عرض مشاركة واحدة
الصورة الرمزية النّجف الأشرف
النّجف الأشرف
عضو
°°°
افتراضي
الباب العاشر فيما نذكره من بعض أخبار من كان مستغنيا عن النجوم بتعريف النبي و الأئمة المستمدين من النبي المعصوم عليهم السلام
فأقول إن مع وجود من يخبر عن الله جل جلاله مثل الأنبياء و من استودعوه أسراره تعالى من الأوصياء فإن في وجودهم غنى لمن تمكن من لقائهم و كشف ما يحتاج إليه بأنوار آرائهم و لذلك قل علماء المنجمين في زمن
[221]
مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) و لما انتقل إلى الله جل جلاله و التزم من بقي بعده من الحاملين لأسراره بالتقية و منعوا من إظهار الأسرار الربانية احتاج معشر من خواصهم من يتعلم علم النجوم و خاصة من لا يقدر على لقائهم إلا في وقت معلوم متباعدا كزمان الحج و أوقاته و استمرت التقية بالمستودعين لأسرار الله تعالى و آياته فتعلم جماعة من الشيعة العلم المشار إليه لما عرفوا أنه يجوز الاعتماد عليه في أبواب الدلالات و الإشارات و فيما يعرض لهم من الحاجات و معرفة ما بين أيديهم من المحذورات و المسرات ليدفعوا المحذورات بالصدقات و الدعوات فيبلغوا المنى بشكر الله جل جلاله على ما فتح عليهم من أبواب العنايات كما حكيناه فيما تقدم و رويناه من الإذن لهم في علم النجوم للدلالة و الاستدلال بها فيما يخصه الله من الجلالة ليكون تنبيها على فتح بابها من أهل الرسالة و سوف نذكر طرفا مما انتفع به الشيعة من التعريف بالغائبات و التشريف بتعريفهم بأوقات الحادثات عن ظهور نبيهم و أئمتهم (صلى الله عليه وآله وسلم) و تمكينهم فتارة يسألونهم عن أوقات وفاتهم و مدة أعمارهم و حياتهم فيخبرونهم و يستغنون بذلك عن علماء المنجمين و تارة ينبئونهم بعلوم المنايا و البلايا و أسرار سيد البرايا صلوات الله عليه و عليهم أجمعين و حيث يراد أن نذكر من هذا طرفا مما يصدر من خواص عترته الحاملين لأسرار رسالته فنذكر عن كل واحد منهم حديثين من طريقين صادقين لئلا يعتقد من يقف على كتابنا من علماء المنجمين و ممن لم يطلع على مرادنا من أخبار النبي و الأئمة الطاهرين
[222]
أن أهل النجوم و الأحكام قدروا على ما لم يقدر على مثله النبي و الأئمة (عليهم السلام) و لو أردنا أن نذكر كلما ورد عنهم من الإخبار بالغائبات لكان ذلك مجلدات و إنما اقتصرنا على حديثين لئلا يمل الناظر إذا أراد الوقوف على ما رويناه و ربما زدنا على حديثين فيما يختص بالحسن بن مولانا علي و الحسن العسكري و المهدي (عليهم السلام) .

فمن ذلك من دلائل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في كتاب الدلائل تصنيف عبد الله بن جعفر الحميري و قد شهد بأمانته و فضله الشيخان العالمان أبو جعفر الطوسي و أحمد بن العباس النجاشي رضي الله عنهما و قد رويناه بعدة طرق إليه رضوان الله عليه بإسناده المذكور في كتابه قال : طلب قوم من قريش إلى النبي حاجة فقال لهم إنكم تمطرون غدا فأصبحت كأنها زجاجة و ارتفع النهار فأتاه رجل عظيم عند الناس فقال ما كان أغناك عما تكلمت به الأمس فما رأيناك هكذا قط فارتفعت سحابة من قبل السور فأمطرت الأودية و جاءهم من المطر ما جاءوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أجله فقالوا يا رسول الله اطلب أن يكفها عنا فقال اللهم حوالينا و لا علينا فانقشع السحاب يمينا و شمالا و من ذلك ما في كتاب الخرائج و الجرائح تأليف الشيخ الثقة سعيد بن هبة الله الراوندي قال و منها يعني معجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لقي في غزوة ذات الرقاع رجلا من محارب يقال له عاصم فقال يا محمد أ تعلم الغيب قال لا يعلمه إلا الله تعالى فقال و الله لجملي هذا أحب إلي من إلهك قال لكن الله أخبرني عن علم غيبه أنه سيبعث عليك قرحة في لحييك حتى تصل إلى دماغك فتمرن و الله إلى النار فرجع .

[223]
و قد بعث الله قرحة في لحييه وصلت إلى دماغه فجعل يقول لله در القرشي إذ قال بعلم أو زجر فأصاب .

و من ذلك من دلائل مولانا علي (عليه السلام) ما في كتاب الدلائل للحميري ما رويناه بإسنادنا إليه بإسناده المتصل في كتابه إلى أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : أراد قوم بناء مسجد بساحل عدن فكلما بنوه سقط فأتوا أبا بكر و سألوه فقال استوثقوا من بنائه ففعلوا و استوثقوا فسقط فعادوا و سألوه فخطب الناس و ناشدهم إن كان عند أحد منه علم فقال لهم أمير المؤمنين (عليه السلام) احتفروا ميمنة القبلة و ميسرتها فسيظهر لكم قبران عليهما تربة مكتوب عليها أنا رضوى و أخي حبا متنا ميتة لا نشرك بالله شيئا فغسلوهما و كفنوهما و صلوا عليهما و ادفنوهما ثم ابنوا مسجدكم ففعلوا فقام بناؤه و من ذلك ما رواه الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي بإسنادنا إليه في كتاب الخرائج و الجرائح عند ذكر معجزات أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال و منها ما روي عن مينا قال سمع علي في عسكره ضوضاء فقال ما هذا قالوا هلك معاوية فقال كلا و الذي نفسي بيده لن يهلك حتى تجتمع عليه هذه الأمة قالوا فبم تقاتله فقال لا عذر فيما بيني و بين الله تعالى .

و من ذلك في دلائل الحسن بن علي (عليه السلام) ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن رستم الطبري في كتاب دلائل الإمامة بإسناده إلى عبد الله بن عباس قال : مرت بالحسن بن علي (عليه السلام) بقرة فقال هذه حبلى بعجلة أنثى لها غرة في جبينها و رأس ذنبها أبيض فانطلقنا
[224]
مع القصاب حتى ذبحها فوجدنا العجلة كما وصف على صورتها فقلنا له أ ليس الله عز و جل يقول لا يعلم الغيب إلا الله فقال ما يعلم المخزون المكنون المجزوم المكتوم الذي لم يطلع عليه ملك مقرب و لا نبي مرسل غير محمد و ذريته .

أقول لعل معناه ما يعلم المكنون بغير أستاذ على تفصيل معلوم إلا محمد و ذريته (عليهم السلام) و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد الذي انتهت رئاسة الإمامية إليه رضوان الله جل جلاله عليه من كتابه الذي سماه كتاب مولد النبي و مواليد الأوصياء (عليهم السلام) و هو كتاب جليل قد ذكر فيه من معجزات الأئمة ما لم يذكره في كتاب الإرشاد فقال فيه بإسناده إلى جابر ما هذا لفظه :

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال جاء الناس إلى الحسن بن علي (عليه السلام) فقالوا أرنا من عجائب أبيك التي كان يريناها فقال أ و تؤمنون بذلك قالوا نعم نؤمن بذلك قال أ لستم تعرفون أبي قالوا جميعا بلى نعرفه فرفع لهم جانب الستر فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) قاعد فقالوا جميعا هذا أمير المؤمنين نشهد أنك أنت ولي الله حقا و الإمام من بعده و لقد أريتنا أمير المؤمنين بعد موته كما أرى أبوك أبا بكر رسول الله جدك في مسجد قبا بعد موته فقال الحسن ويحكم أ ما سمعتم قول الله عز و جل وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ فإذا كان هذا فيمن قتل في سبيل الله فما تقولون فينا قالوا أنتم أفضل يا ابن رسول الله .

