذي وضع الشطرنج‏.‏ قلت والترك الذين أشار إلى ظهورهم بعد الديلم هم السلجوقية وقد قال جراس‏:‏ وانتقال القران إلى المثلثة المائية من برج الحوت يكون سنة ثلاث ثلاثين وثمانمائة ليزدجرد وبعدها إلى برج العقرب حيث كان قران الملة سنة ثلاث وخمسين‏.‏ قال والذي في الحوت هو أول الانتقال‏.‏ والذي في العقرب يستخرج مف دلائل الملة‏.‏ قال‏:‏ وتحويل السنة الأولى من القران الأول في المثلثات المائية في ثاني رجب سنة ثمان وستين وثمانمائة ‏"‏‏.‏ ولم يستوف الكلام على ذلك‏.‏ وأما مستند المنجمين في دولة على الخصوص فمن القران الأوسط وهيئة الفلك عند وقوعه لأن له دلالة عندهم على حدوث الدولة وجهاتها من العمران القائمين بها من الأمم وعدد ملوكهم وأسمائهم وأعمارهم ونحلهم وأديانهم وعوائدهم وحروبهم كما ذكر أبو معشر في كتابه في القرانات‏.‏ وقد توجد هذه الدلالة من القران الأصغر إذا كان الأوسط دالاً عليه فمن هذا يوجد الكلام في الدول‏.‏ وقد كان يعقوب بن إسحق الكندي منجم الرشيد والمأمون وضع في القرانات الكائنة في الملة كتاباً سماه‏:‏ الشيعة بالجفر باسم كتابهم المنسوب إلى جعفر الصادق وذكر فيه فيما يقال حدثان دولة بني العباس وأنها نهايته وأشار إلى انقراضها والحادثة على بغداد أنها تقع في انتصاف المائة السابعة وأن بانقراضها يكون انقراض الملة‏.‏ ولم نقف على شيء من خبر هذا الكتاب ولارأينا من وقف عليه ولعله غرق في كتبهم التي طرحها هلاكو ملك التتر في دجلة عند استيلائهم على بغداد وقتل المستعصم آخر الخلفاء‏.‏ وقد وقع بالمغرب جزء منسوب إلى هذا الكتاب يسمونه الجفر الصغير والظاهر أنه وضع لبني عبد المؤمن لذكر الأولين من ملوك الموحدين فيه على التفصيل ومطابقة من تقدم عن ذلك من حدثانه وكذب ما بعده‏.‏ وكان فى دولة بني العباس من بعد الكندي منجمون وكتب في الحدثان‏.‏ وانظر ما نقله الطبري في أخبار المهدي عن أبي بديل من أصحاب صنائع الدولة قال‏:‏ بعث إلي الربيع والحسن في غزاتهما مع الرشيد أيام أبيه فجئتهما جوف الليل فإذا عندهما كتاب من كتب الدولة يعني الحدثان وإذا مدة المهدي في عشر سنين‏.‏ فقلت هذا الكتاب لا يخفى على المهدي وقد مضى من دولته ما مضى فإذا وقف عليه كنتم قد نعيتم إليه نفسه‏.‏ قالا‏:‏ فما الحيلة فاستدعيت عنبسة الوراق مولى آل بديل وقلت له انسخ هذه الورقة واكتب مكان عشر أربعين ففعل فو الله لولا أني رأيت العشرة في تلك الورقة والأربعين في هذه ما كنت أشك أنها هي‏.‏ ثم كتب الناس من بعد ذلك في حدثان الدول منظوماً ومنثوراً ورجزاً ما شاء الله أن يكتبوه وبأيدي الناس متفرقة كثير منها وتسمى الملاحم‏.‏ وبعضها في حدثان الملة على العموم وبعضها في دولة على الخصوص‏.‏ وكلها منسوبة إلى مشاهير من أهل الخليقة‏.‏ وليس منها أصل يعتمد على روايته الملاحم‏:‏ فمن هذه الملاحم بالمغرب قصيدة ابن مرانة من بحر الطويل على روي الراء وهي متداولة بين الناس‏.