المشاركات الجديدة
علم النفس ومهارات التفوق البشري : مبادئ الصحة النفسية ,البرمجة اللغوية العصبية,التنويم الإيحائي,إدارة الذات ,هندسة النجاح ,اليوجا

الفكر والسلوك

افتراضي الفكر والسلوك
في الفكر والسلوك

إنَّ التَّناقض القائم بين المادِّيِّيْن والمثاليين هو تناقض طبيعي من طبيعة العالم، عندما يقول أحدهم إنَّ فكر الإنسان يخلق الله، فهو طرف لآخر يقول إنَّ الله يخلق فكر الإنسان، والحقيقة فوق الاثنين أي يجمع المتناقضين معاً وبآن واحد، فيتكوَّن وعي تجاوزي إليٌّ كليٌّ حقيقيٌّ.
إذ إنَّنا ننظر بعيننا لما تخلقه أفكارنا ونعتقد أنَّ ما نراه حولنا هو من صنع غيرنا، وعمليَّاً نحن من خَلَقنا واقعنا بأفكارنا، وهذه حقيقة قوَّة الدِّماغ العقل الباطن، فهو الذي يُوهم علينا ما نحن نعتقده، لأنَّ الكلِّيَّة والإلهيَّة منظومة فوق عقولنا وأفكارنا، لا بل عَجَزَت عقولنا عن اكتناه معرفته وحارَت الألباب في تدبُّر حكمته فهي لعجزها مُسرَّةٌ مُقرَّة مذعنة أسيرة بأنَّه جلَّت آلاؤه معبود الأزمان والمدد سبحانه وتعالى عن الصَّمد والعدد.
لذلك فهو المرآة الكونيَّة الشَّاملة الكلِّيَّة وهو الأشعة النَّورانيَّة الأحديَّة منذ الأزل وإلى الأبد، ولكنْ ما الذي نراه من حولنا؟ ما هو إلا خَلْقُنا من عالمنا الخاصِّ عالم أفكارنا.
إنَّنا نحرف الموجة الإلهيَّة بعقولنا إلى هذا التَّعدُّد الذي يظهر أمامنا وهذه خطيئتنا وسبب عجزنا، إذ إنَّنا تركنا الكلِّيَّة وأصبحنا ننظر إلى الحقيقة بجزئيَّة فتظهر لنا تعدُّديَّة.
«فالغبرة من نعليك»، أي إنَّنا المسؤولون أوَّلاً وآخراً عن كلِّ ما يحدث لنا وعن كلِّ ما نتوهَّمه.

يقول أحد العلماء
«إذا أحببتَ أحدهم أو كرهتَ أحدهم أو انتقدتَ أحداً ما، إنَّهم انعكاساتك الخاصَّة فقط، إذا ما تخلَّيت عن هذه الانعكاسات أو الأصداء أو ردَّات الفعل الخاصَّة بفكرك والتي تظهر لك في العالم المظهري، ودخلت إلى القلب الذي يدعى الحقيقة، عندها كلُّ هذه الخلافات في الأفكار والمشاعر والأعمال… سوف تتلاشى».
«أوَّلاً تحقَّق أنَّ عالمك هو انعكاس لنفسك فقط، وتوقَّف عن إيجاد العيب في الانعكاسات».
فليس ما تراه هو ما تعتقده، بل ما تعتقده سيتجسَّد بما تراه.
أين يوجد فكرنا وبأيِّ جسم؟ إنَّه في كلِّ الطَّبقات، حيث يذوب بالأجسام العليا ليتحوَّل إلى طبيعته النّورانيَّة، ويتجسَّد في الأجسام السُّفلى بهذه الموجة الفكريَّة الصَّاخبة المتذبذبة والمقلقة للرَّاحة، فإذا لم نستطع أنْ نسيطر على هذه الموجة الفكريَّة بالوسائل الطَّبيعيَّة المتوازنة اعتباراً من النِّظام الغذائي وما نتناوله عبر الحواس إلى التَّوازن على مستوى الجسم الأثيري، ومن العاطفي فالعقلي، فلن نصل إلى الأحديَّة ولا إلى الشعور بجسم المحبَّة اللامشروط. فسيبقى فكرنا يوهمنا ويوسوس لنا الوساوس والدَّسائس ويجعلنا في جحيم داخلي ونحن في الجحيم، وننتظر جحيم جهنَّم بالمستقبل. إنَّه فعلاً هكذا، كما نحن الآن بفكرنا سيكون ذلك في المستقبل، فالذي يعيش هذا الهيجان الفكري لا يعتقد أنَّه بسبب الآخرين أو ظلم من ربِّ العالمين، حاشى وكلا، «فذوقوا ما صنعته أيديكم»، و«إنَّما أعمالكم تُردُّ إليكم»، حتَّى لو أننا تظاهرنا بالبراءة وأننا لانضمر إلاَّ الطِّيبة للآخرين وأننا فقراء مساكين ليس بقلوبنا إلا ربُّ العالمين، ولكنَّ هذا مجرَّد كلام وظنون وأوهام، إذ إنَّ وعيكم الحسِّي المحدود هو الذي يوهمكم بأنَّكم أبرياء، فلو أننا دخلنا إلى اللاوعي فينا، أو إلى الأجسام الباطنيَّة، أو لو ارتقينا في درجات التعاليم ورأينامدى أهمِّيَّة التَّوازن العميق على مستوى المشاعر والأفكار والنَّوايا، لَعَرَفْنا عندها، أنَّ «ما أصابنا من صعوبة زماننا فهو من سوء أعمالنا».
إنَّنا إذاً لم نسافر في سلَّم معرفة النَّفس، فكيف لنا أنْ نصل إلى معرفة الدَّقائق والرَّقائق التي يجب علينا التَّناغم معها من داخلنا لنصل إلى جمال بعض أنوار الباري، أين نحن من مقام القلب ,والفكر المحدود والعقلي الجزئي المقيَّد مُسيطَر علينا.
«وإذا أتتك رسالة من الحبيب، فليقرأها دهر قلبك، لأنَّها هي الخالدة، واستمع لما يوحي بها إليك، واسعَ مهرولاً حول مجلاك، فوق جبال مشرق شموسك، وإيَّاك والإبطاء فهو من طبيعة التِّجارة، وكم من تجارة خسرت بعد أن امتدَّت إليها عواصف بحار الفكر، ولقد تناقض وصفاً عاشق ولبيب».
ما أجمل وما أروع أنْ تكون صادقاً مع نفسك، أي مُنسجماً متناغماً بين أفكارك وأقوالك ومشاعرك وأعمالك، وهذا لن يأتي بمراقبة فكرك لعَمَلِكَ، بل يأتي بشكل عفوي تلقائي من منبع الحبِّ والسَّلام الذي بداخلك، فإذا لامست منبع الجمال هذا فكل شيء سيكون متناغماً، ولن تتصنَّع أو تصطنع هذا التَّناغم اصطناعاً، لأنَّ طبيعة الحياة الحقَّة وقوَّتها وجمالها بانسجامها الذَّاتي التِّلقائي.
ولكنَّ محنة الإنسان في البرامج الدَّخيلة عليه( التشفير النفسي )، والتي تُفقده هذا الانسجام ويقع في ملومة الآخرين، وكأنَّ الآخرين موجودون، إنَّهم وهمٌ يا أخي وهمٌ، فأنت الحقيقة والحقيقة بداخلك، وما بداخلك سينعكس بهذه الأشكال في خارج نفسك.
انظر إلى جمال الكائنات الحيَّة في تناغمها مع فطرتها المفطورة عليها.
إنَّ القرد بلحظة التَّفكير بالقفز يقفز، وكلُّ حيوان كذلك، فإنَّ فكره سيكون مرتبطاً بعمله وحركته مباشرة، أي لا يوجد همٌّ بداخل الحيوان ولا يوجد فكر ولا همٌّ على الماضي ولا تفكير بالمستقبل، بل إنَّه ينسجم مباشرة مع ذاته الجزئيَّة، وبالتَّالي هذا انسجام ولو أ نَّه بهيمي وفطري وغريزي.
أمَّا الإنسان فإنَّه قد انحدر فعلاً إلى مستوى أدنى من مستوى الحيوان، ذلك لأنَّه فَقَدَ انسجامه مع ذاته، فتراهُ يهرب من ربٍّ إلى ربٍّ ومن صنمٍ إلى صنمٍ، ففكره غير منسجم مع قوله ومع شعوره وعمله، فيخلق لنفسه جحيماً داخليَّاً وهو يدَّعي المعرفة بالله وأنَّ الملاذ هو الله وأنَّ مصيره إلى الجنَّة.
اعلم أنَّ مستقبلك يتحدَّد بما أنت عليه الآن من انسجام مع ذاتك، وبالتَّالي فإنَّ نموَّك باتِّجاه الكلِّيَّة وباتِّجاه الجنَّة على الأرض سيكون رهناً عليك لا محال.
«فيا أيُّها الإنسان الذي جَهِلَ ذاته وذواته، وتعرَّى ممَّا هو فيه، وهو الجزء الذي فيه الكُلُّ، اجعل ذاتك سبيلَ ذَوَاتِكَ، لتطَّلِعَ على سرِّ كلِّ موجود، أوَ تُريدُ أنْ تكون كُلِّياتُكَ ومقاليدها مريضة مُعتلَّة هزيلة سقيمةً، والنُّور يخبو شيئاً فشيئاً؟ إذاً فليس من العجبِ أنْ يفرَّ الحَمَلُ من الذِّئب، بل العجبُ وكلُّ العجبِ هو أنْ يتعلَّق قلبُ الحَمَلِ بذلك الذِّئب آكله، وليس من العجب أيضاً أنْ يُهدَمَ البيتُ، بل العجبُ، وكلُّ العجبِ، هو أنْ يبقى كُلُّ مَنْ في البيت أحياءً بعد تداعي قواعد البيت وسقوطه على مَنْ فيه.

غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: علم النفس ومهارات التفوق البشري


...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو عبدالله سالم
عبدالله سالم
عضو
°°°
افتراضي
ما أ حلى موضوعك.

صورة رمزية إفتراضية للعضو
زائر
°°°
افتراضي
[align=justify:853e1a162b]وهل الذات كافيه لادراك المجهول
وحتى المجهول نفسه هل له وجود بل الوجود نفسه انكاس للنفس ام شيء خارج عنه وان كانت النفس بهذه القدرة الفائقة على الخلق والابداع فما سبب حضيضها الواضح وسوء ردود فعلها
اخي غسان
احييك على هذا الموضوع وحقا من ادرك نفسه فقد ادرك الكون اجمع
ولكن لا بد لي من بعض المسائل لافهم رائعتك
هذه القوة في الانسان نفسه او خارجة عنه
ولدت معه او قبله
وان فنى الجسد تتحول ان تبقى مثلما هي
تقوم بالجسد ام الجسد يقوم بها
وان كان كل ما ظهر هو انعكاس لما بطن ما الذي كون الباطن انعكاس الظاهر

بارك الله فيك وبدأت الجواهر تظهر
[/align:853e1a162b]

الصورة الرمزية غسان
غسان
المدير العام
°°°
افتراضي
أسئلتك جذرية ومهمة جدا ومطالب مبهمة تحصيلها مما يصعب على المبتدئين
وليكن الموضوع برسم النقاش والحوار بين الإخوة حوارا مسؤولا.
ولكي نمهد لجواب ما طرح من الإسئلة لا بدمن التمهيد والكلام حول حقيقة الإنسان .

نستطيع أن نُعرف الإنسان في عالمنا هذا بأنه كائن مكون من سبع طبقات أو أجسام باطنية , و الجسم المادي هو التجسد الأخير للذبذبات الكونية العميقة الدقيقة , و لذلك إذا ما أردنا التعامل مع هذا الكائن فإنه من المنطقي جداً و الطبيعي أن نأخذه كوحدة متكاملة و ليس كطبقة جزئية منفصلة كالجسد المادي مثلاً أو المكونات العاطفية أو طبقة المعتقدات الدينية , و بذلك يكون مثلنا مثل مَن يحاول أن يأخذ من الجسد البشري الجهاز الدموي فقط أو الجهاز العظمي فقط , و يحاول التعامل مع هذه الجزئية المادية بأساليبه العلاجية و طبعاً هنا سيؤدي إلى فشل العلاج الكامل0