أقول و سنذكر حديثا ثالثا فيما يختص بالحسن
[225]
بن علي (عليه السلام) لأنه أول من حكم التغلب عليه بسر أسراره الربانية و معجزاته النبوية إلى أن انتقل إلى الدار الأخروية و كذلك ربما ردنا في روايتي دلالات الحسن العسكري (عليه السلام) لأنه آخر من كان ظاهرا من خلف آبائه كما أشرنا إلى أنه ممن حكم التغلب عليه كما أن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لما كان بمكة منعه التغلب عليه من إظهار كثير من دلالاته و كما جرى من حال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) فإنه لم يظهر في زمن المتقدمين عليه ما ظهر بعد انتقال الأمر إليه فمن دلالات مولانا الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) ما وجدناه ثابتا في جزء عن أبي عبد الله (عليه السلام) و هو من جملة مجلد فيه فرائد أوله مختصر فيه أدعية و عوذ و المختصر بخط محمد بن علي بن الحسين بن مهزيار و نسخته في سنة ثمان و أربعين و أربعمائة و كان على الجزء الذي نقل منه هذا الحديث ما هذا المراد من لفظه من حديث أبي الحسن بن محمد بن عبد الوهاب قدم علينا في سنة أربعين و ثلاث مائة فأما لفظ الحديث فهو حدثنا أبو محمد بن عبد الله بن محمد الأحمري المعروف بابن داهر المرادي قال حدثني أبو جعفر محمد بن علي الصيرفي القرشي أبو سمينة قال حدثني داود بن كثير الرقي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما صالح الحسن بن علي (عليه السلام) معاوية جلسا بالنخيلة فقال معاوية يا أبا محمد بلغني أن رسول الله كان يخرص النخل فهل عندك من ذلك علم فإن شيعتكم يزعمون أنه لا يعزب عنكم علم شي‏ء في الأرض و لا في السماء فقال الحسن إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يخرص
[226]
كيلا و أنا أخرص عددا فقال معاوية كم في هذه النخلة من بسرة قال الحسن أربعة آلاف بسرة و أربع بسرات و أقول و وجدت قد انقطع من المختصر المذكور كلمات فوجدتها في رواية ابن عياش الجوهري هي فأمر معاوية بها فصرمت فجاءت أربعة آلاف بسرة و ثلاث بسرات ثم صح الحديث بلفظها فقال الحسن و الله ما كذبت و لا كذبت فنظرنا فإذا في يد عبد الله بن عامر بن كريز بسرة ثم قال (عليه السلام) أما و الله يا معاوية لو لا أنك تكفر لأخبرتك بما أعلم و ذلك أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان في زمان لا يكذب و أنت تكذب و تقول متى سمع من جده على صغر سنه و الله لتدعن زيادا و لتقتلن حجرا و يحمل إليك رأس عمرو بن الحمق .

و من دلائل الحسين بن علي (عليه السلام) ما رويناه بإسنادنا إلى أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري من كتاب الدلائل بإسناده إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال : خرج الحسين (عليه السلام) إلى مكة في سنة ماشيا فورمت قدماه فقال له بعض مواليه لو ركبت ليسكن الورم هذا منك فقال كلا إذا أتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسود و معه دهن فاشتره فقال له مولاه بأبي أنت و أمي ما قد آمنا منزل يبيع فيه أحد هذا الدهن فقال بلى أمامك دون المنزل فسار ميلا فإذا هو بالأسود فقال الحسين لمولاه دونك الرجل فخذ منه الدهن و أعطه الثمن فقال الأسود للمولى لمن أردت هذا الدهن فقال للحسين بن علي فقال انطلق بنا إليه فصار نحوه فسلم و قال يا ابن رسول الله أنا مولاك فلا آخذ منك ثمنا و لكن ادع الله أن يرزقني
[227]
ولدا ذكرا سويا يحبكم أهل البيت فإني خلفت امرأتي تمخض فقال انطلق إلى منزلك فإن الله قد وهب لك ولدا سويا فذهب فوجده ثم عاد إلى الحسين فدعا له بالخير لولادة الغلام له ثم إن الحسين (عليه السلام) مسح من الدهن فما قام من موضعه حتى ذهب الورم عنه .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن جرير بن رستم الطبري في كتاب دلائل الإمامة بإسناده عن حذيفة قال : سمعت الحسين بن علي (عليه السلام) يقول و الله ليجتمعن على قتلي طغاة بني أمية و يقدمهم عمر بن سعد و ذلك في حياة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت أنبأك بهذا رسول الله قال لا فأخبرت النبي بذلك فقال عملي عمله و علمه علمي فإنا نعلم بالكائن قبل كينونيته .

و من ذلك ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي من كتاب الخرائج و الجرائح عن أبي خالد الكابلي عن يحيى ابن أم الطويل قال : كنا عند الحسين (عليه السلام) إذ دخل إليه شاب يبكي قال ما يبكيك قال إن والدتي توفيت هذه الساعة و لم توص و لها مال و قد أمرتني أن لا أحدث في أمرها حدثا حتى أعلمك خبرها فقال الحسين قوموا بنا حتى نصير إلى هذه الحرة فقمنا معه حتى انتهينا إلى باب البيت الذي فيه المرأة فإذا هي ملقاة فأشرف و الله و دعا الله تعالى أن يحييها حتى توصي بما تحب و إذا هي جلست تتشهد فنظرت إلى الحسين و قالت ادخل البيت يا مولاي و أمرني بأمرك فدخل و جلس على مخدة ثم قال لها أوصي رحمك الله فقالت يا ابن رسول الله لي من الملك كذا و كذا و قد جعلت ثلثه إليك
[228]
لتضعه حيث شئت من أوليائك و الثلثان لابني هذا إن علمت أنه من مواليك و أوليائك و إذا كان مخالفا فخذه لك فلا حق للمخالفين في أموال المؤمنين ثم سألته أن يصلي عليها و يتولى أمرها و عادت ميتة كما كانت .

و من ذلك في دلائل علي بن الحسين (عليه السلام) ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر بن رستم قال : حضر علي بن الحسين الموت فقال لولده يا محمد أي ليلة هذه قال كذا قال و كم مضى من الشهر قال كذا و كذا قال فإنها الليلة التي وعدتها ثم دعا بوضوء فجي‏ء به فقال إن فيه فأرة فقال بعض القوم إنه ليهجر فجاءوا بالمصباح فإذا فيه فأرة فأمر به فأهريق و جي‏ء بماء آخر فتوضأ و صلى حتى إذا كان آخر الليل توفي (عليه السلام) .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى سعيد بن هبة الله الراوندي يرفعه قال : إن علي بن الحسين (عليه السلام) نزل بعسفان و معه من مواليه أناس كثير و عسفان منزل بين مكة و المدينة فضرب غلمانه فسطاطه بموضع فلما دنا منه قال لغلمانه كيف ضربتم في هذا الموضع و فيه قوم من الجن و هم أولياء لنا و شيعة و قد أضررنا بهم و ضيقنا عليهم فقالوا ما علمنا أن هؤلاء يكونون هاهنا فإذا بهاتف من جانب الفسطاط نسمع كلامه و لا نرى شخصه يقول يا ابن رسول الله لا تحول فسطاطك من موضعه فإنا نحتمله و هذا شي‏ء بعثنا به إليك فنظروا و إذا بجانب الفسطاط طبق عظيم و فيه أطباق من عنب و رطب و رمان و فواكه كثيرة من الموز و غيره فدعا علي بن الحسين (عليه السلام) رجلا معه و استحضر الناس فأكلوا و ارتحلنا .

[229]
و من ذلك في دلائل أبي جعفر محمد الباقر (عليه السلام) ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل بخط الشيخ الفقيه ابن الغضائري بإسناده إلى عبد الله بن أبي يعفور قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول قال أبي (عليه السلام) ذات يوم بقي من أجلي خمس سنين فحسبت ذلك فما زاد و لا نقص .

و من ذلك ما رويناه عن الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب الخرائج و الجرائح يرفعه إلى أبي بصير قال أبو جعفر (عليه السلام) : قال لرسول من أهل خراسان كيف أبوك قال تركته سالما قال قتله جار له يقال له صالح يوم كذا في ساعة كذا فبكى الرجل و قال إنا لله و إنا إليه راجعون مما جعلت فقال له أبو جعفر (عليه السلام) اسكن فقد صار إلى الجنة و هي خير له مما كان فيه فقال الرجل إني خلفت ابني وجعا قال قد برئ و قد زوجه عمه ابنته فستقدم عليه و قد ولد له غلام اسمه علي و هو شيعة لنا أما ابنك فليس لنا شيعة بل هو لنا عدو فقال له الرجل هل من حيلة قال إنه لنا عدو فقام الرجل من عنده و هو وقيذ فقلت من هذا قال رجل من أهل خراسان و هو لنا شيعة و هو مؤمن .

و من ذلك في دلائل أبي عبد الله (عليه السلام) ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخين أبي العباس عبد الله بن جعفر و أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بروايتهما عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال سمعته يقول و كنت عنده فجرى ذكر المعلى بن خنيس : يا أبا محمد ما أقول لك في المعلى ما ينال درجتنا إلا بما ينال منه داود بن علي قلت فما أدري ما يصيبه من داود قال يدعوه
[230]
عليه لعنه الله إلى الدار فيأمر به فيضرب عنقه و يصلبه قلت إنا لله و إنا إليه راجعون قال فلما ولي داود المدينة قصد المعلى و دعاه فسأله أن يسمي له أصحاب جعفر بن محمد فقال ما أعرف من أصحابه أحدا و إنما أنا رجل أختلف في حوائجه و ما ينوبه و ما أعرف له أصحابا فقال له إن كتمتني قتلتك قال أ بالقتل تهددني و الله لو كانوا تحت قدمي ما رفعت عنهم قدمي و لئن قتلتني ليسعدني الله عز و جل و يشقيك فكان الأمر كما قال أبو عبد الله (عليه السلام) لم يغادر كثيرا و لا قليلا .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي يرفعه إلى المفضل بن عمر قال : كنت أمشي مع أبي عبد الله (عليه السلام) إذ مررنا بامرأتين بين أيديهما بقرة ميتة و هي مع صبيتها تبكيان فقال ما شأنك فقالت أنا و صبياتي نعيش من هذه البقرة و قد ماتت فتحيرت في أمري قال أ فتحبين أن يحييها الله لك فقالت أ و تسخر مني مع مصيبتي قال كلا ما أردت ذلك ثم دعا بدعاء و ركضها برجله و صاح بها فقامت البركة مسرعة سوية فقالت المرأة عيسى ابن مريم و رب الكعبة فدخل الصادق (عليه السلام) بين جمع الناس فلم تعرفه المرأة و روي أنه كان بمنى .

