عرض مشاركة واحدة
صورة رمزية إفتراضية للعضو محمد زاهد المشهداني
محمد زاهد المشهداني
عضو
°°°
افتراضي
رمزية الأرقام عند إخوان الصفا


إن للأرقام عند إخوان الصفا( ) مقام خطير في فلسفتهم لأنهم تأثروا بطريقة الفيثاغورسيين ولاسيما المحدثين منهم فاعتبروا أن العدد أصل الموجودات ومن ثم رتبوها على طريقة المربعات( ) لأنهم شاهدوا أن هذا العدد يدخل في العديد من الموجودات المادية والروحية ، فأخذ عندهم مركز الشرف والصدارة فضلا عن بقية الأعداد . إن إخوان الصفا يعتقدون أن للأرقام خواصا تأثيرية في الموجودات ويقررون أن لكل رقم قوة خاصة مؤثرة ولكنها متفاوتة وفي ذلك يقولون " أعلم أن ما من عدد إلا وله خاصية أو عدة خواص ، ومعنى الخاصية أنها الصفة المخصوصة للموصوف الذي لا يشركه فيها غيره …"( ) ومن هذا المنطلق بدءوا تقسيماتهم العددية فتكلموا عن العدد الأول ومراتب الآحاد من الأعداد وأبدوا لها اهتماماً كبيراً لأنها أصل الأرقام ، ثم قسموا الأرقام إلى أفراد وأزواج وتحدثوا عن خواصها الرقمية ومضاعفاتها وما إلى ذلك ، ومن ناحية أخرى قسموا الأعداد على قسمين صحيح ومكسور ، فالصحيح إلى زوجي وفردي ، ولهم تقسيم آخر وضحوه بقولهم " والزوج ينقسم على ثلاثة أنواع : زوج الزوج ، وزوج الفرد ، وزوج الزوج والفرد "( ) وهذا التقسيم ليس من ابتكارهم بل هو معروف لدى العديد من الحضارات إلا أنهم استفادوا منه في استخراج النسب الرقمية السحرية للأعداد وتأثيراتها الكونية .
لقد قاموا بتقسيم الوحدات الثلاث التي ذكرناها آنفاً على أقسام فرعية ، فبدؤوا بزوج الزوج وقالوا هو كل عدد ينقسم بنصفين صحيحين متساويين ونصفه بنصفين دائماً إلى أن تنتهي القسمة إلى واحد مثاله العدد ( 64 ) .

زوج الزوج 64
نصفه 32
نصفه 16
نصفه 8
نصفه 4
نصفه 2
نصفه 1

وأما الزوج الفرد فهو كل عدد ينقسم بنصفين مرة واحدة، ولا ينتهي في القسمة إلى الواحد كالعدد ( 8، 10 ، 14 ، 18 ، 22 ، 26 … ) فإن كل واحد من هذه الأعداد وأمثالها ينقسم مرة واحدة ولا ينتهي إلى الواحد ،ونشوء هذا العدد يأتي من ضرب كل عدد مفرد في اثنين كما مبين في هذا التسلسل (8،10،14،18،22،26،30،36،42،46 … . ) .
وأما زوج الزوج والفرد فهو كل عدد ينقسم بنصفين أكثر من مرة واحدة ، ولا ينتهي في القسمة إلى الواحد ، كالأعداد التالية (12،20،24،28،36،44،52،60،68 … ) ونشوء أي عدد من هذه الأعداد يكون من حاصل ضرب زوج الفرد في اثنين مرة أو مراراً كثيرة"( ).
إن التقسيمات العددية التي ذكرها إخوان الصفا في رسالة العدد (الارثماطبقي) تعتبر في عصرنا من البديهيات البسيطة التي يعرفها أي تلميذ هذا من ناحية علم الحساب ، ولكن من ناحية أخرى فإن لهذه التقسيمات قواعد عظيمة تخص علمي الحروف والاوفاق وكذلك الجفر ـ كما سيأتي لاحقاً ـ إن العديد من الأجوبة الخرساء لا يمكن استخراجها بكلام فصيح إلا إذا استخدم أحد هذه الطرق ، كما أن العديد من الاوفاق " المربعات السحرية " تركب ضمن هذه الطرق وبواسطتها نعوض الحروف بالأرقام في استخدامات عجيبة تعطي من القوة المؤثرة ما يندهش له الإنسان ، وهذا ما فعله إخوان الصفا بهذه البديهيات البسيطة التي ذكروها ، حيث أنهم قرروا في أكثر من موضع أنه لا سبيل للدخول في مدرسة الحكمة والشرب من ينابيعها إلا بالتدرج في العلوم النظرية والتطبيقية والدينية التي بجملتها توصل إلى ارتقاء الإنسان من الرتبة الحيوانية إلى الرتبة الروحانية ، فالأرقام رموز لا معنى لها ، ولكن بعد تركيبها تظهر لنا قوة مؤثرة أو تمكن من حل معادلات الجفر الحرفية والرقمية وهذه هي المعرفة الروحانية عند إخوان الصفا .