عرض مشاركة واحدة
الصورة الرمزية النّجف الأشرف
النّجف الأشرف
عضو
°°°
افتراضي
الباب السابع فيمن صح حكمه بدلالة النجوم قبل الإسلام و لم يذكر اسمه
فمن ذلك الذي وجدنا في صحة الحكم بدلالة النجوم ممن عرف اسم المحكوم له و لم يذكر اسم المنجم ما ذكره أبو عبد الله الحسين بن خالويه في كتاب الملح من نسخة عتيقة يقتضي أنها كتبت في حياته أحضرها إلينا السيد حسن بن علي المدائني المعروف بابن بنت الكال كرهت شراءها لأجل ما فيها من الهزل فقال فيها ما هذا لفظه أبو بكر بن الأشعث حدثنا عباس بن محمد الصائغ حدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا نصر بن باب عن الحجاج بن أرطاة قال كتب ملك الهند إلى عمر بن عبد العزيز من ملك الأملاك الذي في مربطه ألف فيل و الذي تحته بنات ألف ملك و الذي يوجد ريحه من تسعة عشر ميلا و الذي له نهران يجبيان له اللؤلؤ و العنبر و الكافور إلى ملك العرب الذي لا يشرك بالله شيئا أما بعد فقد أهديت لك هدية و ليست هدية و لكنها تحفة و قد أحببت أن تبعث إلي رجلا يفصح لي عن دينكم و يعلمني و السلام قال ابن الأشعث و قد أدركت أنا الذي كتبت إلى عمر بن عبد العزيز فإنه عاش مائة و ثمانين سنة و اسمه بهرة و كان عمله على ثلاث مائة ألف فرسخ و على مربطه ألف فيل و كانت أمه راعية فأدركها الطلق قبل طلوع الشمس فمر بها منجم هندي فقال
[184]
إن لم يولد هذا الجنين حتى يطلع قرن الشمس ملك الهند فجمعت المرأة عباءة كانت معها و استقرت بها و قعدت عليها فلما ذر قرن الشمس قذفت بعباءتها فولد و بلغ ما قال ذلك المنجم و يقال إنه أسلم على يد عمر بن عبد العزيز و أخفى إسلامه خوفا على نفسه من القتل .

و ذكر الحاكم النيشابوري في تاريخه في الجزء السابع في أواخره ما يقتضي أنه مصدق بعلم النجوم و أن علم النجوم قد صح فيما ذكره المنجمون عن سابور ذي الأكتاف و هو جنين في بطن أمه فقال ما هذا لفظه في ذكر المدينة الداخلة بنيشابور حدثنا الحسين بن أحمد بن مشوقة المدائني عن آبائه قالوا : لما ملك شابور بن هرمز و هو الذي وضع التاج على بطن أمه و كتب عنه إلى ملوك الآفاق و هو جنين في بطن أمه و قد مات أبوه هرمز و قد كان المنجمون أعلموه قبل وفاته أنه يلد ذكرا يملك الأرض و أخبروا أمه و الوزراء بذلك و سموه شابور أي ابن الملك على أنه إذا بلغ إن شاء غير اسمه فلما بلغ أربعين سنة غير اسمه و كان ذا رأي و همة جليلة ملك العرب و العجم و قهر أياد و فيه يقول علي بن أبي طالب (عليه السلام) :

إن حيا يرى الفساد صلاحا *** و يرى الرشد للشقاء فسادا

لقريب من الهلاك كما *** أهلك شابور بالسواد أيادا

ثم ذكر الحاكم بناءه لمدينة نيشابور و طرفا من صحة حكم المنجمين له بالملك .

و ذكر أبو الفرج ابن الجوزي و اسمه عبد الرحمن في
[185]
طرائف اللطائف في تاريخ السوالف ما يستظهر منه على أنه كالمصدق بعلم النجوم و صحة الحكم بها و اعتماد بعض ملوك الأكاسرة عليها كما قدمنا بعضه فقال : إن سبب ملك شابور ذي الأكتاف أنه كان حملا بعد موت أبيه هرمز فقال المنجمون هذا الحمل يملك الأرض فوضع التاج على بطن أمه و كتب بذلك إلى الآفاق و هو جنين أقول ثم ذكر صحة حكم المنجمين فيه و أن شابور ذا الأكتاف كان ملكا عظيما و هو الذي بنى إيوان كسرى و بنى نيشابور و سجستان و السوس و قال هو و غيره إنما سمي ذا الأكتاف لأنه كان حين ملك ينزع الأكتاف من مخالفيه و أقول أي عقل يمنع من قدرة الله جل جلاله على أن يجعل دلالات النجوم من قدرته فهو سبحانه القادر لذاته الحكيم في مقدوراته .

و من العلماء بالنجوم الذي صح حكمه بها و دلالتها على يديه من أهل الإسلام المعروف بالعماد من أهل هرات ذكر ذلك صدقة بن الحسن في المجلد الخامس من التذييل في حوادث سنة ثمان و أربعين و خمسمائة فقال ما هذا لفظه : و كان لقماج صاحب بلخ منجم يعرف بالعماد من أهل هرات فاستأذن الأمير قماج في خروجه إلى أهله فلم يعطه إذنا فقال له المنجم أعطني إذنا و أعطني أمانا لأخبرك بما يجري على خراسان فقال له قد أمنتك قال قد آل ملكهم إلى الزوال و أن خراسان تخرب و يهلك أهلها في العام القابل من قوم بغزنة مما وراء النهر يفعلون الخير و يعودون بعد ذلك فيكون هلاك ملك خراسان على أيديهم و هلاك
[186]
خراسان و نفسي تعلم يقينا أنهم هؤلاء القوم الذين نزلوا رعايا يعني الغز ثم شرح صاحب التذييل كيف ملكت الغز بلد خراسان و هلك السلطان و هلك أهل خراسان على نحو ما جرى عليهم هلاكهم من التتر في هذه الأزمان و صح الحكم بذلك جميعه و في شرحه غرائب لكن يطول ذكرها و المقصد ما ذكرناه .

و ذكر جدي أبو جعفر الطوسي فيما نقلته من خطه في كتاب أبي العباس أحمد بن محمد من وجهة أوله في القائمة الأخيرة من الكراس السادس ما هذا لفظه : قال بعضهم حكم المنجمون في سنة سبعين و مائة أن في ليلة واحدة يموت ملك عظيم و يقوم ملك كريم و يولد ملك حكيم فمات موسى الهادي و قام الرشيد و ولد المأمون أقول و لم يذكر جدي الطوسي بهذا الحكم دلالة النجوم و لا طعنا في ذلك.

و مما ذكره الحاكم في ترجمة هارون الرشيد من المجلد الثالث في تاريخ نيشابور قال حدثني عبد الرحمن بن أحمد بن حمدويه قال : سمعت أبي يقول سمعت جماعة من مشايخنا المعمرين بنيشابور يذكرون ورود هارون الرشيد أمير المؤمنين نيشابور و مقامه بها و ذلك أنه لما خرج من بغداد و كان الفضل بن الربيع وزيره صار إلى الري و كان بها جماعة من المنجمين فجمعهم و سألهم النظر في أمر خروجه و ما يستقبله فيه و ما يستقبله في بقية عمره فنظروا و حكموا أنه يهلك بخراسان بقرية يقال لها سناباد فسألهم عنها فقالوا هي من قرى بيهق فتنحى عن الطريق و لم يدخل بيهق
[187]
و عدل إلى ناحية جرجان على أن يكون قدومه لنيشابور على طريق جرجان ثم إنه ورد نيشابور و أقام بها و بعث منها العساكر و القضاة و أصحاب البرد إلى النواحي ثم خرج من نيشابور إلى طوس و نزل قرية حميد الطوسي التي يقال لها سناباد فسأل عن اسم القرية فقال له سناباد فمرض و علم أنها تربته و وطن نفسه على أن يموت بها و أنه لا مرد لقضاء الله عز و جل فأرسل المأمون على مقدمته إلى مرو و أقام هو في سناباد عليلا إلى أن توفي فدفن بها .

