المشاركات الجديدة
مواضيع مختلفة : أي موضوع لم يعنون سابقا

قصة الأرقام العربية

افتراضي قصة الأرقام العربية
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحمدلله اعترافا بتوحيده، واخلاصا لربوبيته، واقرارا بجزيل نعمته، وإذعانا لعظيم منته، وشكرا على جميع مواهبه، وكريم فواضله، وصلى الله على خيرته من خلقه محمد صلى الله عليه وآله، والطاهرين من عترته، والطيبين من أرومته، وسلم تسليما.
والصلاة والسلام على مصطفاه الامين المؤتمن بالوحي والتبليغ على رغم انوف الحسدة والبغاة والكفرة , النبى الاقدس والشهاب الاقبس , سيدنا محمد(صلى الله علية واله) منية اهل الدنيا والاخرة

أللَّهُمَّ صَـلِّ عَلَى مُحَمَّد عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ وَآلِ مُحَمَّد صَلاَةً عَالِيَةً عَلَى

الصَّلَوَاتِ مُشْرِفَةً فَوْقَ التَّحِيَّاتِ، صَلاَةً لاَ يَنْتَهِي أَمَدُهَا وَلا يَنْقَطِعُ عَدَدُهَا كَأَتَمِّ مَـا مَضَى

مِنْ صَلَوَاتِكَ عَلَى أَحَد مِنْ أَوْلِيـائِكَ، إنَّـكَ الْمَنَّانُ الْحَمِيدُ الْمُبْدِئُ الْمُعِيدُ الفَعَّالُ لِمَا تُرِيْدُ.


العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..

قصة الأرقام العربية

المهندس/ عبد الله بن سريِّع الدوسري

( لُجينيات )

ملحوظة للقارئ الكريم: إذا لم يكن لديك متسع من الوقت لقراءة الموضوع كاملاً، فبالإمكان قراءة خلاصته التي تجدها في نهايته على أمل العودة لقراءته في وقت لاحق.

عندما نقرأ تاريخ الأرقام العربية قراءة هادئة متأنية متعمقة فإننا سنجد ولا شك حقائق تاريخية ثابتة تهدم الحجج الواهية التي يتذرع بها دعاة تغريب الأرقام، وتفند ما يدعونه زورًا وبهتانًا من أن أرقامنا العربية إنما هي أرقام هندية، وأن الأرقام العربية هي الأرقام المستعملة في العالم الغربي الآن (الأرقام الإفرنجية). وليتهم قالوا لنا بشفافية وشجاعة: لا بد من فرض تلك الأرقام تقليدًا للغرب ومسايرة للركب، بدلاً من أن يستخفوا بعقولنا بقولهم: إن أرقامنا هندية، وليست عربية!

تعالوا نقرأ التاريخ:
لقد استخدم العرب والمسلمون هذه الأرقام العربية المشرقية طيلة اثني عشر قرنًا من الزمان، منذ أن وضعها لهم -بأمر من الخليفة المنصور- الفلكي المسلم محمد بن إبراهيم الفزاري الكوفي، المتوفى سنة 180 هجرية، ولم نسمع أن أحدًا شكك في عروبتها إلا في عصرنا هذا (عصر الهزائم النفسية والأخلاقية)، فما هو السر في ذلك؟ (اللبيب بالإشارة يفهم)

وأرقامنا العربية المشرقية كانت مستعملة إلى وقت قريب في المغرب العربي، حسب الوثائق الموجودة بين أيدينا (كما سيتضح في ثنايا هذا الموضوع)، ولو كانت الأرقام الإفرنجية المستعملة حاليًّا في الغرب أرقامًا عربية، لما فرض المحتل الغاشم استعمالها بالقوة على بلاد المغرب العربي بعد إلغاء الأرقام العربية المشرقية المستعملة قبل الاحتلال في إطار محاربته للغة العربية هناك.
قد يقول قائل: إن الاهتمام بمثل هذا الموضوع إنما هو اهتمام بالقشور -وقد قيل-، ولكن في الحقيقة أن الهجوم على الأرقام العربية ليس إلا مقدمة للهجوم على اللغة العربية، لغة القرآن الكريم، وإضعافها.