‏ وتحسب العامة أنها من الحدثان العائم فيطلقون الكثير منها على الحاضر والمستقبل‏.‏ والذي سمعناه من شيوخنا أنها مخصوصة بدولة لمتونة لأن الرجل كان قبيل دولتهم وذكر فيها استيلاءهم على سبتة من يد موالي بني حمود وملكهم لعدوة الأندلس‏.‏ ومن الملاحم بيد أهل المغرب أيضاً قصيدة تسمى التبعية أولها‏:‏ طربت وما ذاك مني طرب وقد يطرب الطائر المغتصب وما ذاك مني للهو أراه ولكن لتذكار بعض السبب قريباً من خمسمائة بيت أو ألف فيما يقال‏.‏ ذكر فيها كثيراً من دولة الموحدين وأشار فيها إلى الفاطمي وغيره‏.‏ والظاهر أنها مصنوعة‏.‏ ومن الملاحم بالمغرب أيضاً ملعبة من الشعر الزجلي منسوبة لبعض اليهود ذكر فيها أحكام القرانات لعصره العلويين والنحسين وغيرهما وذكر ميتته قتيلاً بفاس‏.‏ وكان كذلك فيما زعموه‏.‏ وأوله‏:‏ في صبغ ذا الأزرق لشرفه خيارا فافهموا يا قوم هذي الإشارا نجم زحل أخبر بذي العلاما وبدل الشكلا وهي سلاما شاشية زرقا بدل العماما وشاش أزرق بدل الغرارا قد تم ذا التجنيس لإنسان يهودي يصلب ببلدة فاس في يوم عيد حتى يجيه الناس من البوادي وقتله ياقوم على الفراد وأبياته نحو الخمسمائة وهي في القرانات التي دلت على دولة الموحدين‏.‏ ومن ملاحم المغرب أيضاً قصيدة من عروض المتقارب على روي الباء في حدثان دولة بني أبي حفص بتونس من الموحدين منسوبة لابن الأبار‏.‏ وقال لي قاضي قسنطينة الخطيب الكبير أبو علي بن باديس وكان بصيراً بما يقوله وله قدم في التنجيم فقال لي‏:‏ إن هذ ابن الأبار ليس هو الحافظ الأندلسي الكاتب مقتول المستنصر وإنما هو رجل خياط من أهل تونس تواطأت شهرته مع شهرة الحافظ‏.‏ وكان والدي رحمه الله تعالى ينشد هذه الأبيات من هذه الملحمة وبقي بعضها في حفظي مطلعها‏:‏ عذيري من زمن قلب يغر ببارقه الأشنب ومنها‏:‏ ويبعث من جيشه قائداً ويبقى هناك على مرقب فتأتي إلى الشيخ أخباره فيقبل كالجمل الأجرب ويظهر من عدله سيرة وتلك سياسة مستجلب فإما رأيت الرسوم انمحت ولم يرع حق لذي منصب فخذ في الترحل عن تونس وودع معالمها واذهب فسوف تكون بها فتنة تضيف البريء إلى المذنب ووقفت بالمغرب على ملحمة أخرى في دولة بني أبي حفص هؤلاء بتونس فيها بعد السلطان أبي يحيى الشهير عاشر ملوكهم ذكر محمد أخيه من بعده‏.‏ يقول فيها‏:‏ وبعد أبي عبد الإله شقيقه ويعرف بالوثاب في نسخة الأصل إلا أن هذا الرجل لم يملكها بعد أخيه وكان يمني بذلك نفسه إلى أن هلك‏.‏ ومن الملاحم في المغرب أيضاً الملعبة المنسوبة إلى الهوشني على لغة العامة في عروض البلد التي أولها‏:‏ دعني بدمعي الهتان فترت الأمطار ولم تفتر واستقت كلها الويدان وأنى تملي وتنغدر البلاد كلها تروي فأولى ماميل ماتدري ما بين الصيف والشتوي والعام والربيع تجري قال حين صحت الدعوى دعني نبكي ومن عذر وهي طويلة ومحفوظة بين عامة المغرب الأقصى والغالب عليها الوضع لأنه لم يصح منها قول إلا على تأويل تحرفه العامة أو الحارف فيه من ينتحلها من الخاصة‏.