المشاركات الجديدة
مقالات عامة في علم الفلك : طرح مختلف المواضيع المهتمة بعلم الفلك

هل سيتمكن الإنسان من صنع آلة الزمن؟

افتراضي هل سيتمكن الإنسان من صنع آلة الزمن؟
بسم الله الرحمن الرحيم

مقالة جميلة احببت ان اطلع الشامليين عليها

امير الرافدين - العراق
-----------------------------------------

هل سيتمكن الإنسان من صنع آلة الزمن؟

وعود العلماء بالسفر إلى الماضي والمستقبل بين الخيال العلمي والحقيقة!

منذ أن كتب هربرت ويلز روايته (آلة الزمن) عام 1895 وفكرة السفر عبر الزمن تستحوذ على ذوي الخيال العلمي الوثاب من علماء وكتاب وأدباء. لكن، هل يمكن أن يحصل ذلك حقيقة؟ وهل يمكن بناء آلة تنقل الإنسان إلى المستقبل أو الماضي؟
قبعت فكرة الترحال عبر الزمن على حافة العلم الرصين قروناً عدة، إلا أنه مع تطور العلوم والتكنولوجيا بات الأمر قابلاً للتداول في أوساط الفيزيائيين النظريين، وأخذ منحى جدياً في العديد من مؤسسات البحث الخاصة بمواضيع فيزياء الكم، التي يقع عليها الأمل في فهم فيزياء العلاقة بين مكوِّنات الذرة من جهة والكون من جهة أخرى.
كانت مشكلة فهم العلاقة بين السبب والتأثير الحافز الأهم لإيجاد نظرية فيزيائية موحَّدة خدمة لهذا الغرض. فلو كانت حركة الزمن غير المحددة ممكنة، لكان ذلك سيؤثر تأثيراً خطيراً على أي أمل بتكوين مثل هذه النظرية الموحَّدة، فجل مفاهيمنا عن الزمن مصدرها نظريات أينشتاين في النسبية. وقبل هذه النظريات، كان الزمن يُعدُّ مطلقاً، وحركته متماثلة في أي مكان بالكون ولكل موجود مهما كانت ظروفه الفيزيائية.
وقد افترض أينشتاين في نظريته الخاصة أن الفترة بين حدثين تعتمد على حركة الراصد. وفي حال حركة راصدين بسرعتين مختلفتين، فإنهما سيرصدان فترتين مختلفتين بين الحدثين نفسيهما، ويُعبَّر عن هذا بلغة الفيزياء بمحيِّرة التوءمين Twin Paradox.
فلو افترضنا أن أحمد ومحمود توءمين، واستقلَّ أحمد صاروخاً سرعته مساوية لسرعة الضوء (186 ألف ميل في الثانية)، متجهاً إلى نجم قريب، ثم قفل راجعاً إلى مكان انطلاقه فور وصوله، فيما بقي أحمد ينتظره في مكان الانطلاق، فلو كان أمد الرحلة بالنسبة إلى أحمد سنة واحدة، فإنه سيجد لدى ترجله من الصاروخ أن عشر سنوات قد مرَّت على المكان الذي تركه، وأن أخاه التوءم صار أكبر منه بتسع سنين، أي أن التوءمين لم يعودا بالعمر نفسه رغم أنهما ولدا في اليوم نفسه. ويوضح هذا المثل نوعاً محدوداً من الرحلات عبر الزمن، إذ يمثل انتقال أحمد تسع سنوات عبر مستقبل مكانه الأصلي بدءاً من لحظة انطلاقه في الصاروخ مغادراً هذا المكان.

