عرض مشاركة واحدة
الصورة الرمزية noufid
noufid
مشرف
°°°
افتراضي
************************************************
************************************************
************************************************
************************************************
************************************************

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين اللهم وفقنا لإتمامه

الحمد لله رب العالمين و العاقبة للمتقين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و آله الطاهرين
قال مولانا و سيدنا و أستاذنا أفضل المتأخرين محيي الملة و الدين يحيى بن محمد إبن أبي الشكر المغربي الأندلسي : قد ذكرت فيما تقدم من المدخل فأتبعته بذكر ما جمعته و إنتخبته من الأحكام على المواليد إنتخبت فيه آراء الحكماء المتقدمين و الفضلاء المتأخرين و رتبت كل قصة منها في موضع يليق بها من هذا الكتاب ليسهل مأخذها من طالعها من العلماء و الكتاب فما وضح منها مشتملة على فصول مذكورة في ضمنها

************************************************
************************************************
المقالة الأولى من هذا الكتاب و هي عشر فصول
************************************************
************************************************

الفصل الأول في ذكر صورة الجنين و تدبير الكواكب له
************************************************
من وقت السقوط إلى الرحم إلى وقت الولادة على مذهب الفلاسفة المتقدمين و رأي الحكماء المتأخرين فنقول : أنهم ذكروا أن إبتداء نشوء الجنين و تدبير الكواكب له من وقت سقوط النطفة في الرحم و إشتماله عليها و إكتنافه إياها و ما دامت على حالها يقال لها نطفة و إذا تغيرت و أحاطت بها غشاء يقال لها علقة و لا يزال كذلك إلى أن يتغير لونها إلى الحمرة و تصير شبيهة بقطعة الدم الجامد فيقال لها مضغة و منها يبتدىء تكون صورة الجنين فإذا تم له أربعون يوما سمي جنينا و إذا أحس و تحرك سمي حيوانا و لا يكون لك إلا بقوى طبيعية يغلب فيها عن تأثيرات فلكية فهذا هو المبدأ الأول
و أما المبدأ الثاني فهو وقت تمام فلق المولود و ما يدل عليه التأثيرات الفلكية
و ذكروا أن النطفة في الشهر الأول يكون في تدبير زحل و يدبرها بالبرد لأن له التدبير في أوائل الأشياء في ذلك الوقت تخليط النطفتين في الرحم و يصير طبعها باردا يابسا و هو أول برد نشوء البدن و أسبابه فإن كان زحل في هذا الشهر صالح الحال دل على خفة الحمل و سلامة الدم من العلل و الأوجاع و يكون حملها مرتفعا في أعالي بطنها و يصلح بدن المولود و يطيب نفسه فيكون نبيها فهما بعيد الغور مذكرا مفكرا في الأمور و عواقبها صادق المودة صدوقا و إن كان منحوسا فيدل على ضد ما ذكرنا
و في الشهر الثاني يدبرها المشتري ببعض الإعتدال فيظهر في النطفة حمرة ظاهرة ثم ينعقد و يصير قطعة لحم و إن كان ذكرا كان لونها إلى البياض و ميلها إلى الإستدارة و إن كانت أنثى كانت أشد حمرة و ميلها إلى الإستطالة فيلقي إليها سبحانه و تعالى الروح فيظهر في الخلقة و يقع فيها الإختلاج و عند تمام الشهرين تحس الوالدة بثقل تحت الحالتين فيحصل لها الغثيان و قيل أنه من ريح العقيم المنبعثة من الفؤاد و هي فؤاد الروح الذي يكون به الحياة و مادة الدهن و العقل فإن كان المشتري في مبدء هذا الشهر صالح الحال كان المولود خير النفس و الطباع صاحب عقل و تمييز و فضل و إن كان منحوسا رديء النفس و الأخلاق فاسد الروح