و رأيت في الجزء الثاني من كتاب الوزراء تأليف علي بن الحسين بن عبد الله الخازن عند ذكر وزارة أبي الحسن ناصر بن مهدي العلوي الحسني رضوان الله عليه و كنت أنا سمعت ذلك منه فعلق بحفظي و إني الآن أحفظه قال حدثني الحافظ أبو عبد الله البغدادي قال حدثني كثير القمي صاحب الوزير ناصر بن المهدي قال : كنت بخدمته في قم و كان حينئذ يتفقه في مدرسة هنالك فقدم علينا منجم عالم بأحكام النجوم فجمع الجماعة مواليدهم و ألقوها بين يديه و كان في جملتها مولد الوزير فنظر فيها ثم أمسك مولد الوزير و قال صاحب هذا المولد يحكم في الشرق و الغرب قلت أنا و قد كان كثير القمي أذن لي في أيام وزارته بالرواية عنه .

و من المذكورين بالإصابة في علم النجوم و لم يذكر اسمه قبل الإسلام ما ذكره أبو جعفر ابن بابويه رحمه الله في الجزء الثالث من كتاب الكمال في الغيبة في جملة حديث ملك الهند و ولده يوذاسف و بلوهر
[188]
الحكيم فقال عن ملك الهند ما هذا لفظه : و كان حريصا على الولد و لم يكن له ولد إلى أن طال عليه أمره فحملت امرأة من نسائه و ولدت غلاما فاستبشر بذلك و أمر للناس بالأكل و الشرب سنة و سمى الغلام يوذاسف و جمع العلماء و المنجمين لتقويم ميلاده فرفع المنجمون إليه أنهم يجدون الغلام يبلغ من الشرف و المنزلة ما لم يبلغ أحد و اتفقوا على ذلك جميعا غير أن واحدا منهم قال ما أظن أن الشرف الذي يبلغه هذا الغلام إلا شرف الآخرة و لا أحسبه إلا أن يكون إماما في الدين و النسك و ذا فضيلة في درجات الآخرة لأني أرى الشرف الذي يبلغه ليس يشبه شرف الدنيا بل هو يشبه شرف الآخرة فوقع ذلك القول من الملك موقعا كاد ينغصه سروره بالغلام و كان المنجم الذي أخبر بذلك من أوثق المنجمين في نفسه و أعلمهم و أصدقهم عنده ثم ذكر ابن بابويه كيف تقلبت الأمور بيوذاسف ابن الملك حتى زهد في الدنيا زهدا عظيما و فارق ملك أبيه و صح حكم المنجم فيه بدلالة الله تعالى له بالنجوم و التنبيه .

و روى أيضا ابن بابويه في كتاب الغيبة ما هذا لفظه : إنه كان في أول الزمان ملك للهند حريصا على أن يولد له و كان لا يدع شيئا مما يعالج به الناس أنفسهم إلا أتاه و صنعه فلما طال ذلك من أمره حملت امرأة من نسائه و ولدت غلاما فلما وضعته خطا ذات يوم خطوة فقال ميعادكم تكبرون ثم خطا أخرى فقال تهرمون ثم خطا الثالثة فقال تموتون ثم دعا كهيئته يفعل كما يفعل الصبي فدعا الملك العلماء و المنجمين
[189]
فقال لهم أخبروني بخبر ابني هذا فنظروا في شأنه و أمره فأعياهم أمره و لم يكن عندهم فيه علم إلا أن منجما منهم قال سيكون هذا إماما فلما رأى الملك أن ليس لهم علم دفعه إلى المرضعين فأخذوا في رضاعه فأقبل يوما من عند مرضعته و الحرس معه و مر بالسوق فرأى جنازة فقال ما هذا قالوا إنسان مات قال ما أماته قالوا كبر و فنيت أيامه و دنا أجله قال أ و كان صحيحا يمشي و يأكل و يشرب قالوا نعم ثم مضى فإذا بشيخ كبير فقام ينظر إليه تعجبا منه ثم قال ما هذا قالوا شيخ كبير قد كبر و كان صغيرا ففنى قال أ و كان شابا فشاب قالوا نعم ثم مضى فإذا هو برجل مريض مستلق على ظهره فجعل ينظر إليه و يتعجب منه ثم قال ما هذا قالوا مريض قال أ و كان صحيحا ثم مرض قالوا نعم فقال و الله لئن كنتم صادقين فإن الناس لمجانين .

أقول ثم شرح ابن بابويه رضي الله عنه كيف جرى أمر المشار إليه من صحة ما حكم به العالم بالنجوم و دلت آيات الله جل جلاله عليه .

الباب الثامن فيما نذكره ممن يذكر اسمه في أهل الإسلام
بعض عرف بالنجوم و لم يعرف له شي‏ء من الأحكام و بعض عرف له ذلك و من كان عاملا بذلك من الملوك قبل الإسلام و قد ذكرنا طرفا من ذلك و نذكر بعض من نختار ذكره من أهل الإسلام فمن ذلك :

[190]
ما ذكره التنوخي في الجزء السابع من نشوار المحاضرة قال حدثني أبو الحسين قال حدثني علي بن العباس النوبختي قال حدثني محمد بن داود بن الجراح قال حدثني أبو علي الحسن بن وهب قال : رأيت يوما محمد بن عبد الملك الزيات قد عاد من موكب المعتصم قبل خروجه إلى سامراء و هو على غاية من الضجر و كنت جسورا عليه فقلت ما لي أرى الوزير أيده الله مهموما قال أ فما عرفت خبري قلت لا قال ركب أمير المؤمنين و أنا أسايره من جانب و ابن أبي داود يسايره من الجانب الآخر حتى بلغنا رحبة الجسر فأطال الوقوف حتى ظننا أنه ينتظر شيئا ثم أسرع خادم يركض حتى أسر إليه سرا فقال غممتني و كر راجعا إلى الجانب الشرقي فلما توسط الطريق جعل يضحك و لا شي‏ء يضحكه فجسر عليه ابن أبي داود فقال إن رأى أمير المؤمنين أن يشركنا بالسرور فيما يسره قال ليست لكما حاجة في ذلك فقال ابن داود بلى قال أما إذا سألتماني لم ركبت اليوم فإني اعتمدت أن أتبعد و صرت إلى رحبة الجسر فذكرت منجما كان يجلس فيها أيام فتنة الأمين و بعدها و كان موصوفا بالحذق قديما و كنت أسمع به فلما فسدت الأمور في أيام الفتنة لجأ إلى الجلوس على الطريق و التنجيم فلما غلب إبراهيم بن شكلة على الأمر اعتمد علي في الرزق و أجرى لي خمسمائة دينار في الشهر و لم يكن أحد داخله أكثر رزقا مني لأن جيشه إنما كان كل واحد له تسعة دراهم و عشرة و القواد مثلها دينارا و نحو ذلك لضيق الأحوال و خراب البلاد و الناس إنما كانوا يقاتلون معه
[191]
عصبية لا لجائزة فركبت يوما حمارا متنكرا لبعض شأني فرأيت ذلك المنجم فتطلعت إليه نفسي أن أسأله عن أمر إبراهيم و أمري و هل يتم لنا شي‏ء أم يغلبنا المأمون فعدلت إلى المنجم و كنت متنكرا و قلت للغلام أعطه ما معك فأعطاه درهمين و قلت له خذ الطالع و اعمل لي مسألة ففعل ثم قال مسألة سألتك بالله هل أنت هاشمي قلت فما سؤلك عن هذا فقال كذا يوجب الطالع فإن لم تصدقني لم أنظر لك فقلت نعم قال فهذا الطالع أسد و هو الطالع في الدنيا و أنه يوجب لك الخلافة و أنت تفتح الآفاق و تزيل الممالك و يعظم جيشك و تبنى لك بلادا عظيمة و يكون من شأنك كذا و من أمرك كذا و قص علي جميع ما أنا فيه الآن قلت فهذا السعود فهل علي من النحوس قال لا و لكنك إذا ملكت فارقت وطنك و كثرت أسفارك قلت فهل غير هذا قال نعم ما شي‏ء عليك أنحس من شي‏ء واحد قلت ما هو قال يكون المتولون عليك في أيام ملكك أصولهم دنية سفلة فيغلبون عليك و يكونون أكابر أهل مملكتك قال فعرضت عليه دراهم كانت في خريطة معي في خفي فحلف أن لا يقبل غير ما أخذه و قال إذا رأيت هذا الأمر فاذكرني و أحسن في ذلك الوقت إلي فقلت أفعل و لكن ما ذكرته إلى الآن و لما بلغت الرحبة وقعت عيني على موضعه فذكرته و ذكرت مكرمته و تأملتكما حوالي و أنتما أكبر أهل مملكتي و أنت ابن زيات و هذا ابن قيار و أومأ إلى ابن أبي داود فإذا صح جميع ما قال فأنفذت هذا الخادم في طلبه و البحث عنه لأفي له بسالف الوعد فعاد
[192]
إلي و ذكر لي أنه قد مات قريبا فكسلت و غمني إن فاتني الإحسان إليه فرجعت عن الابتعاد و أخذني الضحك إذ ترأس في دولتي أولاد السفل قال فانكسرنا و ودنا أنا ما سألناه .