‏ ووقفت بالمشرق على ملحمة منسوبة لابن العربي الحاتمي في كلام طويل شبه ألغاز لا يعلم تأويله إلا الله‏.‏ لتخلله أوفاق عددية ورموز ملغوزة وأشكال حيوانات تامة ورؤوس مقطعة وتماثيل من حيوانات غريبة‏.‏ وفي آخرها قصيدة على روي اللام والغالب أنها كلها غير صحيحة لأنها لم تنشأ عن أصل علمي من نجامة ولا غيرها‏.‏ وسمعت أيضاً أن هناك ملاحم أخرى منسوبة لابن سينا وابن عقب وليس في شيء منها دليل على الصحة لأن ذلك إنما يؤخذ من القرانات‏.‏ ووقفت بالمشرق أيضاً على ملحمة من حدثان دولة الترك منسوبة إلى رجل من الصوفية يسمى الباجريقي وكلها ألغاز بالحروف أولها‏:‏ إن شئت تكشف سر الجفر يا سائلي من علم جفر وصي والد الحسن فافهم وكن واعياً حرفا وجملته والوصف فافهم كفعل الحاذق الفطن أما الذي قبل عصري لست أذكره لكنني أذكر الآتي من الزمن بشهر بيبرس يبقى بعد خمستها بحاء ميم بطيش نام في الكنن شين له أثرمن تحت سرته له القضاء قضى أي ذلك المنن ومنها‏:‏ وآل بوران لما نال طاهرهم الفاتك الباتك المعني بالسمن لخلع سين ضعيف السن سين أتى لا لو فاق ونون ذي قرن قوم شجاع له عقل ومشورة يبقى بحاء وأين بعد ذو سمن ومنها‏:‏ من بعد باء من الأعوام قتلته يلي المشورة ميم الملك ذو اللسن ومنها‏:‏ هذا هو الأعرج الكلبي فاعن به في عصره فتن ناهيك من فتن يأتي من الشرق في جيش يقدمهم عار عن القاف قاف جد بالفتن بقتل دال ومثل الشام أجمعها أبدت بشجو على الأهلين والوطن إذا أتى زلزلت يا ويح مصرمن الزلزال ما زال حاء غير مقتطن طاء وظاء وعين كلهم حبسوا هلكا وينفق أموالاً بلا ثمن يسير القاف قافاً عند جمعهم هون به إن ذاك الحصن في سكن ويقال إنه أشار إلى الملك الظاهر وقدوم أبيه عليه بمصر‏:‏ يأتي إليه أبوه بعد هجرته وطول غيبته والشظف والزرن وأبياتها كثيرة والغالب أنها موضوعة ومثل صنعتها كان في القديم كثير أو معروف الانتحال‏.‏ حكى المؤزخون لأخبار بغداد‏:‏ أنه كان بها أيام المقتدر وراق ذكي يعرف بالدنيالي يبل الأوراق ويكتب فيها بخط عتيق يرمز فيه بحروف من أسماء أهل الدولة ويشير بها إلى ما يعرف ميلهم إليه من أحوال الرفعة والجاه كأنها ملاحم ويحصل على ما يريد منهم من الدنيا وأنه وضع في بعض دفاتره ميماً مكررة ثلاث مرات وجاء به إلى مفلح مولى المقتدر وكان عظيماً في الدولة فقال له‏:‏ هذا كناية عنك وهومفلح مولى المقتدر ميم في كل واحدة‏.‏ وذكر عندها ما يعلم فيه رضاه مما يناله من الدولة ونصب لذلك علامات من أحواله المتعارفة موه بها عليه فبذل له ما أغناه به‏.‏ ثم وضعه للوزير الحسن بن القاسم بن وهب على مفلح هذا وكان معزولاً فجاءه بأوراق مثلها وذكر اسم الوزير بمثل هذه الحروف وبعلامات ذكرها وأنه يلي الوزارة للثامن عشر من الخلفاء وتستقيم الأمور على يديه ويقهر الأعداء وتعمر الدنيا في أيامه وأوقف مفلحاً هذا على الأوراق وذكر فيها كوائن أخرى وملاحم من هذا النوع مما وقع ومما لم يقع ونسب جميعه إلى دانيال فأعجب به مفلح‏.