و من ذلك في دلائل أبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام) ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل يرفعه إلى علي بن أبي حمزة قال : كنت عند أبي الحسن موسى جالسا إذ أتاه رجل من أهل الري يقال له جندب فسلم عليه ثم جلس .

[231]
و سأل أبا الحسن فأحسن السؤال فقال يا جندب ما فعل أخوك قال حي و هو يقرؤك السلام قال يا جندب عظم الله أجرك في أخيك فقال ورد و الله كتابه من الكوفة ليلة الأمس بالسلامة قال فإنه و الله مات بعد كتابه إليك بيومين و دفع إلى امرأته مالا و قال لها ليكن هذا المال عندك فإذا قدم أخي فادفعيه إليه فأودعته الأرض في البيت الذي تكون فيه فإذا أنت أتيتها فتلطف بها و أطمعها في نفسك فإنها ستدفعه إليك قال علي و كان جندب رجلا جميلا قال فلقيت جندبا بعد ما فقد أبو الحسن (عليه السلام) فسألته عما كان فقال صدق و الله سيدي ما زاد و ما نقص لا في الكتاب و لا في المال .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده إلى أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال : اشتكى محمد بن جعفر حتى خيف عليه الموت فكنا مجتمعين عنده و دخل أبو الحسن (عليه السلام) فقعد ناحية و إسحاق عمه عند رأسه يبكي فقعد قليلا ثم قام فتبعته و قلت جعلت فداك يلومك إخوتك و أهلك يقولون دخلت على أخيك و هو في الموت ثم خرجت فقال يبرأ أخي أ رأيت هذا الجالس سيموت ثم يبكي عليه هذا فبرأ محمد و اشتكى إسحاق فمات و بكى عليه محمد .

و من ذلك في دلائل علي الرضا (عليه السلام) ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري يرفعه بإسناده إلى معبد بن عبد الله الشامي قال : دخلت على علي بن موسى الرضا (عليه السلام) فقلت له قد كثر الخوض فيك و في عجائبك فلو شئت أثبت بشي‏ء و أحدثه عنك قال و ما تشاء
[232]
قلت له تحيي لي أبي و أمي فقال انصرف إلى منزلك فقد أحييتهما فانصرفت و إذا هما و الله حيان في البيت و أقاما عندي عشرة أيام ثم قبضهما الله تعالى إليه .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري بإسناده إلى عمر بن بزيع قال : كان عندي جاريتان حاملتان فكتبت إلى الرضا (عليه السلام) أعلمه ذلك و أسأله أن يدعو الله أن يجعل ما في بطنيهما ذكرين فوقع أفعل إن شاء الله و ابتدأني بكتاب مفرد نسخته بسم الله الرحمن الرحيم عافانا الله و إياك أحسن عافية في الدنيا و الآخرة برحمته الأمور بيد الله تعالى قضى فيها مقاديره على ما يحب يولد لك غلام و جارية إن شاء الله فسم الغلام محمدا و الجارية فاطمة على بركة الله قال فولد لي غلام و جارية على ما قال .

و من ذلك في دلائل محمد الجواد (عليه السلام) ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده إلى إبراهيم بن سعيد قال : كنت جالسا عند محمد بن علي الجواد (عليه السلام) إذ مر بنا فرس فقال هذه تلد الليلة فلوا أبيض الناصية في وجهه غرة فاستأذنته و انصرفت مع صاحبها فلم أزل أحدثه إلى الليل حتى ولدت فلوا كما وصف (عليه السلام) فعدت إليه فقال يا ابن سعيد كأنك قد شككت فيما قلت لك و أن التي في منزلك ستلد ابنا أعور و كانت جاريتي حبلى فولدت و الله محمدا و كان أعور .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل بإسناده إلى صالح بن عطية
[233]
قال : حججت فشكوت إلى أبي جعفر يعني الجواد الوحدة فقال (عليه السلام) أما إنك لا تخرج من الحرم حتى تشتري جارية ترزق منها ابنا قلت جعلت فداك أهوي أن تشير علي قال نعم اعترض فإذا عرضت فأعلمني قلت جعلت فداك فقد عرضت قال اذهب فكن في السوق حتى أوافيك فصرت إلى دكان نخاس أنتظره حتى وافى ثم مضى فصرت معه فقال قد رأيتها فإن أعجبتك فاشترها على أنها قصيرة العمر قلت جعلت فداك فما أصنع بها قال قد قلت لك فلما كان من الغد صرت إلى صاحبها فقال الجارية محمومة و ليس بها مرض و عدت إليه من الغد و سألته فقال قد دفنتها اليوم فأتيته (عليه السلام) و أخبرته الخبر فقال اعترض فاعترضت و أعلمته فأمرني أن أنتظره فصرت إلى دكان النخاس فركب و مر بنا فصرت إليه فقال اشترها فقد رأيتها فاشتريتها و صبرت عليها حتى طهرت فوقعت عليها فولدت لي محمدا ابني .

و من ذلك في دلائل مولانا علي الهادي (عليه السلام) مما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناده قال حدثني أبو الحسن محمد بن إسماعيل الكاتب بسر من رأى سنة ثمان و ثلاثين و ثلاث مائة قال حدثني أبي قال : كنت بسر من رأى بدرب الحصى فرأيت يزداد الطبيب النصراني تلميذ بختيشوع و هو منصرف من دار موسى بن بغا فسايرني و أفضى الحديث إلى أن قال أ ترى هذا الجدار أ تدري من صاحبه قلت من قال الحجازي العلوي يعني علي بن محمد بن علي الرضا
[234]
(عليه السلام) و كنا نسير في فنا داره قلت و ما شأنه قال إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو قلت و كيف ذاك قال أخبرك عنه بأعجوبة لن تسمع بمثلها أبدا و لا غيرك من الناس و لكن لي الله عليك كفيل و راع أن لا تحدث بهذا الحديث أبدا فإني رجل غريب و لي معيشة عند السلطان و بلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلا تنصرف وجوه الناس إليه فيخرج هذا الأمر عنهم يعني عن بني العباس قلت لك علي ذلك فحدثني و ليس عليك في ذلك بأس إنما أنت رجل نصراني لا يتهمك أحد مما تحدث به من هؤلاء قال نعم أعلمك أني لقيته منذ أيام و هو على فرس أدهم و عليه ثياب سود و هو أسود اللون فلما بصرت به وقفت إعظاما له و قلت في نفسي لا و المسيح ما خرجت من فمي لواحد من الناس ثياب سود و دابة سوداء و رجل أسود سواد في سواد فلما بلغ إلى نظر إلي و أحد النظر و قال قلبك أسود مما ترى عيناك من سواد في سواد قال أبي رحمه الله فقلت له فما قلت له قال سقط في يدي فلم أحر جوابا فقلت له أ فما ابيض قلبك قال الله أعلم قال أبي فلما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده فقال إن قلبي قد ابيض بعد اسوداده فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا رسول الله و أن علي بن محمد حجة الله على خلقه و ناموسه الأعظم ثم مات في مرضه ذلك فحضرت الصلاة عليه رحمه الله .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب الخرائج و الجرائح قال إن هبة الله بن أبي منصور الموصلي قال : كان بديار ربيعة كاتب لها نصراني
[235]
و كان من أهل كفرتولي يسمى يوسف بن يعقوب و كانت بينه و بين والدي صداقة فوافانا و نزل عند والدي فقال له ما شأنك قدمت في هذا الوقت قال قد دعيت إلى حضرة المتوكل و لا أدري ما يراد مني إلا أني اشتريت نفسي من الله بمائة دينار و قد حملتها إلى علي بن محمد بن الرضا و هي معي فقال له والدي قد وفقت يا هذا ثم خرج إلى حضرة المتوكل و انصرف إلينا بعد أيام قلائل فرحا مستبشرا فقال له والدي حدثني حديثك قال صرت إلى سر من رأى و ما كنت دخلتها قط و نزلت في دار فقلت يجب أن أوصل المائة إلى ابن الرضا قبل مصيري إلى باب المتوكل و قبل أن يعرف أحد قدومي فعرفت أن المتوكل منعه من الركوب و أنه ملازم لداره فقلت كيف أصنع رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا لا آمن أن ينذر بي فتكون زيادة على ما أحاذره ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن أركب حماري و أخرج في البلد و لا أمنعه حيث أراد فلعلي أقف على داره من غير أن أسأل فحملت الدنانير في كاغذة و جعلتها في كمي و ركبت و سرت فوقف الحمار بي في محل فجهدت به أن يزول فلم يزل فقلت لغلامي سل لمن هذه الدار فقيل له دار ابن الرضا فقلت الله أكبر دلالة و الله مقنعة و إذا خادم أسود قد خرج و قال أنت يوسف بن يعقوب قلت نعم قال انزل فنزلت فقعدت في الدهليز و دخل فقلت و هذه دلالة أخرى من أين عرف هذا الخادم اسمي و اسم أبي و ليس في هذا البلد من يعرفني و ما دخلته قط ثم خرج الخادم فقال المائة
[236]
دينار التي في الكاغذة في كمك هاتها فناولته إياها و قلت هذه دلالة ثالثة ثم رجع الخادم إلي فقال ادخل فدخلت إليه و هو في مجلسه وحده فقال يا يوسف ما بان لك فقلت يا مولاي قد بان من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفى فقال هيهات أما إنك لا تسلم و لكن يسلم ولدك فلان و هو من شيعتنا يا يوسف إن أقواما يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالك كذبوا و الله إنها لتنفع أمثالك امض لما وافيت له فإنك سترى ما تحب قال فمضيت إلى باب المتوكل فنلت كلما أردت و انصرفت قال هبة الله فلقيت ابنه بعد هذا و هو مسلم حسن التشيع و أخبرني أن أباه مات على النصرانية و أنه أسلم بعد موت أبيه و كان يقول أنا بشارة مولاي (عليه السلام) .