و ممن ذكر أصحاب التواريخ إصابته بالنجوم و لم يذكر اسمه ما رواه ابن مسكويه في تجارب الأمم فقال في ركوب علي بن عيسى بن ماهان متوجها إلى خراسان لحرب المأمون فذكر أن منجما أتاه فقال : أصلح الله الأمير لو انتظرت بمسيرك صلاح القمر فإن النحوس غالبة فقال إنا لا ندري فساد القمر من صلاحه غير أنه من نازلنا نازلناه و من وادعنا وادعناه و من قاتلنا لم يكن عندنا إلا إرواء السيف من دماه إنا لا نعتد بلسان القمر ما وطنا أنفسنا على صدق اللقاء ثم حكى بعد ذلك انعكاس الأمر عليه و فساد أمره و قتله و نهب عسكره و فله و صدق للمنجم قوله .

و ممن ذكر معرفته بالنجوم و لم يذكر اسمه ما ذكره أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في كتاب ربيع الأبرار فقال ما هذا لفظه : أدخل رجل إصبعيه في حلقي مقراض فقال للمنجم أي شي‏ء ترى في يدي فقال خاتمي حديد و في ربيع الأبرار قال فقدت في دار بعض الرؤساء مشربة فضة فوجه إلى ابن ماهان يسأله فقال المشربة سرقت نفسها فضحك فأغاظ و قال هل في الدار جارية اسمها فضة قالوا نعم قال فضة سرقت الفضة و في ربيع الأبرار قال سعي بمنجم فقدم لصلبه فقيل هل رأيت هذا في نجومك فقال رأيت ارتفاعا و لكن لم أعلم أنه فوق الخشبة .

[193]
و ممن صح له حكم في النجوم و لكن لم يذكر اسمه ما ذكره المحسن بن علي التنوخي في كتاب الفرج بعد الشدة و هو حديث أسنده إلى الحسين بن محمد بن عبد الرزاق المعروف بابن العسكري و ذكر أنه ممجد أخذنا من حديثه موضع المراد منه بالمعنى و هو : أنه ذكر أن المنجمين طالعوا مولده عند الولادة فحكم منجم عليه بقطع في سنة أربع و ثلاثين من عمره و أنه ركب فيها مهرا فنفر به فدق رأسه فأشرف على الموت و بقي عليلا مدة و ما خلص من الموت إلا بعد شدة .

و من الإصابة في تحويل المواليد و لم يذكر اسم من حوله ما ذكره يحيى بن محمد الصولي في الجزء الثالث من كتاب الوزراء في أخبار سليمان بن وهب قال ما هذا لفظه : و كان أبو الحسن يقول قد تحولت في سنة رديئة أخاف أن أتلف فيها فأوصى قبل شخوصه من واسط إلى رجل من سراة أهلها و ثقاتهم و سلم إليه مالا خطيرا عظيما و أوصاه بابنيه الحسن و سليمان و كانا معه فخلفهما بواسط و شخص فغرق في طريقه .

و ممن ذكر بإصابته النجوم و لم يذكر اسم من حكم به بل ذكر اسم حائله ما ذكره راوي حديث بهرام و ملوك الفرس الكسروية فذكر في حديثه جواب كسرى بهرام لولده إذ قال له : و أما أنت خاصة فمن فضلنا عليك أن المنجمين كانوا قد قضوا في حكم مولدك أنك مزر علينا و ناقض ما قد أبرمنا و يكون ذلك بسببك فلم نأمر بقتلك و لكنا ختمنا على
[194]
كتاب مولدك و بعثته إلى شيرين صاحبتنا و مع يقيننا أنه كائنة تلك القضية أنا وجدنا فرمسيا ملك الهند كتب إلينا في سنة ست و ثلاثين من ملكنا مع وفد أوفده إلينا و ذكر في الكتاب أمورا شتى و أهدى لنا و لكم معاشر أبنائنا هدايا و كتب إلى كل واحد كتابا و كانت هديته لك فيلا و سيفا و بازيا أبيض و ديباجة منسوجة بذهب فلما نظرنا ما أهدى إليكم و كتب إليكم وجدناه قد وقع على كتابه إليك بالهندية اكتم ما فيه فأمرنا أن نصرف لكل واحد ما بعث إليه من هدية و كتاب و احتبسنا ما كتبه إليك من أجل التوقيع الذي كان فيه و دعونا بكاتب هندي و أمرناه بفض خاتم الكتاب و قراءته فكان فيه البشر و قر عينا و أنعم بالأفانك متوج مائة آذار و روز آذار سنة ثمان و ثمانين من ملك كسرى و متملك على مملكته و بلاده و تيقنا أنك لم تملك أملاكنا إلا ببوارنا فلم ننقصك مع ما استقر عندنا من ذلك مما أمرنا بإجرائه عليك من الأرزاق و المعادن و الصلات في الأبواب التي عددنا و فوق ذلك فضلا عن عدم أمرنا بقتلك أما كتاب فرمسيا فقد ختمنا عليه بختمنا و استودعناه عند صاحبتنا شيرين فإن أحببت أن تأخذ منها قضية مولدك و كتاب فرمسيا إليك لتنهكك قراءتها ندامة و ثبورا فافعل .

و ممن ذكر صحة دلالة النجوم و لم يذكر اسم المنجم ما ذكره الطبري في تاريخه في أخبار أبي مسلم الخراساني قال : و كان أبو مسلم يقول و الله لأقتلن في الروم و كان المنجمون يقولون ذلك له فكان قتله في رومية المدائن كما دلت عليه النجوم .