تباطؤ زمن الطائرات السريعة
يحصل التأثير المعروف بتمدد الوقت عندما تتحرك مادتان، إحداهما باتجاه الأخرى أو بعيداً عنها. ولا نلاحظ ذلك في حياتنا اليومية بسبب بطء حركتنا. وحتى عندما نستخدم الطائرات النفاثة السريعة، فإن ظاهرة تمدد الوقت لا تزيد على أجزاء من مليار جزء من الثانية، لكن هذا الجزء البسيط جداً من الثانية يمكن قياسه ببعض أنواع الساعات، أي بالساعات الذرية، التي أثبتت أن الوقت قادر على التمدد بالحركة. وعليه، فإن السفر على المستقبل حقيقة واقعة يمكن إثباتها. ولملاحظة ظاهرة تمدد الزمن على نحو أكثر حسية، ينبغي الغوص في مجالات تفوق المحسوس من التجارب التقليدية أو العادية، ولاسيَّما في مجال مكوِّنات الذرة. فالذرة عالم متحرك يتناغم فيه العديد من الدقائق المشحونة وغير المشحونة في إيقاعات راقصة غاية في الدقة وسرعة الأداء. وبالإمكان تسريع هذه الدقائق داخل مُسَرِّعات خاصة لتصل سرعتها إلى سرعة الضوء. ولإحدى هذه الدقائق (المُسمَّاة الميون) ساعة توقيت خاصة بها، إذ إنها تتحلل خلال فترة زمنية محددة تُسمَّى عمر النصف الفيزيائي، وهذه الفترة ثابتة حسب قوانين أينشتاين، لكن عندما يُسرَّع الميون داخل المُسرِّعات يتباطأ عمر نصفه الفيزيائي، أي أن الفترة اللازمة لتحلله تزداد. وتعاني الأشعة الكونية من تمدد الزمن أيضاً، وهذه الأشعة هي دقائق من بروتونات ذرية تأتي من الفضاء الخارجي بسرعة مقاربة لسرعة الضوء، ولولا تمدد الزمن لما وصلت إلى الأرض أصلاً.
السرعة إذن هي إحدى طرق الوثوب على المستقبل، والجاذبية طريق آخر. فقد اقترح أينشتاين فكرة أن الجاذبية تعرقل الزمن، وأن الساعة تسير أسرع على قمة الجبل منها على سطح البحر، الذي يكون أقرب من مركز الأرض ومجالها المغنطيسي. وبالطريقة نفسها تُسرع الساعة في الفضاء قياساً بالأرض. ومرة أخرى يكون الفارق ضئيلاً، وربما غير محسوس إلا باستخدام الساعة الذرية. لكن لا بد من حسبان الأمر لدى استخدام أنظمة تحديد الموقع الجغرافي GPS، وإلا فإن الطيارين وقباطنة السفن وصواريخ كروز الجوَّالة سيجدون أنفسهم بعيدين عن أهدافهم، وربما مسافة أميال عديدة. وعلى سطح النجوم، حيث تكون الجاذبية شديدة جداً، يتباطأ الزمن بنسبة 30% قياساً بزمن الأرض. وإذا ما رُصدت حركة الأشياء على سطح النجوم من الأرض، ستبدو وكأنها في فلم فيديو معروض بحركة سريعة. وتمثل الثقوب السوداء أعلى درجات تمدد الوقت، إذ يتوقف الزمن تماماً على سطحها قياساً بالأرض. وهذا يعني أنه إذا سقط المرء على ثقب أسود من مكان قريب إليه، فإن الزمن اللازم كي يصل إليه سيستغرق كل الزمن (سيستمر إلى الأبد) قياساً بزمن الأرض. ولهذا، فإن الزمن داخل الثقب الأسود يقع خارج حدود الزمن، وتتعلق هذه الحدود بحافات الثقب، فإذا استطاع أحدهم الاقتراب من حافة هذا الثقب والانفلات عائداً، فسيصبح بمقدوره أن يقفز عبر الزمن، لأن كل ما له علاقة بالماضي والحاضر والمستقبل يتجمد في مركز الثقب الأسود.

السفر على الماضي
تكلمنا فيما تقدَّم عن السفر إلى المستقبل، لكن ماذا بشأن العودة إلى الماضي؟
في عام 1948، جاء كورت غوديل، الفيزيائي في معهد برنستون للدراسات المتقدمة، بحل لمعادلات أينشتاين في المجال المغنطيسي، التي تصف الكون بأنه متمدد دوَّار. وفي مثل هذا الكون يصبح متاحاً للمسافر عبره أن يصل على ماضيه. ويعود السبب إلى الطريقة التي تؤثر فيها الجاذبية على الضوء. فدوران الكون سيجعل الضوء يتباطأ ومعه الأجرام التي تأخذ بالدوران في دائرة مغلقة، وكذلك الزمن الذي سيدور هو الآخر في دائرة مغلقة. وهذا يعني أن المستقبل يصبح ماضياً، والعكس صحيح، اعتماداً على تجاوز سرعة الضوء. وقد اعترف أينشتاين بضرورة الإقرار بأن نظريته قد تعني إمكان العودة إلى الماضي تحت ظروف مُعيَّنة (لعلـَّه عنى بذلك في حال تجاوز سرعة الضوء). وهناك سيناريو آخر يُفسِّر إمكان العودة إلى الماضي طرحه فرانك تبلر من جامعة طولون عام 1974، وفيه يقول: إنه إذا دار قرص ذو كتلة لانهائية على محوره بسرعة قريبة من سرعة الضوء، فإن من فيه سيعودون إلى ماضيهم.

