المشاركات الجديدة
مقالات في الروحانيات للمعتقدات الاخرى : شرح المواضيع و تبادل الآراء والخبرات بين المشاركين والمتابعين

الباب الثاني عشر في تجلّي الأفعال (سلسلة مراتب الوجود)

21 الباب الثاني عشر في تجلّي الأفعال (سلسلة مراتب الوجود)
الباب الثاني عشر في تجلّي الأفعال
تجلّي الحق سبحانه وتعالى في أفعاله عبارة عن مشهد يرى فيه العبد جريان القدرة في الأشياء، فيشهده سبحانه وتعالى محركها ومسكنها بنفي الفعل عن العبد وإثباته للحق، والعبد في هذا المشهد مسلوب الحول
والقوّة والإرادة، والناس في هذا المشهد على أنواع.
فمنهم من يشهد الحق إرادته أولاً ثم يشهده الفعل ثانياً،
فيكون العبد في هذا المشهد مسلوب الحول والفعل والإرادة، وهو أعلى مشاهد تجليات الأفعال.
ومنهم من يشهده الحق إرادته ولكن يشهده تصرفاته في المخلوقات وجريانها تحت سلطان قدرته.
ومنهم من يرى الأمر عند صدور الفعل من المخلوق فيرجع إلى الحق.
ومنهم من يشهده ذلك بعد صدور الفعل من المخلوق، لكن صاحب هذا المشهد إذا كن شهوده هذا في غيره فإنه مسلم له.
وأما إذا كان شهوده هذا في نفسه فإنه لا يسلم له ذلك إلاَّ فيما وافق ظاهر السنة، وإلا فلا يسلم له، بخلاف من أشهده الحق إرادته أولاً ثم شهد تصرف الحق به قبل صدور الفعل منه وعنده وبعده، فإننا نسلم له مشهده ونطالبه نحن بظاهر الشريعة.
فإن كن صادقاً فهو مخلص فيما بينه وبين الله، وفائدة قولي نسلم له مشهده ولا نسلم للأول الذي يشهد جريان القدرة بعد صدور الفعل، على أنّا لا نسلّم لأحد منهما أن يحتجّ بالقدرة فيما يخالف الأمر والنهي، بل يلزمهما حكم ظاهر الأمر فنقيم الحد على من ظهر منه ما يوجب الحد في حكم الشرع.
وذلك لما يلزمنا من حكم الله تعالى لأنه فعل ما يلزمه من حكم الله، وهو ما اقتضاه شهود المظهر الذي فيه فنجريه على ما اقتضاه ذلك التجلي، وهو أداء حق الله تعالى عليه، وبقي علينا أداء حق الله تعالى فيما أمرنا بأن نحدّ من عصاه بالحدّ الذي أقامه الله تعالي سبحانه وتعالى في كتابه.
فكانت فائدة قولي نسلم له مشهده راجعة إليه فيما بينه وبين نفسه تقريراً لمشهده، وقولي في الذي لا يشهد جريان ومنهم من يشهد فعل الله به، ويشهد فعل نفسه تبعاً لفعل الله تعالى.
فيسمي نفسه في الطاعة طائعاً وفي المعصية عاصياً، وهو فيهما مسلوب الحول والقوّة والإرادة؛
ومنهم من لا يشهد فعل نفسه بل يشهد فعل الله فقط فلا يجعل لنفسه فعلاً، فلا يقول في الطاعة أنه مطيع، ولا في المعصية.
ومن جملة ما يقتضيه مشهدهم أن أحدهم يكل معك ويحلف أنه ما كل، ويشرب ويحلف أنه ما
شرب، ثم يحلف أنه ما حلف وهو عند الله برّ صدوق، وهي نكتة لا يفهمها إلاَّ من ذاق هذا المشهد ووقع فيه وقوعاً عينياً.
ومنهم من لا يشهد فعل الله إلاَّ بغيره ولا يشهده لنفسه، أعني فيما يخصه.
ومنهم من لا يشهد فعل الله إلاَّ في نفسه ولا يشهده في غيره، وهذا أعلى من الأول مشهداً.
ومنهم من يشهد فعل الله به في الطاعات ولا يشهد جريان القدرة به في المعاصي، فهو مع الله تعالى من حيث تجلي أفعاله في الطاعات، وإنما حجب الله تعالى عنه فعله به في المعاصي رحمة به لئلا تقع منه المعصية وذلك دليل على ضعفه، لأنه لو قوي لشهد فعل الله تعالى به في المعاصي آما شهده في الطاعات ويحفظ عليه ظاهر شرعه؛.