[195]
و مما ذكره التنوخي في النشوار و له تعلق ببني بويه بعلم النجوم و تعبير الرؤيا قال حدثنا أبو القاسم علي بن حماد الأنباري الكاتب و كان محله في الجلالة في خدمة الملوك من الوزير أبي محمد المهلبي و الأمير معز الدولة ما هو مشهور قال : لما أنفذني معز الدولة من بغداد إلى الديلمان لأبني له في بلدة منها دورا قال لي اسأل عن رجل من الديلم يقال له أبو الحسين بن شيركوه فأكرمه و اعرف حقه و أبلغه سلامي و قل له سمعت و أنا صبي مناما رآه أبي و عرضه هو و أنت على مفسر بديلمان و لم أقم على مفصله للصبي فحدثني به و احفظه أنت لتعيده علي فلما جئت الديلمان جاءني الرجل مسلما و مت إلي بصداقة كانت بينه و بين بويه والد الأمير فأكرمته و أعطيته و أبلغته رسالة معز الدولة فقال لي كانت بيني و بين بويه مودة أكيدة و هذه داري و داره متجاوران و أومأ إليهما فقال لي ذات يوم إني قد رأيت رؤيا هالتني فاطلب لي إنسانا يفسرها لي فقلت نحن هاهنا في شبيه مغازة فمن أين لنا من يفسرها و لكن اصبر علي حتى يجتاز بنا منجم أو عالم أو من نسأله عن ذلك قال نعم و مضى على هذا شهور فخرجت أنا و هو في بعض الأيام إلى شاطئ البحر نصطاد سمكا فجلسنا و اصطدنا شيئا كثيرا و حملناه على ظهورنا أنا و هو و جئنا به فقال ليس في داري من يعمله فخذ الجميع إليك يعمل عندك فأخذته و قلت له تعال إلي غديه لنجتمع ففعل فقعدنا أنا و هو و عيالي ننظفه و نطبخ بعضا و نشوي بعضا إذ اجتاز
[196]
على الباب رجل يصيح منجم مفسر الرؤيا فقال لي يا أبا الحسين أ تذكر ما قلت لك بسبب منام رأيته قلت بلى قال فهذا وقته فقمت و جئت بالرجل فقال له بويه رأيت ليلة في منامي كأني جالس أبول فخرج من ذكرى نار عظيمة كالعود ثم تشعبت يمنة و يسرة و أماما و خلفا حتى ملأت الدنيا و انتبهت فما تفسير هذا فقال له الرجل لا أفسرها لك بأقل من ألف درهم قال فسخرنا منه و قلنا له ويلك نحن فقراء نصطاد سمكا لنأكله و الله ما رأينا قط الألف درهم و لا عشره و لكنا نعطيك سمكة من أكبر هذا السمك فرضي بذلك و قال لنا صالحوني لا ترجعون علي فصالحناه على ذلك و رسمنا له أنا إذا صالحنا إنسانا أن لا نخطر فيما صالحنا عليه قليلا أو كثيرا فقال لبويه يكون لك أولاد و يفترقون في الدنيا فيملكون و يعظم سلطانهم فيها قدر ما احتوت النار من الأرض التي رأيتها في المنام قال فصفعناه و قلنا له سخرت بنا و أخذت السمكة منا حراما و طنزت بنا ثم قال له بويه ويلك أنا صياد فقير كما ترى و أولادي هؤلاء فترى أي شي‏ء منهم يكون و أومأ إلى علي و كان إذ ذاك أول ما اختط عارضة و الحسن دونه و أحمد فوق الطفولية قليلا قال و مضت السنون على ذلك و أنسيت المنام حتى خرج بويه بخراسان و بلغت منزلته و منزلة أولاده عند محمد بن إبراهيم بطبرستان و خرج علي بن بويه من عندنا بعد أن ظهرت فيه شدة في جسمه و قلبه و صار مع مرداويج و عزت أخباره فما شعرت إلا ببلوغ خبره إلينا أنه قد ملك أرجان و عصى على مرداويج فاستعظمنا ذلك و أنسيت أنا
[197]
الحديث ثم ملك فارس كلها و هرب ياقوت و استقلت له شيراز و أعمال فارس كلها فما شعرنا إلا بصلاته قد جاءت إلى أهله و شيوخ بلد الديلم و جاءني رسوله يطلبني و يسألني القدوم عليه فخرجت إليه فحين رأيته و عظيم ملكه هالني أمره و استعظمت ذلك جدا و أنسيت المنام فعاملني من الجميل بالإكرام و الصلات و الأموال و حمل إلي من الثياب و الفرش و الآلات و الدواب و بالبغال أمرا عظيما ثم قال لي بعد أيام و قد خلونا يا أبا حسين المنام الذي كان أبي قد رآه و أنا غلام أذكر يوم عرضتموه على المفسر و صفعتموه لما فسره لكم و لم أحفظه و لا تفسيره فأحب أن تحدثني به قال فذكرت الحديث و استولى علي من التعجب ما أمسكت معه ساعة مفكرا فقال لي أ نسيته قلت لا قال فحدثني به فحدثته إياه فاستدعى عشرة آلاف دينار عينا فأحضرت في الحال فدفعها إلي و قال هذه لك فخذها فقبلت الأرض فقال لي تقبل مني قلت نعم قال أنفذ بها إلى بلد الديلم و اشتر ضياعا هناك تكون لأعقابك و يعلو بها ذكرك و دعني أدبر أمرك بعدها ففعلت ذلك ثم أقمت عنده مدة ثم استأذنته في الرجوع إلى بلد الديلم فقال لي أقم عندي فإني أقويك و أعطيك و أقطعك أقطاعا بخمسمائة ألف درهم في السنة و أفعل بك و أصنع فقلت إن بلدي أحب إلي قال فأحضر عشرة آلاف دينار أخرى فأعطاني إياها و قال خذها و لا تعلم أحدا فإذا وصلت إلى بلد الديلم فادفن منها خمسة آلاف دينار تكن عونا لك على الزمان و جهز بناتك بخمسة آلاف دينار و لو لا أني إذا أعطيتك أكثر من هذا أخشى عليك أن يأخذها منك أهل
[198]
الديلم لأعطيتك أكثر ثم أعطاني عشرة دنانير و قال هذه فاحتفظ بها و لا تخرج من يديك فأخذتها و إذا في كل دينار مائة دينار و عشرة دنانير فودعته و انصرفت قال أبو القاسم فحفظت القصة و لما عدت إلى معز الدولة حدثته الحديث فسر به و تعجب منه .