الثقب الدودي
ولعل أكثر السيناريوهات قبولاً لفكرة آلة الزمن ما أُطلِق في ثمانينيات القرن العشرين مبنياً على مبدأ الثقب الدودي. فالثقب الدودي مجال طاقي يربط زمكانياً في الفضاء، ويمكن أن تنتقل خلاله الأشياء بسرعة هائلة عبر أكوان تفصل بينها أبعاد شاسعة. وهنا يقترب المفهوم من النسبية التي اقترحها أينشتاين، إذ لا تمدد الجاذبية الزمن فقط، وإنما الفضاء من حوله أيضاً. وهذا الأمر مشابه للفرق بين سلوك سيارة نفقاً في جبل، وسلوك أخرى طريقاً حوله، إذ يُختصر في الحالة الأولى الوقت والمسافة. لكن كيف نكوِّن ثقباً دودياً؟
الإجابة لدى فيزيائيي الكم، وعلى رأسهم العالم ثورن. وذلك عن طريق تكوين المادة المثيرة أو الطاقة السلبية. وبهذه الوسيلة يمكن توليد مضاد للجاذبية لمقارعة سحب الثقوب السوداء للأجرام العملاقة. فمضاد الجاذبية، أو القوة النافرة، يمكن تخليقهما بالطاقة السلبية أو الضغط. والمادة المثيرة موجودة في بعض أنظمة الكم، أي أن المادة المثيرة موجودة حسب قوانين الفيزياء. لكن من غير المعروف مقدار الكم اللازم من المادة المثيرة لخلق ثقب دودي. وفي حال معرفة ذلك سيصبح بالمستطاع بناء آلة الزمن، لكن هذه الآلة ستكون باتجاه واحد، إما المستقبل أو الماضي، ولا يمكن العودة إلى نقطة البداية في كلا الحالتين.

إرهاصات
وعلى افتراض أن المشكلات الهندسية المتعلقة بخلق آلة الزمن باستخدام الثقب الدودي قد حُلـَّت، فإن إنتاج مثل هذه الآلة سيسبب مشكلات عويصة لا يمكن قبولها أو تفسيرها، ومنها على سبيل المثال: موقف ذلك المرتحل إلى الماضي، الذي يقتل أمه وهي لا تزال طفلة. فإن هي ماتت، فكيف ستنجب هذا الرائد المرتحل مستقبلاً؟ وإذا لم يكن المرتحل قد وُلِد، فكيف تسنى له قتل أمه؟
وهكذا، فهناك من يفترض أن زواراً من المستقبل يعترضون حياتنا ليوقفوا فعلاً مُعيَّناً لا يُفترض حصوله، وليكن إنقاذ تلك الفتاة، التي قُيِّض لها أن تكون أم الرائد المرتحل مثلاً. وإذا ما أُطلق العنان لخيالنا أن يجمح وراء هذه الإرهاصات، فسندخل على مضامير قدرية لا يتمكن علم الفيزياء ولا ميكانيك الكم من إيجاد منفذ فيها.



العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..
Political and Cultural Weekly Published by S.C.P

غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: مقالات عامة في علم الفلك


...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو prince of darkness
prince of darkness
عضو
°°°
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم

مقالة ثانية اكثر شمولا اقتبستها بخصوص هذا الموضوع

امير الرافدين - العراق
------------------------------------------------

حقيقة السفر في الزمان


هل يمكننا أن نسافر إلى الماضي, أو نرحل إلى المستقبل?
سؤالان أجابت عنهما أساطير الشعوب وقصص الخيال العلمي. لكنهما لم يكونا أبدًا بعيدين عن اهتمام البحث العلمي المتقدم.
في عام 1971 قام العلماء بتجربة حول نسبية الزمان, فتم وضع أربع ساعات ذرية من السيزيوم على طائرات نفاثة تقوم برحلات منتظمة حول العالم, في اتجاهات شرقية وغربية. وبمقارنة الأزمنة التي سجلتها الساعات على الطائرات مع الزمن الذي سجل بمرصد البحرية الأمريكية, وجد أن الزمن المسجل على الطائرات أبطأ منه على الأرض بفارق ضئيل يتفق مع قوانين النسبية الخاصة. وفي عام 1976 وضعت ساعة هيدروجينية في صاروخ وصل إلى ارتفاع 10000 كيلومتر عن سطح الأرض, حيث أصبحت الساعة على الصاروخ في مجال جاذبي أضعف منه على سطح الأرض. وقورنت إشارات الساعة على الصاروخ بالساعات على الأرض, فوجد أن الساعة على الأرض أبطأ منها على الصاروخ بحوالي 4.5 جزء من عشرة آلاف مليون من الثانية, بما يتفق مع تنبؤات النسبية العامة بدقة عالية. والساعة الهيدروجينية الحديثة تعمل بدقة يعادل فيها الخطأ ثانية واحدة في كل ثلاثة ملايين سنة. وهذه القياسات تثبت - بلاشك - الظاهرة المعروفة (بتمدد) الزمن, والتي تعد أهم تنبؤات النظرية النسبية. فالتجربة الأولى تثبت أن الزمن (يتمدد) كلما ازدادت سرعة الجسم, أما التجربة الثانية فتثبت أن الزمن (يتمدد) إذا تعرض الجسم لمجال جاذبي قوي.
و(تمدد) الزمن في هذا السياق ليس مفهومًا فيزيائيًا نظريًا خاصًا بالأجسام الدقيقة دون الذرية, وإنما هو (تمدد) حقيقي في الزمن الذي يحيا فيه الإنسان. فلو زادت سرعة إنسان ما (في سفينة فضاء مثلا) إلى حوالي 87% من سرعة الضوء, فإن الزمن يبطؤ لديه بمعدل50%. فلو سافر على السفينة لمدة عشرة أعوام - مثلا - فسيجد ابنه المولود حديثًا قد أصبح عمره عشرين عامًا, أو أن أخيه التوأم يكبره بعشرة أعوام. إن (تمدد الزمن) والسفر في الزمن, بهذا المعنى, هو حقيقة مثلما أن الأرض كروية وأن المادة تتكون من ذرات وأن تحطيم الذرة يطلق طاقة هائلة. كما أن السفر بسرعة تقترب من سرعة الضوء هو أمر ممكن فيزيائيا وتكنولوجيا, فقد اقترح أحد العلماء تصميم سفينة فضائية تعتمد على محرك دمج نووي يستخدم المادة المنتشرة في الفضاء كوقود, وأن يتم التسارع بمعدل 1ج (وهو معدل التسارع على الكرة الأرضية). وفي تصميم كهذا يمكن أن تصل سرعة السفينة إلى سرعة قريبة من سرعة الضوء خلال عام واحد, وبالتالي يبطؤ الزمن إلى حد كبير, وبالنظر إلى التطور المستمر للتكنولوجيا حاليًا يصبح من المعقول تمامًا افتراض وصول تكنولوجيتنا في المستقبل إلى بناء مثل هذه السفينة النجمية. ويرى عالم الفلك كارل ساجان أن هذا يمكن أن يحدث خلال عدة مئات من السنين. وبناء على ذلك كون مجموعة من العلماء يرأسها الأمريكي كيب ثورن والروسي إيجور نوفيكوف ما أسموه بـ(كونسورتيوم) روسي - أمريكي لتحقيق تقنية تسمح بتكوين آلة للسفر في الزمان.
فماذا تعني هذه الحقائق بالنسبة لغير المتخصص في الفيزياء? هل تعني أن مفهومنا (الطبيعي) عن الزمن قد تغير? وكيف يمكن أن يكون العالم في ظل إمكان السفر عبر الزمان? وهل هذا مجرد خيال علمي? أم أنه يمكن أن يحدث فعلاً في المستقبل? هذه ليست سوى بعض التساؤلات التي تفرضها تلك الحقائق العلمية المحيرة.