و في الشهر الثالث يكون في تدبير المريخ فيسكن فيها الروح و تقوى الإختلاج و تتميز فيه سائر الأعضاء الرئيسية مثل الدماغ و القلب و الكبد و يظهر سائر الأعضاء و هو شديد البدن حرما شجاعا قويا مقداما حسن البطش و العمل لطيف الصنعة و إن كان منحوسا كان الأمر بخلافه
و في الشهر الرابع يكون في تدبير الشمس فينفخ فيه الله الروح الناطقة و يقوى الروح الحيوانية و يسكن الإختلاج فيتبين الخلقة عند ذلك و يتميز الأعضاء بعضها عن بعض من غير إنفصال و إن كان الشمس في مبدء هذا الشهر صالح الحال كان المولود طيب النفس قوي البدن شجاعا لطيف الحيلة و كان في طبع الملوك عارفا بالسياسات و الأمور السلطانية و إن كانت منحوسة كان مهينا جبانا رديء النفس ضعيف الحيلة
و في الشهر الخامس يكون في تدبير الزهرة و في إبتدائه يبتدىء إتضاح صورته و يتم خلقه و تنفصل أعضاؤه بعضها عن بعض و يقوى و يتصلب و يتركب في التذكير و التأنيث و يستبين فيه ذلك و ينبسط في يداه و رجلاه و يلبس حلاه و كل شيء فيه و ترى العظام تحت الجلاء في رقة المنازل و ينبت شعر رأسه فيحصل الدم من ذلك خلق كثير عظيم و حرارة في الكبد فإن كانت الزهرة في مبدئه مسعودة كان المولود حسنا عاقلا نظيفا منزها ذو هيبة و جمال قويا في أمر النكاح فإن كانت في البروج الصبيحة دلت على صباحة الصورة و إن كانت منحوسة دلت بخلاف ما ذكرنا
و الشهر السادس يكون في تدبير عطارد فيتسع خلقه و يتحرك ساقاه فإن كان عطارد في مبدئه مسعودا كان المولود ممن له عقل و نطق و تمييز و تدبيرات حسنة و صنائع لطيفة سيما إن كان في بروج الهوائية و إن كان منحوسا كان عقله كذلك و كان معيوبا سيما إن كان في البروج الضدية
و في الشهر السابع يكون في تدبير القمر و فيه تقوى صورته و خلقته و يشتد بدنه و ينقلب في الرحم فإن كان القمر في مبدئه صالح الحال كان المولود عارفا بأمر الفلاحة و الأرضين و المياه و تقديرها و إن ولد في هذا الشهر سلم و تم أمره و عاش و إن كان فاسد الحال كان ببدنه بثور و قروح و إن ولد فيه لم يعش أيضا و إن عاش كان عمره كله في ذل و حزن
و في الشهر الثامن رجع الأمر فيه إلى تدبير زحل مرة أخرى فيصير على ما كان عليه في الشهر الأول من الضعف و قلة الحركة و إسترخاء بدنه و كثرة نومه و كأنه يضربه في هذا الشهر نوع من المرض لأجل ما كان عليه في الشهر السابع من قوة الحركة فإن ولد فيه لم يعش
و في الشهر التاسع يصير إلى تدبير المشتري فتنهض قوته و تسرع حركته و يقوى فيه المريخ لإخراجه و إنفصاله عن أمه فإن ولد فيه و صادف وقتا يدل على السلامة عاش و إن لم يولد فيه و زحل عليه العاشر إنتقل إلى حكم المريخ فيقوى بدنه و يشجع نفسه إلى الخروج فينفصل إلى الموضع الذي كان فيه و يخرج إلى ضوء الدنيا و مقر داره فإن صادف وقتا يدل على السلامة عاش و رزقه الله تعالى من حيث لا يحتسب و الله أعلم