و من الأحاديث المتعلقة ببني بويه و له تعلق بالنجوم ما ذكره التنوخي في كتابه قال حدثني أبو الحسين الصوفي المنجم ثم حدثني عضد الدولة و أبو الحسين حاضر و عضد الدولة يحدثني بهذا الحديث و قد مضت سنون على حديث أبي الحسين و لم أكن حدثته بهذا الحديث و لا غيره قال عضد الدولة : اعتللت علة صعبة آيس منها الطبيب و آيست من نفسي و كان تحويل سنتي تلك في النجوم رديا جدا نحسا موحشا ثم زادت العلة علي فأمرت أن يحجب الناس كلهم و لا يدخل أحد إلي البتة بوجه و لا سبب إلا حاجب النوبة في أوقات حتى منعت الطبيب من الوصول ضجرا بنفسي و يأسا من العافية فأقمت كذلك أياما ثلاثة أو أربعة و أنا أبكي في خلوتي على نفسي إذ جاء حاجب النوبة فقال في الدار أبو الحسين الصوفي يطلب الوصول و قد اجتهدنا به في الانصراف بكل رفيق و جميل فما فعل و قال لا بد من أن أصل و لم أحب أن أجبره بالانصراف على أي وجه كان إلا بأمرك فقد عرفته أنه رسم أن لا يصل إليه أحد من خلق الله أجمعين فقال الذي حضرت له بشارة لا يجوز أن يتأخر وقوفه عليها فعرفه هذا عني و استأذنه في الوصول فقلت له بصوت ضعيف و كلام خفيف يريد أن يقول لي قد
[199]
بلغ الكوكب الفلاني و يمخرق علي من هذا القبيل ما يضيق به صدري و يزيد به ألمي مع ما أنا فيه مما لا أقدر به على سماع كلام فانصرف فخرج الحاجب و رجع إلي مستعجلا و قال لي إما أن يكون أبو الحسين قد جن أو معه أمر عظيم فإني قد عرفته بما قال مولانا فقال لي ارجع و قل له و الله لو أمرت بضرب عنقي ما انصرفت أو أدخل إليك و و الله ما أكلمك في معنى النجوم بكلمة واحدة فعجبت من ذلك عجبا شديدا لعلمي بقتل أبي الحسين و بأنه ممن لا يمخرق معي في شي‏ء و تطلعت نفسي إلى ما يقوله فقلت أدخله فلما دخل إلي و قبل الأرض بكى و قال أنت و الله في عافية لا بأس عليك و اليوم تبرأ و معي معجزة بذلك من أمير المؤمنين (عليه السلام) فقلت له ما هي قال رأيت في منامي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (صلى الله عليه وآله وسلم) و الناس يهرعون إليه يسألونه المسائل و كان يقضيها لهم فتقدمت إليه و قلت يا أمير المؤمنين أنا رجل غريب في هذا البلد تركت نعمتي بالري و تجارتي و تعلقت بحب هذا الأمير الذي أنا معه و قد بلغ إلي اليأس من العلة التي أصابته و قد أشفقت أن أهلك فادع الله له بالعافية فقال تعني فنا خسرو بن الحسين بن بويه فقلت نعم يا أمير المؤمنين فقال امض إليه و قل له أ نسيت ما أخبرتك به أمك في المنام الذي رأته و هي حامل بك أ ليس قد أخبرتها بمدة عمرك و أنك ستعتل إذا بلغت كذا و كذا سنة علة ييأس منها أطباؤك و أهلك ثم تبرأ منها و أنت تصلح من هذه العلة غدا و يتزايد صلاحك إلى أن تركب و تعاود عاداتك كلها في كذا و كذا يوما و لا قطع
[200]
عليك قبل الأجل الذي أخبرتك به أمك عني قال عضد الدولة و قد كنت أنسيت أن أمي قالت لي في المنام إني إذا بلغت هذه السنة اعتللت هذه العلة التي ذكرتها حتى قال لي أبو الحسين الصوفي فحين سمعت الكلام منه ذكرت و حدثت لي في نفسي قوة في الحال لم تكن من قبل فقلت أجلسوني فجاء الغلمان و أمسكوني حتى جلست على الفراش و قلت لأبي الحسين الصوفي اقعد و أعد علي الحديث فقد قويت نفسي فأعاده فتولدت لي شهوة الطعام فدعوت بالأطباء فأشاروا بتناول غذاء وصفوه عمل في الحال فأكلته و لم ينقض اليوم حتى بان بي من الصلاح أمر عظيم و أقبلت العافية فركبت و عاودت عاداتي في اليوم الذي قال أبو الحسين في المنام إني أركب فيه و كان عضد الدولة يحدثني و أبو الحسين يقول كذا و الله كان و كذا و الله قلت لمولانا و أعيذه بالله ما أحسن حفظه و ذكره ما جرى حرفا بحرف ثم قال عضد الدولة ما فاتني في نفسي من هذا المنام إلا شي‏ء كنت أشتهي أن يكون فيه و شي‏ء كنت أشتهي أن لا يكون فيه فقلت بلغ الله مولانا آماله و أحدث له كلما يسر به و صرف عنه كل ما يؤثر أن لا يكون و لم أزد على الدعاء له خوفا من سوء الأدب في الخدمة إن سألته عن ذلك فعلم غرضي و قال أما الذي كنت أشتهي أن لا يكون فيه فهو أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) وقف على أني أملك حلب و لو كان عنده أني أملك شيئا مما تجاوز حلبا لقاله و إني أخاف أن يكون هذا غاية حدي من تلك الناحية حتى لما جاءني الخبر بأن سيف الدولة قد أخذ لي الدعوة بحلب و أعماله
[201]
و دخوله تحت طاعتي ذكرت المنام فتنغص علي لأجل هذا الاعتقاد و أما الذي كنت أشتهي أن يكون فيه فهو أن أعلم من هذا الذي يملك من ولدي و قد ينتقل الملك على يديه فدعوت له عقيب هذا و قطعنا الحديث و بقي سنين بعد هذا و ما تجاوزت دعوته أعمال حلب بوجه و لا سبب .

و ذكر هلال في تاريخه أن مولد عضد الدولة كان بأصبهان يوم الأحد الخامس من ذي القعدة سنة أربع و عشرين و ثلث مائة و كان طالعه على ما ذكر الحمل و وصف زائجته قلت و كان عضد الدولة عارفا بطرف من علم النجوم و مقربا للعارفين بها و كانت وفاته و قد تكمل له سبع و أربعون سنة و تسعة أشهر و ثلاثة أيام قمرية .

و من المعروفين بعلم النجوم من أهل الإسلام و إن لم يعرف له شي‏ء من الأحكام ممن ذكرهم التنوخي في كتابه النشوار جماعة منهم أبو بكر بن نمرد و قد صنف كتبا كثيرة في النجوم و منهم أبو الفتح علي بن هارون المنجم و منهم يحيى بن أبي منصور المنجم و كان يحيى محبوسا أسلم على يد المأمون فصار مولاه بذلك و كان خصيصا به و منجمه و نديمه و أبو منصور والده منجم صاحبه و منهم أبو الحسن محمد بن سليمان صاحب الجيش و كان منقطعا إلى أبي علي بن مقلة قبل الوزارة و بعدها مختصا به من أجل النجوم و الأدب و منهم الحسن بن علي بن زيد المنجم غلام أبي نافع عامل معز الدولة على الأهواز و قطعة من كورها و محله عنده المحل و عند وزرائه و منهم والد أبي العباس هبة الله بن المنجم الذي
[202]
ذكر التنوخي أن ولده العباس جرت له حكاية فقال أنشد أبو العباس لنفسه يعرض بأبي عبد الله البصري المتكلم لما صير له عضد الدولة رسما أن يحمل إليه كل يوم من مائدته جونة كبيرة طعاما تشريفا له بذلك و أنا أقول كان سبب ذلك أنه أقطعه أقطاعا بمال جليل في كل سنة فلم يقبل فبذل له شراء ضياع ينفقها عليه بعد هذه الأقطاع و يستطاب من ملازمتها و يصح إنفاقها فلم يقبل و أبى قال عضد الدولة فلا أقل من أن ينفذ لك في كل يوم من حضرتي بما تأكله و في كل بكسوة و طيب تستعمله فأجاب إلى ذلك فأنفذ إليه ثيابا جليلة من صنوف القطن و الكتان و العود الهندي و أنواعا من العطر و صار ينفذ إليه جونة في كل يوم مع غلاما من أصحاب مائدته من الطعام الذي يقدم إليه ثم يشال ما بين يديه فقال هبة الله أبو العباس المنجم لكني سمعت هذا الشعر و أبو العباس ليس بحي و لا أبو إسحاق النصيبي فأعرف صحته إلا أني أثق بخبر أبي علي و الشعر هو أظهر هذا الشيخ مكنونه و جن لما أبصر الجونةشح عليها إذ رأى حسنها و هي بلحم الطير مشحونةأسلم للعاثور إسلامه و باع في أكلتها دينه.