لأنك تستطيع بطريقة ما أن تأخذ المرض من الدم و ترسله إلى جهاز آخر في الجسم 0 و تستطيع أن تحل مشكلة العظام على حساب أجهزة أخرى , أي و كأنك تنقل المرض من مكان و تضعه في مكان أخر , أو تعالج عضو من أعضاء الجسد البشري و تسبب المرض لعضو أخر 0 و نفس الشيء تماماً يحدث مع المعالجين الذين يستخدمون القوى فوق الطبيعية , حيث ينقلون في الكثير من الأحيان المرض العميق من طبقة إلى أخرى , أو يبدلون نوعية المرض و هكذا , و لكن ما هو الحل المناسب أمام تصارع الأمراض مع بعضها في عالم الإنسان ؟
و ما هو الحل أمام قوانين الكارما الجبارة(الفعل وردة الفعل) التي لا تغفل مثقال ذرة من خير أو شر إلا و ترد عليها الرد المناسب في المكان و الزمان المناسبين
وليكن كلامنا ممثولا بالطب .
هل حقاً ( لولا الأطباء لعاش الناس سعداء ) و ما هو المغزى العميق من هذه العبارة التي قيلت من قبل أحد الأطباء و عندما تحقق بعد خدمته الطبية لفترة زمنية طويلة من أنه كان يسبب مشاكلاً أخرى قد تكون أصعب من الأولى , و لكنه لم يقصد بهذه العبارة العمق الروحي للسعادة التي قد تنحرف عن طبيعتها المتسعة بسبب علاجات جزئية لأجسام دون أخرى في الإنسان , و كأن الأطباء في هذا المقام كان تدخلهم سلبياً بالنسبة لسعادة الإنسان الباطنية و لو أنه ايجابياً في تسكين آلامه الجسدية , و لكن الألم للتنبيه و ليس للمقاومة و الألم له ايجابيات مثلما له سلبيات , فإذا اعتبرناه نحن كادارسين للطب او أي علم اخر هو العدو الأساسي لمهنتنا فإننا قد أخذنا جانباً واحداً من الحياة النسبية التي نعيشها بحلوها و مرها , خيرها و شرها , حزنها و فرحها , سلبياتها و ايجابياتها , فشلها و نجاحها 0
و هكذا فإننا نكون قد قررنا سلفاً العيش فقط في النهار و نفينا أهمية الليل و أردنا العيش باليمين فقط من نواس الحياة و نفينا الطرف اليساري , و هذا غير منطقي و مخالف لأبسط قواعد و قوانين الحياة , أن نعتبر الألم أو المرض الجسدي عدو لدود و يجب القضاء عليه و مقاومته و هذا أساس الفشل العلاجي للإنسان كوحدة متكاملة
إذن المنطق الذي يستند عليه الطب الحديث في علاجه غير طبيعي و غير متكامل و يحتاج إعادة نظر جذرية بمبادئه الأولية , وهنا لا أقصد الطب كعلم بل أقصد المبادىء التي ظننا إننا فهمناها ووعيناها على إنها الطب . وهذا يعد تطرف أكثر من التطرف نفسه , لأننا نحن نعتقد بالتطرف فقط عندما يكون باتجاه المواضيع اللاحسية , و ننفي وقوعنا في التطرف عندما نقترب من دائرة الحس أو العلم , و هذا خداع يحدث أمام نظرنا , إذ نحن كأطباء أو كمعالجين أو كمنجمين أو كروحانيين أو كناس على وجه الأرض نكون قمة بالتطرف عندما نأخذ البعد الواقعي المادي المحسوس فقط , أو الجسد المادي فقط , أو البعد السطحي فقط , و يمكن هنا أن يناقش البعض ليقول أن الطب بحد ذاته يعتبر الإنسان أن له نفساً و دليل ذلك أن أحد فروعه هو علم طب النفس 0
و هنا تناسوا أن المقصود بكلمة نفس في الوسط الطبي العلمي الحديث هو أشياء حسية أيضا ً مادية من طبيعة اليمين المتطرف و لا علاقة لها لا من قريب و لا من بعيد بما تقصده سلسلة المسار الملكي لتحقيق الذات بكلمة نفس 0
على أية حال يحق لي أنا كإنسان حر أن أفكر مثلما أريد و اعتقد بما أريد و خصوصاً إذا ترافق هذا التفكير و الاعتقاد بتجارب عملية علمية و هنا كلمة علمية أي هناك الألوف المؤلفة من الباحثين الذين عندهم تجارباً من الأبعاد الأخرى للحياة , وبعض عناوين لهذه التجارب ذكرها الأخ باقر .
و لماذا أعتبر لنفسي هذه الأحقية ؟ و ذلك بسبب الفشل الذريع الذي وصلت إليه الأجناس البشرية في إتباعها طرق عميانها عن الحقيقة الكلية للحياة 0
وهنا أعود لما ضربته مثلا عن الطب
ففشل الطب في علاج الأمراض ذريعاً و مريعاً و لا يوجد فضل إلا لبعض الأطباء الذين لديهم توازناً باطنياً معيناً من خلاله يستطيعون مساعدة مرضاهم على عيش البعدين العمودي و الأفقي 0
و كذلك الطريق المسدود الذي وصل اليه بعض رجال الدين وفشلهم في حمل المجتمعات البشرية نحو التطور الكلي في الحياة و نحو قبول الآخر , و هذا منتشر في كل دول العالم و على اختلاف الأديان و المذاهب و المدارس و الطبقات , و لا ننسى فشل رجال السياسة و مَن بحوزتهم من خبراء و علماء و إعلاميين و أجهزة إعلام في نقل الحقيقة الكلية للإنسان , كل هذا يجعلني أكتب بحرية مطلقة دون اعتبار لأي شيء و دون خوف من أي شيء , و ذلك لثقتي المطلقة بالحقيقة الكلية للحياة و التي تحتاج من الذين يرغبون بالخلاص من الأمراض و المعاناة الدخول في ميدانها العملي التطبيقي لأخذ فوائدها مباشرة أو بشكل غير مباشر , و ذلك ضمن قوانين سأحاول توضيحها , و أود لفت النظر هنا إلى شيء مهم هو أنني لا أخدم إلا نفسي بموضوعي هذا لأن الحقيقة التي ينشدها الإنسان هي مطلبه الأول و الأخير 0 و عندما اعتبر أي إنسان كنفسي فإنني أخدم نفسي من خلال خدمته , فلا أريد منه مدحاً و لا ذماً , بل كل ما أريد هو أن يصمت عندما لا يفهم و أن يُحسن الظن عندما يقع أسير تناقضات فكرية و عقائدية , و أن يحاول التطبيق عندما يريد الخلاص , فلا أطلب منه تجمعاً عقائدياً و لا مذهبياً و لا سياسياً و لا علمياً , فأنا الإنسان الحر لأنني تحررت من كل القيود و ألتزمت بمساري الملكي هذا و لذلك فقد وجدت الراحة في الحياة , واجبي أن أساعد غيري ممن يستحقون وكاد أجزم بأن القارىء سيتأثر و يبدأ بالتغير السلبي أو الإيجابي و هذا بحد ذاته تطوراً , فإذ ما تم مدح فهذا تطور و إذا ما تم شتم فهذا تطور كيف ذلك ؟ تابع معي و ستعرف بنفسك !!
تذكر هذه المخططات لتقريب الفكرة 0





يجتمع في جسد الإنسان المادي سفارات مادية لكل الأجسام الباطنية العميقة , فهذه الأجسام لها كياناتها المستقلة في عوالمها و لها قوانينها و كذلك بدخولها في العالم المادي النسبي لها أماكن صلة و ارتباط مع الجسد المادي فنستطيع أن نقول أن :