و من ذلك في دلائل مولانا الحسن العسكري (عليه السلام) ما رويت و نقلت من خط من حدثه محمد بن هارون بن موسى التلعكبري و هو شيخ المفيد رضوان الله عليه قال ما هذا لفظه :

حدثنا أبو الحسين محمد بن أبي محمد بن هارون بن موسى التلعكبري في يوم الجمعة السابع عشر من المحرم سنة عشر و أربعمائة بالمشهد المعروف في الكرخ بالعتيقة صلوات الله على صاحبه قال : أنفذني والدي رحمه الله مع بعض أصحابه إلى صاعد النصراني لأسمع منه ما روى عن أبيه من حديث مولانا أبي محمد الحسن بن علي العسكري (صلى الله عليه وآله وسلم) فوصلنا إليه فرأيت رجلا معظما فأعلمته قصدي فأدناني و قال حدثني أبي أنه خرج هو و إخوته و جماعة من أهله من البصرة إلى سر من رأى لأجل ظلامة من العامل فأنا
[237]
بسر من رأى في بعض الأيام إذ بمولانا أبي محمد على بغلة و على رأسه شاشة و على كتفه طيلسان فقلت في نفسي هذا الرجل الذي يدعي بعض المسلمين أنه يعلم الغيب فإن كان الأمر على هذا فليحول مقدم الشاشة إلى مؤخرها ففعل فقلت هذا اتفاق و لكن فليحول طيلسانه الأيمن إلى الأيسر و الأيسر إلى الأيمن ففعل ذلك و هو يسير فوصل إلي و قال يا ثابت لم لا تشتغل بأكل حيتانك عما لا أنت منه و لا إليه قال و كنا نأكل السمك .

هذا لفظ حديثه نقلناه كما رأيناه و رويناه و أسلم صاعد و كان وزيرا للمعتمد .

و من ذلك ما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب الدلائل بإسناده إلى الكليني عن إسحاق بن محمد قال حدثني أبو علي عمر بن أبي مسلم قال : كتبت إلى أبي محمد (عليه السلام) و جاريتي حامل أسأله أن يسمي ما في بطنها فورد الجواب إذا ظهرت فسمها زينب ثم ماتت بعد شهر من ولادتها فبعث إلي بخمسين دينارا على يد محمد بن سنان الصراف و قال اشتر بهذا جارية .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتابه المذكور في بعض معجزاته (عليه السلام) فقال و منها ما حدث به نصراني متطبب بالري يقال له مرعبدا و قد أتى عليه مائة سنة و نيف قال : كنت تلميذ بختيشوع طبيب المتوكل و كان يعظمني فبعث إليه الحسن بن علي بن محمد بن الرضا أن يبعث إليه بأخص أصحابه عنده ليفصد فاختارني و قال طلب مني ابن الرضا من يفصده فصر إليه و هو أعلم في يومنا هذا ممن هو تحت السماء فاحذر أن تعترض عليه
[238]
فيما يأمرك به فمضيت إليه فأمر بي إلى حجرة فقال كن بها إلى أن أطلبك قال و كان الوقت الذي دخلت به محمودا عندي فدعاني في وقت غير محمود له و أحضر طشتا عظيما و فصدت الأكحل فلم يزل الدم يخرج حتى ملأ الطشت ثم قال اقطع فقطعت و شد يده و ردني إلى الحجرة فبت فيها فلما أصبحت و طلعت الشمس دعاني و أحضر ذلك الطشت و قال سرح فسرحت فخرج من يده مثل اللبن الحليب إلى أن امتلأ الطشت ثم قال اقطع فقطعت و شد يده و قدم لي تخت ثياب و خمسين دينارا و قال خذ و اعذر و انصرف فأخذت و قلت يأمرني سيدي بخدمة قال نعم أحسن صحبة من يصحبك بدير العاقول فصرت إلى بختيشوع و أخبرته بالقصة فقال أجمعت الحكماء على أن أكثر ما يكون في بدن الإنسان من الدم تسعة أمنان و هذا الذي حكيت لو خرج من عين ماء لكان عجبا و أعجب من ذلك اللبن و فكر ساعة ثم مكث ثلاثة أيام بلياليها يقرأ الكتب على أن يجد لهذه القصة ذكرا في العالم فلم يجد ثم قال لم يبق اليوم في النصرانية أعلم بالطب من راهب بدير العاقول و كتب إليه كتابا يذكر فيه ما جرى فأعطانيه فخرجت به إليه و ناديته فأشرف علي فقلت صاحب بختيشوع قال معك كتابه قلت نعم فأرخى إلي زنبيلا فجعلت الكتاب فيه و رفعه إليه فقرأه و نزل من ساعته فقال أنت فصدت الرجل قلت نعم قال طوبى لك و أنا سآتيه فركب بغلا و سرنا فوافينا سر من رأى و قد بقي من الليل ثلثه و قلت أين تريد دار الأستاذ أم دار الرجل قال بل دار الرجل فصرنا إلى بابه
[239]
قبل الأذان الأول ففتح الباب و خرج إلينا غلام أسود فقال أيكما راهب دير العاقول قال أنا جعلت فداك قال انزل ثم قال لي الخادم احتفظ البغلين و دخلا فأقمت إلى أن أصبحنا و ارتفع النهار ثم خرج إلي الراهب و قد رمى ثياب الرهبانية و لبس ثيابا بيضاء و أسلم و قال لي خذني الآن إلى دار أستاذك فصرنا إلى باب بختيشوع فلما رآه بادر يعدو إليه و قال له ما الذي أزالك عن دينك قال وجدت المسيح أو نظيره في آياته و براهينه ثم انصرف إليه و لزم خدمته إلى أن مات .