ولإيضاح الموقف الصحيح من الأرقام الإفرنجية إليكم هذا النقل من كتاب (الأرقام العربية والأرقام الإفرنجية للباحث في مركز الملك فيصل للبحوث بالرياض الأستاذ هزاع بن عيد الشمري):

«على أثر اقتراح (الأمانة العامة للمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس) استعمال الأرقام الغبارية [الإفرنجية] بدلاً من الأرقام المشرقية [العربية]، فقد أحالت وزارة العدل في المملكة العربية السعودية هذا الاقتراح إلى مجلس هيئة كبار العلماء. وفي دورته الحادية والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض ابتداءً من يوم 17/3/1403ه قرر المجلس (إنه لا يجوز تغيير الأرقام المستعملة حالياً إلى الأرقام المستعملة في العالم الغربي لأسباب كثيرة، منها أن ذلك خطوة من خطوات التغريب، ولأنه مظهر من مظاهر التقليد للغرب واستحسان طرائقه، ولأن جميع المصاحف والتفاسير والمعاجم والكتب المؤلفة كلها تستعمل الأرقام الحالية في ترقيمها أو في الإشارة إلى المراجع وهي ثروة عظيمة هائلة، وفي استعمال الأرقام الإفرنجية الحالية ما يجعل الأجيال لا تستفيد من ذلك التراث بسهولة ويسر..). وبناءً على هذه الفتوى الجليلة فقد صدر الأمر الملكي رقم (20860 لعام 1403ه) بتأييد قرار مجلس هيئة كبار العلماء، ورفض مشروع الأمانة العامة للمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس، وهو تأييد موفق لنصرة الحق والواجب». انتهى.

وتجدون في هذا الكتاب أيضًا محضرًا يحتوي على التقرير العلمي للجنة المكلفة من جامعة الملك سعود -كلية الآداب- قسم اللغة العربية والمكونة من مجموعة من أهل الخبرة والاختصاص، لدراسة اقتراح الأمانة العامة للمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس آنف الذكر، والذي حرر بتاريخ 23/6/1403ه، وقد رفضت فيه اللجنة أيضاً هذا الاقتراح، وذيلته بما يلي:

«واللجنة إذ ترفض هذا الاقتراح لا يسعها إلا أن تكرر تحذيراً جاء في بحث الدكتور أحمد مطلوب، وهو أن نوايا العدوان على التراث العربي والإسلامي التي حاولت مراراً تغيير الحرف نفسه، واعتماد الأبجدية اللاتينية للكتابة، ربما تحاول الآن أن تجد منفذاً في هذا الاتجاه عن طريق البدء بتغيير الأرقام على أساس أنها أقل ارتباطاً بالمقدسات الدينية من الحرف، لكن لن يقنع الساعون إلى هدم الحضارة الإسلامية بهذه الثغرة، وربما نفذوا منها إلى ما هو أبعد مدى وأكثر تدميراً.. وأخيراً تودُّ اللجنة أن تسأل: إلى متى هذا التطوع بالعبودية للحضارة الغربية؟). انتهى من كتاب (الأرقام العربية والأرقام الإفرنجية) للباحث في مركز الملك فيصل للبحوث بالرياض الأستاذ هزاع بن عيد الشمري.

وقد أورد الباحث في هذا الكتاب صورًا عديدة لمجلات وصحف وعملات صادرة في المغرب العربي قبيل الاحتلال كانت تعتمد الأرقام العربية المشرقية، مما يدل على أن الأرقام الإفرنجية دخيلة حتى على المغرب العربي.

