عرض مشاركة واحدة
افتراضي هل سيتمكن الإنسان من صنع آلة الزمن؟
بسم الله الرحمن الرحيم

مقالة جميلة احببت ان اطلع الشامليين عليها

امير الرافدين - العراق
-----------------------------------------

هل سيتمكن الإنسان من صنع آلة الزمن؟

وعود العلماء بالسفر إلى الماضي والمستقبل بين الخيال العلمي والحقيقة!

منذ أن كتب هربرت ويلز روايته (آلة الزمن) عام 1895 وفكرة السفر عبر الزمن تستحوذ على ذوي الخيال العلمي الوثاب من علماء وكتاب وأدباء. لكن، هل يمكن أن يحصل ذلك حقيقة؟ وهل يمكن بناء آلة تنقل الإنسان إلى المستقبل أو الماضي؟
قبعت فكرة الترحال عبر الزمن على حافة العلم الرصين قروناً عدة، إلا أنه مع تطور العلوم والتكنولوجيا بات الأمر قابلاً للتداول في أوساط الفيزيائيين النظريين، وأخذ منحى جدياً في العديد من مؤسسات البحث الخاصة بمواضيع فيزياء الكم، التي يقع عليها الأمل في فهم فيزياء العلاقة بين مكوِّنات الذرة من جهة والكون من جهة أخرى.
كانت مشكلة فهم العلاقة بين السبب والتأثير الحافز الأهم لإيجاد نظرية فيزيائية موحَّدة خدمة لهذا الغرض. فلو كانت حركة الزمن غير المحددة ممكنة، لكان ذلك سيؤثر تأثيراً خطيراً على أي أمل بتكوين مثل هذه النظرية الموحَّدة، فجل مفاهيمنا عن الزمن مصدرها نظريات أينشتاين في النسبية. وقبل هذه النظريات، كان الزمن يُعدُّ مطلقاً، وحركته متماثلة في أي مكان بالكون ولكل موجود مهما كانت ظروفه الفيزيائية.
وقد افترض أينشتاين في نظريته الخاصة أن الفترة بين حدثين تعتمد على حركة الراصد. وفي حال حركة راصدين بسرعتين مختلفتين، فإنهما سيرصدان فترتين مختلفتين بين الحدثين نفسيهما، ويُعبَّر عن هذا بلغة الفيزياء بمحيِّرة التوءمين Twin Paradox.
فلو افترضنا أن أحمد ومحمود توءمين، واستقلَّ أحمد صاروخاً سرعته مساوية لسرعة الضوء (186 ألف ميل في الثانية)، متجهاً إلى نجم قريب، ثم قفل راجعاً إلى مكان انطلاقه فور وصوله، فيما بقي أحمد ينتظره في مكان الانطلاق، فلو كان أمد الرحلة بالنسبة إلى أحمد سنة واحدة، فإنه سيجد لدى ترجله من الصاروخ أن عشر سنوات قد مرَّت على المكان الذي تركه، وأن أخاه التوءم صار أكبر منه بتسع سنين، أي أن التوءمين لم يعودا بالعمر نفسه رغم أنهما ولدا في اليوم نفسه. ويوضح هذا المثل نوعاً محدوداً من الرحلات عبر الزمن، إذ يمثل انتقال أحمد تسع سنوات عبر مستقبل مكانه الأصلي بدءاً من لحظة انطلاقه في الصاروخ مغادراً هذا المكان.