ما الزمن?
لا يمثل الزمن بالنسبة للإنسان العادي سوى تتابع المواقيت الناتج عن شروق الشمس وغروبها وعن دوران الأرض حول الشمس, والقمر حول الأرض. أما الزمن عند العلماء فهو مفهوم أساسي لابد منه لضبط التجربة العلمية. ففي عصر العلم الحديث أصبح من الضروري طرح تصوّر للأسلوب العلمي يكفل إجراء التجربة العلمية بواسطة علماء مختلفين وتحقيق النتائج نفسها, وذلك يستلزم وجود مقياس دقيق للزمن ومرجعية ثابتة له بالنسبة لجميع العلماء. وكان هذا التصوّر هو التصوّر النيوتوني للزمن المطلق, فحسب اسحق نيوتن (الزمان المطلق الحقيقي, الرياضي, ينساب من تلقاء نفسه وبطبيعته الخاصة, باطراد دون علاقة بأي شيء خارجي, ويطلق عليه اسم الديمومة). وفي واقع الأمر كانت النظرة النيوتونية للكون ذي الزمان والمكان المطلقين ناجحة في تفسير 99% من حقائق الكون, وتمكنت من تحقيق تقدم كبير في العلم الحديث. ولكن مع تقدم العلم وزيادة دقة الملاحظات تكشفت العديد من الظواهر التي أدت إلى الشك في الصحة المطلقة للنظرة النيوتونية. فحسب قوانين نيوتن يجب أن تتغير سرعة الضوء بحسب سرعة واتجاه حركة مصدره, ولكن العلماء اكتشفوا في تجربة مشهورة, هي تجربة (ميكلسون - مورلي) عام 1887, أن سرعة الضوء ثابتة بغض النظر عن سرعة مصدره وعن اتجاه حركته. كما تبين من قياس حركة كواكب المجموعة الشمسية أنها تتفق مع نظرة نيوتن فيما عدا كوكب عطارد, حيث وجد فرق ضئيل جدا بين حسابات ميكانيكا نيوتن وحركته في الواقع, بالإضافة إلى هذا وذاك تعارضت ميكانيكا نيوتن مع نظرية جيمس كلارك ماكسويل عن الموجات الكهرومغناطيسية والتي تتعامل مع الضوء على أنه موجات وعلى أن سرعته ثابتة. ولم يكن هناك مفر من ظهور نظرية النسبية, فقدم ألبرت أينشتين نظرية النسبية الخاصة عام 1905 والنسبية العامة عام 1915.
وكان من أهم نتائج النسبية العامة تغير نظرتنا إلى الكون, فالمكان والزمان ليسا خلفية ثابتة للأحداث, وإنما هما مساهمان نشيطان في ديناميات الكون. والفكرة الأساسية هي أنها تضم (بعد) الزمان إلى أبعاد المكان الثلاثة لتشكّل ما يسمى بمتصل (الزمكان). وتدمج النظرية تأثير الجاذبية بأن تطرح أن توزيع المادة والطاقة في الكون (يحني) و(يشوه) الزمكان بحيث أنه لا يكون مسطحا, ولما كان (الزمكان) منحنيا فإن مسارات الأجسام تظهر منحنية, وتتحرك كما لو كانت متأثرة بمجال جذبوي. وانحناء (الزمكان) لا يؤدي فقط إلى انحناء مسار الأجسام ولكنه أيضًا يؤدي إلى انحناء الضوء نفسه. وقد وجد أول برهان تجريبي لذلك عام 1919 حينما تم إثبات انحناء الضوء الصادر من أحد النجوم عند مروره بجوار الشمس بتأثير مجاله الجذبوي. وتم ذلك بمراقبة الموقع الظاهري للنجم خلال كسوف الشمس ومقارنته بموقعه الحقيقي. فالزمكان ينحني بشدة في حضور الأجسام ذات الكتلة الضخمة, ويعني ذلك أن الأجسام تنحرف في المكان أثناء الحركة وكذلك تنحني في الزمان بأن تبطئ زمنها الخاص نتيجة للتأثير الجذبوي لتلك الكتلة. فإذا تصوّرنا فضاء رباعي الأبعاد له ثلاثة أبعاد تمثل المكان وبعدا رابعا للزمان ورسمنا خط الحركة المنحنية للجسم مع تباطؤ الزمن على المحور الرابع, ظهر لنا (الزمكان) منحنيا بتأثير الكتلة الجاذبة.


