عرض مشاركة واحدة
صورة رمزية إفتراضية للعضو adel67
adel67
عضو
°°°
افتراضي
أستاذنا بيضون أكرمك الله و زادك من علمه.

أستاذنا العزيز، أراك تتحدث عن النفس و الفن، كأني بك تُريد أن تجعل للنفس و للذات حظا في كشوفاتها، و هذا فيه نظر و نتمنى أن ينورنا بشأنه أصحاب الكشوفات، فما هو حظ النفس في الكشف، هل الكشف موضوعي أم أن الذات تساهم في العملية الكشفية؟ و هنا لا نتكلم عن ضروب العرافة التي معروف عنها مساهمة النفس الإنسانية في إستقراء نتائجها، فكلامنا فقط عن الفتح الكشفي الخالص. ثم تتكلم عن الخيال، مما يوحي و بنفس الإتجاه، أن النفس تلعب دور الريادة في العملية الكشفية. فكل هذا يجعلنا أمام اختلاط الذات بالموضوع، و هذا مقبول في العلوم الإنسانية، لكنه غير مقبول في العلوم الدقيقة مثل الفلك و الرياضيات...

لكن سيدي بيضون، المشكل أن المتصوف و الروحاني يذهبون إلى غير ما تقول، فالصوفي يؤكد أن ما نشاهده ما هو إلا خيالٌ لعَالَمٍ حقيقي يشاهده هو، فيؤكد لك الصوفي أن نور الولاية التي بين جنبيه كشفت الحجاب عن مرآة قلبه فأصبح لا يرى الأشياء إلا في واقعها الواقعي، يراها كما هي، فكان نظره حديد، و نظره أحَدُّ من بصري و بصرك، فإنها لا تعمى الأبصار إنما تعمى القلوب التي في الصدور.

ثم لا المتصوف و لا الروحاني اخترعا محددات تجعل المريد يفرق بين البصيرة الكشفية الصحيحة و بين الخيال النفسي. يقول الصوفي، إذا رأيت الأشياء تذكر الله تعالى على ما أنتَ عليه من الذكر، فاعلم أنك لم تُكاشف إلا بنفسك و بما أنت عليه من الذكر، كأنه إسقاط نفسي لا غير. و إذا رأيت الأشياء تذكر الله كلٌّ على ذكر مخصوص، فذلك الكشف الواقعي.

ثم، أن تُغمض عينيك مثلا، فإن استمرت المشاهدة الخارجية داخل جفنك، فهي من خيال النفس، و إن انقطعت فتلك مشاهدة حق.

فكل هذه التدابير و غيرها توحي إلى أن الصوفي و الروحاني يشاهدون الأمور كما هي. و هذا مشاهد حتى في حياتنا و وجدناه حقا حتى عند العرافين. إذ تخبرك ما في جيبك و عن من في بيتك فيكون الأمر حقا. بل إن الولي قد يُفتح عليه مناما أو يقظة فيخبر بأمور غيبية حاضرة أو مستقبلة فتحدث كما ذكر.

فها هنا الحيرة، كيف ينجحون في كشوفاتهم عن الأمور الغير الملموسة بل و المستقبلية و يعجزون عن ما دون ذلك من وصف لما هو مادي و حاضر من كواكب؟