و من ذلك في دلائل المهدي (عليه السلام) ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتاب الخرائج و الجرائح عن الكليني قال حدثنا الأعلم المصري و كان أحد الصالحين قال : خرجت في الطلب بعد مضي أبي محمد (عليه السلام) و قلت في نفسي لو كان شي‏ء لظهر بعد ثلاث سنين فسمعت صوتا و لم أر شخصا يقول يا نصر بن عبد العزيز قل لأهل مصر هل رأيتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فآمنتم به قال أبو الرجاء لم أعلم أن اسم أبي عبد ربه و ذلك أني ولدت بالمدائن فحملني أبو عبد الله النوفلي إلى مصر فنشأت بها فلما سمعت الصوت لم أعول على شي‏ء و خرجت .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر محمد بن جرير الطبري بإسناد يرفعه إلى أحمد الدينوري الملقب بأستار قال : انصرفت من أردبيل إلى الدينور أريد الحج و ذلك بعد مضي أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام) بسنة أو سنتين و كان الناس في حيرة فاستبشر
[240]
أهل الدينور بموافاتي و اجتمع الشيعة عندي و قالوا اجتمع عندنا ستة عشر ألف دينار من مال الموالي و نحن نحتاج أن تحملها معك و تسلمها لمن يجب تسليمها إليه فقلت يا قوم هذه أيام حيرة و لا يدري الباب في هذا الوقت فقالوا إنا اخترناك لحمل هذا المال لما نعرف من ثقتك و كرمك فاعمل على أن لا تخرجه من يدك إلا بحجة فحملوا إلي ذلك المال و خرجت فلما وافيت قرمسين كان أحمد بن الحسن بن الحسن مقيما بها فانصرفت إليه مسلما فلما رآني استبشر ثم أعطاني ألف دينار في كيس و تخوت ثياب ألوان معكمة لم أعرف ما فيها ثم قال احمل هذا معك و لا تخرجه من يدك إلا بحجة فقبضت المال و التخوت بما فيها من الثياب فلما وردت بغداد لم تكن لي همة غير البحث عمن أشير إليه بالنيابة فقيل إن هاهنا رجلا يعرف بالباقطاني يدعي بالنيابة و آخر يعرف بإسحاق الأحمر يدعي أيضا بالنيابة و آخر يدعى بأبي جعفر العمري يدعي أيضا بالنيابة فبدأت بالباقطاني و صرت إليه فوجدته شيخا مهيبا له مروة ظاهرة و فرس عربي و غلمان كثير و تجتمع إليه الناس فيتناظرون فدخلت إليه و سلمت عليه فرحب و قرب و سر و بر فأطلت القعود إلى أن خرج أكثر الناس فسألني عن إربتي فعرفته أني رجل من الدينور وافيت و معي شي‏ء من المال أحتاج إلى أن أسلمه فقال احمله فقلت أريد حجة قال تعود إلي في غد فعدت إليه من الغد فلم يأت بحجة و عدت في اليوم الثالث فلم يأت فصرت إلى إسحاق الأحمر فوجدته شابا نظيفا منزله أكبر من منزل الباقطاني و فرسه و لباسه و مروته أسرى و غلمانه أكثر و يجتمع عنده
[241]
أكثر مما يجتمع عند الباقطاني فدخلت و سلمت فرحب و قرب فصبرت إلى أن خف الناس فسألني عن حاجتي فقلت له كما قلت للباقطاني و وعدني بالحجة فعدت إليه ثمانية أيام فلم يأت بحجة فصرت إلى أبي جعفر العمري فوجدته شيخا متواضعا عليه منطقة بيضاء قاعد على لبد في بيت صغير ليس له غلمان و لا له من المروءة و الفرش ما وجدته لغيره فسلمت فرد السلام و أدناني و بسط مني ثم سألني عن حاجتي فعرفته أني وافيت من الجبل و حملت مالا فقال إن أحببت أن يصل هذا الشي‏ء إلى من يجب أن يصل إليه تخرج إلى سر من رأى و تسأل عن فلان بن فلان الوكيل و كانت دار ابن الرضا (عليه السلام) عامرة فإنك تجد هناك ما تريد فخرجت إلى سر من رأى و صرت إلى دار ابن الرضا (عليه السلام) و سألت عن الوكيل فذكر البواب أنه مشتغل بالدار و أنه يخرج آنفا فقعدت على الباب أنتظر خروجه فخرج بعد ساعة فقمت و سلمت عليه فأخذ بيدي إلى بيت كان له و سألني عن حالي و ما وردت له فعرفته أني حملت شيئا من المال من ناحية الجبل و أحتاج أن أسلمه بحجة فقال نعم ثم قدم إلي طعاما و قال تغد بهذا و استرح فإنك تعب و بيننا و بين الصلاة الأولى ساعة فإني أحمل إليك ما تريد فأكلت و نمت فلما كان وقت الصلاة قمت و صليت و ذهبت إلى المشرعة فاغتسلت و زرت و انصرفت إلى بيت الرجل و مكثت إلى أن مضى من الليل ربعه فجاءني و معه درج فيه بسم الله الرحمن الرحيم وافى محمد بن أحمد الدينوري و قد حمل ستة عشر ألف دينار في كذا و كذا صرة فيها صرة فلان بن فلان و فيها
[242]
كذا و كذا دينار و صرة فلان بن فلان و فيها كذا و كذا دينار إلى أن عدد الصرر كلها و فيها صرة فلان بن فلان الزراع ستة عشر دينارا قال فوسوس لي الشيطان و قلت في نفسي أن سيدي أعلم بهذا مني فما زلت أقرأ ذكر صرة صرة و ذكر صاحبها عليها حتى أتى على آخر صرة و ذكر بعد ذلك و قد حمل من قرمسين من أحمد بن الحسن المادراني أخي الصراف كيسا فيه ألف دينار و كذا و كذا تختا من الثياب ثوب لونه كذا و ثوب لونه كذا حتى وصف ألوان الثياب و نسبها إلى أصحابها عن آخرها قال فحمدت الله و شكرته على ما من به علي مما أزال الشك عن قلبي ثم أمرني بتسليم جميع ما حملت إلى حيث يأمرك أبو جعفر العمري قال فانصرفت إلى بغداد و صرت إلى أبي جعفر العمري و كان خروجي و انصرافي في ثلاثة أيام فلما بصر بي أبو جعفر قال لي أ لم تخرج قلت يا سيدي بلى و انصرفت من سر من رأى فأنا أحدث أبا جعفر إذ وردت رقعة إليه من صاحب الأمر (عليه السلام) و معها درج مثل الدرج الذي كان معي فيه ذكر المال و الثياب و أمره أن يسلم جميع ذلك إلى أبي جعفر محمد بن أحمد بن جعفر القطان القمي فلبس أبو جعفر ثيابه و قال لي احمل ما معك إلى منزل محمد بن أحمد بن جعفر القطان فحملت المال و الثياب إلى منزل القطان و سلمتها إليه و خرجت إلى الحج فلما رجعت إلى الدينور اجتمع عندي الناس فأخرجت الدرج الذي أعطانيه وكيل مولانا (عليه السلام) و قرأته على القوم فلما سمع ذكر الصرة باسم الزراع صاحبها سقط مغشيا عليه و ما زلنا نعلله حتى أفاق و لما
[243]
أفاق سجد شكرا لله عز و جل و قال الحمد لله الذي من علينا بالهداية الآن علمت أن الأرض لا تخلو من حجة هذه الصرة دفعها إلي هذا الزراع و لم يقف على ذلك إلا الله عز و جل قال و خرجت بعد ذلك فلقيت أبا الحسن المادراني و عرفته الخبر و قرأت عليه الدرج فقال يا سبحان الله مهما شككت في شي‏ء فلا تشك أن الله لا يخلي أرضه من حجة اعلم أنه لما غزا أزكوتكين يزيد بن عبد الله بشهرزور و ظفر ببلاده و احتوى على خزائنه صار إلى رجل و ذكر أن يزيد بن عبد الله جعل الفرس الفلاني و السيف الفلاني في باب مولانا فجعلت أنقل خزائن يزيد إلى أزكوتكين أولا فأولا و كنت أدافع عن الفرس و السيف إلى أن لم يبق شي‏ء غيرهما و كنت أرجو أن أخلص ذلك لمولانا (عليه السلام) فلما اشتدت مطالبة أزكوتكين إياي و لم يمكنني مدافعته جعلت في السيف و الفرس على نفسي ألف دينار و رتبتها و دفعتها إلى الخازن و قلت له ادفع هذه الدنانير في أوثق مكان و لا تخرجن إلي في حال من الأحوال شيئا منها و لو اشتدت الحاجة إليها و سلمت الفرس و السيف فأنا قاعد في مجلسي الذي أبرم فيه الأمور و أوفي القصص و آمر و أنهى إذ دخل أبو الحسن الأسدي و كان يتعاهدني في الوقت بعد الوقت و كنت أقضي حوائجه فلما طال جلوسه و علي بؤس كثير قلت له ما حاجتك قال أحتاج منك إلى خلوة فأمرت الخازن أن يهي‏ء لنا مكانا فدخلنا الخزانة فأخرج لي رقعة صغيرة من مولانا (صلى الله عليه وآله وسلم) فيها يا أحمد بن الحسن الألف دينار التي عندك ثمن الفرس و السيف سلمها
[244]
إلى أبي الحسن الأسدي فخررت لله ساجدا لما من به علي من معرفة حجة الله حقا لأنه لم يكن وقف على هذا أحد غيري فأضفت إلى ذلك المال ثلاثة آلاف دينار أخرى سرورا بما من الله به علي من معرفة هذا الأمر .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطبري أيضا من كتابه قال : كتب علي بن محمد السمري يسأل الصاحب (عليه السلام) كفنا يتبين ما يكون من عنده فورد الجواب إنك تحتاجه سنة إحدى و ثمانين فمات في الوقت الذي حده (عليه السلام) و بعث إليه الكفن قبل موته بشهر .

و من الكتاب أيضا ما لفظه قال القاسم بن العلا : كتبت إلى صاحب الأمر (عليه السلام) كتابا في حوائج و أعلمته أني رجل كبر سني و لا ولد لي فأجابني عن الحوائج و لم يجبني عن الولد بشي‏ء فكتبت إليه في الرابعة أسأله أن يدعو الله لي أن يرزقني الله ولدا فأجابني بحوائجي و كتب اللهم ارزقه ولدا ذكرا تقر به عينه و اجعله هذا الحمل الذي أردت فورد الكتاب و أنا لا أعلم أن لي حملا فدخلت على جاريتي و سألتها عن ذلك فأخبرتني أن علتها قد ارتفعت و أنها حامل فولدت غلاما .

و هذان الحديثان رويتهما عن الطبري و الحميري .

و من ذلك ما رويناه عن الشيخ أبي جعفر الطبري و الشيخ أبي العباس الحميري بإسنادنا إليهما قالا حدثنا أبو جعفر قال : ولد لي مولود فكتبت أستأذن في تطهيره يوم السابع فورد الجواب لا فمات المولود في اليوم السابع ثم كتبت إليه أخبره بموته فكتب في الجواب يخلف الله عليك غيره و غيره فسم أحمد و من بعد أحمد جعفرا فجاءا كما
[245]
قال (عليه السلام) .

و من الكتاب المذكور ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطبري قال حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال حدثني أبو حامد المراغي عن محمد بن شاذان بن نعيم قال : قال لي رجل من أهل بلخ تزوجت امرأة سرا فلما وطئتها علقت و جاءت بابنة فاستاءت و ضاق صدري فكتبت أشكو ذلك فورد الجواب ستكفاها فعاشت أربع سنين فماتت فوردني منه (عليه السلام) الله ذو أناة و أنتم تستعجلون .