ومنهم من لا يشهد أعني لا يتجلى له فعل الحق به إلاَّ في المعاصي ابتلاء له من الحق فلا يشهده في الطاعات، ومن يكون بهذا الوصف فهو أحد رجلين:
كما رجل حجب الله عنه في الطاعات لكونه يحب أن يكون مطيعاً ويقدّم الطاعة على غيرها، فاحتجب الله تعالى عنه فيها وظهر له في المعاصي ليشهد الحق فيها فيحصل له بذلك الكمال الإلهي، وعلامة هذا أن يعود إلى الطاعات ولا يدوم على المعصية.
وإما رجل استدرك إلى أن تمكن من المعاصي فاحتجب الحق عنه فبقي فيها ودامت عليه، نعوذ بالله من ذلك..
ومنهم من يشهده فيهما فتكون تارة وتارة:
أسير إلى نجد إذا نزلت به ..... وأرحل نحو الغور إن فيه حلت
ومنهم من يكون في شهوده لفعل الله تعالى غير سكن إلى ما يجريه عليه من المعصية، فيبكي ويتضرع ويحزن ويستغفر الله تعالى ويسأله الحفظ ومنهم من لا يتضرّع ولا يحزن ولا يسأله الحفظ ويكون سكناً تحت جريان القدرة منصرفاً حيث وجهه ولا يوجد فيه اضطراب، وهذا دليل على قوة كشفه في هذا المشهد، وهو أعلى من الأول إن سلم من وساوس نفسه؛
ومنهم من يبدل الله معصيته طاعة فيشهد جريان القدرة في المعاصي وغيرها، ويشهده الله جريان المعصية عليه ويكتبها الله عنده طاعة فلا يجري عليه عند الله اسم معصية.
ومنهم من تكون نفس معصيته طاعة لموافقته لإرادة الله تعالى، ولو أمر بخلاف ما أريد منه، فيكون العبد في هذا المشهد عاصياً من جهة الأمر والمخالفة مطيعاً من جهة الإرادة والموافقة، وذلك أنه أشهد أولاً قبل
الفعل إرادة الحق منه، فما أتاه الاسم إلاَّ موافقاً لإرادته وهو مع ذلك ناظر إلى جريان القدرة فيه وتقليب الحق له.
ومنهم من يبتلى فيتجلى الله له فيما يذمّ حقيقة وشرعاً، فيشهد تقلب الحق له في الخذلان، فيأتيها وهو يعلم أنه مخذول، وذلك لما افتضاه حكم مشهده من ظهور الحق له في ذلك الفعل:
وقائلة لا تشتكي الضدّ من علوى ..... وكن صابراً فيها على الصدّ والبلوى
فقلت: دعيني ما دعت لي زينب ...... إلى غير خذلاني طريقاً ولا مأوى
نصيبي منها ما تحققت قبحه ...... ومن قبح ما حققته هذه الشكوى
اجتمع رجل فقير من أهل الغيب بفقير كن هذا مشهده، فقال له: يا فقير لو لزمت الأدب مع الله بحفظ الظاهر وطلبت منه السلامة كن أولى بك في طلب معاملته تعالى، فقال الفقير: قلت له يا سيدي موافقتي لإرادته ولو
لبست خلعة الخذلان أو قلدت نجاد العصيان أولى بالأدب، أم لبسي لاسم الطاعة وطلب مخالفتي لإرادته ولا يكون إلا ما يريد، قال: فخلى سبيلي وانصرف.
واعلم أن أهل هذا التجلي المذكور وإن عظم مقامهم وجلّ مرامهم فإنهم محجوبون عن حقيقة الأمر، ولقد فاتهم من الحق كثر مما نالهم، فتجلي الحق في أفعاله حجاب عن تجلياته في أسمائه وصفاته، ويكفي هذا القدر.

يتابع إن شاء الله في الباب الثالث عشر
غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: مقالات في الروحانيات للمعتقدات الاخرى


...
....

مواقع النشر (المفضلة)
الباب الثاني عشر في تجلّي الأفعال (سلسلة مراتب الوجود)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
الباب الحادي عشر في التشبيه (سلسلة مراتب الوجود)
الباب العاشر في التنزيه (سلسلة مراتب الوجود)
الباب التاسع في العماء (سلسلة مراتب الوجود)
الباب الخامس في الأحدية (سلسلة مراتب الوجود)
الباب الثاني في الاسم مطلقاً (سلسلة مراتب الوجود)

الساعة الآن 11:22 PM.