الهيكل العظمي في الإنسان دليل تعبير عن الجسد المادي بكثافته و صلابته , و الهيكل العضلي دليل تعبير عن الجسم الأثيري حيث تمتاز العضلات بالتقلص و التمدد بما يناسب الشحنات الموجبة و السالبة للجسم الأثيري 0
و الجهاز الدموي له علاقة مع الجسم العاطفي 0
و الجهاز العصبي له علاقة مع الجسم العقلي أو هو بمثابة تجسيد مادي له 0
و جسم المحبة له علاقة مع ابتسامة الإنسان العميقة و إشعاع وجهه بالإشراق و السلام 0
و جسم القدر هو الذي يحدد في العالم المادي مكان و زمان ولادة الإنسان و الشكل الذي يأخذه كامل الكيان بأمراضه و تشوهاته و انحرافاته النفسية و الجسدية و الاجتماعية 0
أما الروح فهي بمثابة أخذ كل شيء بتناغم واحد مع بعضه البعض و عمل كل الأجسام بروح واحدة أو انسجام و تناسق كامل يدل على وجود قوتها في العالم المادي و لا يصل إلى الإحاطة بمعرفتها مثل رؤيتنا لظواهر فعل الهواء بدون أن نراه بالعين و كذلك الروح لا نستطيع مادياً أو حسياً الإحاطة بها , بل يمكن التدليل عليها و الترقي باتجاهها من خلال وسائل أدق و أعمق من الوسائل المادية الحسية 0
و على مقولة ( في آخر الزمان تجتمع كافة الفرق على قتل الموحدين)
و التي تأخذ تفسيراً غير المتعارف عليه في أنه باستمرار ترقيك إلى أن تصل إلى مستوى الوعي الأحدي و الذي هو المستوى السابع من مستويات الوعي فيكون عندها وصولك لآخر زمانك لأنك على وشك تجاوز الزمان فعندها يكون كما قيل ( أيها الحق لم تترك لي صديق ) سيكون نظرك للعالم غير نظر الآخرين , فأنت تنظر من أعلى قمة هرم الحياة بوعي أحدي يلف الجميع فمن الطبيعي أن لا تحاول إرضاء أحد , بل لا يوجد بوعيك إلا الواحد الأحد و لا يوجد إلا الحق الواحد و الذي قيل فيه ( الساكت عن الحق شيطان أخرس ) فأنت لن تسكت عن الخطأ و لن تساير أو تجامل أو تنافق أحداً , فمن الطبيعي اجتماع الفرق عليك , فأنت تركت تسييس القضايا و محاولاتك لإرضاء جميع الأطراف , و نظرت لقمة بندول الحياة , و لذلك تتكلم بحسن نية و بمحبة و بحب لخير الكل بغض النظر عن إرضاء أحد , و هذا ما سيسبب لك هجوماً مضاداً من كل حدب و صوب , و ما أشبه هذا الكلام بمصارحاته إلا بفتح معركة على كل الجبهات و الصعد و لن يكون فيها إلا خاسر وحيد هو أنت و رابحاً وحيداً هو أنت أيضاً , فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ,

الصورة الرمزية غسان
غسان
المدير العام
°°°
افتراضي
هذه القوة في الانسان نفسه او خارجة عنه
ولدت معه او قبله
وان فنى الجسد تتحول ان تبقى مثلما هي
تقوم بالجسد ام الجسد يقوم بها :!: :!: :!: :!:



مغزى السوؤال هنا وما يراد من صيغة إنتقاء الكلمات للحوار , لا يمكن أن يرد على الكلمة بكلمة أخرى
كما نقول ( القوي =الشجاع , الكريم = السخي أو المعطاء , الفزع = الخوف )

والسبب في ذلك كوننا نتناول علم الفطرة والوجود لا علم الحديد والخرسانات وعلم الأنانية والأصنام .

فأقول وبحسب ما فهمته مجربا وبلسان الحال من رشحات الأربعة الأسفار لصدر دين الأسرار
إن لم أكن وجوديا لا أعرف الوجود , وإن لم أكن واحد لا أعرف الواحد , ومتى كانت مرآة نفسي مخدشة بفعل الحواس ومتكثرة بتنوعها
فمن الطبعي ان تعكس الواحد مكثرا وهذا من جهتي لا من جهته ,
والصعوبة التي تواجهنا في معرفة الأشياء إن كانت علوية أو سفلية وكونها بمثابة غيب علينا , راجع إلى أمرين .
الأول , الموجودات العلوية فلدقتها ولطافتها وإرتفاعها عن المحسوسات عالم الإزدواجية , ولشدة ضيائها وصعوبة الإهتداء إليها لا سيما
ليس هناك تدريج علمي في مجتمعاتنا ولا ترقي حكمي معمم للجميع , وهذه نتيجة الإنشغال بالتربية المدنية للمجتمعات البشرية وغلق أبواب الفطرة
الإنسانية .
الثاني : هو لكثافة الموجودات السفلية وشدة محسوسيتها ومراعات الترتيب في التعليم , فإذا أردنا أن نعرف الأشياء من الجواهر السفلية صعب علينا معرفة الأمور المجردة ولا تنفك من جوهر في غاية الكثافة إلى جوهر في غاية اللطافة والخفاء ,فمن هنا نقول ان العدم دائم التبعية لغيره أو هو عدم الوجود .
بمعنى إذا أردنا معرفة الأشياء كما ينبغي لا يمكن ذلك إلا بمعرفة المتوسط بينهما وهو النفس الناطقة وحينئذ يسهل علينا إدراك الطرفين
أعني الروحاني والجسماني , الخير والشر , النور والظلمة , الوجود والعدم وهو قانون الوسط ( الحال) لا تبذير ولا تقتير بل منزلة بين منزلتين
كي لا يكون هناك تطرف لأحد الجهتين , فكيف نحصل على التوزن بغير المتوسط
(الحال ) وهو حال الوجود لما هو موجود بالجود .
وهنا نخلص للآتي : إن معرتنا شعورنا بذاتنا هو إدراك لذاتنا بنفس ذاتنا , والإدراك هو عبارة عن الظهور ولا يعرف بشيء سواه , لأنه لا
شيء سواه , ولأن سائر الموجودات تنتهي في التعريف إلى الظهور وهو الوجود ولكن هل ينتهي الوجود في التعريف إلى العدم , أم إلى ظهور الظهور , والعدم هو عدم الظهور , وهنا كمنت مشكلة السلوك لأنه ليست الصعوبة في إدراك الإنسان نفسه هو لخفائها , بل لشدة ظهورها
وجلائها والشيء إذا تم ظهوره خفيّ .

العلم نقطة كثَّرها الجاهلون، قولٌ لإمام عليم، دخل في محيطات عمق النقطة فوجد «فوق كل ذي علم عليم»، فهل نحن واجدون أم ترانا تائهين حائرين، نظنُّ الحقيقة بالظنِّ والتخمين، ونعتقد أننا أصحاب أسرار وعلوم وطرائق ومعتقدات، حسب ما تخيله لنا مخيلتنا من ظنوننا حول العلم والعلوم، «ولو كان فيها آلهة غير الله لفسدتا». فالعلم بحقيقته الأولى وسمو مكانته الأحدية، كان واحداً فتعدد، لقد كان نقطة، فنظر لها الجاهلون أمثالنا نحن بني البشر، كلٌّ من زاويته وكلٌّ على حسب عقيدته وعقدته ونظرته، فاختلفت المدارس والعلوم وتعدَّدت واختلفت الطرائق والمدرِّسون متناسون قوله: «وفوق كل ذي علم عليم»، فلماذا الغرور والتكبُّر؟ ولماذا التعصُّب والتحجُّر؟، إذا كنا نحن مدَّعي العلم والتعليم، لا نستخدم من حقيقة مستقبلاتنا العقلية إلا حدوداً صغيرة جزئية، لا تصل إلى الحقيقة الكُلِّيَّة ولا تصل إلى أكناه وماهيَّات الأشياء، بل نظنُّ الظنون ونعتقد بالنظريَّات لمجرَّد أننا نستخدم قوانا الحسية فقط، فهل يستقيم في عقل ذي لب، أنْ نستخدم النملة لقياس الجبل أو أنْ نستخدم الوعاء لنضح مياه المحيط، فمن هنا تعدَّدت مستوى العلوم، على حسب المستوى الذي يستخدمه المُستَقْبِل وهو الإنسان هنا، من قواه ومستقبلاته وعقله وما احتواه، فمنهم مَنْ ينظرون للكون والحياة نظرة مادية محدودة بجسم مادِّيٍّ يتصل بالعامل المادي من خلال خمس حواس،