و من الكتاب المذكور ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ أبي جعفر الطبري قال حدثنا أبو جعفر محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال حدثني أبو الحسين بن أبي البغل الكاتب قال : تقلدت عملا من أبي منصور الصالحان و جرى بيني و بينه ما أوجب استتاري عنه فطلبني و أخافني فمكثت مستترا خائفا ثم قصدت مقابر قريش ليلة الجمعة و اعتمدت المبيت هناك للدعاء و المسألة و كانت ليلة ريح و مطر فسألت أبا جعفر القيم يقفل الأبواب و أن يجتهد في خلوة الموضع لأخلو بما أريده من الدعاء و المسألة خوفا من دخول إنسان لم آمنه و أخاف من لقائه ففعل و قفل الأبواب و انتصف الليل فورد من الريح و المطر ما قطع الناس عن الموضع فمكثت أدعو و أزور و أصلي فبينا أنا كذلك إذ سمعت وطئا عند مولانا موسى (عليه السلام) و إذا هو رجل يزور فسلم على آدم و على أولي العزم ثم على الأئمة واحدا واحدا إلى أن انتهى إلى صاحب الزمان فلم يذكره فعجبت من ذلك و قلت في نفسي لعله نسي أو لم يعرف أو هذا مذهب لهذا الرجل فلما فرغ من زيارته صلى ركعتين
[246]
و أقبل إلى مولانا أبي جعفر (عليه السلام) زار مثل تلك الزيارة و سلم ذلك السلام و صلى ركعتين و أنا خائف منه إذ لم أعرفه شابا من الرجال عليه ثياب بيض و عمامة محنك بها و له ذؤابة و رداء على كتفه فالتفت إلي و قال يا أبا الحسين بن أبي البغل أين أنت عن دعاء الفرج قلت فما هو يا سيدي قال تصلي ركعتين و تقول يا من أظهر الجميل و ستر القبيح يا من لم يؤاخذ بالجريرة و لم يهتك الستر يا عظيم المن يا كريم الصفح يا حسن التجاوز و يا واسع المغفرة يا باسط اليدين بالرحمة يا منتهى كل نجوى و غاية كل شكوى يا عون كل مستعين يا مبتدأ بالنعم قبل استحقاقها يا رباه عشر مرات يا منتهى غاية رغبتاه عشر مرات أسألك بحق هذه الأسماء و بحق محمد و آله الطاهرين إلا ما كشفت كربي و نفست همي و فرجت غمي و أصلحت حالي و تدعو بعد ذلك ما شئت و تسأل حاجتك ثم تضع خدك الأيمن على الأرض و تقول مائة مرة في سجودك يا محمد يا علي اكفياني فإنكما كافياي و انصراني فإنكما ناصراي ثم تضع خدك الأيسر على الأرض و تقول أدركني يا صاحب الزمان و تكرر ذلك كثيرا و تقول الغوث الغوث الغوث حتى ينقطع النفس و ترفع رأسك فإن الله بكرمه يقضي حاجتك إن شاء الله فلما أشغلت بالصلاة و الدعاء خرج فلما فرغت خرجت إلى أبي جعفر لأسأله عن الرجل و كيف دخل فرأيت الأبواب على حالها مقفلة فعجبت من ذلك و قلت لعل بابا هنا آخر لم أعلمه و انتهيت إلى أبي جعفر القيم فخرج إلي من باب الزيت فسألته عن الرجل
[247]
و دخوله فقال الأبواب مقفلة كما ترى ما فتحتها فحدثته الحديث فقال هذا مولانا صاحب الزمان و قد شاهدته دفعات في مثل هذه الليلة عند خلوتها من الناس فتأسفت على ما فاتني منه و خرجت عند قرب الفجر و قصدت الكرخ إلى الموضع الذي كنت مستترا فيه فما أضحى النهار إلا و أصحاب ابن أبي الصالحان يلتمسون لقائي و يسألوا عني أصحابي و أصدقائي و معهم أمان من الوزير و رقعة بخطه فيها كل جميل فحضرت مع ثقة من أصدقائي فقام و التزمني و عاملني بما لم أعهده و قال انتهت بك الحال إلى أن تشكوني إلى صاحب الزمان (عجل الله فرجه) فإني رأيته في النوم البارحة يعني ليلة الجمعة و هو يأمرني بكل جميل و يجفو علي في ذلك جفوة خفتها فقلت لا إله إلا الله أشهد أنهم الحق و منتهى الحق رأيت البارحة مولانا في اليقظة و قال لي كذا و كذا و شرحت ما رأيته في المشهد فعجب من ذلك و جرت منه أمور عظام حسان في هذا المعنى و بلغت منه غاية لم أظنها و ذلك ببركة مولانا (عليه السلام) .

و مما روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي العباس عبد الله بن جعفر الحميري في الجزء الثاني من كتاب الدلائل قال : و كتب رجل من ربض حميد يسأله الدعاء في حمل له فورد عليه الدعاء في الحمل قبل الأربعة أشهر و أنها ستلد ابنا فكان الأمر كما قال (عليه السلام) .

و من الكتاب المذكور قال الحسن بن علي بن إبراهيم السياري كتب علي بن محمد السمري يسأل الصاحب (عليه السلام) كفنا فورد عليه : أنك
[248]
تموت في إحدى و ثمانين فمات في تلك السنة و بعث إليه بالكفن قبل موته بشهرين .

و مما روينا بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في الجزء الأول من كتاب الخرائج و الجرائح فقال عن رشيق الحاجب المادراني قال : بعث إلينا المعتضد و أمرنا أن نركب و نحن ثلاثة نفر و نخرج مخفين على السرج و بحيث لا نرى و قال ألحقوا بسامراء و اكبسوا دار الحسن بن علي فإنه توفي فمن رأيتهم بها فأتوني به فأتينا سامراء و كبسنا الدار كما أمرنا فوجدنا دارا سترته كان الأيدي رفعت عنها في ذلك الوقت فرفعنا السترة فإذا سرداب في الدار الأخرى فدخلنا فرأينا كان بحرا فيه و في أقصاه حصير قد علمنا أنه على الماء و فوقه رجل من أحسن الناس هيبة قائم يصلي فلم يلتفت إلينا و لا إلى شي‏ء من أسبابنا فسبق أحمد بن عبد الله ليتخطى فغرق في الماء و ما زال يضطرب حتى مددت يدي إليه فخلصته و أخرجته و غشي عليه و بقي ساعة و عاد صاحبي الثاني إلى فعل الأول فناله مثل ذلك فبقيت مبهوتا فقلت لصاحب البيت المعذرة إلى الله و إلى رسوله و إليك فو الله ما علمت كيف الخبر و إلى من نجي‏ء و أنا تائب إلى الله فما التفت إلي بشي‏ء مما قلت ثم عدنا إلى المعتضد فأخبرناه فقال اكتموه و إلا ضربت أعناقكم .