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ الفاضل ثابت بن قرة و وصل إلينا من تصانيفه كتاب الإبصار و كتاب آخر أقول و رأيت في تاريخه الذي يسمى جراب البيت ما ذكره حماد بن
[203]
عبد الله الحراني في شرحه لكتاب ثابت بن قرة : أن محمد بن الحسين انصرف من بلاد الروم راجعا إلى بغداد فاجتمع به ثابت بن قرة فرآه فاضلا عالما فصيحا فاستصحبه إلى العراق و أنزله في داره و وصله بالخليفة المعتضد في جملة المنجمين فسكن بغداد و أولد الأولاد و عقبه الآن موجودون في بغداد و ذكر أن ولادته في سنة إحدى و عشرين و مائتين و كانت وفاته يوم الخميس سادس عشر صفر سنة ثمان و ثمانين و مائتين و قال محمد بن إسحاق في كتاب الفهرست أنه من جملة المنجمين للمعتضد .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المسمى الحسن بن سيار المعروف بأبي الخير وصل إلينا من تصانيفه كتاب الآثار المخبأة بالجو .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ أحمد بن عبد الله الثقفي وصل إلينا من تصانيفه كتاب الأنواء.

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ أبو نصر منصور بن علي بن عراق وصل إلينا من تصانيفه كتاب الشاهي.

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام إبراهيم بن شاهك حكاه محمد بن معنية في كتاب الموالي أنه كان ناسبا فقيها من رؤساء المتكلمين و كان منجما طبيبا و قد قدمنا ذكره .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المسمى بالحسين بن أحمد الصوفي الكرماني وصل إلينا من تصانيفه كتاب الزيج المأموني الرصدي و كتاب جداول تقريبات الميل و الممر السيار و بعض الثوابت.

[204]
و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ عمر بن فرحان الطبري و له تصانيف كثيرة وصل إلينا منها كتاب المواليد .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المكنى بأبي موسى القرشي وصل إلينا من تصانيفه كتاب الاختيارات .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المعروف بالنقاش وصل إلينا من تصانيفه كتاب المدخل .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ محمد بن خطير المعروف بالتياني وصل إلينا من تصانيفه رسالة و هو معروف بالهندسة .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المسمى بعلي بن عيسى وصل إلينا من تصانيفه كتاب في علم الأسطرلاب.

و من العلماء بالنجوم من علماء الإسلام شيخ الأشعرية في علم الكلام محمد بن عمر الرازي و قد وصل إلينا من تصانيفه في علم النجوم كتاب قد اجتهد فيه و بالغ في معانيه و حكم لنفسه بتصنيفه أنه من المنجمين القائلين بصحة تأثيرها و استقامة تدبيرها و سماه كتاب الملخص فيما ادعاه من الطلسمات السحر و العزائم و دعوة الكواكب صنعه لخوارزم شاه و مات الرازي و هو مسودة بخطه نحو ثلاثين كراسا يقول فيه و الإنصاف أن هذا العلم مما لا يحتمل البحث فيه و مع ذلك فإن من يراعي هذه القوانين فإنه يجد أكثر الأحكام مطابقا لما قيل أقول إنا و قد قدمنا في أول هذا الباب أن أبا علي شيخ المعتزلة كان عالما بهذا العلم و عاملا به
[205]
و هو حجة عند المعتزلة و هذا الرازي شيخ الأشعرية فهو حجة عندهم في جواز العلم بالنجوم و العمل بها و قد قدمنا أيضا قول الغزالي في تصديق أحكام النجوم و هو شيخ أهل الرياضة .

و من العلماء بالنجوم و المصنفين فيها الشيخ الفاضل صاحب التأريخ أحمد بن يعقوب بن مسكويه و قد ذكر في كتاب مراتب العلوم و ترتيب السعادات ما يدل على علمه بها و التنبيه على أنها دلالات على الحادثات .

و من المتظاهرين بالقول أن النجوم دلالات على الحادثات من علماء الإسلام أبو حنيفة الدينوري ذكر عنه الزمخشري في ربيع الأبرار ما هذا لفظه : قال أبو حنيفة الدينوري في كتاب الأنواء المنكر هو نسبة الأثر إلى الكواكب و أنها هي المؤثرة فأما من نسب الأثر إلى خالق الكواكب و زعم أنه تعالى صيرها أمارات و نصبها أعلاما على ما يحدثه و يجدده في كل أوان بالمشيئة الربانية فلا جناح عليه .

و من العلماء بالنجوم و المصنفين بها من علماء الإسلام الفاضل يحيى بن أبي منصور و قد وصل إلينا من تصانيفه كتاب الزيج .

و من العلماء بالنجوم المشتهرين فيه و هو قدوة فيه الشيخ عبد الله بن أحمد بن أبي حبيش و قد وصل إلينا من تصانيفه كتاب الزيج .

و من العلماء بالنجوم الذين هم قدوة فيه الشيخ المعروف بحبيش و اسمه أحمد بن عبد الله و لا نعلم هل هو والد هذا المتقدم أم لا وصل إلينا من تصانيفه كتاب الزيج .

[206]
و ذكر محمد بن معنية في كتاب الموالي أن علقمة بن أبي علقمة كان من موالي عائشة و كان يروي عنه مالك بن أنس و كان علقمة معلما بعلم النجوم و العربية و العروض و مات في أول خلافه أبي جعفر يعني المنصور .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المسمى بالحسين بن مصباح الحاسب وصل إلينا من تصانيفه كتاب الزيج المخترع .

و من علماء الإسلام المشتهرين بعلم النجوم محمد بن أحمد البيروني الخوارزمي وصل إلينا من تصانيفه كتاب الإرشاد إلى تصحيح المبادئ .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ أبو علي المعروف بالخياط وصل إلينا من تصانيفه كتاب المواليد.

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المعروف بابن المنجم المبارك بن الحسين بن طراد المارديني وصل إلينا من تصانيفه كتاب المنار في علم مواقيت الليل و النهار .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ أحمد بن محمد بن كثير الفرغاني وصل إلينا من تصانيفه كتاب جوامع علوم النجوم و أصول الحركات السماوية و هو ثلاثون فصلا .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المسمى بالفضل بن يحيى طاباد وصل إلينا من تصانيفه كتاب مكتوب عليه كتاب جميع ما استخرجته من آراء العلماء في ممازجة الكواكب و أعمالها.

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ محمد بن جابر
[207]
بن سنان التياني وصل إلينا من تصانيفه كتاب القرانات و الكسوفات .

و من العلماء بالنجوم من أهل الإسلام الشيخ المعروف بأبي الحسين البزاز الأصفهاني وصل إلينا من تصانيفه في علم الأسطرلاب .

و من العلماء بالنجوم من فضلاء أهل الإسلام علي بن الحسين بن محمد المعروف بأبي الفرج الأصفهاني و قد ذكره أحمد بن ثابت بن الخطيب في تاريخه فقال عنه حفظ شيئا كثيرا مثل علم الجوارح و البيطرة و شيئا من علم الطب و النجوم و الأشربة و غير ذلك .

و من العلماء بالنجوم و المصنفين بأحكامها ممن ذكره الصولي في الأوراق في أخبار المكتفي في أواخر تصنيفه.