فيحدد معرفته بما يحسه عبر هذه المستقبلات الجزئية المحدودة، وبعد ذلك يكتشف بالحس مكتشفات ويخترع مخترعات ويُصبح عبداً لما اخترعه من آلات وتقنيات، فمحور حياته جمع المال والفتات، ولا يوجد لديه أكبر من طاقة المادة المحسوسة ليعبِّر عن الذات، فيفتش عن مجده المفقود وعن الوصول إلى الخلود، فيصنع عمارات ويبذر بذره من خلال تكثيره لنسله لعلَّ أحفاداً له يحملون اسمه فيتخلَّد في التاريخ على حدِّ ظنِّه، وهو بهذا المقدار يمرُّ عبر هذه الدار ليُجسِّد ذاته العلوية في عالم المادة والطين، محاولاً تقليد الروح العظيم في مقدرته على الاختراق والانتشار، فلا يستطيع إلا بالمادة، فيعيش بضعاً من السنين، تحت وطأة الملل والمعاناة مستمتعاً بتمرُّغه بأوحال مجتمعه وتكديسه لشهرته وثروته، وبعدها يموت، ويندثر كل شيء، بما فيه العلوم التي تعلمها، وتفاخر بتمنطقه بها، كافراً بأي شيء غيرها، وبهذا نطق القرآن: «قل تمتَّع بكفرك قليلاً، إنك من أصحاب النار»، فالكفر في هذا المقام هو غطاء تكفَّر به هذا الإنسان بمقامه المادي، حاجباً بكفره نور الحقيقة عن الوصول، وحاجباً عن نفسه ما يحمله من ملكات باطنية عميقة تنتظر مَنْ يغوص في عُمْق بحرها ليكتشف سرَّها، وما حجبه عنها غير تكبُّره على «العلم نقطة»، متناسياً علمه في سرِّ نفسه، لضلاله في متاهات أودية سطحية ظاهرية خارقة أعمته مصطلحاتها وشهاداتها، وبريق سرابها عن الدخول إلى حقيقة «كل الكون في دماغ واحد»، فصفَّ الكتب وأسَّس الجامعات وأطال بناء برجه العاجي حتى تضخَّم ونسي الفطرة الاولى
ويأتينا في هذا العصر المادي الحديدي مَنْ يتباهى بحمله الشهادات غير مُدْرِكٍ بأنَّ شهاداته تحمله ليظهر بين الناس، فهو يفرض علينا وجوده لركوبه شهادات شهدوا له بها أرباب عمله متناسين
(كم كان من علماء الزمان، سبباً لصد العباد، ومنعهم من القرب إلى شاطئ العرفان، والدخول في بحر
الأمان)
فإذا كانت الشهادة هي وثيقة يستطيع من خلالها صاحبها مزاولة مهنته، فلماذا يفرض نفسه علينا ويتكبر وكأنَّه جاور «الجبَّار المُتكبِّر» فهل علومنا المادية وسيلة أم غاية؟ فإذا كانت غايتنا هذه العلوم، فنحن بهذا المقدار «ولدوا، فعاشوا، ثم ماتوا».
أما إذا كانت علومنا المادية وسيلة للوصول إلى علوم أكبر وأدق، وهكذا إلى أن نصل إلى حقيقة «العلم نقطة كثَّرها الجاهلون»، وإلى حقيقة «هب لي من لدنك علماً»، وإلى حقيقة هرمس «يا نفس لم تولدي لمعنى من المعاني إلا للعلم والعمل به» وإلى حقيقة «العلم نورٌ يقذفه الله في قلب مَنْ يشاء».
فمباركةٌ كل أنواع العلوم عندها، لأنَّ «علم ناقص جهل خير منه». وعلمٌ لا يخلصك من نفسك وما تحمله من سلبية غير جدير بالاعتبار، لأنَّه سيصنع لك جداراً لن تستطيع له نقباً.
فكلنا ينظر ويرى ما الذي صنعته العلوم الحديثة بنا من حروب وأمراض وكوارث لماذا؟ لأنَّها ناقصة، لا تأخذ الحياة ببعديها الأفقي والعمودي، ولا تأخذ الحياة بكُليَّتها، بل تنظر من جانب واحد إلى خارج نفس الإنسان، متناسية أهمِّيَّة القيم والأخلاق والجوهر قبل علم المظهر، ولذلك بلعت دولٌ دولاً أخرى، وأكلت الناسُ لحوم بعضها، واقتتلت الشعوب على اسم الله وصفة الله، وعلى أشبار الأراضي، ولم يعدْ يسكن على سطح الأرض ذلك الإنسان ذو البعدين والذي غايته رب العالَمين، عالم المادة الخارجي وعالم الروح الداخلي.
بل أصبحنا أشباه البشر، تمسخ أنفسها بتجسيد أهوائها بأجسادها، غايتها امتلاك النجوم في السماء، وامتلاك الإنسان على الأرض.
فبدلاً من تنصيب العلم وسيلة لإحلال السعادة والصحة والسلام على الأرض، أصبح غاية بحدِّ ذاته، وبالتالي فقدنا الصحة والسلام.
من الذي يصنع القوانين الحكومية والدساتير والاقتصاد؟
الإنسان يصنع هذه الدساتير ولا يأخذ كُلِّيَّة المعايير، بل يعتمد على عقله وعلمه المحدود في وضعها، وبالتالي يستنتج نقصها بعد تجربتها لفترة، وما السبب؟
إذا عُرف السبب بطل العجب، حيث إنَّ بعد الإنسان عن علم النقطة، وعن علم التوحيد وعن العلم اللدني، قد جعله يصنع علماً قاصراً محدوداً ضمن حواسه (مولاي عجبت لمن اشتغلوا بحظوظ أنفسهم ونسوا حظهم الأكبر الدائم منك، وكيف أرادوا بك بدلاً واستأنسوا بسواك)
فعلم اللانهائيات ليس كعلم الحسِّيَّات والمحدوديات، وهكذا فإنَّ «علم التوحيد ليس كعلم أشباه الفلاسفة والتلحيد». ولذلك كان من (العلم علم شديد محمله، وتقتل رواته، ويساء لصاحبه بغياً وحسداً)
وتطالعنا اليوم علوم جديدة تحت اسم العلوم الروحانية والتي لا تعبِّر عن الأحدية، بل تعبِّر عن نفسها بتسريعها للتعدُّدية، وهكذا فإنَّ حامليها والمتكلمين بها والمتمنطقين حولها والمتمظهرين بتضخيم أنانيتهم من خلالها، قد لاقوا في هذا الزمان المسرّع بطاقاته والعجيب بأحواله، مجالاً للتعبير عن أهوائهم الداخلية ورغباتهم السفلية وتطلُّعاتهم الأنانية، فلفُّوا حولهم جماعات وتجمُّعات وعقدوا المؤتمرات والاجتماعات باسم الروحانيات، وهكذا فلسفوا الروح من جديد، وحوَّلوا النقطة إلى محيط بدلاً من الذوبان بنقطة ميزان التوحيد، والحصول على علم الحقيقة الوحيد، بنفي الأنا الضدية، لقد أصبحوا وحوشاً هائمة حول جِيَفِ أنفسها، تنتظر من روادها تمجيدها والتغنِّي بها، وكأنَّنا أصبحنا نستخدم الحقيقة للظهور، فبدلاً من استخدام الحقيقة للنفي والإشراق والفناء بها، ركبنا على