إن الذين يستعملون تلك الأرقام بمحض إرادتهم واختيارهم، أو يدعون إلى ذلك متذرعين بحجج واهية، في غفلة واضحة أو انهزامية مشينة، على الرغم من أن «الموقف الرسمي للمملكة العربية السعودية ومؤسساتها وقطاعاتها كافة قائمٌ على أساس اعتماد الأرقام العربية [المشرقية] وتأصيل عروبتها»، كما قرر ذلك الأمير الدكتور نايف بن ثنيان آل سعود في دراسته القيمة التي نشرها في كتابه: «الأرقام العربية.. ماهية الرسم بين الأصل ووسائل الإعلام»، إن هؤلاء يقومون بما كان يقوم به المحتل الغاشم عندما فرض استعمالها بالقوة على بلاد المغرب العربي في إطار محاربته للغة العربية هناك، ولهؤلاء أن يقرؤوا كتاب (أرقامنا.. الحقائق والحقيقة المغيبة) للأستاذ صالح بن إبراهيم الحسن عضو الأسرة الوطنية للغة العربية في وزارة التربية والتعليم بالمملكة العربية السعودية، فإن فاؤوا وإلا فليعلموا أنهم بهذا يخدمون الأعداء من حيث يشعرون أو لا يشعرون.

أما الذين يستدلون على عروبة الأرقام الإفرنجية بأن (الخواجات) يسمون أرقامهم الإفرنجية بالأرقام العربية، ويسمون أرقامنا العربية بالأرقام الهندية، فإنني أنصحهم -إن كانوا يطلبون الحقيقة- أن يتخلوا عن سطحيتهم، وأن يقرؤوا بتعمق وتفهُّم الكتب الثلاثة المذكورة آنفًا، فإن فيها ما يشفي ويكفي لمن أراد الحق وسعى إليه بتجرد وبدون تقريرات سابقة في ذهنه تدفعه للمخاصمة والجدال؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخَصِم» رواه البخاري.

في اعتقادي أن الأمر -فيما يخص أرقامنا العربية- محسوم، لكننا بحاجة ماسة إلى الاعتزاز والثقة بلغتنا العربية لغة القرآن الكريم والاعتزاز بهويتنا والمحافظة عليها ، وعدم مساعدة التغريبيين في إثارة البلبلة والتشكيك في أرقامنا العربية (المشرقية)، والتبرير لما يلقونه من شبهات حولها ، وإظهار الناس بمظهر الحائر إزاءها.

الخلاف حولها موجود، لكنه غير معتبر في نظر كل من بحث الموضوع بتجرد؛ لأنه يكتشف بسهولة أن هذه المسألة دخيلة على مجتمعاتنا، وأساسها الانبهار بالغرب والغربيين ، والدعوة للأخذ بكل ما عندهم من خير وشر ، لدرجة أن من دعاة التغريب من يقول : يجب أن نأخذ بكل ما عند الغربيين ( حتى ما بداخل أمعائهم ) ، وهي مقولة مشهورة عنهم.

لقد قال أهل الاختصاص والعلم كلمتهم ، لكن دعاة التغريب - بما يملكون من إمكانيات - لا يريدون أن يستمعوا إليهم ، ومع ذلك فشلوا في دعايتهم للأرقام الإفرنجية ؛ لضعف حجتهم ، ومصادمتهم لوجدان الأمة ، وقوة حجة أهل العلم والاختصاص ، لذلك رضي التغريبيون بالتهويش والصراخ والحذلقة والقول بأن هناك خلافاً حول الأرقام ، وأن الرقم العربي لا زال في حيرة ؛ مع أن الأمر محسوم عند قيادات الأمة الفكرية والدينية ، وليست هناك حيرة إلا في عقول المنبهرين والمنهزمين.

لقد فرض دعاة التغريب استخدام الأرقام الإفرنجية في نطاقاتهم المحدودة بعد تردد دام أكثر من عشر سنوات من بداية هذه الدعوة المشبوهة ؛ لكنهم بدؤوا الآن يتقوون بالغرب - مع الأسف - لفرض تلك الأرقام وغيرها.

بقي أن نذكر بعض مؤسسات وهيئات ومراكز أهل العلم والاختصاص التي رفضت نبذ الأرقام العربية ( المشرقية ) والتحول إلى الأرقام الإفرنجية ، لما له من عواقب وخيمة على اللغة العربية وهوية المجتمعات الإسلامية ، ومنها :

1- جامعة الملك سعود ( الرياض سابقاً ) ممثلة باللجنة العلمية المكونة من بعض أعضاء هيئة التدريس بكلية الآداب.

2- هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية بقرارها الصادر في الشهر الثالث من عام 1403ه ، وقد تم تأييد هذا القرار بتوجيه ملكي كريم لاعتماده في جميع مرافق الدولة.

3- المجمع الفقهي بمكة المكرمة.

4- الجمعية المصرية لتعريب العلوم.

5- دار الكتب والوثائق القومية بمصر.

6- مجلس اتحاد المجامع اللغوية العلمية العربية.

ولا أعرف من الدعاة إلى التغريب في موضوع الأرقام غير ( المنظمة العربية للمواصفات والمقاييس ) التابعة لجامعة الدول العربية ومبرراتها واهية ومتهافتة ، وبعض مؤسسات النشر الأهلية التي تتبنى الدعوة إلى تغريب المجتمعات العربية والإسلامية ، ومن يعرف غير ذلك فليفدنا، وهذا هو نص التوجيه الملكي الكريم رقم (20860) وتاريخ 3/9/1403ه بالإبقاء على أرقامنا الحالية وعدم التحول إلى الأرقام الإفرنجية نقلاً عن كتاب (أرقامنا... الحقائق والحقيقة المغيبة):

صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني

بعد التحية :-

نبعث لسموكم بطيه نسخة خطاب سماحة الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد رقم 2/1667في 2/8/1403ه ومشفوعاته الذي أشار فيه إلى خطاب الهيئة العربية للمواصفات والمقاييس رقم 2/1109في 4/3/1403ه الموجه إلى وزارة العدل بخصوص طلبها أخذ رأي الوزارة حول توحيد شكل الأرقام المستعملة في العالم العربي و استعمال الأرقام العربية الغبارية بدلاً من الأرقام الهندية المستخدمة حالياً . وكتابة وزارة العدل إلى سماحته بخطابها رقم 937/ك ن وتاريخ 18/3/1403ه وطلبها عرض الموضوع على مجلس هيئة كبار العلماء وما أشار إليه سماحة المفتي من أنه تم عرض الموضوع في الدورة الحادية والعشرين المنعقدة بمدينة الرياض ابتداء من 17/3/1403ه فرأى المجلس أنه لا يجوز تغيير الأرقام المستعملة حاليًا إلى الأرقام المستعملة في العالم الغربي لأسباب كثيرة منها أن ذلك خطوة من خطوات التغريب ولأنه مظهر من مظاهر التقليد للغرب واستحسان طرائقه ولأن جميع المصاحف والتفاسير والمعاجم والكتب المؤلفة كلها تستعمل الأرقام الحالية في ترقيمها أو في الإشارة إلى المراجع، وهي ثروة عظيمة هائلة، وفي استعمال الأرقام الإفرنجية الحالية ما يجعل الأجيال لا تستفيد من ذلك التراث بسهولة ويسر. وما أوضحه سماحته من أنه نظرًا لما للموضوع من رواج بين الكتاب وفي ميادين التعليم فإنه يرجو تأييد رأي المجلس وإبلاغه لجميع الجهات المختصة ونشره في وسائل الإعلام المختلفة.

ولموافقتنا على ذلك نرغب إليكم إبقاء الوضع على ما هو عليه، وقد أعطينا الجهات الحكومية نسخة منه للإحاطة والاعتماد.

رئيس مجلس الوزراء

وإتمامًا للفائدة؛ أثبت هنا جزءًا من بحث مختصر ومرتب كتبه الأستاذ هزاع الشمري ونشره في جريدة الجزيرة، بتاريخ 15 ربيع الآخر عام 1423ه، وفيه تفنيد لشبهة تسمية الأرقام العربية بالأرقام الهندية، يقول فيه:

الأرقام العربية: ترسم بالشكل هذا « » وتكتب مسايرة للقلم العربي من اليمين الى الشمال آخذة رسمه الهندسي، وهي عباسية، بغدادية الصنعة، عربية النجار، عرفت بشكل واضح في القرن الثاني الهجري، وبقي المسلمون كافة يستخدمونها في اصقاع العالم الاسلامي من شرقه الى غربه، وكانوا قبلها يستخدمون عوضا عنها حروف الجمل خوف الخلط والتصحيف والتحريف والزيادة والنقص. واول نص عربي حفظ لنا هذه الارقام هو حروف الارقام التي وجدت ايام هارون الرشيد، الخليفة العباسي.