و من الملوك المشهورين بعلم النجوم و تقريب أهل تلك العلوم المأمون و مع ذلك فإن الله جل جلاله ستر عليه موضع وفاته حتى حصل فيه و هو لا يعلم فذكر محمد بن إسحاق النديم في كتاب الفهرست في الجزء الرابع : أنه كان سبب نقل كتب النجوم و أمثالها من بلاد الروم و نشرها بين المسلمين و ذكر الشيخ الفاضل علي بن الحسين المسعودي في حديث وفاة المأمون قال فأمر حين مرض بإحضار جماعة من أهل الموضع فسألهم ما تفسير البديون فقالوا تفسيره مد رجليك فلما سمع المأمون بذلك اضطرب و تطير بهذا الاسم فقال سلوهم ما اسم هذا الموضع بالعربية قالوا اسمه بالعربية الرقة فلما سمع اسم الرقة عرف أنه الموضع الذي يموت فيه فإن المنجمين قالوا يموت بالرقة فمات به كما اقتضت دلالة النجوم بطالعه .

[208]
و حكى المسعودي في كتاب مروج الذهب في جملة أخبار القاهر : أن المنصور كان أول خليفة من بني العباس بالغ في تقريب المنجمين و العمل بأحكام النجوم و كان معه نوبخت المجوسي المنجم فأسلم على يده و كان معه من المنجمين إبراهيم الفزاري المنجم الشيعي صاحب القصيدة في النجوم و كان معه أيضا علي بن عيسى الأسطرلابي المنجم .

و ممن كان عالما بالنجوم قبل الإسلام من أشار إليه ابن مسكويه صاحب العلوم الجمة و مصنف أمور الإسلام المهمة في كتاب مراتب العلوم و ترتيب السعادات فقال ما هذا لفظه : و قد كان عقلاء الملوك و أفاضلهم إذا حزنهم أمر جمعوا له أهل الرأي و التجارب و طبقات من يدعي العلوم التي اختلف فيها من الكهان و المنجمين و معبري الرؤيا و أصحاب الفأل و الزجر و القيافة ثم سمعوا من الجميع و حكموا بمقدار ما يركنون له من أحكامهم بما يصرفون به ذلك الأمر الذي حزنهم و لو لا أن علماءهم و مدبري ممالكهم استحسنوا ذلك و استصوبوه ما تركوهم يفعلون ذلك و لا سطروا به كتبهم و لا عرضوا به عقولهم على الأمم الغابرة و العقول الحادثة بعدهم تبهرهم و تتعجب من إمعانهم و من قرأ أخبارهم و كان له حظ من الدراية يعلم أساس إرجاع فضلاء الملوك أمورهم لأمثال هؤلاء الطبقات كالإسكندر مع حضور وزيره أرسطوطاليس و من بعده من ملوك اليونان فملوك الهند و ملوك الفرس فأخبارهم أشهر و أكثر من أن تحصى على ذي أدب أو متصفح لأحوال الناس هذا آخر كلام ابن مسكويه
[209]
و ذكر محمد بن بابويه في الجزء الخامس من دلائل النبوة أن بخت‏نصر لما رأى رؤياه أحضر جملة العلماء من أصحاب النجوم .

و ذكر مصنف درة الإكليل ما جملته أن جامع بغداد و هو الذي تجتمع دولة الإسلام فيه كان تحقيق القبلة فيه بقول بهرام المنجم .

و ذكر ابن قتيبة في الجزء الأول من كتاب عيون الأخبار ما هذا لفظه : و لما بنى أبو جعفر بغداد قال المنجمون أن بناءها في وقت يدل طالعه على أنه لا يموت بها خليفة أقول الذي بناه أبو جعفر الجانب الغربي من بغداد و هو ما مات فيه خليفة و ذكر الزمخشري في ربيع الأبرار ما هذا لفظه و كانت الأكاسرة إذا أراد أحدهم طلب ولد أمر بإحضار المنجمين و يخلو الملك مع المطلوب منها الولد فساعة يقع الماء في الرحم أمر خادما له على باب البيت فضرب طشتا بيده فإذا سمع المنجم أخذ الطالع بالأسطرلاب .

و أقول : فلما تفضل الله جل جلاله على الخلائق بمحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) رحمة للعالمين و اتصل الوحي إليه بالغائبات و بمهام الإسلام و المسلمين استغنى الناس عن علم النجوم إلى أن نقله الله جل جلاله إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان الصحابة متفانين بحفظ سنته ; فلما بلغ الأمر إلى معاوية عاد الحديث إلى قاعدة الأكاسرة و بدأ معاوية بسنن الجبابرة و أعرض عما كان يصح منه علوم الدنيا و الآخرة .

و ذكر الزمخشري في ربيع الأبرار أن معاوية قال لدغفل
[210]
بن حنظلة العلامة حين ضمه إلى يزيد علمه العربية و الأنساب و النجوم .

و قال هلال العسكري في كتاب الأوائل : أن أول من ترجم له كتب الطب و النجوم خالد بن يزيد يعني ابن معاوية بن أبي سفيان .

و ذكر الزمخشري : أن أبا جعفر لما أراد السفر إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر الطالبي سأل نوبخت عما يئول أمره إليه في طريقه فقال نوبخت أما أنت فتصير ملك العرب و أما وجهك هذا فسينالك منه مكروه يعني بوجه قصده فوصل هناك و ولي الدج فأخذه سليمان بن حبيب بن المهلب فحبسه و أراد قتله فسلم بعد أن أشرف على القتل كما أخبر به نوبخت .

و قال ابن الهمداني قرأت في بعض الكتب : أن نوبخت سأل أبا جعفر المنصور عن مولده فأخبره فقضى بأن يملك و يطول عمره في الخلافة ثم قال ما جملته فلما استخلف المنصور قصده نوبخت فوصله المنصور و أكرمه و قد قدمنا ذكر من روى أن المنصور أول من قرب المنجمين في الدولة الهاشمية و منهم نوبخت و أسلم على يده .

و ذكر أحمد بن مسكويه في الجزء الرابع من تجارب الأمم ما ينبه على أن من أسباب ثبوت المنصور عند محاربة إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ما أخبره به نوبخت المنجم فقال ابن مسكويه ما هذا معناه : أن المنصور هيأ مطايا ليخرج من الكوفة إلى الري منهزما لما قد رأى من قوة إبراهيم بن عبد الله في الأمر ثم قال ما هذا لفظه فبلغني أن نيبخت المنجم دخل على أبي جعفر فقال له يا أمير المؤمنين لك الظفر و يقتل إبراهيم
[211]
فلم يقبل ذلك منه فقال أجلسني عندك فإن لم يكن الأمر كما قلت لك فاقتلني فبينا هو كذلك إذ جاء الخبر بهزيمة إبراهيم فتمثل ببيت البارقي :

فألقت عصاها و استقر بها النوى *** كما قر عينا بالإياب المساف

و أقطع نيبخت ألفي جريب بنهر حويزة أقول إنما ذكرت حديث نوبخت و في هذا الحديث نيبخت كما رأيت في لفظ النسخ التي نقلت منها و هذا حكم نوبخت بدلالة النجوم إن لم يصح حكمه من أعظم تقوية لقلب المنصور على ما بلغ إليه من الأمور و وجدت بخط محمد بن معد رحمه الله في تعليقه ما هذا لفظه بنو نوبخت بضم النون و فتح الواو و ضم الباء هذا آخر لفظ ابن معد رحمه الله .

و قد روينا حديث نوبخت المنجم مع المنصور من تاريخ الخطيب في المجلد السادس عشر من عشرين مجلدا من الجزء التاسع و الستين من ترجمة عبد الله المنصور ما هذا لفظه أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي أنبأنا محمد بن عبد الرحيم المازني أنبأنا الحسين بن القاسم الكسروي حدثني أبو سهل بن علي بن نوبخت قال : كان جدنا نوبخت على دين المجوسية و كان في علم النجوم نهاية و كان محبوسا في سجن الأهواز قال رأيت أبا جعفر المنصور قد دخل السجن فرأيت من هيبته و جلالته و سيماه و حسن وجهه و شأنه ما لم أره لأحد قط فصرت من موضعي إليه فقلت يا سيدي ليس وجهك من وجوه أهل هذه البلاد فقال أجل يا مجوسي قلت من أي بلاد أنت قال من المدينة قلت أي مدينة قال مدينة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) .