الثقوب السوداء


في العام نفسه الذي ظهرت فيه النسبية العامة 1916 وطرح فكرة انحناء (الزمكان), أثبت الفلكي الألماني كارل سفارتسشيلد أنه إذا ضغطت كتلة (ك) في حدود نصف قطر صغير بما فيه الكفاية, فإن انحراف (الزمكان) سيكون كبيرا بحيث لن تتمكن أي إشارة من أي نوع من الإفلات, بما فيها الضوء نفسه, مكونا حيّزا لا يمكن رؤيته, سمي فيما بعد (الثقب الأسود). ويحدث ذلك عند انهيار نجم تتجاوز كتلته كتلتين شمسيتين, حيث ينضغط ويتداخل بفعل قوته الجاذبة حتى تكون كل مادة النجم قد انضغطت في نقطة ذات كثافة لامتناهية, تسمى نقطة التفرد الزمكاني. وأي شعاع ضوء (أو أي جسم) يرسل داخل حدود الثقب الأسود, ويسمى أفق الحدث, يسحب دون هوادة إلى مركز الثقب الأسود. ومن الناحية النظرية يبدو أنه عند الاقتراب من الثقب الأسود تتزايد انحناءة (الزمكان) حتى تبلغ أفق الحدث, الذي لا نستطيع أن نرى ما وراءه. ورغم أن فكرة وجود نجم بهذه المواصفات ترجع إلى العالم جون ميتشيل الذي قدمها في ورقة بحث عام 1783, إلا أن مساهمة سفارتسشيلد تكمن في أنه قدم حلولا للمعادلات التي تصف انهيار النجم إلى ثقب أسود على أساس نظرية النسبية. واتضح لاحقًا أن سفارتسشيلد لم يصل إلى حل واحد للثقب الأسود, وإنما إلى حلين, وهو شيء يشابه الحل الموجب والحل السالب للجذر التربيعي. فالمعادلات التي تصف الانهيار النهائي لجسم يقتحم الثقب الأسود تصف أيضا, كحل بديل, ما يحدث لجسم يخرج من الثقب الأسود (يطلق عليه في هذه الحال أحيانا (الثقب الأبيض)). وبذلك يبدو أننا إذا ما تابعنا انحناء الزمكان داخلالثقب الأسود يبدو لنا وكأنه ينفتح مرة أخرى على زمكان آخر, فكأنما الثقب الأسود يربط (زمكان) كوننا (بزمكان) مختلف تمام الاختلاف, ربما (زمكان) لكون آخر.
ولكن المشكلة كانت في أن أي مادة تدخل مثل هذا الثقب الأسود ستسقط حتمًا في التفردية المركزية لتنسحق بشكل يخرج عن فهمنا. ولكن مع تقدم الأبحاث وجدت هذه المشكلة حلا, فقد ثبت أن كل الأجسام المادية في الكون تدور سواء كانت مجرات أو نجوما أو كواكب, ومن ثم فإننا نتوقع أن تدور الثقوب السوداء بالمثل. وفي تلك الحال يمكن أن يدخل جسم ما إلى الثقب الأسود ويخرج من الناحية الأخرى دون أن يمر بالمفردة ويتحطم, وذلك بتأثير دوران الثقب الأسود. وفي عام 1963 نشر روي كير حلول آينشتين لمعادلات المجال المتعلقة بالثقوب السوداء الدوّارة, وبينت أنه ينبغي أن يكون من الممكن من حيث المبدأ الدخول إلى ثقب أسود دوار من خلال ممر يتجنب التفردية المركزية (نقطة الانسحاق) ليظهر على ما يبدو في كون آخر, أو ربما في منطقة (زمكان) أخرى في كوننا ذاته, ويتحول بذلك الثقب الأسود إلى ما يسمى بالثقب (الدودي). وبذلك تثير هذه النتيجة بشكل قوي إمكان استخدام الثقوب السوداء بوصفها وسيلة للسفر إلى الماضي بين أجزاء مختلفة من الكون والزمان.