ويختلف الباحثون في اصل هذه الارقام ... فمنهم من يرجحها الى محتد هندي مع القول بتهذيبها وتحويرها وتطويرها على يدي العرب ثم حلها وترحالها في انحاء العالم بفضلهم، ومنهم من يجزم بأصلها العربي لا غير ذلك. فأصحاب الاصول الهندية لهذه الارقام العربية يستندون في رأيهم الى:

1- المؤرخ اليعقوبي قد نسب وضع هذه الارقام لاحد ملوك الهند، وان الاقليدسي سماها احرف الهند وان ابن النديم عزاها الى السند، وان ابن الياسمين قد عد حساب الغبار في جملة اعمال اهل الهند، وان نصر الدين الطوسي ذكر انها منسوبة الى الهند(1).

2- ان حكماء الهند وضعوا تسعة ارقام للعقود التسعة المشهورة(2).

وأما الذين يرون العراقة العربية لهذه الارقام فيستند بعضهم على حجج وجيهة نورد بعضها:

1- ان الارقام العربية هي غير الارقام التسعة التي وجدت متناثرة في اللغات الهندية المختلفة(3).

2- ان اول من وضع لنا هذه الارقام بشكلها الحالي هو محمد بن ابراهيم الفزاري، المتوفى سنة 180ه/796 ميلادية.

3- ان الفلكي محمد بن ابراهيم الفزاري الكوفي قد الف كتابا سماه السندهند الكبير ونقل فكرة الأعداد من الهنود ووضع لها الاشكال التي هي عليها بأمر الخليفة ابو جعفر المنصور، لذا فهو نقل فكرة ولم ينقل وضع الأشكال والأعداد الهندية او صورها.

4- ان النظام العشري غير منقول عن الامم الاخرى وانما هو اصيل عرفه العرب في بيئتهم وانه كان بابلياً ولا يستبعد ان يكون الهنود قد اخذوه عن البابلين(4).

5- ان الارقام والحروف الابجدية اختلفت لدى الهنود انفسهم في اقليم ما عنه في اقليم آخر.

6- ان شكل الرقم العربي ليس كشكل الرقم الهندي، والاختلاف بينهما واضح، ويذهب الدكتور عدنان الخطيب الى ان منشأ الارقام العربية كان صور حروف الابجدية العربية وليس الاشكال والرموز التي كان الهنود يستخدمونها كما يزعم بعض الباحثين بلا دليل، وانها لم تقم على تعدد الزوايا التي تحتويها صور كل حرف(5).

7- ان ابا الريحان البيروني المتوفى سنة 440ه/1048م، قد اشار الى طريقة الهنود في استخدام الحروف الابجدية والارقام بقوله: ليس يجرون على حروفهم شيئا من الحساب كما نجريه على حروفنا في ترتيب الجمل، وكما ان صور الحروف تختلف في بقاعهم كذلك ارقام الحساب، وتسمى «إنك» والذي نستعمله نحن مأخوذ من احسن ما عندهم ولا فائدة في الصور اذا عرف ما وراءها من المعاني، واهل كشمير يرقمون الاوراق بأرقام هي كالنقوش او كحروف اهل الصين ولا تعرف الا بالعادة وكثرة المزاولة(6).

8- ان الخوارزمي قد ذكر نوعين لشكل الارقام، وقد ساد الاول وما يزال مستعملا، واختفى الثاني بعد ان اصبح اصل الارقام المستعملة في العالم الآن.

9- انه ليس بامكان مؤرخ واحد في تاريخ العلم وتاريخ الرياضيات خاصة ان ينفي تأثر العلماء الهنود في القرن الثاني عشر الميلادي بمنجزات العرب العلمية وبأعمال البيروني بشكل خاص.