[212]
فقلت : و حق الشمس و القمر لمن أولاد صاحب المدينة قال لا و لكن من عرب المدينة فلم أزل أتقرب إليه و أحدثه حتى سألته كنيته فقال أبو جعفر فقلت أبشر وجدتك في الأحكام النجومية تملكني و جميع ما في هذا البلد حتى تملك فارس و خراسان و الجبال فقال لي و ما يدريك يا مجوسي قلت هو كما أقول و اذكر لي هذا قال إن قضى الله فسوف يكون قلت قد قضى الله من السماء فطب نفسا و طلبت دواة فوجدتها فقلت اكتب فكتب بسم الله الرحمن الرحيم إذا فتح الله على المسلمين و كفاهم معرة الظالمين و رد الحق إلى أهله فلا نغفل فقلت اكتب لي من خدمتك حظا و أمانا فكتب لي قال نوبخت و لما ولي الخلافة صرت إليه فأخرجت الكتاب فقال أنا له ذاكر مع الأمان و الحمد لله الذي صدق وعده و رد الحق إلى أهله قال فأسلم نوبخت و كان منجما لأبي جعفر و مولى له انتهى .

و من الروايات في أن منع الملك تبع ممن هدم الكعبة و نقلها إليه كان بطريق النجوم .

ما ذكره الحاكم النيشابوري في المجلد الثالث من تاريخه في ترجمة مخلد بن مالك الرازي و كان رجلا صالحا قال أخبرني محمد بن بصلة قال حدثني أبي عن جدي قتادة بن بصلة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : بعث تبع إلى مكة لنقل البيت إليه فابتلى بجسده فقال المنجمية انظروا فقالوا لعلك أردت بيت الله بشي‏ء قال نعم أردت أن ينقل إلي قالوا لا يكون هذا و لكن اكسه و ردهم عن ذلك فردهم و كساه فبرأ .

و ذكر الحاكم النيشابوري في ترجمة طاهر بن الحسين أنه أرسل
[213]
لحرب عيسى بن هامان من طريق النجوم فقال ما هذا لفظه حدثني يحيى بن محمود الكاتب قال سمعت أبي يحدث عن أبيه محمود بن الحسين : أن عبد الله المأمون وصف له و هو بمرو منجم من الهند فاستحضره و استشاره في أمر محمد الأمين فأشار عليه بطاهر بن الحسين و وصفه له و كان والي سنجاب بأنه طوال أعور و سماه له و قال هذا الأمر لا يتم إلا به فاستحضره و أراد العلة فلم تسعه و استدعاه في سنة خمس و تسعين و مائة فخرج طاهر من حضرة أمير المؤمنين و كان كما قال المنجم .

و من المعروفين بعلم النجوم و صحة حكمه فيها المغيرة بن محمد المهدي و ذكر ذلك أحمد بن إبراهيم القمي في آخر الجزء الثالث من كتاب أخبار علي بن أحمد صاحب الزنج بالبصرة و قد تضمن الحديث إصابة أبي معشر في جملة الحكاية فقال ما هذا لفظه : كنا عند المغيرة بن محمد المهدي و هو مريض يوم قتل علي بن محمد فتذاكرنا فقال قائل حكم أبو معشر أنه يقتل غرة سنة سبعين و قد مضى المحرم فقال المغيرة على علته و هو مقتول في يوم هذا و قد أخبرت الأمير بهذا و كتب به إليه فكان جوابه حسبنا الله .

ثم قال بعد كلام لا حاجة بنا إليه : و سيعلم الصدق هذه الساعة يا غلام أين الأسطرلاب فأخذ الطالع و قال قد أخذ عليه بالمخنق ثم قال و الله خنق ثم قال يا غلام خذ الطالع فقد قتل و سمعنا الضجة فقال ما هذا انظروا ثم سمعنا أكثر منها فقال انظروا ثم جاء الرأس فناد الأمر فخرجنا فإذا
[214]
الرأس ثم قال في حديثه قال الموفق و قد وصل الرأس ثم أقبلت على الرأس و قلت أين كهانتك و أين نجومك أقول ففي هذا الحديث تصديق أبي معشر بتحقيق المغيرة بن محمد المهدي و أن محمد بن علي صاحب الزنج كان عارفا بالنجوم فأما قوله أين نجومك فالنجوم كما دلت على ولادته دلت على زوال دولته و صح الحكم .

و من القائلين بصحة علم النجوم و أن النجوم دلالات على الحادثات محمود بن عبد الله بن أحمد الخوارزمي مصنف كتاب الفائق فقد وجدت في كتابه المذكور في نسخة عتيقة عليها خطا في أواخرها يذكر ذلك في أواخر آيات في ذكر معجزاته (عليه السلام) فقال الخوارزمي ما هذا لفظه : فإن قيل أ ليس المنجم يخبر عن أمور فيوجد مخبرها على ما أخبر و كذلك الكاهن و أصحاب الفأل و الزجر فالجواب أن المنجم لا يحكم بما أخبر به إلا عن طريق و ذلك أنه تعالى جعل حركات النجوم دلالات على ما يحدث في العالم فمن أحكم العلم بها أمكنه الوقوف عليها بعلم أو ظن أقول و هذا من أعلم علماء المعتزلة و كان جدي ورام قدس الله روحه يثني على كتاب الفائق .

و من المشهورين في القول بصحة علم النجوم و تحقق أصلها.

ما رويناه بإسنادنا إلى علم بن حاتم القزويني في كتاب علل الشريعة في باب علة الأوقات بإسناده إلى أبي بصير قال : رأيت رجلا يسأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن علم النجوم أ له أصل قال نعم قال فحدثني عنه قال أحدثك
[215]
منه بالسعد و لا أحدثك بالنحس إن الله تعالى فرض الصلاة في الفجر لساعة و هي فرض و هي سعد و فرض الظهر لسبع ساعات و هي فرض و هي سعد و فرض العصر لتسع ساعات و هي فرض و هي سعد و فرض المغرب لأول ساعة من الليل و هي فرض و هي سعد و فرض العشاء بعدها و هي فرض و هي سعد .

أقول و هذا صريح فيما ذكرناه .

و ذكر محمود بن محمد بن الفضل في كتاب المنجمين في الجزء الخامس ما هذا لفظه حدثنا محمود قال حدثنا عبد الله قال حدثنا مصعب قال : قال الربيع رفع إلي ما شاء الله المنجم رقعة و قال ادفعها إلى أمير المؤمنين فدفعتها إليه فقال لي هل قرأتها قلت لا قال فإنه زعم أن الذي يحج بالناس في هذه السنة يموت في طريقه فقلت يقيك الله يا أمير المؤمنين و ما عليك لو تركت الحج فقال ويحك إن كان ما زعم حقا فالموت في هذا الوجه أولى يا ربيع إني رأيت كأني دخلت الكعبة فانفرجت في عيني حتى دخلت علي الشمس فجاء رجل فضمها فرجعت قال فلما كنا بذات عرق إذا بإبل معرضة فقال يا ربيع أنت الذي رأيت أنه ضم على الكعبة حين أشرف فانظر كيف يكون المهدي فمات و صلى عليه يحيى بن محمد قال أبو القاسم علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس المصنف إنا وجدنا رواية أن منجمه نوبخت عرفه أنه يموت في ذلك الوقت و لم نجد في وصاياه أنه أوصى برد المظالم و لا استعد لآخرته أعاذنا الله من ترك الاحتياط في طلب رضاه و محبته
[216]