و من الكتاب المذكور ما رويناه عن الشيخ المفيد و نقلناه عن نسخة عتيقة جدا من أصول أصحابنا قد كتبت في زمان الوكلاء فقال فيها ما هذا لفظه : قال الصفواني رحمه الله
[249]
رأيت القاسم بن العلاء و قد عمر مائة سنة و سبع عشرة منها ثمانون سنة صحيح العينين فيها لقي مولانا أبا الحسن و مولانا أبا محمد العسكري (عليه السلام) و حجب بعد الثمانين و ردت عيناه قبل موته بسبعة أيام و ذلك أني كنت مقيما عنده بمدينة أران من أرض آذربيجان و كان لا تنقطع عنه توقيعات مولانا صاحب الزمان (عجل الله فرجه) على يد أبي جعفر محمد بن عثمان العمري و بعده على يد أبي القاسم بن روح قدس الله روحيهما فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين فقلق رحمة الله لذلك فبينا نحن عنده إذ دخل البواب مستبشرا و قال فيج العراق قد ورد و لا يسمي بغيره فاستبشر أبو القاسم و حول وجهه إلى القبلة فسجد و دخل رجل قصير بالصرر الفيوج عليه و عليه جبة مصرية و في رجليه نعل آملي و على كتفه مخلاة فقام إليه و عانقه و وضع المخلاة من عنقه و دعا بطست من ماء فغسل وجهه و أجلسه إلى جانبه فأكلنا و غسلنا أيدينا فقام الرجل و أخرج كتابا أفضل من نصف الدرج فناوله القاسم فقبله و دفعه إلى كاتب له يقال له عبد الله بن أبي سلمة فأخذه و فضه و قرأه و بكى حتى أحس القاسم ببكائه فقال القاسم له يا عبد الله خيرا قال ما يكره فلا قال فما هو قال ينعى الشيخ نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما و إنه يمرض في اليوم السابع من ورود هذا الكتاب و إن الله يرد عليه بعد ذلك عينيه و قد حمل سبعة أثواب فقال القاسم في سلامة من ديني قال في سلامة من دينك فضحك رحمه الله و قال ما آمل بعد هذا العمر ثم قام الرجل الوارد فأخرج من
[250]
مخلاته ثلاثة أزر يمانية حمراء و عمامة و ثوبين و منديلا فأخذها الشيخ و كان عنده قميص خلعه عليه مولانا أبو الحسن ابن الرضا (عليه السلام) و كان له صديق يقال له عبد الرحمن بن محمد السري و كان شديد النصب و كان بينه و بين القاسم نضر الله وجهه مودة في أمور الدنيا شديدة و كان يوداه و كان عبد الرحمن وافى إلى أران للإصلاح بين أبي جعفر بن حمدون الهمداني و بين حيان العين فربما حضر عنده فقال لشيخين كانا مقيمين عنده أحدهما يقال له أبو حامد عمران بن المفلس و الآخر يقال له أبو علي محمد أريد أن أقرأ هذا الكتاب لعبد الرحمن فإني أحب هدايته و أرجو أن يهديه الله عز و جل بقراءة هذا الكتاب فقال لا إله إلا الله هذا الكتاب لا يحتمل ما فيه خلق من الشيعة فكيف عبد الرحمن فقال إني أعلم أني مفش سرا لا يكون لي إعلانه و لكن لمحبتي عبد الرحمن أشتهي أن يهديه الله لهذا الأمر فاقرأه له فلما مر ذلك اليوم و كان الخميس لثلاث عشرة ليلة خلت من رجب سنة أربع و ثلاث مائة دخل عبد الرحمن و سلم عليه فقال له اقرأ هذا الكتاب و انظر لنفسك فقرأه فلما بلغ إلى موضع النعي به رمى الكتاب من يده و قال للقاسم يا أبا محمد اتق الله فإنك رجل فاضل في دينك متمكن من عقلك إن الله يقول وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ و يقول عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً فضحك القاسم و قال أتم الآية إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ و مولاي هذا المرتضى من رسول قد علمت أنك تقول هذا و لكن أرخ
[251]
هذا اليوم فإن أنا عشت بعد هذا اليوم المؤرخ في الكتاب فاعلم أني لست على شي‏ء و إن أنا مت فانظر لنفسك فأرخ عبد الرحمن اليوم و افترقوا فلما كان اليوم السابع من ورود الكتاب حم القاسم و اشتدت به العلة و استند في فراشه إلى الحائط و كان ابنه الحسن بن القاسم مدمنا على شرب الخمر و كان متزوجا إلى أبي عبد الله بن حمدون الهمداني و كان ابن حمدون الهمداني جالسا في ناحية من الدار و رداؤه على وجهه و أبو حامد في ناحية و أبو علي بن محمد و جماعة من أهل البلد يبكون إذ اتكأ القاسم على يديه إلى خلف و جعل يقول يا محمد يا علي يا حسن يا حسين إلى آخر الأئمة يا موالي كونوا شفعائي إلى الله عز و جل ثم قالها ثانية ثم قالها ثالثة فلما وصل إلى يا موسى يا علي تفرقعت أجفان عينيه كما تفرقع الصبيان شقائق النعمان و انفتحت حدقتاه و جعل يمسح بكمه عينيه و خرج من عينيه شي‏ء يشبه ماء اللحم ثم مد طرفه إلى ابنه فقال يا حسن إلي يا أبا حامد إلى يا أبا علي إلي فاجتمعوا حوله و نظر إلى حدقتيه صحيحين فقال أبو حامد تراني فجعل يده على كل واحد منا و شاع في الناس هذا فأتاه الناس ينظرون إليه و ركب إليه القاضي و هو عيينة بن عبيد الله أبو ثابت المسعودي قاضي القضاة ببغداد فدخل عليه و قال يا أبا محمد ما هذا الذي بيدي و أراه خاتما فصه فيروزج و قربه منه فقال خاتم فصه فيروزج عليه ثلاثة أسطر فتناوله القاسم فلم يمكنه قراءته و خرج الناس متعجبين يتحدثون بخبره فالتفت القاسم إلى ابنه الحسن فقال يا بني إن الله عز اسمه جعل منزلتك منزلتي و مرتبتك مرتبتي
[252]
فأقبلها بشكر فقال له الحسن قد قبلتها قال القاسم على ما ذا قال على ما تأمرني به قال على أن ترجع عما أنت عليه من شرب الخمر فقال يا أبة و حق من أنت في ذكره لأرجعن عن شرب الخمر و مع الخمر أشياء لا تعرفها فرفع القاسم يده إلى السماء و قال اللهم ألهم الحسن طاعتك و جنبه معصيتك ثلاث مرات ثم دعا بدرج و كتب وصيته رحمه الله بيده و كانت الضياع التي بيده لمولانا (عليه السلام) وقفها له أبوه فكان فيما أوصى الحسن أن قال له إنك إن أهلت الأمر يعني الوكالة لمولانا (عليه السلام) تكون مؤنتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجند و سائرها ملك لمولاي و إن لم تؤهل فاطلب خيرك من حيث يبعث الله لك فقبل الحسن وصيته على ذلك فلما كان يوم الأربعين و قد طلع الفجر مات القاسم فوافاه عبد الرحمن بن محمد يعدو في الأسواق حافيا حاسرا و هو يصيح وا سيداه فاستعظم الناس منه ذلك و جعلوا يقولون له ما الذي تفعل بنفسك فقال اسكتوا فإني رأيت ما لم تروا و شيعه و رجع عما كان عليه و وقف أكثر ضياعه فتجرد أبو علي بن محمد و غسل القاسم و أبو حامد يصب عليه الماء و لف في ثمانية أثواب على بدنه قميص مولانا و ما يليه السبعة أثواب التي جاءت من العراق فلما كان بعد مدة يسيرة ورد كتاب تعزية على الحسن من مولانا (عجل الله فرجه) و دعا له في آخره ألهمه الله طاعته و جنبه معصيته و هو الدعاء الذي كان دعا به أبوه و كان في آخره قد جعلنا أباك لك إماما و فعاله مثلا .

و روينا هذا الحديث الذي
[253]
ذكرناه أيضا عن أبي جعفر الطوسي رضوان الله عليه و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في الجزء الأول من كتاب الخرائج و الجرائح قال روي عن أبي الحسن المسترق الضرير قال : كنا يوما في مجلس الحسن بن عبيد الله بن حمدان ناصر الدولة فتذاكرنا أمر الناحية فقال كنت أزري عليها حتى حضرت مجلس عمي الحسين فأخذت أتكلم بذلك فقال يا بني كنت أقول بمقالتك هذه إلى أن ندبت إلى ولاية قم حين استصعبت على السلطان و كان كل من ورد إليها يحاربه أهلها فسلم إلى الجيش و خرجت نحوها فلما بلغت إلى ناحية نهر خرجت إلى الصيد ففاتتني طريده فأتبعتها و أوغلت في طلبها و أثرها حتى بلغت إلى نهر فسرت فيه و كلما سرت أتسع ذلك النهر فبينا أنا كذلك إذ طلع علي فارس تحته شهباء و هو متعمم بعمامة خز أخضر لا أرى منه سوى عينيه و في رجليه خفان أحمران فقال لي يا حسين لا هو لقبني و لا كناني قلت ما ذا تريد قال كم تزري على الناحية و لم تمنع أصحابي خمس مالك قال و كنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئا فأرعدت و تهيبته و قلت أفعل يا سيدي ما تأمر به قال فإذا مضيت إلى الموضع الذي أنت متوجه إليه و دخلته و كسبت ما كسبت فيه فاحمل إلى من يستحق خمسه فقلت السمع و الطاعة قال فامض راشدا و لوى عنان دابته و انصرف فلم أدري أي طريق سلك فطلبته يمينا و شمالا فخفي علي أثره فازددت رعبا و انفلت راجعا إلى عسكري و تناسيت الحديث حتى بلغت قم و عندي أني محارب القوم فخرج إلي أهلها و قالوا كنا نحارب
[254]
من يجيئنا لخلافهم لنا فإذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا و بينك ادخل البلد و دبرها كما ترى فدخلت البلد و أقمت فيها زمانا و اكتسبت أموالا زائدة على ما كنت أقدر ثم وشي القواد بي إلى السلطان و حدثوه بطول مقامي و كثرة ما اكتسبت فعزلت و رجعت إلى بغداد فابتدأت بدار السلطان فسلمت و أقبلت إلى منزلي فجاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري فتخطى الناس حتى اتكأ على متكاي فاغتظت من ذلك و لم يزل قاعدا ما يبرح و الناس داخلون و خارجون و أنا أزداد غيظا فلما تصرم المجلس دنا إلي و قال بيني و بينك سر فاسمعه قلت ما ذا قال صاحب الشهباء و النهر يقول هلا وفيت بما وعدتنا فذكرت الحديث و ارتعت و قلت السمع و الطاعة و قمت ففتحت الخزائن له و لم يزل يخمس إلى أن خمس شيئا كثيرا كنت أنسيته مما جمعته فذكرنيه و أخذ الخمس و انصرف فلم أشك بعد ذلك و تحققت الأمر قال فأنا منذ سمعت هذا الحديث من عمي أبي عبد الله زال ما كان عرض لي من شك بحمد الله .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا عن الشيخ سعيد الراوندي في كتابه المذكور قال و منها ما روي عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه رحمه الله قال : لما وصلت بغداد سنة سبع و ثلاثين و ثلاث مائة أردت الحج و هي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت لأنه يمضي في الكتب قصة أخذه و أنه ينصبه في مكانه الحجة في ذلك الزمان كما وضعه في مكانه زين العابدين (عليه السلام) في زمن الحجاج فاستقر في مكانه فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي و لم
[255]
يتهيأ لي ما قصدت فأتيت ابن هشام و أعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدة عمري و هل تكون الميتة في هذه العلة أو لا و قلت له همي إيصال هذه الرقعة إلى من يضع الحجر في مكانه و يستقر و أخذ جوابه فإنما أندبك لهذا فقال الرجل المعروف بابن هشام لما وصلت مكة و عزم أهلها على إعادة الحجر مكانه بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الوقوف بحيث أرى واضع الحجر في مكانه و أقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس فكلما عمد إنسان لوضعه اضطرب و لم يستقم فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله و وضعه في مكانه فاستقام و لم يزل عن مكانه فعلت لذلك الأصوات فانصرف خارجا من الباب فنهضت من مكاني أتبعه و أدفع الناس عني يمينا و شمالا حتى ظن الاختلاط بي في العقل و الناس يفرجون له و عيني لا تفارقه حتى انقطع عن الناس و كنت أسرع المسير خلفه و هو يمشي على تواده فلما حصل بحيث لا يراه أحد غيري وقف و التفت إلي و قال هات ما معك فناولته الرقعة فقال من غير أن ينظر إليها قل له لا خوف عليك في هذه العلة و سيكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة قال فوقع علي الزمع حتى لم أطق حراكا و تركني و انصرف قال أبو القاسم فحضر و أعلمني هذه الجملة فلما كانت سنة الثلاثين اعتل أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره بتحصيل جهازه في قبره و كتب وصيته و استعمل الجد في ذلك فقيل له ما ذا الخوف و نرجو أن يتفضل الله عليك بالسلامة فما علتك مما يخاف فقال هذه السنة التي خوفت فيها و مات في علته رحمه الله .

[256]
فيما نرويه عن أبي محمد عبد الله بن محمد بن أبي محمد عبد الله الحذاء الدعلجي منسوب إلى موضع خلف باب الكوفة ببغداد يقال لأهله الدعالجة و كان فقيها عارفا ذكره النجاشي في كتابه بما ذكرناه قال و عليه تعلمت المواريث و له كتاب الحج قال الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في الجزء الأول من كتابه الخرائج و الجرائح ما هذا لفظه : إن أبا محمد الدعلجي كان له ولدان و كان من خيار أصحابنا و كان قد سمع الأحاديث و كان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة و هو أبو الحسن و كان يغسل الأموات و الولد الآخر يسلك مع الفساق فدفع إلى أبي محمد حجة تحج بها عن صاحب الزمان (صلى الله عليه وآله وسلم) و كان ذلك عادة الشيعة في ذلك الوقت و تركت بعد ذلك فدفع منها شيئا إلى ولده المذكور بالفساد و خرج إلى الحج و لما عاد حكي أنه كان واقفا بالموقف رأى شخصا إلى جانبه حسن الوجه أسمر اللون ذا ذؤابتين مقبلا على شأنه في الابتهال و الدعاء حسن العمل و التضرع قال فلما نفر الناس التفت إلي و قال يا شيخ أ ما تستحي قلت من أي شي‏ء يا سيدي قال تدفع إليك حجة عمن تعلم فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر يوشك أن تذهب عينك هذه و أومأ إلى عيني فأنا من ذلك على وجل و مخافة و سمع منه أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك فما مضى عليه إلا أربعون يوما من بعد ملاقاته مولانا (عليه السلام) حتى خرجت في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت بها .

و من ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى الشيخ سعيد بن هبة الله الراوندي في كتابه
[257]
الخرائج و الجرائح في الجزء الثاني منه قال و منها ما روى عن أحمد بن أبي روح قال : وجهت إلي امرأة من أهل الدينور فأتيتها فقالت يا ابن أبي روح أنت أوثق من في ساحتنا دينا و ورعا و إني أريد أن أودعك أمانة اجعلها في رقبتك تؤديها و تقوم بها قلت أفعل إن شاء الله قالت هذه دراهم في هذا الكيس المختوم لا تحله و لا تنظر إليه حتى تؤديه إلى من يخبرك بما فيه و هذا قرطي يساوي عشرة دنانير و فيه ثلاث حبات لؤلؤ تساوي عشرة دنانير و لي إلى صاحب الزمان حاجة أريد أن يخبرني بها قبل أن أسأله عنها قلت و ما الحاجة قالت عشرة دنانير اقترضتها و لا أدري إلى من أدفعها فإن أخبرك فادفعها إلى من يأمرك فأتيت سامراء فقيل لي إن جعفر بن علي يدعي الإمامة فقلت أبدأ بجعفر ثم تفكرت فقلت أبدأ بهم فإن كانت الحجة عندهم و إلا أتيت جعفرا فدنوت من باب دار أبي محمد (عليه السلام) فخرج إلي خادم و قال أنت أحمد بن أبي روح قلت نعم قال فهذه الرقعة اقرأها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم أودعتك بنت الدينوري كيسا فيه ألف درهم بزعمك و هو خلاف ما تظن و قد أديت الأمانة و لم تفتح الكيس و لم تدر ما فيه ألف درهم و خمسون دينارا صحاحا و معك قرطان زعمت المرأة أنهما تساوي عشرة دنانير و هي تساوي ثلاثين دينارا فادفعها إلى جاريتنا فلانة فإنا قد وهبناها لها و صر إلى بغداد و ادفع المال إلى حاجز و خذ منه ما يعطيك لنفقتك فأتيت بغداد و دفعت المال إليه فأعطاني شيئا منه فأخذته و انصرفت إلى الموضع الذي نزلت
[258]
فيه فإذا بفيج فاجأني من المنزل يخبرني بأن حموي قد مات و أهلي يأمروني بالانصراف إليهم فرجعت فإذا هو مات و ورثت منه ثلاثة آلاف دينار و مائة ألف درهم .

و من ذلك ما ذكره الراوندي رحمه الله أيضا في الجزء الأول من كتاب الخرائج و الجرائح قال إن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه كانت تحته ابنة عمه و لم يرزق منها ولدا فكتبت إلى الشيخ أبي القاسم بن روح أن يسأل الحضرة ليدعو الله أن يرزقه أولادا فجاء الجواب : إنك لا ترزق من هذه و ستملك جارية ديلمية ترزق منها ولدين فقيهين ماهرين فرزق منها محمدا و الحسين و كان لهما أخ أوسط مشتغل بالزهد لا فقه له .

و من الكتاب المذكور ما روي عن علي بن إبراهيم الفدكي قال : قال الأودي بينا أنا في الطواف طفت ستة أشواط و أريد أن أطوف السابع فإذا أنا بحلقة عن يمين الكعبة و شاب حسن الوجه طيب الرائحة هيوب مع هيبته متقرب إلى الناس و قالوا هذا ابن رسول الله يظهر للناس في كل سنة لخواصه يوما فيحدثهم فجئته و قلت مسترشدا فأرشدني هداك الله عز و جل فناولني حصاة فحولت وجهي فقال لي بعض خدامه ما الذي دفع إليك قلت حصاة فقال هو لي قد تبينت لك الحجة و ظهر الحق و ذهب عنك العمى أ تعرفني قلت اللهم لا قال أنا المهدي أنا قائم الزمان أملأها عدلا كما ملئت جورا إن الأرض لا تخلو من حجة و لا تبقى الناس في فترة أكثر من تيه بني إسرائيل فقد ظهر أيام خروجي فهذه أمانة في رقبتك تحدث بها إخوانك من أهل الحق .

[259]
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس الحسني قد اقتصرت على هذه الأحاديث اليسيرة على ما كان و لو ذكرت ما في معناها كانت عدة مجلدات و اقتصرت على طريقين في الرواية من غير زيادة إلا ما استثنيته منهم (عليه السلام) لأجل السعادة و إني أرويه بعدة طرق من أهل المعرفة و السيادة و إنما ذكرت من هذه الأحاديث في هذا الكتاب المتعلق بأحاديث النجوم و ما في النجوم من خطإ و صواب لأني لما ذكرت أخبارا في صدق دلالات النجوم على الحادثات و صدق المخبرين بذلك فيما أوردناه من الحكايات اقتضى وجوب الاستظهار لنبوة جدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) و لحرمة مقامه الشريف و بما دعا إليه من التكليف أن أبادر إلى التعريف لمن يقف على هذا التصنيف إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) و من أكرمه الله جل جلاله من خاصته المنسوبة إليه كان منهم من أخبر عنه بالغائبات و شرف لأجله بالكرامات و بلغ ما بلغ الذين نقلوا عنه الأحكام المذكورات و ما كانوا معروفين بعلم النجوم و ما فيها من الدلالات على الكائنات و لا عرف لهم أستاذ من غيرهم تعلموا ذلك عليه و لا وجد لهم كتاب في علم النجوم ينظرون إليه و لا عرف أن ذاكرا ذكر أنهم افتقروا إلى الآلات من أصطرلاب و لا تقويم و لا زائجة و لا رمل و لا زجر و لا قيافة بل كان ذلك من فضل الله عليهم و الرحمة و الرأفة كما قال سبحانه في محكم الآيات أهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ .

[260]
******
و هذا آخر ما ورد على خاطري أن أذكره في كتاب فرج المهموم في معرفة منهج الحلال و الحرام من علم النجوم بما رجوت أن يكون صادرا عن رضا الله جل جلاله فاتح أبواب العلوم و أن يجعله ذخيرة و وسيلة إلى رحمته في اليوم المعلوم و كان الفراغ من تأليفه يوم الثلاثاء لعشرين من شهر المحرم سنة خمسين و ستمائة هلالية بمشهد مولانا الشهيد المعظم الحسين (عليه السلام) إلى يوم الدين و الحمد لله رب العالمين و صلاته على محمد و آله الطاهرين .

و فرغ من كتابته على نسخة كتبت بأصفهان لأمر السيد علي نظام الدين المكي الشيرازي سنة ألف و مائة و ثمان عشرة و قوبلت أقل العباد محاسن و أكثرهم مساوي محمد بن الشيخ طاهر السماوي في النجف سنة 1366- من الهجرة الموصوفة بأكرم وصف حامدا مصليا مسلما مستغفرا .

====
يقول مندوب النجف الأشرف:
احمد الله على نشر هذه التحفة النفيسة النادرة
نزولا لرغبة كثير من الأعضاء والأفاضل
و نرجو من ادارة الشامل
ان يصلح مشكلة بطئ ظهور صفحات المنتدى او نقصانها
وهي مشكلة بقيت تطل على المنتدى اكثر من سنة
ونرجو ان لا يحمل على مشكلة جهاز المتصفح او برنامجه او ...
والحمد لله رب العالمين