10- ما ذكره عمر فروخ في كتابه تاريخ العلوم عند العرب، ان الارقام ظهرت مع الصفر مرسوما نقطة في كتب عديدة الفت منذ سنة 787م قبل ان تظهر في الكتب الهندية.

11- ويذهب الدكتور قاسم السامرائي الى القول بالاصالة والنجار العربي لهذه الارقام: اما الارقام الشائعة في المشرق العربي - الارقام العربية - فهي أرقام آرامية فينيقية نبطية تدمرية فهي لذلك عربية الاصل والنجار، لاشك فيها اطلاقا ولا عبرة ولا اعتبار لما يقوله الاقليميون من الاخوة المغاربة والمقلدون من المشارقة، فان حقائق التاريخ العلمية يجب ان لا تستند على عواطف محلية بل على اسس علمية منطقية محضة وبراهين وثائقية لاشك فيها مما يستنبطه الباحث من الاكتشافات المستمرة للنقوش والوثائق.

12- وان بارون كارل دو يذهب الى عروبة هذه الارقام.

13- ويذهب حسن ظاظا وزملاؤه الى القول: بتأثر الكاتب العربي في رسمه للارقام بفكرة ان تكون كلها مبنية على الخطوط المستقيمة على ان تكون الدائرة هي الرقم خمسة فاصلا بين نصفي الارقام القائمة كلها على خطوط مستقيمة لان الخط المستقيم في الابجدية يعتبر عندهم مقياسا لجمال الكتابة(7).
ويستنتج من هذا ما يلي:

1- ان العرب هم اول من حفظ هذه الارقام بشكلها الحالي منذ القرن الثاني الهجري ولا يعرف ذلك لغيرهم.

2- ان هذه الارقام التسعة تختلف عن ارقام الهند التسعة.

3- ان العرب نقلوا من الهنود اسلوب العد ولم ينقلوا منهم وضع اشكال الارقام.

4- ان محمد بن ابراهيم الفزاري هو الذي وضع الأشكال لاسلوب الهند في العد.

5- ان الهنود لا يجرون على حروفهم شيئا من الحساب كما يجريه العرب على حروفهم.

6- ان الارقام هذه ظهرت في كتب عربية قبل ان تظهر في الكتب الهندية.

7- ومن المسلمات القطعية ان شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب وهما موطن العرب قد سبقا بحضارتهما حضارات الارض الاخرى، وفيها عرفت اللغة والنظم والتجارة والعمارة وحتى العد قبل الهند وفارس وقاطبة الارض فلا يعقل نكران تأثيرهم على الحضارات المجاورة لهم وفضلهم على غيرهم لبرهان السبق.

8- ان الرسم العربي لهذه الارقام اسهل واقرب الى المنطق فالرقم ( ) مكون من عنصرين اثنين يضاف اليها سن آخر لنحصل على الرقم « » ويكرر الرقم « » لنحصل على الرقم « »، والرقم « » يتكون من دائرة ويجعل لها خط مستقيم فنحصل على الرقم « » ولذلك رسم الارقام « » اسهل كلفة وبساطة وتوازن وحتى على مستوى المتدرب على الكتابة فانه لا يجد صعوبة في ذلك على خلاف مثيلاتها من الارقام الاجنبية التي تعتمد على خط غير مستقيم او دوائر بعضها غير مغلق مثل الارقام السنسكريتية « ».

9- ان الناظر الى الارقام العربية القديمة مثل الحميرية والفينقية والآرامية والتدمرية والنبطية يجد تطابقا في بعض ارقامها وعلاقة ما بين بعض وآخر، مما يدل على اصل واحد لها، وتطور كتابي لبعض منها، والامر كذلك في اكثر الحروف الهجائية العروبية القديمة.