تباطؤ زمن الطائرات السريعة
يحصل التأثير المعروف بتمدد الوقت عندما تتحرك مادتان، إحداهما باتجاه الأخرى أو بعيداً عنها. ولا نلاحظ ذلك في حياتنا اليومية بسبب بطء حركتنا. وحتى عندما نستخدم الطائرات النفاثة السريعة، فإن ظاهرة تمدد الوقت لا تزيد على أجزاء من مليار جزء من الثانية، لكن هذا الجزء البسيط جداً من الثانية يمكن قياسه ببعض أنواع الساعات، أي بالساعات الذرية، التي أثبتت أن الوقت قادر على التمدد بالحركة. وعليه، فإن السفر على المستقبل حقيقة واقعة يمكن إثباتها. ولملاحظة ظاهرة تمدد الزمن على نحو أكثر حسية، ينبغي الغوص في مجالات تفوق المحسوس من التجارب التقليدية أو العادية، ولاسيَّما في مجال مكوِّنات الذرة. فالذرة عالم متحرك يتناغم فيه العديد من الدقائق المشحونة وغير المشحونة في إيقاعات راقصة غاية في الدقة وسرعة الأداء. وبالإمكان تسريع هذه الدقائق داخل مُسَرِّعات خاصة لتصل سرعتها إلى سرعة الضوء. ولإحدى هذه الدقائق (المُسمَّاة الميون) ساعة توقيت خاصة بها، إذ إنها تتحلل خلال فترة زمنية محددة تُسمَّى عمر النصف الفيزيائي، وهذه الفترة ثابتة حسب قوانين أينشتاين، لكن عندما يُسرَّع الميون داخل المُسرِّعات يتباطأ عمر نصفه الفيزيائي، أي أن الفترة اللازمة لتحلله تزداد. وتعاني الأشعة الكونية من تمدد الزمن أيضاً، وهذه الأشعة هي دقائق من بروتونات ذرية تأتي من الفضاء الخارجي بسرعة مقاربة لسرعة الضوء، ولولا تمدد الزمن لما وصلت إلى الأرض أصلاً.
السرعة إذن هي إحدى طرق الوثوب على المستقبل، والجاذبية طريق آخر. فقد اقترح أينشتاين فكرة أن الجاذبية تعرقل الزمن، وأن الساعة تسير أسرع على قمة الجبل منها على سطح البحر، الذي يكون أقرب من مركز الأرض ومجالها المغنطيسي. وبالطريقة نفسها تُسرع الساعة في الفضاء قياساً بالأرض. ومرة أخرى يكون الفارق ضئيلاً، وربما غير محسوس إلا باستخدام الساعة الذرية. لكن لا بد من حسبان الأمر لدى استخدام أنظمة تحديد الموقع الجغرافي GPS، وإلا فإن الطيارين وقباطنة السفن وصواريخ كروز الجوَّالة سيجدون أنفسهم بعيدين عن أهدافهم، وربما مسافة أميال عديدة. وعلى سطح النجوم، حيث تكون الجاذبية شديدة جداً، يتباطأ الزمن بنسبة 30% قياساً بزمن الأرض. وإذا ما رُصدت حركة الأشياء على سطح النجوم من الأرض، ستبدو وكأنها في فلم فيديو معروض بحركة سريعة. وتمثل الثقوب السوداء أعلى درجات تمدد الوقت، إذ يتوقف الزمن تماماً على سطحها قياساً بالأرض. وهذا يعني أنه إذا سقط المرء على ثقب أسود من مكان قريب إليه، فإن الزمن اللازم كي يصل إليه سيستغرق كل الزمن (سيستمر إلى الأبد) قياساً بزمن الأرض. ولهذا، فإن الزمن داخل الثقب الأسود يقع خارج حدود الزمن، وتتعلق هذه الحدود بحافات الثقب، فإذا استطاع أحدهم الاقتراب من حافة هذا الثقب والانفلات عائداً، فسيصبح بمقدوره أن يقفز عبر الزمن، لأن كل ما له علاقة بالماضي والحاضر والمستقبل يتجمد في مركز الثقب الأسود.