مركبتها لنُظهر بما في أنفسنا من أهواء وتطلُّعات ترغب في تمجيد الآخرين ومدحهم ولا نعرف إذا كنا نحن بأنفسنا سعداء أم لا، فالمهم عند مَنْ يرغب في تضخيم أنانيَّته هو الحصول على شعبية وجمهور تحت اسم معلم أو مدرسة أو طريقة، وهكذا يدخل في دائرة صراع الأضداد من جديد، وأكبر دليل على سقوطه في هذه الدائرة الوهمية هو ما يظهر منه من عداء تجاه الآخرين وعدم قبول الليل ضدَّاً للنهار، وعدم قبول الأسود كشيء ضروري ليظهر نقاء الأبيض، فلمجرَّد الرفض، رفض أي إنسان حتى ولو كان شيطاناً، فهذا عدم اختراق بل احتراق، لأننا أدخلنا أنفسنا في دوامة الصراع الضدي، فالليل والشيطان موجودان في هذا العالم لكي نخترقهما ونخرج بأنفسنا من ضديتهما لنصل إلى النهار المشرق، فلا نستطيع نفي أحد، فالكل دائر في فلك حبه، ولكلٍّ له وجهته وما يراه، ولكلٍّ له إلهه ومولاه.
فمَنْ نحن لكي نقيم ونحكم ونكفر؟! إننا نقيم أنفسنا فقط وكلّ واحد ينظر بنفسه فيرى الآخرين! ولذا فإنَّ كلَّ مَنْ يظنُّ أنه عارف ليس بعارف، وكلُّ مَن اعتقد أنه أحسن من الآخرين ليس بأحسن من الآخرين، هذا هو أساس علم التوحيد، العلم الذي لا يعتبر نفسه علماً مستقلّاً، بل هو حقيقة تعاش بقلب مَنْ عاشها، ويجني ثمرة جنَّتها مَنْ أخلص بتجربتها، فعلمه وعمله لنفسه بنفسه وليس لينقل علوماً لغيره معتقداً أنَّه بمجرد أنه حملها أو علمها فقد عرفها ووحد من خلالها متناسياً قوله تعالى (كالحمير تحمل أسفاراً)، وما أكثر المتمنطقين بالعلوم في هذه الأيام! البعيدين عن الأسس الأولى في الحياة وهي التكلم بلطف والتزام، والعيش بلطف وتناغم وانسجام وبصدق حقيقي للسان، وحفظ حقيقي للإخوان، لا يوجد أُخُوَّة إلا للإنسان ولا يوجد ثقة إلا للربوبية فلنحقق «أُخُوَّة الإنسان وثقة الله ، لكي نصل إلى علم التوحيد، وإلا فلا فرق بين مَنْ كانوا يحملون شهادات ليركبوا عليها من أجل غاياتهم وأهوائهم وأمانيهم وباقي مَنْ يتكلمون بعلوم روحانية أثيرية مبرهنين من خلالها عن غايات أنانية، فأين إخلاص النية وأين النظر للحقيقة بنقاء وصفاء الطوية؟،
لماذا لا نطلب من العلوم روحه وشرفه ولماذا نرضى برسمه فقط ؟؟؟؟ فهل وجدت العلوم لأجل رسومها فقط أم لأجل حقيقتها وأصولها والحكمة منها .
لماذا نتكلم كمكبر صوت بالحقيقة ولا نكون نحن أنفسنا الحقيقة؟
هل إذا تكلمت الأنا الكونية عبر الأنا السفلية كانت هذه غاية الروحانية؟
أليس هذا تشويها للحقائق التوحيدية السامية؟
إنَّ العلم التوحيدي هو علم النقطة التي تدخل إلى أصغر ذرة وتخرج منها إلى أكبر مجرة، أي أنَّه علم غير محدود، وليس للتمنطق والكلام، بل هو لاستشعار رب العرش وإقرار ضمني بحقيقة العجز فيجتمع النقيضان ليتجلَّى ربُّ العزَّة والجلال على عقل من طلب هذا المقام.
وإلا بقينا مجرَّد آلات تتكلم ومذياعاً يرسل ويستقبل، بدون أن يكون هو المحور، والذي لن يصبح هو محور الوجود.
ما دامت الطاقة الإلهية غير متوازنة في كامل الأجسام الباطنية محترمة كل القوانين، عندها ستجد الروح حريَّتها بحقيقة دورانها على مدارها، حيث إنَّ حرية الكواكب والنجوم هو بالتزامها بمساراتها وإلا أصبحت عبثية محكومة بالموت والدمار، وهكذا فإنَّ الإنسان لن يصل إلى علم نقطة بندول الحياة، ولن يستطيع جمع المتناقضات، ما دام غير ملتزم بكافة مستوياته حتى عمق النية بدقة الميزان وبدقة الصراط المستقيم والذي هو ليس بهيِّن على من لطاقاتهم ولقواهم مبعثرين ولمن هم تحت وطأة الوهم النفسي، والمرض العقلي قابعين حيث إنهم يعتقدون بأنهم من الواصلين وما ذاك الوصول؟، الذي لم يكن إلا بسبب انعكاس الطاقة، طاقة ( الحياة ) المسماة عند قوم (طاقة الكونداليني) في مقام الضفيرة الشمسية واعتبار هذا المقام هو السماء والقمة، ويا له من جحيم سيُدركونه بعد حين عندما يستفيقون على تضخيم الأنا وليس على نفي الأنا.
وأكثر المشتغلين في العلوم الروحانية اليوم قد وقعوا في هذا التضخم وهذا الشرك وأبتعدوا عن الفطرة السليمة وألتجؤا إلى الأنا
(وما كان قد رأى جمالنا، بل شاهد ظلال ظل أنوارنا)
(ولم يكن رأى ربّه، بل رأى بعض جماله في بعض مبدعاته، وما جمال العوالم غير مرايا جمال المبدع) فإليه، إليه، توجه إليه، فهو المراد وهو المريد، فأنت أنت المقصود لتتقدَّس بجماله وتتكمَّل بكماله، فتصبح أنت شعلة الطريق النابض بالحق والحياة.
فأين ذلك المسكين الذي وقع في شرك الأنا القاتل لصياد ماهر يصطاد نفوس الناس ليوهم عليهم وصولهم، وما هو بالوصول ليقول: وهل يوجد ذات لتحقيقها، لقد قالها من قَبْلُ بعض الماديين، حيث اكتفوا بعلم المادة والحس، حابسين أنفسهم ضمن دائرة ماديَّتهم، فكانوا بهذا المقدار، وتتكرَّر الآن وباسم العلوم الروحانيَّة طرائق لتسريع الطاقات الدنيا في الحياة، فيدخلون بما يُسمَّى (حال) وما دروا لو أنهم دخلوا في «حال» لفنيتْ ذواتهم وتحققوا من حقيقة ذاتهم، فيتألَّهون بجمال كمالهم وحب ذاتهم والتي لو وصلوا لتحقيقها ومعرفتها لعرفوا ربهم، (فالحال) ليس نشوة يمرُّ بها الإنسان، أو نزوة وكأنَّ الإنسان أصبح جسماً يأخذ نشوة روحية بسبب الحال، وهذا معاكس للحقيقة والتي هي: «إننا كائنات روحيَّة تمرُّ بتجربة جسدية» فأين نحن من إخلاص هرمس في:
(يا نفس لو أخلصت الودَّ، لَفَنيت، وفَنِيَت كلُّ ذاتٍ فيك)