10- الرقم ( ) يقرأ خمسة عشر واربعمائة والف، وهذه قراءة صحيحة ولربما اخذت قراءة على النحو: خمسة، واحد، اربعة، واحد، ولو قرأت الرقم نفسه على طريقة المتساهلين: الف واربعمائة وخمسة عشر، لما جاز، ولو اختزل على هذه الطريقة نفسها وقيل واحد، اربعة، واحد، خمسة، لاصبح العدد مغايرا وهو ولفسد الامر.

11- ان الارقام منذ زمن هارون الرشيد، الخليفة، الى يومنا هذا فانه لا خلاف حول رسمها، مما يدل على ان صناعتها كانت خاضعة لقانون من الرسم والهيئة دقيق وليس لشكل من اشكال اجتهاد الخطاطين او غيرهم، وهذا ينطبق فيما يخص الحروف الهجائية التي استمدت شكلها من رسم مرتب بعناية فائقة.

الارقام السنسكريتية: وتسمى الارقام الغبارية، وهو محرف عن الجوبار، وهو اقليم معروف بالهند، واستقر رسمها « » وتكتب مسايرة للقلم الغربي من اليسار الى اليمين آخذة شكله الهندسي لا غير، وقال بأصلها الهندي فريق من الباحثين امثال: سميث، ونالينو، وديرنجر، وويبك، وزيغرد هونكه، وتاتون، وول ديوارنت، ومن الباحثين العرب والمشارقة: قدري حافظ طوقان، والدكتور محمد اسماعيل الندوي، والدكتور عبد الحميد صبرة، والعقيد الركن سالم الحميدة، والدكتور قاسم السامرائي، فويبك حاول ان يجد اصولها في الحروف التي تشير الى اوائل اسمائها في السنسكريتية كما كانت في القرن الحادي عشر الميلادي، بينما يرى غيره من الباحثين ان مرجعها يعود الى الاشارات العددية البرهمية التي ظهرت لاول مرة في القرن الثالث قبل الميلاد.

واما ول ديوارنت فيقطع بالاصل الهندي لهذه الارقام اذ يقول: ان من اهم ما ورثناه عن الشرق الأعداد العربية والنظام العشري، قد جاءنا كلاهما من الهند على ايدي العرب، فان ما يسمى خطأ بالأعداد العربية نراها منقوشة على «صخرة المراسيم» التي خلفها «أشوكا» سنة 256 ق.م اي قبل استخدامها في الكتابات العربية بألف سنة(8) اما الدكتور قاسم السامرائي فيطرح رأيا مماثلا لول ديورانت اذ يقول: الحق الذي لا مراء فيه ان الارقام التي يستعملها الغرب انما هي هندية سنسكريتية آرية برهمية الاصل جاءت الى العرب من الترجمات العربية لكتب الحساب الهندي، فلما ترجمت هذه الكتب من العربية الى اللاتينية ظن الاوروبيون انها ارقام عربية فسموها الارقام العربية لانها جاءت اليهم عن طريق العرب(9).

ويقترب ويبك من رأي السامرائي فهو يقرر الاصل الهندي لهذه الارقام وهو يفرق بينها وبين الارقام الاخرى المستعملة في المشرق الاسلامي بقوله: ان العرب يستعملون مجموعتين من الارقام يطلقون عليهما معا اسم الحروف الهندية او حروف الغبار، مجموعة تنتشر في المشرق الاسلامي، واخرى تنتشر في المغرب، ومنها اخذت الصور التي يستعملها الاوروبيون، وبين المجموعتين اختلافات في الشكل ظاهرة(10).

واظن هجرتها الى اوربا كانت مع هجرة اللغة السنسكريتية الى اوربا [وتطورت عنها الأرقام الإفرنجية المستعملة في الغرب الآن]، واول من اشار اليها من الاسانيد العربية ابن الياسمين المراكشي المتوفى سنة 601ه بعد 421 سنة من صناعة الفزاري للارقام العربية، ولا صحة لمن قال ان اصل كتابتها كان على اساس الزوايا، وهذا القول خطأ بين، انما هو تطور كتابة.