‏ ووقف عليه المقتدر واهتدى من تلك الأمور والعلامات إلى ابن وهب وكان ذلك سبباً لوزارته بمثل هذه الحيلة العريقة في الكذب والجهل بمثل هذه الألغاز‏.‏ والظاهر أن هذه الملحمة التي ينسبونها إلى الباجريقي من هذا النوع‏.‏ ولقد سألت أكمل الدين ابن شيخ الحنفية من العجم بالديار المصرية عن هذه الملحمة وعن هذا الرجل الذي تنسب إليه من الصوفية وهو الباجريقي وكان عارفاً بطرائقهم فقال‏:‏ كان من القلندرية المبتدعة في حلق اللحية وكان يتحدث عما يكون بطريق الكشف ويومي إلى رجال معينين عنده ويلغز عليهم بحروف يعينها في ضمنها لمن يراه منهم‏.‏ وربما يظهر نظم ذلك في أبيات قليلة كان يتعاهدها فتنوقلت عنه وولع الناس بها وجعلوها ملحمة مرموزة وزاد فيها الخراصون من ذلك الجنس في كل عصر وشغل العامة بفك رموزها وهو أمر ممتنع إذ الرمز إنما يهدي إلى كشفه قانون يعرف قبله ويوضع له وأما مثل هذه الحروف فدلالتها على المراد منها مخصوصة بهذا النظم لا يتجاوزه‏.‏ فرأيت من كلام هذا الرجل الفاصل شفاء لما كان في النفس من أمر هذه الملحمة‏.‏ ‏"‏ وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ‏"‏‏.‏ والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التوفيق‏.‏

sm
11-09-2007, 01:47 AM
جزاك الله خيراً أخي القديمي , و هذه إضافة هامة مرتبطة بموضوعك ذكرها ابن خلدون في كتابه المعروف بتاريخ ابن خلدون عن الفاتح المغولي تيمورلنك , يقول رحمه الله "وكان المنجمون المتكلمون في قرانات العلويين يترقبون القران العاشر في المثلثة الهوائية، وكان يترقب عام ستة وستين من المائة السابعة. فلقيت ذات يوم من عام أحد وستين بجامع القرويين من فاس، الخطيب أبا علي بن باديس خطيب قسنطينة، وكان ماهراً في ذلك الفن، فسألته عن هذا القرآن المتوقع، وما هي آثاره، فقال لي: يدل على ثائر عظيم في الجانب الشمالي الشرقي، من أمة بادية أهل خيام، تتغلب على الممالك، وتقلب الدول، وتستولي على أكثر المعمور. فقلت: ومتى زمنه. فقال: عام أربعة وثمانين تنتشر أخباره. وكتب لي بمثل ذلك الطبيب ابن زرزر اليهودي، طبيب ملك الإفرنج ابن أذفونش ومنجمه. وكان شيخي رحمه الله إمام المعقولات محمد بن إبراهيم الآبلي متى فاوضته في ذلك، أو سابلته عنه يقول: أمره قريب، ولا بد لك إن عشت أن تراه."

You can see links before reply

القديمي
11-09-2007, 02:52 AM
مشكور أخي على هذه الاضافة

يناير
12-10-2008, 11:01 AM
كلام ابن خلدون يعني بطلان الجفر الصغير والكبير

والمعروف ان ابن خلدون مهتم بالقواعد العلميه الصحيحة . فلهذا كشف بطلان كثير من المؤلفات
التي لاتستند على الدليل العقلي والعلمي . وانما تخفي في بواطنها سياسات غرضية أو شهرة وكسب مادي فقط لا غير

عبود المغربى
04-12-2010, 12:12 AM
مشكور وبارك الله فيك