فعلم التوحيد علم هيولي لَدني، تتوحد فيه كل المتناقضات وكلُّ الطرائق والمذاهب والتيارات، في روح واحدة هي النقطة واللانهاية في الوقت نفسه، وهو ينطلق من تراثنا وواقعنا ومكاننا وزماننا ويخترق إلى أماكن أخرى وعوالم أخرى، وأزمنة أخرى، ويُوحِّدها جميعاً في حقيقة النقطة، والتي قيل عن علمها (العلم نقطة كثرها الجاهلون)
ولذلك عرف سقراط حقاً عندما قال بعد تتالي العلوم والأحوال (الآن عرفت أني لا أعرف)
فالتوحيد عميق بحقيقته، مجرَّدٌ بذاتيَّته، ليس بمجرَّد ترديد كلماته نصبح فيه، لأنَّ الواحد الموجب يقابله بالأعداد واحد سالب، وهكذا.
فالأفكار وعلوم الحقيقة التوحيدية نفسها، يمكن استخدامها بالجهة السلبية والتي تؤدي إلى تكثيف الأنا الفردية، فتتضخم عطالتها بدلاً من أنْ تنتشر وتنتفي وبذلك تصبح بمثابة ثقب أسود بين الناس تؤثر فيهم وتسحرهم بكلام الحق، والذي غايته غير الحق، فهل نحن متأكِّدون أننا نسير بالعلم التوحيدي الحقيقي بعيداً عن علم الأعداد الموجبة أو السالبة؟ وإذا كان هذا صحيحاً فلماذا لم نخلق لأنفسنا جنة حقيقية حتى الآن؟ وبذلك قيل «وبالله لو أنَّ معتقدكم مذهب التوحيد اعتقاد لله خالص، ولم تمزجوه ببهيمية الشهوات، لم يكن لأهل السفه عليكم يد، ولسلمتم من جميع الموبقات».
ورُبَّ سائل يسأل، مَنْ ذلك القائل، ومَنْ هم أولئك العظماء الذين صدحوا بتلك الحقيقة الواحدة، فيكون الجواب بأنهم قد قيل فيهم «وأمَّا تلك الذوات فقد اعتبرت ذكرها في ساحة البقاء، كفراً وشركاً بالهوية».
فأين نحن من حقيقة الفناء بتلك الحقيقة الأحدية؟ وأين نحن من «والذي يفنى يشاهد كل أسرار الوجود».
ورُبَّ سائل يقول:
بما أنَّ العلم أصبح وسيلة للأنا والتكبر، وأصبح هناك تعصب علمي مادي أكثر خطراً من التعصب الديني أو يعادله، فلماذا قال تعالى «إنَّما يخشى اللهَ من عباده العلماء»، ومعروف أنَّ مَنْ خشي الله في كل شيء أصبح كبيراً في كل شيء، والعلماءُ هنا تعني أهمِّيَّة العلم لكي يقرِّبنا من الذات الإلهية لكي نخشاها؟ فلماذا تحاول تقزيم العلم والعلوم؟
هنا علينا التفريق بين نوعين من العلم، علم ظاهري خارجي يجلب الأنا والغرور إذا لم يترافق مع علم داخلي لدني توحيدي هو ما قُصد بهذه العبارة، أي إنَّ العلماء تقع على عارفي أنفسهم، وبالتالي يخشون ربَّهم لأنَّهم يعرفونه بأنه غير منفصل أبداً عن ذواتهم ويعرفونه حقاً بأنَّه «أقرب إليكم من حبل الوريد»، فالخشية لا تعني الخوف لأنَّه لا حكمة مع الخوف الخارجي، أما هنا فالخشية هي التي قيل فيها «رأس الحكمة مخافة الله»، ومخافته تعني في الوقت نفسه محبته، فأنت لأنك تحبه تخاف فقده، ولأنَّ حريَّتك الداخلية ببحور لا نهائية فأنت تخشى أن تفقد الحبَّ الإلهي الذي به تجد ضالتك وتجد راحتك، بالتالي، فإنَّ العلماء هنا في هذا المقام، هم أصحاب علم التوحيد أو العلم اللدنِّي «وهديناه من لدنَّا علماً» ، أي هم مَنْ علموا بأنَّ النقطة هي نفسها اللانهاية، وبالتالي كانوا علماء لأنهم «عرفوا بأنهم لم يعرفوا» ، وكانت كلمة علماء في هذا المقام عكس «جهلاء» وهم الذين يعتقدون بأنفسهم أنَّهم يعرفون، وأنَّهم أصحاب علم، ولذا يحق لهم التباهي أمام الآخرين على حسب ظنهم، وما عرفوا معنى «وفوق كل ذي علم عليم»، أي عليك أن تحس بالعجز الحقيقي، وتحس بداخلك بأنَّ كل مَنْ حولك قد سبقك إلى الله وبسبب عجزك في مقام ذل العبودية هذا، فيتحدر عليك مقام «عز الربوبية»، فيتمُّ جمع النَّقيضَيْن، حيث عندما تصبح صفراً بداخلك تتحدر عليك عزَّة العظمة الإلهية.
فهلموا إلى (جنَّة عرضها السموات والأرض) ، يا أيها العلماء الذين علمتم حقيقة أنفسكم الفطرية ولذلك نفيتم عنكم هذه الأنانيَّة ففنيتم في حقيقة ذاتكم، متحققين من جنة اخترقت حاجز الزمان والمكان، فلم يعد فيها طول أو عرض، ولم يعد فيها ماضٍ أو مستقبل، لذلك جمع بهذه الآية الكريمة الطول بالعرض، والماضي بالمستقبل، فوصل إلى حقيقة التوحيد بالنقطة، وبالتالي اخترق الحجب، ومن هذه النقطة ومن هذا الصغر خلق في فضاء اللانهاية، مثل الموجة الموجبة التي تقترب من الصفر، على المحور الأفقي ففيها أصغر نقطة قبل أن تصل إلى الصفر تسمى بلغة الرياضيات ∞+ أي زايد لا نهاية، وفيها أصغر نقطة بعد اختراقها المحور الأفقي وتسمى ∞- أي ناقص لا نهاية، ففي هذا المقام يجتمع الصفر مع ∞+ و∞-، وبالتالي يخترق الإنسان الحجب والأبعاد، وأصبح في علم هيولي أو علم لدني، مقاييسه أخرى ومستقبلاته الدماغية مستقبلات أخرى، أما العلماء الجهلاء الذين جهلوا حقيقة أنفسهم، فإنَّهم يحاجُّون الله في هذه الآية «جنَّة عرضها السموات والأرض»، فيقولون له، إذا كان عرضها بمقدار السموات والأرض، فأين طولها، وهذا هو علم الجهل والذي يقتصر على مستوى السطح في مستقبلات دماغية حسية لا تتعدى 1%، وتريد فهم الكلية من خلال هذه العيون الجزئية.
ألم يقل ( نسقيكم من بين رفثٍ و دمٍ لبناً سائغاً ) ألا يقصد أيضا باللبن السائغ علم ٌ عصيٌّ على الأفهام و فيه حياة الإنسان الحقيقية و هذا اللبن سيكون بسبب تجاوز النقيضين أليس حقاً قوله : ( و فوق كل ذي علم عليم ) ليحثنا على المسافرة أبداً في درجات التعاليم و لا نتقوقع في أدودية الجحيم بقعودنا عند أحد الطرفين المتناقضين 0
عندما يصل وعينا لمستوى يناسب مستوى الوعي الحقيقي سنفهم المقصود من قوله ( و فوق كل ذي علم عليم ) 0
[/size]

