[align=right:22de86cc3b]
كيفيّة تأثير الدعاء و عمل سلسلة الملائكة الالهيّين في استجابة الدعاء
کتاب الشمس الساطعة / القسم الحادی عشر
التلميذ: يدعو الإنسان أحياناً فيُستجاب له، فيدعو ـ مثلاً ـ لتخضرّ هذه الروضة و تصبح يانعة، أو لتنبع المياه في بئر ناضبة، أو ليشفي هذا المريض، و أمثال ذلك من الادعية، فيُسخّر ـ بواسطة هذا الدعاء ـ عدّة آلاف من الملائكة بإنشائه و تنظيمه و إجابته، و فيتحقّق ذلك الامر في النهاية بإذن الله تعالي. أي انّ جميع هذه الاعمال تخضع لرقابة طوائف مختلفة من الملائكة يقومون بإنجازنها و منحها صورة التحقّق الخارجي العيني أفيمكن القول بأن هؤلاء الملائكة مؤتمورن بأمر الإنسان، و مسخّرون لامر الداعي؟
العلاّمة: التعبير الافضل أن نقول بأنّهم ليسوا مؤتمرين بأمر الإنسان، بل هم مؤتمرون بأمر الله في إجابة الادعية التي يدعوها الإنسان.
التلميذ: حسب بيانكم الذي تفضّلتم به سابقاً في كيفيّة نشوء الوحدة في الكثرة، و الذي ضربتم فيه مثالاً بآية: اللَهُ يَتَوَفَّي الاْنفُسَ حِينَ مَوْتِهزا و آية: يَتَوَفَّـ'كُم مَّلَكَ الْمَوْتِ و آية: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا في انّ الفعل فعل الله، و لكن ـ و في نفس الوقت ـ فإن المحقّق لذلك العمل هو ملك الموت ـ بإذن الله ـ و سائر الملائكة ـ بإذن ملك الموت.
أفيمكن القول ـ بهذا النظر للوحدة في الكثرة ـ بشأن اولئك الملائكة العاملين اثر دعاء الإنسان لتحقيق ذلك، بأنّهم مؤتمرون للإنسان، و مؤتمرون بأمر الداعي و المتضرّع الی الله؟
العلاّمة: بلي، هو أيضاً أحد التعابير، إن اكتمل فانّه سيكون كذلك؛ ذلك لانه في نهاية المطاف: لَيْسَ فِي الدَّارِ غَيْرَهُ دَيَّارُ. و حين يختصّ عالم الوجود بشكل مطلق بالله تعالي، و حين لا يكون موجود في العالم ذا اثر الاّ بإذن الله و إرادته؛ فكلُّ أثر نراه من الموجودات المختلفة آنذاك هو في النهاية لله و من الله تعالي.
التلميذ: قد يتمنّي الانبياء و الاولياء شيئاً في أعماق قلوبهم، دون أن يريدون و يدعوا لاجله، و دون أن يلفظوا به؛ بل بمجرّد تعلّق رغبتهم القلبيّة وا لباطنية بذلك الشي؛ ثم يُشاهد من ثمّ انّ ذلك الامر يتحقّق فيا لخارج تلقائيّاً. أي انّ مجرّد إرادتهم و رغبتهم الباطنيّة تلك تسخّر فيالخارج تلك السلسلة من جهاز الملائكة. بينما يُشاهد أحياناً أخري انّ الرغبة الباطنيّة لا تؤثر حتّي لو اقترفت بالادعية الخارجيّة، و انّ ما يتعلّق بنيّتهم ـ مع خصوص ذلك الكيف و الكم ـ لا يتحقّق في الخارج.
أفيمكن القول انّ دعاءهم و رغبتهم تتعارض آنذاك مع دعاء نفس أو نفسو أخري، بحيث لا يدع ذلك التعارض ـ بلحاظ قوّة تلك النفس أو بلحاظ تعدا النفوس ـ تلك الرغبة تتحقّق في عالم المعني؟
و قد شوهد كثيراً بطبيعة الحال، بالنسبة لغير الانبياء و الاولياء، انّهم يريدون تحقّق أمرٍ ما، فيتعارض ذلك مع إرادة نفس أقوي تتعلّق بعدم وقوع ذلك العمل خارجاً، و تبعاً لذلك فإنّ هاتين الإرادتين المتضادّتين تحرّكان و تُثيران مجموعتين من الملائكة للقيام بذلك بإذن الله تعالي، ثم يتقدّم الا8قوي و الانزه منهما، فتتقدّم بالنتيجة تلك الطائفة من ملائكة في العمل علی الطائفة الاخري، و يتحقّق في الخارج ذلك العمل الذي تعلّقت به نيّة الإنسان.
العلاّمة: بلي، انّها ممكنة بأجمعها، و لدينا آية في سورة الرعد دالّة علی هذا المعني. [3]
التلميذ: لقد كان عشقكم للفلسفة أكثر في السابق منه حاليّاً، أمّا الآن فلكم التفات و عناية زائدتان بالقرآن الكريم؛ و كنتم لا. تشحّون عن إظهار بعض الحالات الشخصيّة من المكاشفات و الواردات القلبيّة، امّا الآن فالوضع في غاية الغرابة و العجب، فقد أغلقتم الابواب بإحكام! فما الامر؟
العلاّمة: لقد انكسر ذلك الإبريق، و انكفأت تلك الكأس؛ فالحال المزاجيّة، و خاصّة النسيان الذي غلب عليّ، يمنعاني من القيام بأعمالي، و لست قادراً علی العمل بعد.
و لديّ ـ بحمد الله ـ التفاتٌ الی القرآن الكريم، إن عدّه اللهُ شيئاً:؛ امّا أمر النسيان الكليّ العجيب الذي طرأ عليّ، فيُضايقني بشدّة، فلقد كنت مشغولاً في المطالعة و الكتابة ليل نهار تقريباً، الاّ ماشدّ و ندر؛ أمّا عدا ذلك فكنت مشغولاً نوعاً ما، أكتب و أفكّر و أطالع؛ فسُلب منّي ذلك كلّه الآن، فليس لديّ من ثمّ مطالعة و لا كتابة!
التلميذ: إنّه كمالٌ آخر، لانّ التوغّل في الامور الكليّة يوجب الإنصراف عن الجزئيّات، مثل عوالم الخَلسة والجذب لتلك الروح الكليّة.
العلاّمة: أفهذا كمال؟! بنفسي الكمال الذي يمنحه الله! لا اعتراض لدينا، و لكن أهكذا كمال؟ بل هو نسيان.
انّ كلامكم حقّ بأجمعه، لكنّ ما أفهمه أنّ الامر لا يعدو النسيان، فهناك غالباً حالة نُعاس في أعيني، لكأنّ أعيني مشحونة بالنعاس و الغُبار، لكنّي ـ في الوقت نفسه ـ أحاول النوم فلا أنام، فأنا باستمرار في حالة غريبة؛ الخَيْرُ فِيمَا وَقَعَ.
انّ ما.قطع به هو انّ هذه الحال ليست كأحوال الخَلْسة، بل هي انقباض معيّن في حالي؟، و خاصّة حالة النعاس في الاعين. و ينبغي الدعاء إن شاء الله، والله هو المنّان، امّا نحن فليس في أيدينا شيء.[/align:22de86cc3b]