وسائل السفر في الزمان
إن فكرة استخدام الثقوب السوداء في السفر عبر الزمان تعتمد على أنه من الممكن عندما يحدث انحناء شديد (للزمكان) أن يحدث اتصال بين نقطتين متباعدتين في (الزمكان). وبالتالي إذا تحقق مسار مغلق (للزمكان) يمكن العودة إلى نقطة البدء في الزمان والمكان, أي السفر إلى الماضي. ويرى بعض العلماء أن السفر إلى الماضي يحدث حقا ولكن على المستوى الميكروسكوبي, حيث تتكون ثقوب سوداء ميكروسكوبية نتيجة نشوء مجالات تلقائية من الطاقة السلبية كأحد تأثيرات نظرية الكم. وفي هذه الثقوب تتردد الجسيمات/الموجات دون الذرية بين الماضي والحاضر, ولكن هذه الثقوب لا تدوم إلا لأجزاء ضئيلة جدًا من الثانية.
وطرحت فيما بعد عدة أفكار للسفر عبر الزمان تعتمد بشكل أو بآخر على فكرة المسار المغلق للزمكان. فطرح البعض الاعتماد على ما يسمى (بالأوتار الكونية), وهي أجسام يفترض أنها تخلفت عن (الانفجار العظيم) لها طول يقدر بالسنين الضوئية, ولكنها دقيقة جدا إلى حد انحناء (الزمكان) بشدة حولها. فإذا تقابل وتران كونيان يسير أحدهما عبر الآخر بسرعة الضوء تقريبًا تكون منحنى مغلق للزمكان يستطيع المرء اتباعه للسفر في الماضي. وقدم فرانك تبلر عام 1974 فكرة للسفر عبر الزمان تعتمد على أن اسطوانة كثيفة الكتلة سريعة الدوران سوف تجر (الزمكان) حولها مكونة مسارات زمنية مغلقة. وفي عام 1949 أثبت الرياضي الشهير كورت جودل أن الكون يمكن أن يكون دوارًا, بمعدل بطيء جدا, وأنه يمكن أن يترتب على ذلك مسار مغلق في الزمكان.
أما كيب ثورن وزملاؤه فقد وضعوا تصميمًا لآلة للسفر في الزمن تعتمد على تخليق ثقب دودي ميكروسكوبي في المعمل, وذلك من خلال تحطيم الذرة في معجل للجسيمات. ثم يلي ذلك التأثير على الثقب الدودي الناتج بواسطة نبضات من الطاقة حتى يستمر فترة مناسبة في الزمان, ويلي ذلك خطوة تشكيله بواسطة شحنات كهربية تؤدي إلى تحديد مدخل ومخرج للثقب الدودي, وأخيرًا تكبيره بحيث يناسب حجم رائد فضاء بواسطة إضافة طاقة سلبية ناتجة عن نبضات الليزر.
وقد أدت تلك التصوّرات النظرية لإمكان السفر إلى الماضي إلى مناقشة التناقضات الناتجة عن ذلك, كمثل أن يسافر المرء إلى الماضي ليقتل جدته قبل أن تحمل بأمه, أو أن يؤثر على مسار التاريخ فيمنع الحروب مثلا... إلخ. ورأى بعض العلماء أنه يمكن حل تلك المفارقات من خلال مفهوم المسارات المتوازية للتاريخ بحيث يكون لكل إمكان مسار مستقل للأحداث. فيكون العالم بعد تغيير أحداثه في الماضي عالمًا مستقلاً موازيًا. وفي الوقت الحالي لا تمثل تلك المناقشات سوى أفكار تأملية فلسفية وليست علمية, فلم يسافر أحد إلى الماضي حتى الآن. ويؤيد ستيفن هوكنج العالم المشهور بأبحاثه عن الثقوب السوداء ونشأة الكون فكرة حدوث السفر في الماضي على المستوى الميكروسكوبي, ولكنه يرى أن احتمال أن يكون هناك انحناء في الزمكان يكفي لوجود آلة للزمان تسمح بالسفر في الماضي هو صفر. ويرى أن هذا يدعم ما يسميه (حدس حماية التتابع الزمني) الذي يقول إن قوانين الفيزياء تتآمر لمنع الأشياء الميكروسكوبية من السفر في الزمان. ويرى بول ديفيز أن وجود جسر للزمان ما هو إلا مفهوم مثالي لا يضع في حسبانه الموقف الفيزيائي اللاواقعي للثقب الأسود في الكون, وأنه من الأرجح أن هذا الجسر المثالي, لابد أن يتحطم داخل الثقب الأسود. ومع ذلك فإن ما يجري داخل الثقب الأسود سيظل مثيرًا للبحث العلمي والتأمل العقلي, وأنه يستطيع أن يكشف لنا عن مزيد من جوانب الطبيعة التي يتسم بها الزمان.
فالعلماء في واقع الأمر يختلفون في تقدير إمكان السفر في الماضي, وإن كانت الغالبية ترى أن هذا غير ممكن. ويذكر ستيفن هوكنج أن كيب ثورن يعتبر أول عالم جاد يناقش السفر في الزمان كاحتمال عملي. وهو يرى أن ذلك له فائدة في كل حال, فعلى الأقل سيمكننا من أن نعرف لم لا يمكن السفر في الماضي? وأن فهم ذلك لن يتأتى إلا بعد الوصول إلى نظرية موحدة للكم والجاذبية (النظرية الموحدة للقوى), وسيظل تفسير ما يحدث للمادة داخل الثقب الأسود أو في مسار زمكاني مغلق مبهمًا بالنسبة إلينا.