صورة رمزية إفتراضية للعضو محمد الحافى
محمد الحافى
عضو
°°°
افتراضي
غسان, بارك الله فيك وزادك من فضله

صورة رمزية إفتراضية للعضو
زائر
°°°
افتراضي
اخي الكريم غسان
شرحك الوافي لطبيعة الانسان وما فيه من الاجسام التي كونته بصناعة متقنه وخلق فائق جعل سؤال سؤلته قبلا يظهر من جديد
في خضم هذه الاجسام وما فيها من كيميائية وفيزيائية وكهربائية ومغناطيسية التي جعلت الكون الاصغر على ما فيه من تقويم هل يحتاج لجوهر يقوم به ولا سيما ان النقص في ايا من هذه الاجسام يسبب الفناء او اي خلل سوائله او اثيريته ولم نرى من مات لخلل في جوهره

صورة رمزية إفتراضية للعضو الحرة
الحرة
عضو
°°°
افتراضي
استاذنا الفاضل غسان اطال الله بقاءك وادام ارتقاءك
سيدي لااعلم كيف لم اقراء هذا الموضوع من قبل؟! نحن استاذنا الكريم نرى فيك
اخلاق المعلم وعلم العالم وتواضع المحب للخير وددت استاذي الكريم ان استأذنك فبعد ان قرأت ماسطرت لن
علمت انني امام معلم بكل المقاييس فتأدبت بأدب التلميذ الذي ينبغي ان يستأذن استاذه بالسؤال قبل ان يسأل والأسئلة كثيرة جدا
فهل تسمح لي ببعض الأسئلة والمناقشه فأنا اطمح ان اتتلمذ على يديك ولك خالص الشكر والامتنان

صورة رمزية إفتراضية للعضو الذوق الرفيع
الذوق الرفيع
عضو
°°°
افتراضي
اقتباس :-
نحن استاذنا الكريم نرى فيك
اخلاق المعلم وعلم العالم وتواضع المحب للخير
ونحن كذلك اختي الحرة..... فغسان رجل محب للعلم وأهلة وبابة مفتوح

ادام الله بقاءة وادام ارتقاء الشامل ........انة سميع مجيب

تحياتي

صورة رمزية إفتراضية للعضو baidoon
baidoon
شيخ
°°°
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم

أخى الحبيب الأستاذ الفاضل غسان حفظكم الله وثبت قلوبنا جميعا على الأيمان فى أوان

تتضح فيه معانى كلمات الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم القابض على دينه

كالقابض على الجمر ولكنه عليه الصلاة والسلام ترك لنا ميراثا من أهمله أضاع نفسه

وظلمها ..... نسوا الله فأنساهم أنفسهم ..... أخى الحبيب

عندما تتحرر النفس من قيود الحواس الماديه وتتحول بمرآتها الصافية صوب أنوار الحق

صاعدة على معراج الوصول تجذبها مشاعر الحب الى المحبوب الحق ترى بحواسها

الروحانية مالا يراه الناظرين .... ولذا قالوا قلوب العاشقين لها عيون ترى مالا يراه الناظرينا

ولكننا محتم علينا بأمر ربنا أن نجتاز هذا الأمتحان لتفصح كل نفس عن مكنونها فيحق عليها

القول فكلما تقدم الزمان تفنن الشيطان فى مغرياته وأزداد الأنسان ضعفا بأبتعاده عن ذكر

خالقه فأزداد أتباعه ولعل نبؤات آخر الزمان ورد بها أنه يرفع القرآن عن صدور الرجال ....

حتى أذا أتخذت الأرض زخرفها وأزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ... هذا هو

قضاء الله وقدره فى ملكه ولا معقب لحكمه ..... ولقد قال جل جلاله ولا اله غيره لرسولنا

الكريم صلى الله عليه وسلم فذكر أنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر الا من تولى وكفر

فيعذبه الله العذاب الأكبر ان الينا أيابهم ثم ان علينا حسابهم ..... من يهدى الله فهو

المهتدى ومن يضلل فلا هادى له


مواقع النشر (المفضلة)
الفكر والسلوك

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
76 كتاب في العرفان والاخلاق والسلوك والادعية نادرة
كتاب رمزية الأرقام والحروف في الفكر العربي / للمشهداني
تأمل في مقامي الوقفة والرؤيا في الفكر الصوفي عند النِّفَّري
((عطارد)) أو ::: الفكر والدراسات والذكاء

الساعة الآن 07:00 AM.