الفصل الثاني في ذكر القول على النمودارات
************************************************
التي وضعتها الأوائل لمعرفة إستخراج طوالع المواليد إذا لم يعرف أوقاتها بالرصد فنقول أن طالع المولود إذا فات وقته و لم يرصد فلا بد من أن يخمن له وقت معين من ليل أو نهار ثم يعبر بالأصول و المقاييس التي وضعتها الأوائل لإستخراج طوالع المواليد و هي التي يقال لها النمودارات

* نمودار واليس :
فمنها نمودار واليس الإسكندراني و به يعرف هل يكون ساعة التخمين لوقت الولادة زائدة على ما ينبغي أو ناقصة عنه قال الحكيم : يعرف ساعات التخمين المستوية التامة الماضية من أول النهار أو الليل من غير كسر و يقوم الشمس و القمر عليها و يعرف مطالع كل واحد منهما بالبلد و ينقص مطالع الشمس من مطالع القمر فما بقي فهو دليل الشمس ثم يضرب ساعات التخمين في قوس النهار إن كانت الولادة بالنهار أو قوس الليل إن كانت الولادة ليلا فما حصل فأنقص منه الأدوار إن كان فيه فما بقي فهو دليل الطالع ثم أنظر فإن كان دليل الشمس أقل من دليل الطالع فساعات التخمين زائدة و إن كان أكثر منه فساعات التخمين ناقصة
* معرفة الزيادة و النقصان : يؤخذ ما بين الشمس و القمر بدرج السواء فإن كان أقل من 5 درجة فيؤخذ ثلثه و إن كان أكثر من 5 درجة فينقص منه 5 درجة و يؤخذ ثلث الباقي و يحسب على أنه دقائق من ساعة مستوية على أن كل ساعة 60 دقيقة و هو مقدار ما يزاد على الساعات الناقصة أو ينقص من الزائدة على ما يقتضيه العمل يحصل ساعات الولادة و دقائقها على الحقيقة فيضربها في 15 يحصل دائرة فيزيد عليه مطالع الشمس بالبلد إن كان الوقت نهارا أو مطالع نظيرها إن كان الوقت ليلا يحصل مطالع الطالع فقوسه في جدول مطالع طالع البروج بعرض البلاد المفروض إلى درج السواء يحصل كذلك العاشر ثم يعرف بقية مراكز البيوت كما هو مذكور في الزيجات

* نمودار هرمس :
و يعرف نمودار مسقط النطفة و له شروط يثني عليه الأوائل
الأول منها ما ذكره بطليموس في كتاب الثمرة حيث قال أن موضع القمر في المولد هو الجزء الطالع من الفلك في وقت سقوط النطفة و موضع القمر في وقت سقوط النطفة هو الجزء الطالع من الفلك في وقت الولادة فيلزم من هذا القول أن كل مولود يولد لأدوار فإنه تامة للقمر أن يصير القمر على درجة الطالع فإذا كان معها نصف دورة تامة فيصير على درجة السابع
الثاني هو أن زمان مدة الأصغر للمولود في بطن أمه من الذين يولدون لتسعة أشهر بقدر تسعة أدوار للقمر و نصف دورته 259 يوما و 2 ساعة مستوية على أن زمان الدورة 39343 دقيقة و يكون القمر وقت إنفصال المولود من حامله على درجة السابع
الثالث هو أن زمان المكث الأوسط للمولود الذي يولد بعشرة أشهر بقدر عشرة أدوار للقمر و مدته 273 يوما و خمس ساعات و يكون القمر وقت الإنفصال على درجة الطالع
الرابع هو أن المكث الأعظم للمولود الذي يولد بعشرة أشهر بقدر عشرة أدوار للقمر و نصف دورة و مدته 286 يوما و إحدى و عشرون ساعة و يكون القمر أيضا على درجة السابع

* فصل إذا لم يكن القمر على درجة السابع و لا على درجة الطالع و كان بينهما فوق الأرض فإن زمان مكث المولود أكثر من المكث الأوسط و أقل من المكث الأعظم

* فصل و إذا تقدم ذلك فنشرع في إستخراج الطالع و ذلك أن وقت الولادة من ليل أو نهار لو ساوت وقت التخمين لتخرج عليه الطالع و نقوم عليه القمر فأما درجة الطالع فهي ممر مسقط النطفة و أما موضع القمر فهو طالعها كما رسمه الحكيم ثم يعرف بهت القمر لساعة و بعد درجته من الطالع متقدما كان أو متأخرا عنه بدرج السواء نقسمه على حركة القمر الوسطى في اليوم الواحد التي هي مح س له فما خرج من الأيام و الساعات و الدقائق نقصناه من المكث الأوسط إن كان القمر فوق الأرض أو زدناه عليه إن كان القمر تحت الأرض فما كان فهو مدة مكث المولود في بطن أمه على الأمر الأوسط من غير تحرير فننقصه من تاريخ الولادة وراء فحيث إنتهى العدد قومنا عليه القمر فإن كان بالقرب من درجة الطالع قومنا الشمس لنصف نهار ذلك اليوم و إن كان بعيدا منه نظرنا إلى اليوم الذي يكون فيه القمر بالقرب من درجة الطالع بيوم أو نحوه مزيدا كان اليوم على زمان المكث أو ناقصا فنقوم الشمس لنصف نهار ذلك اليوم أيضا و يعرف مطالعها بالفلك المستقيم و ننقصها من مطالع قمر الولادة بالبلد فما بقي نقسمه على 15 درجة فما خرج من الساعات و دقائقها فيقوم القمر عليها مرة أخرى فما حصل من تقويمه نجعله طالع الولادة في المرة الثانية و يعرف مطالعه بالبلد و نأخذ فضل ما بينهما و بين مطالع الأول و يضرب في أربع دقائق فما حصل يضرب في بهت القمر لساعة فما حصل يزيد على موضع قمر الولادة إن كان الطالع الثاني أكثر من الأول و ننقصه منه إن كان الطالع الثاني أقل من الأول يحصل موضع القمر في المواضع الثاني فيعرف مطالعه بالبلد و ينقص منها مطالع الشمس بالفلك المستقيم فما بقي نقسمه على 15 فما حصل من الساعات و دقائقها فهي الساعات الماضية من نصف النهار المذكور إلى وقت سقوط النطفة في الرحم و يقوم القمر عليها مرة أخرى فإن كان مثل الأول فقد صح العمل و إن إختلف جعلت الطالع مثل هذا القمر فيكون قد صح لنا درجة طالع الولادة كما رسمه الحكيم

