ولإتمام الفائدى أستقطع هذه الفقرة من كلام إبن خلدون :
وربّما يظنّ أنّ مشاهدة هؤلاء لما يرونه هو في سطح (المرآة ) وليس كذلك .......
بل لا يزالون ينظرون في سطح (المرآة) إلى أن يغيب عن البصر ، ويبدو فيما بينهم وبين سطح المرآة حجاب ، كأنّه غمام ، يتمثّل فيه صور .....
هي مداركهم فيشيرون إليهم بالمقصود لما يتوجّهون إلى معرفته من نفي أو إثبات. فيخبرون بذلك على نحو ما أدركوه.
وأمّا (المرآة ) وما يدرك فيها من الصّور ، فلا يدركونه في تلك الحال ، وإنّما ينشأ لهم بها هذا النّوع الآخر من الإدراك وهو (نفسانيّ) ليس من إدراك البصر ، بل يتشكّل به المدرك النّفسانيّ للحسّ كما هو معروف.
ومثل ذلك ما يعرض للنّاظرين في قلوب الحيوانات وأكبادها ، وللنّاظرين في الماء والطّساس وأمثال ذلك.
وقد شاهدنا من هؤلاء من يشغل الحسّ (بالبخور فقط) ثمّ (بالعزائم ) للاستعداد ثمّ يخبر كما أدرك ، ويزعمون أنّهم يرون الصّور متشخّصة في الهواء تحكي لهم أحوال ما يتوجّهون إلى إدراكه بالمثال والإشارة.