عرض مشاركة واحدة
افتراضي الرياضة الباطلة والرياضة الشرعية
الرياضة الباطلة والرياضة الشرعية
شذرات من مؤلفات الإمام محمد علي آبادي

قلنا إنه يمكن تكون للإنسان في عالم الملكوت صورة تغاير الصورة الإنسانية، وإن تلك الصور تتبع ملكوت النفس وملكاتها، فإذا كنتم ذوي ملكات فاضلة إنسانية فستجعل هذه الملكات صوركم إنسانية عندما يحشر الإنسان ومعه تلك الملكات ما لم يخرج عن طريق الاعتدال، بل إن الملكات إنما تكون فاضلة حين لا تتصرف النفس الأمارة بالسوء فيها، ولا يكون لخطوات النفس دور في تشكيلها.
يقول أستاذنا الشيخ محمد علي الشاه آبادي دام ظله: (إن المعيار في الرياضة الباطلة والرياضة الشرعية الصحيحة هو خطى النفس وخطى الحق فإذا كان تحرك السالك بخطى النفس، وكانت رياضته من أجل الحصول على قوى النفس، وقدرتها وتسلطها كانت رياضته باطله، وأدى سلوكه إلى سوء العاقبة. وتظهر الدعاوى الباطلة- عادة- من مثل هؤلاء الأشخاص).أما إذا تحرك السالك بخطى الحق، وكان باحثاً عن الله، فإن رياضته هذه حقة وشرعية، وسيأخذ الله بيده ويهده كما تنص على ذلك الآية الشريفة التي تقول: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾ وسؤول عمله إلى السعادة، فتسقط عنه الأنا، ويزول عنه الغرور. ومعلوم أن خطوات الشخص الذي يرائي الناس بأخلاقه الحسنة وملكاته الفاضلة ليلفت أنظارهم إليه هي خطوات النفس، وهو متكبر وأناني ومعجب بنفسه وعابد لها).
ومع التكبر تكون العبودية لله وهما ساذجاً وأمراً باطلاً ومستحيلاً وما دامت مملكة وجودكم مملوءة النفس وحب الجاه والجلال والشهرة والرياسة فلا يمكن اعتبار ملكاتكم ملكات فاضلة، ولا أخلاقكم أخلاقاً إلهية.
ويقول إبن خلدون: " أما المتصوفة فرياضتهم دينية و عرية عن هذه المقاصد المذمومة. و إنما يقصدون جمع الهمة و الإقبال على الله بالكلية ليحصل لهم أذواق أهل العرفان و التوحيد و يزيدون في رياضتهم إلى الجمع و الجوع التغذية بالذكر فبها تتم و جهتهم في هذه الرياضة لأنه إذا نشأة النفس على الذكر كانت أقرب إلى العرفان بالله و إذا عريت عن الذكر كانت شيطانية. و حصول ما يحصل من معرفة الغيب و التصرف لهؤلاء المتصوفة إنما هو بالعرض و لا يكون مقصودا من أول الأمر لأنه إذا قصد ذلك كانت الوجهة فيه لغير الله و إنما هي لقصد التصرف و الإطلاع على الغيب و أخسر بها صفقة فإنها في الحقيقة شرك. قال بعضهم من آثر العرفان للعرفان فقد قال بالثاني فهم يقصدون بوجهتهم المعبود لا لشيء سواه. و إذا حصل في أثناء ذلك ما يحصل فبالعرض و غير مقصود لهم. و كثير منهم يفر منه إذا عرض له و لا يحفل به و إنما يريد الله لذاته لا لغيره و حصول ذلك لهم معروف و يسمون ما يقع لهم من الغيب و الحديث على الخواطر فراسة و كشفا و ما يقع لهم من التصرف كرامة و ليس شيء من ذلك بنكير في حقهم."

غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: علم النفس ومهارات التفوق البشري


....