* فصل و أما تاريخ الولادة فإننا نأخذ العدد الذي ضربناه في بهت القمر لساعة و يزيده على ساعة التخمين إن كان الطالع الثاني أكثر من الأول و ننقصه منها إن كان أقل يحصل لنا تاريخ الولادة محققا من ليل أو نهار

* فصل و أما معرفة زمان المكث بالحقيقة فإنا ننقص التاريخ الذي قومنا عليه القمر بوقت سقوط النطفة من تاريخ الولادة الذي حصل لنا في المرة الأخيرة فما كان فهو زمان مدة المكث عمل ساعات البعد من نصف النهار المتقدم للولادة تقويم الشمس لنصف النهار المتقدم و يعرف مطالعها بالفلك المستقيم و تنقصه من مطالع الطالع بالبلد و تقسم الثاني على 15 يحصل لنا ساعات البعد عن نصف النهار فيقوم الكوكب و يستخرج العاشر من الطالع و باقي مراكز البيوت و نضع الجميع في زائجة فينزل الكواكب في مواضعها من الزائجة و يحكم عليها بمثل ما يأتي ذكره فيما بعد إن شاء الله

* و منها نمودار بطليموس :
و عليه إعتماد الجماعة في أكثر الأمور و طريقه أن تخمن وقت الولادة و نقيم عليه الطالع و المراكز الثلاثة ثم ننظر إلى وقت الولادة فإن كان من الإجتماع إلى الإستقبال أخذنا جزء الإجتماع الكائن قبل الولادة و إن كان بين الإستقبال و الإجتماع الثاني للولادة أخذنا جزء الإستقبال و هو جزء الشمس إن كان الإستقبال نهارا و جزء القمر إن كان ليلا و إن كان طرفي النهار فهو الجزء الكائن على أفق المشرق فإذا حصل أي الجزئين إتفق قبل الولادة و ينظر إلى الكوكب الذي يستولي عليه بكثرة الحظوظ فيجعل درجات الوتد القريبين إليه في الدرجات مثل درجته فإن تساوى في القوة كوكبان أو أكثر أخذنا منها ما كان درجاته أقرب إلى درجات الوتد القريب إليه في الدرجات و يجعل درجات الوتد مثل درجات ذلك الكوكب و يستخرج منه باقي المركز بمثل ما ذكر في الزيجات
و ربما إستعملنا فيه أضعف الكواكب شهادة و تركنا القوي منها لئلا يتغير علينا الوقت خاصة إذا كان قريبا جدا من وقت معين كطرفي النهار أو وسط فينقل وقت الولادة من ليل إلى نهار أو من نهار إلى ليل و كذلك القول على وسطه أعني من قبل إلى بعد أو بالعكس و هو محال ثم نعمل من درجة الطالع حقيقة الوقت و ساعته و ترتيب الطالع و مراكز البيوت الباقية في الزائجة و مراكز كواكبها و سهامها و إثنى عشريات الكواكب و المراكز و حدودها و أرباب مثلثاتها و تنعقد حالات جميع الكواكب كل واحد منها على إنفراده و يعرف قوته و ضعفه و سعادته و نحوسته و موضعه من الدرجات الزائدة في السعادة و المضيئة و المظلمة و الآبار المذكرة و المؤنثة و قد تقدم القول على هذه الأحوال كلها في كتاب المدخل فنكتب جميع حالات كل كوكب على إنفراده و منها يعلم كيفية ما يدل عليه كل كوكب في أصل المولود على ما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى