عرض مشاركة واحدة
صورة رمزية إفتراضية للعضو كرسي الملكة
كرسي الملكة
عضو
°°°
افتراضي رد: هل رمضان الحقيقي في سبتمبر من كل عام؟
إنه يجب التأكيد على ما يلي:

1. الشهر في التقويم الصحيح يجب أن يكون قمريا، أي يجب أن تتحدد بدايات الأشهر بالأهلة، فدوران القمر حول الأرض يوفر ما يلزم لحساب الشهر بالنسبة للناس في كل زمان ومكان، فالشهر القمري مرتبط بظاهرة فلكية حقيقية ولها دورية Periodicity، هي دوران القمر حول الأرض، وله بداية محددة، أما الشهر الشمسي فلا يحقق هذا الشرط، ولقد أكد القرءان على كون الشهور قمرية في الآية: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [البقرة:189]، أما الشهر الشمسي فلا يرتبط -في ذاته- بظاهرة فلكية دورية، ويمكن مثلا تقسيم السنة الشمسية إلى أي عدد آخر من الوحدات، ويمكن أن تختلف أيام كل شهر عمَّا هو معمول به الآن.
2. من البديهي أن يفضل سكان الصحاري أي القبائل البدوية مثل العرب وبني إسرائيل الأشهر القمرية لسهولة تتبع منازل القمر في الصحراء، ولكنهم علموا من بعد أنه لابد من التقويم حتى يظل للتقويم معنى مثلما اكتشفت ذلك كل الشعوب الأخرى فأجرت التقويمات اللازمة مرة بعد أخرى.
3. السنة يجب أن تكون شمسية، فهذه السنة مرتبطة بظاهرة فلكية حقيقية ودورية يمكن التعويل عليها، ويمكن دائما التصحيح لو حدث أي خطأ، والقرءان يؤكد على أن الشمس والقمر لازمان لمعرفة عدد السنين والحساب.
4. بمثل ما أنه لا يوجد شهر شمسي فلا يوجد شيء اسمه السنة القمرية، فلا توجد ظاهرة فلكية طبيعية دورية يمكن اتخاذها كمرجع لهذه السنة، ويمكن عمل وتصحيح التقويم ليتوافق معها، فالأشهر القمرية كلها متكافئة، ولا يوجد رقم معين ومناسب من الأشهر يمكن أن يشكل ظاهرة دورية.
5. لكل ما تقدم فالتقويم الطبيعي يجب أن يكون شمسيا قمريا، فالعدد اللازم لعمل دورة قمرية كبير جدا (235 شهرا) ولا يناسب الإنسان.
6. لكون السنة الشمسية لا تحتوي عددا صحيحا من الأشهر القمرية بمثل ما أن الشهر القمري لا يحتوي عددا صحيحا من الأيام فلابد من التقويم.
7. التقويم العربي الحقيقي هو تقويم شمسي قمري تأتي فيه بداية الربيع المناخي في ربيع الأول، وفيه يأتي الاعتدال الربيعي، ويأتي فيه الاعتدال الخريفي في رمضان أو قريبا منه.
8. الشهر القمري بمفهومه الطبيعي العام يبدأ من أية نقطة على دورة القمر لينتهي عندها، فهو لا يبدأ بالضرورة بميلاد الهلال، وهو المذكور في الآيات: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم}[البقرة:226]، {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير} [البقرة:234]، {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}[الطلاق:4]، {فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللّهِ وَأَنَّ اللّهَ مُخْزِي الْكَافِرِين} [التوبة:2]، {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيم} [التوبة:5].
9. قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ .....} [التوبة:36]، تشير إلى أن السنة الشمسية الحقيقية تحتوي على 12 شهرًا قمريا، وليس على 13 شهرًا مثلا.
10. قوله تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} يعني بالطبع أن الأشهر المعتمدة هي الأشهر القمرية، فالإسلام أقرَّ واعتمد اختيار العرب للدورة القمرية لتحديد الشهر، وهذا ما تؤكده وتتضمنه الآيات: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون} [البقرة:189]، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون} [البقرة:217]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب} [المائدة:2]، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقرءان هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} [البقرة:185]، {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَاب} [البقرة:197].
11. قال تعالى: {فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَاناً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} الأنعام96، {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} يونس5، فجعْلُ الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نُورا وتقديره مَنَازِلَ من لوازم العلم بعدد السنين والحساب، ومن زعم أن منازل القمر فقط هي المقصودة يكون مكذبا بكون الشمس هي التي تُستعمل لتحديد أوقات الصلاة، وبكون من وضعوا علوم الحساب قد انتفعوا فعليا بحركة الشمس أكثر من انتفاعهم بحركة القمر، وقال تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12)} الإسراء، فلابد من دخول الشمس والقمر معا في الحساب وفي حساب التقويم، لذلك فجَعْل القمر وحده أداة لحساب السنين هو خطأ جسيم ومخالفة للأوامر القرءانية.
12. تحديد عدد الأشهر باثني عشر هو لأن العدد 12 يمثل أكبر عدد من الأشهر القمرية الممكن احتواؤها داخل السنة الشمسية بحيث يمكن أن يتم التقويم بسهولة.
13. كان يحدث تصحيح للتقويم بحيث تظل الأشهر متطابقة مع الفصول، ولكن ضاع ذلك أثناء الفتن، فلابد أن الحج (وهو موسم ومهرجان ثقافي تجاري) كان بعيدا عن أشهر الحر الشديد أو القيظ.
14. لابد أن يأتي رمضان في الخريف ليتساوى الليل والنهار تساويا تقريبيا؛ أي لا يحدث تفاوت كبير في طوليهما، فلا يصوم الناس 21 ساعة في بلد ويصومون ثلاث ساعات في بلد آخر، وهذا ما يتسق مع أعلنه الله من أنه يريد بالناس اليسر لا العسر وكذلك مع عالمية الإسلام وصلاحيته لكل زمان ومكان.
15. التقويم يتضمن عمليات التصحيح اللازمة للتخلص من مشكلة الكسور المترتبة على كون الدورات الفلكية الأكبر لا تحتوي عددا صحيحا من الدورات الأصغر، ولضمان ثبات الأشهر مع الفصول المناخية بحيث يمكنها التعبير عنها فيُقال مثلا إن يناير من فصول الشتاء وأبريل من فصول الربيع أو ربيع الأول هو شهر الربيع أو جمادى الآخرة هو شهر حصاد الشعير.
16. كان التقويم صحيحًا أثناء العصر النبوي، بدليل أنه كان هناك توازٍ ما بين السنة العبرية وبين السنة العربية، وثمة مرويات تشير إلى ذلك، وعلى سبيل المثال فإن فترة البعثة النبوية هي 23 سنة شمسية.
17. طبقا لبحثنا المنشور يتعين إضافة شهر التقويم كلما أوشك شهر رمضان على ألا يتضمن الاعتدال الخريفي، وهذا يعني كلما أوشك أن ينزل عن 23-8.
18. أشهر الحج هي الأشهر الحرم المتصلة، وهي تبدأ بذي القعدة.
19. إجراء التصحيح ليس بالأمر الصعب، والأمر لا يستلزم إعادة تصحيح كل التواريخ الهجرية، فيمكن تركها وشأنها، كما يمكن الاستغناء تماما عن التقويم الخاطئ أو اللاتقويم، فلا جدوى منه، ولكن يكفي فقط بيان بداية شهر الصيام وأشهر الحج للناس كل عام، وبمعرفة بداية رمضان يمكن ضبط بدايات كل الشهور الأخرى لمن أراد ذلك.
20. إلغاء العمل باللاتقويم المستعمل سيسبب توفير نفقات هائلة ومجهودات كثيرة.
21. ليس في بيان حقيقة التقويم أي تشكيك في الدين ولا تكفيرا لأحد ولا دعوة إلى عدم اعتبار الأهلة مواقيت للناس، فبدايات الشهور تتحدد برؤية الهلال، والبحث يوضح أن هلال رمضان يجب أن يكون غالبا في سبتمبر، وكل ما هو مطلوب إجراء تقويم كل مدة معينة كما هو مبين في البحث المنشور.
22. الأشهر الحرم المتصلة هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم، هذه الأشهر هي الأفضل من حيث المناخ في الجزيرة العربية، فهي أفضل الأوقات لأداء فريضة الحج للناس أجمعين، وهي الأشهر التي يجب أن يحرَّم فيها صيد البر في منطقة الحجاز.
23. وصف الإنسان بأنه حُرُم يعني أيضا أنه في الأشهر الحرم، فلا يجوز لأحد أن يقاتله فيها، ولا يجوز له هو أن يصطاد، ولذلك كانت العقوبة الرهيبة والتحذيرات الشديدة الوارد في الآيات: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97) اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98)} المائدة، فهذه الآيات التي تهدد من يقترف صيد البر في حالة الإحرام بمثل هذه التهديدات الشديدة والمتعددة وبمثل هذا الأسلوب القوي لا يمكن أن تكون مقتصرة على بضعة أيام يكون الإنسان فيها مشغولا بأداء شعائر الحج، أليس كذلك؟!
24. المحرَّم بالأصالة في الأشهر الحرم هو القتال، وليس المقصد الأساسي للأشهر الحرم المنع المطلق للصيد لكل حيوان في شهور تكاثره، وإنما المحرم هو صيد البر في منطقة الحجاز بالذات للمحرمين، ويمكن للناس الاسترشاد بذلك لمنع الصيد عند الحاجة بتشريعات وضعية، وهذا ما اهتدى إليه الناس في الدول المتقدمة، فتحريم الصيد في الأشهر الحرم هو خاص فقط بالمحرمين للحج، وذلك أمرٌ طبيعي حتى لا يضار سكان الحجاز بسلوك الحجيج.
25. آيات القرءان تجعل الشمس والقمر لازمين للحساب وليس القمر فقط، وهذا أمر ثابت بكل التاريخ الإنساني أيضًا، فلا جدوى من مناطحته.
26. العرب كانوا كالعبريين يجرون تصحيحا أو تقويما لحساب السنين بحيث تظل الشهور مطابقة لمسمياتها المناخية فلا يأتي شهر الربيع في الخريف ولا يكون موسم الحج في الحر الخانق القائظ!
27. رمضان يتضمن الاعتدال الخريفي، ولا يوجد ما يحتم أن يكون نهار الصيام مساويا لليله بكل دقة في كل العالم، وهذا مستحيل أصلا، ولكن المطلوب هو تحقق ذلك بطريقة تقريبية، وإلا فإن الإنسان غير مكلف إلا بما هو في وسعه.
28. التقويم العربي هو تقويم شمسي قمري كالتقويم العبري القديم، وكل من يستعملون التقويم القمري يقومون بإجراء ما يلزم من التصحيح (وهذا هو معنى التقويم أصلا) لكيلا يحدث انحراف بين الشهور ومعانيها ولكي تظل المواسم المناخية والزراعية في أماكنها، وكذلك الأمر بالنسبة لرحلتي الشتاء والصيف بالنسبة لقريش، ولو كان التقويم سليما لما احتاج الناس إلى التقاويم القديمة كما هو الحال الآن في مصر مثلا، ولا يوجد أي نوع من التقويم –بما في ذلك التقويم الشمسي- لا يحتاج تقويما! وذلك أمر بديهي لا مراء فيه، فالدورات الفلكية الطبيعية الأكبر لا تساوي أعدادا صحيحة من الدورات الأصغر، والأعداد الصحيحة Integer numbers هي الأعداد التي يمكن كتابتها بدون استخدام الكسور أو الفواصل العشرية، فلا يوجد تقويم يترك الشهور تجري بلا مستقر ولا ضابط، ومفهوم السنة أو الحول يعني عودة كل من الهيئة المناخية والهيئة الفلكية في النهاية إلى ما كانت عليه في البداية.
29. وبالنسبة للسؤال التقليدي عن عدد الشهور في السنة، وهل إضافة شهر التقويم سيغير عددها، فالجواب هو أن هذا السؤال يستبطن القول بوجود سنة قمرية ويتجاهل أن السنة في التقويم العربي شمسية، والحق هو أنه لا وجود لسنة قمرية، ولا معنى لهذا القول أصلا، لكون الشهور القمرية لا يشكل جماعها سنة حقيقية أو حولا حقيقيا، فالتقويم هو شمسي قمري بمعنى أن الشهور قمرية والسنة شمسية، فالحديث هو عن سنة شمسية، وليس عن سنة قمرية لا وجود لها أصلا، والقول بأن السنة القمرية تعادل 12 شهرا قمريا هو مجرد عرف لا تقابله أية ظاهرة طبيعية تتسم بالدورية، وعدد شهور السنة الشمسية لا يمكن أن يزيد على اثني عشر شهرا؛ أي لا يمكن أن تحتوى أي سنة شمسية حقيقية إلا على 12 دورة قمرية، فالعدد 12 هو أكبر عدد للشهور القمرية يمكن أن تحتويه السنة الشمسية، لذلك فإضافة شهر التقويم لن يغير شيئًا في عدد شهور السنة، ذلك لأنها شمسية، وستظل عدة الشهور فيها اثني عشر شهرا في كل الأحوال.
30. بعضهم يرفض التقويم الحقيقي ويصر على التشبث باللاتقويم المستعمل بحجة أن صيام رمضان يجب أن يدور مع كل الفصول بمعنى أنه يجب أن يأتي في البرد القارس والحر القائظ!!! هذا مع أن التقويم العربي كان مستعملا في الجاهلية وقبل كتابة الصيام في رمضان على المسلمين!
31. ليس كل ما هو شائع عن أسماء الشهور العربية صحيحًا، وإلا فكيف يكون جمادى من جماد الماء في الشتاء وهو يأتي بعد شهري ربيع لا جدال فيهما؟ هل تتحول الجزيرة العربية إلى سيبريا بعد الربيع؟! شهرا جمادى هما شهرا الصيف وجمود الحبوب ونضج الشعير.
32. زعمهم أن اسم رمضان مشتق من الرمضاء؛ أي اشتداد الحر، أو من الرمضاء أي الحجارة الحارَّة، أو من الفعل "رمض الإنسان" إذا مشى على الرمضاء ليس صحيحا، فقد ذكرت له المعاجم معاني أخرى، ولو كان كلامهم صحيحا لكان معنى ذلك أن شهر رمضان كان يأتي في أشد أوقات السنة حرارة، وهذا غير صحيح، ومن المعلوم أن رمضان طبقا للتقويم القمري البحت يتنقل مع فصول السنة، فلماذا اختصوه بهذا الاسم من دون كل الشهور؟ فهذا الكلام حجة عليهم وليست لهم! ورمضان كان عند العرب أحد شهري الربيع الثاني (أو المسمَّى بالأول في بعض الأقوال) وهما رمضان وشوال، فهما أول الخريف بالاصطلاح المستعمل المعلوم الآن، والذي يأتي بعد شهري القيظ رجب وشعبان.
33. ويقولون إن شهر رمضانَ مأْخوذ من رَمِضَ الصائم يَرْمَضُ إذا حَرّ جوْفُه من شدّة العطش، أو لأن رمضان يرمض الذنوب اي يحرقها، أو لأنه شهر يغسل الأبدان غسلاً ويطهّر القلوب تطهيراً وهذا كله بالطبع غير صحيح، فشهر رمضان كان موجودا في العصر الجاهلي؛ أي قبل الإسلام وقبل الأمر بصيامه، فزعمهم غير صحيح، أما الصيام فلم يُكتب على المسلمين إلا في المدينة، ولا يمكن أن يكون الإسلام قد غير اسمه، فالخطاب موجه إليهم على أنهم كانوا يعرفونه، والذي استجد هو الأمر بصيامه.
34. أصح ما ورد في اسم شهر رمضان هو أنه مأخوذ من الرمض وهو مطر يأتي قبل الخريف، وقد وردت آثار أن النبي رأى ليلة القدر وهو يسجد بين ماء وطين، ومن المعلوم أن سطح مسجد المدينة كان لا يمنع تسرب مياه الأمطار إلى الداخل، جاء في صحيح مسلم وكتب السنن ومسند ابن حنبل: (حديث مرفوع) حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ : ثنا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رَأَيْتُنِي فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كَأَنِّي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ . فَأَصَابَتْنَا لَيْلَةُ مَطَرٍ، فَصَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ فَرَأَيْتُهُ يَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ، فَإِذَا هِيَ لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ ".
35. لم يرد في القرءان أبدًا أن الله تعالى يريد بالناس العسر ولا اختبار قدرتهم على تحمل الصيام في حر الصيف أو في كافة الأجواء، بل إن آيات كتابة الصيام على المسلمين نصت نصا صريحا على أن الله تعالى يريد بهم اليسر!
36. قال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5)} التوبة، وهذا نص قطعي الدلالة على أن الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ هي كذلك لأنه يحرم فيها القتال، وهذا ما كان معلوما بالضرورة لكل العرب، وهذا ما تواترت به الأخبار عنهم، ولا سبيل إلى التشكيك فيه، لذلك احتج المشركون على المؤمنين عندما حدث منهم قتال في الأشهر الحرم، فنزلت الآية تبين حقيقة الأمر، قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (217)} البقرة، والآية لا تلغي حكم تحريم القتال في الأشهر الحرم، بل تعتبر هذا القتال من الكبائر، ولكنها تبين للناس أن ما يقوم به المشركون أعظم جرما، وهي بذلك تسمح للمؤمنين بالقتال في الأشهر الحرم عند الضرورة القصوى، وإلا لكان من الممكن لأعدائهم الذين لا يرقبون في المؤمنين إلاَّ ولا ذمة أن يستأصلوهم في الأشهر الحرم.
37. إن الزعم بأن: "قتل الإنسان ليس محرما في الأشهر الحرم، بل اصطياد الحيوان هو المحرم" مثير على الأقل للتعجب، والأمر بانتظار انسلاخ الأشهر الحرم لقتال المشركين يعني بالضرورة أن القتال محرم في الأشهر الحرم.
38. الأشهر الحرم هي أشهر الحج المعلومات، وهذه بديهية: أن يكون الحج في الأشهر الحرم التي يحرم فيها القتال، وهي متصلة كما بينت ذلك آيات سورة التوبة، قال تعالى: {فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ (2)} التوبة، فيجوز الحج في أي شهرٍ منها، والرسول لم يحج إلا مرة واحدة في شهر ذي الحجة، وفي قوله تعالى "يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ" دليل وبرهان على أنه يوجد أكثر من حج، وأن أكبرها هو حج شهر ذي الحجة، فكلمة " الْأَكْبَرِ" مجرورة، ذلك لأنها صفة للحج، وليست صفة لليوم، وإلا للزم نصبها، فحج شهر ذي الحجة هو الحج الأكبر، فالحج متعدد، ومن أشد الأمور ثبوتا في الإسلام أن الرسول حجَّ مرة واحدة في شهر ذي الحجة، هي حجة الوداع، وألقى على الناس خطبة أمام أكثر من مائة ألف، ولم يرد عنه أبدا ما يفيد أن الحج محصور في شهر ذي الحجة، بل إنه ورد أن حج أبي بكر وتلاوة سورة براءة على الناس كان في ذي القعدة!!!!
39. طريقتنا متفقة مع الدورة الميتونية دون العلم بها، وهذا يبين كيف أن إضافة شهر التقويم بحيث يتضمن رمضان الاعتدال الخريفي له أساسه الطبيعي.
40. إلى أن يتم تصحيح الوضع فلا حرج من الالتزام بما عليه الناس في أمر الصيام: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا، مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ، وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ، ومراعاة وحدة الأمة هي على درجة عالية من الأهمية، فركن وحدة الأمة هو أول الأركان الملزمة لجماعة المسلمين، فله التقدم على الأمور الأخرى، أما المسلم الذي يعيش منفردا في بلد بعيد مثلا وكان على علم بذلك الأمر فعليه أن يلتزم بما هو حق، وكذلك يمكن لطوائف المسلمين المنعزلة في البلدان البعيدة الاتفاق على العمل بما هو حق.

41. في كل الأحوال يجب أن يترقب المسلمون ليلة القدر الحقيقية في رمضان الحقيقي