وفوق ذلك فان الدلائل الثابتة القطعية انه حتى اهل مراكش، المملكة المغربية اليوم، لم يستخدموا هذه الارقام السنسكريتية في معاملاتهم الرسمية والتجارية الا بشكل ضيق للغاية، وانما كانوا يستخدمون الرقم العربي حتى في ظل الاستعمار الاوروبي، ولكنه استشرى في سنينه الاخيرة الرقم السنسكريتي في الاوساط الرسمية والثقافية بسبب التأثير الاستعماري، واما اهل الجزائر وتونس وبلاد شنقيط فانه حتى الاوساط الرسمية لم تستخدم هذا الرقم الا مسايرة لما ورثوه من التأثير الاستعماري الاوروبي على ثقافتهم وادارتهم، وقد تبنته حكوماتهم رسميا بعد الاستقلال ولم يكن ذلك يحتاج حتى الى صغير عناء فهو مشهود، واما الليبيون فقد استخدموا الرقم السنسكريتي بدلا من الرقم العربي في وقت متأخر عن قيام الحكم الجمهوري سنة 1969م، ولا يجوز القول او الادعاء اكثر من ذلك، والله الموفق.

_______________

الهوامش:

(1) الارقام العربية مولدها، نشأتها، تطورها، محمد حسن آل ياسين، ص11.

(2) الارقام العربية، احمد مطلوب، ص 14.

(3) انظمة العد في الحضارات القديمة، محمود ابراهيم، ص39.

(4) الارقام العربية، مطلوب، ص10.

(5) المصدر نفسه، ص 14.

(6) المصدر نفسه، ص 13.

(7) محضر اللجنة المشكلة من قبل جامعة الملك سعود، وقد رفض المجتمعون اقتراح الامانة العامة للمنظمة العربية للمواصفات والمقاييس باستعمال الارقام الافرنجية بدلا من العربية.

(8) انظمة العد، ص 39.

(9) مجلة عالم الكتب، مصدر سابق.

(10) الارقام العربية، آل ياسين، ص 15.

الخلاصة:

1- مما سبق؛ يتضح أن رسم (شكل) الأرقام العربية نشأ مستقلاًّ عن رسم (شكل) الأرقام الهندية، وقصارى ما في الأمر: أن فكرة الأرقام الهندية التسعة قد تكون هي التي أُخذت عن الهند، وليس رسم الأرقام وشكلها، وقد قام علماء مسلمون بتطويرها وإضافة الصفر لها، وابتكار رسم جديد لها لا علاقة له بالرسم الهندي، وهو ما عرف منذ القرن الثاني الهجري بالأرقام العربية، التي وضعها -بأمر من الخليفة المنصور- الفلكي المسلم محمد بن إبراهيم الفزاري الكوفي، المتوفى سنة 180ه، ثم انتشرت هذه الأرقام العربية في جميع أنحاء الدولة الإسلامية، فظن المستشرقون الذين وجدوها مدونة في الكتب الهندية أنها أرقام هندية، فقالوا بذلك، وقلدهم الببغاوات العرب.

2- ذكر الخوارزمي وابن الياسمين المتوفى سنة 601ه أن هناك نوعين من الأرقام: أحدهما: الأرقام العربية المشرقية، والثاني: أرقام الغبار (الجوبار)، نسبة إلى إقليم جوبار بالهند، منشأ تلك الأرقام التي عرفت باسمه، وقد كانت تكتب من اليمين إلى اليسار، وهذه صورة لها من أحد المراجع القديمة:
الأرقام العربية i3MtI-N06k_823430684


غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: مواضيع مختلفة


...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو آلـطـور آلآخـر
آلـطـور آلآخـر
عضو
°°°
افتراضي
شـكراً جزيلاً لكـ على آلـطـرح

صورة رمزية إفتراضية للعضو فارس الاحلام
فارس الاحلام
شاملي جديد
°°°
افتراضي
شكرا جزيلا اخي علي العذاري


مواقع النشر (المفضلة)
قصة الأرقام العربية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
توقعات علم الأرقام الشخصية
عالم من الأرقام
الأرقام العربية أم الهندية؟
توقعات علم الأرقام
عجائب الأرقام

الساعة الآن 07:19 AM.