السفر على الماضي
تكلمنا فيما تقدَّم عن السفر إلى المستقبل، لكن ماذا بشأن العودة إلى الماضي؟
في عام 1948، جاء كورت غوديل، الفيزيائي في معهد برنستون للدراسات المتقدمة، بحل لمعادلات أينشتاين في المجال المغنطيسي، التي تصف الكون بأنه متمدد دوَّار. وفي مثل هذا الكون يصبح متاحاً للمسافر عبره أن يصل على ماضيه. ويعود السبب إلى الطريقة التي تؤثر فيها الجاذبية على الضوء. فدوران الكون سيجعل الضوء يتباطأ ومعه الأجرام التي تأخذ بالدوران في دائرة مغلقة، وكذلك الزمن الذي سيدور هو الآخر في دائرة مغلقة. وهذا يعني أن المستقبل يصبح ماضياً، والعكس صحيح، اعتماداً على تجاوز سرعة الضوء. وقد اعترف أينشتاين بضرورة الإقرار بأن نظريته قد تعني إمكان العودة إلى الماضي تحت ظروف مُعيَّنة (لعلـَّه عنى بذلك في حال تجاوز سرعة الضوء). وهناك سيناريو آخر يُفسِّر إمكان العودة إلى الماضي طرحه فرانك تبلر من جامعة طولون عام 1974، وفيه يقول: إنه إذا دار قرص ذو كتلة لانهائية على محوره بسرعة قريبة من سرعة الضوء، فإن من فيه سيعودون إلى ماضيهم.

الثقب الدودي
ولعل أكثر السيناريوهات قبولاً لفكرة آلة الزمن ما أُطلِق في ثمانينيات القرن العشرين مبنياً على مبدأ الثقب الدودي. فالثقب الدودي مجال طاقي يربط زمكانياً في الفضاء، ويمكن أن تنتقل خلاله الأشياء بسرعة هائلة عبر أكوان تفصل بينها أبعاد شاسعة. وهنا يقترب المفهوم من النسبية التي اقترحها أينشتاين، إذ لا تمدد الجاذبية الزمن فقط، وإنما الفضاء من حوله أيضاً. وهذا الأمر مشابه للفرق بين سلوك سيارة نفقاً في جبل، وسلوك أخرى طريقاً حوله، إذ يُختصر في الحالة الأولى الوقت والمسافة. لكن كيف نكوِّن ثقباً دودياً؟
الإجابة لدى فيزيائيي الكم، وعلى رأسهم العالم ثورن. وذلك عن طريق تكوين المادة المثيرة أو الطاقة السلبية. وبهذه الوسيلة يمكن توليد مضاد للجاذبية لمقارعة سحب الثقوب السوداء للأجرام العملاقة. فمضاد الجاذبية، أو القوة النافرة، يمكن تخليقهما بالطاقة السلبية أو الضغط. والمادة المثيرة موجودة في بعض أنظمة الكم، أي أن المادة المثيرة موجودة حسب قوانين الفيزياء. لكن من غير المعروف مقدار الكم اللازم من المادة المثيرة لخلق ثقب دودي. وفي حال معرفة ذلك سيصبح بالمستطاع بناء آلة الزمن، لكن هذه الآلة ستكون باتجاه واحد، إما المستقبل أو الماضي، ولا يمكن العودة إلى نقطة البداية في كلا الحالتين.

إرهاصات
وعلى افتراض أن المشكلات الهندسية المتعلقة بخلق آلة الزمن باستخدام الثقب الدودي قد حُلـَّت، فإن إنتاج مثل هذه الآلة سيسبب مشكلات عويصة لا يمكن قبولها أو تفسيرها، ومنها على سبيل المثال: موقف ذلك المرتحل إلى الماضي، الذي يقتل أمه وهي لا تزال طفلة. فإن هي ماتت، فكيف ستنجب هذا الرائد المرتحل مستقبلاً؟ وإذا لم يكن المرتحل قد وُلِد، فكيف تسنى له قتل أمه؟
وهكذا، فهناك من يفترض أن زواراً من المستقبل يعترضون حياتنا ليوقفوا فعلاً مُعيَّناً لا يُفترض حصوله، وليكن إنقاذ تلك الفتاة، التي قُيِّض لها أن تكون أم الرائد المرتحل مثلاً. وإذا ما أُطلق العنان لخيالنا أن يجمح وراء هذه الإرهاصات، فسندخل على مضامير قدرية لا يتمكن علم الفيزياء ولا ميكانيك الكم من إيجاد منفذ فيها.



العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
Political and Cultural Weekly Published by S.C.P

غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: مقالات عامة في علم الفلك


....