-------------------
تخبرنا نظرية النسبية العامة بأن الزمن الخاص بالجسم (أي معدل تغيره) يكون أبطأ إذا تحرك بسرعة أكبر أو إذا تعرض لمجال جاذبي قوي, أي إذا تأثرت طاقته الكلية. وذلك في حين تخبرنا النظرية المعيارية للذرة بأن مكونات الذرة, (وبالتالي كل الأجسام) تتراوح ما بين الحالة الجسيمية والحالة الموجية. فإذا كان الزمن الخاص بالجسم هو معدل تغيره, فإن الارتباط بين طاقة الجسم ومعدل تغيره, كما تخبرنا نظرية النسبية العامة, يكون أمرا مقبولا. كما أن تأثر المسافات داخل الذرة (وبالتالي طول الجسم) بتغير طاقة الجسم يكون أمرا مقبولا أيضا.
فإذا اقتصر تصورنا على أن الزمن ليس إلا تعبيرا عن قياس معدل التغير لجسم ما أصبح واضحا أن هذا التغير لا يمكن الحديث عنه بعد حدوثه كأنه موجود يمكن الذهاب إليه (في الماضي). ولا يمكن أيضا الحديث عنه باعتباره موجودا في المستقبل وأننا يمكننا الذهاب إليه. والسبيل الوحيد للحديث عنه هو باعتباره معلومات محفوظة في الذاكرة لا تتمتع بأي وجود, مستقل لا في الماضي ولا في المستقبل. فواقع ان (التغير) في ظروف معينة يمكن أن يكون أسرع منه في ظروف أخرى لا يعني أن الانتقال من هذه إلى تلك ثم العودة يعني السفر إلى المستقبل إلا بمعنى مجازي. فالسفر على متن سفينة فضاء تسير بسرعة تقترب من سرعة الضوء ثم العودة إلى الأرض بعد أن يكون قد مر عليها عشرة آلاف عام مثلا لا يعني سوى أن التغير على متن السفينة أبطأ منه على ظهر الأرض بهذه الفترة. والسبب في وجود هذا النوع من التصورات (مثل السفر إلى الماضي والمستقبل) والمرتبطة بالنسبية العامة, هو أن النسبية العامة نظرية مرتبطة بظواهر الأجسام فقط, وليست مرتبطة ببنية وجودها المادي, كما هي الحال في نظرية الكم. فنسبية الزمن هي (ظاهرة) ولكن سببها المباشر المرتبط ببنية الوجود دون الذري لا يزال مجهولا, وذلك بسبب غياب النظرية الموحدة للكم والجاذبية. وبسبب غياب هذه النظرية تسود نظريات الخيال العلمي والتي لا ترقى لأن تكون نظريات علمية تجريبية, وبسبب غياب هذه النظرية أيضا تختلف الآراء بين العلماء.
فباعتبار أن الزمن هو (التغير) وأنه ليس له وجود مستقل ولا لمنحنى الزمكان المغلق, فإنه لا يكون من معنى للسفر إلى المستقبل إلا بمعنى مجازي. فنحن نسافر في المستقبل بمعدل يوم واحد كل يوم, ونستطيع أن نسافر بمعدل أبطأ من ذلك إذا تحركنا بسرعة أكبر

صورة رمزية إفتراضية للعضو prince of darkness
prince of darkness
عضو
°°°
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم

مقاله اخرى حول نفس الموضوع
واني مستعد ان تعسر فهم اي شي من المقالات ال3 ان اشرحه لمن يحب

امير الرافدين - العراق
-----------------------------

اعتدنا في العقود القليلة الماضية مشاهدة أفلام تتحدث عن فكرة السفر في الزمن أو قراءة روايات تستعمل في حبكتها الروائية نفس المبدأ. أناس

يتنقلون من الحاضر إلى الماضي إلى المستقبل، يغيرون مسارات الأحداث الماضية فتتغير معها أحداث الحاضر وبالتالي المستقبل.
فكرة السفر في الزمن Time Travel هي إحدى الأفكار التي طالما

شغلت عقول البشر. فلنتخيل إمكانية الانتقال إلى الماضي لمقابلة عظماء التاريخ أو لرؤية الأحداث الكبرى التي شكلت حاضر الإنسان اليوم أو

لرؤية الواقع الذي كان موجوداً على كوكب الأرض حتى قبل وجود البشر؛ لمشاهدة الديناصورات تجول الأرض، أو أكثر من ذلك، فلنتخيل أنه يمكننا

الانتقال إلى المستقبل لرؤية ما سيصبح عليه حال الإنسان.

ما مدى صحة هذا المفهوم؟ هل (من الناحية العلمية النظرية البحتة) يمكننا التنقل في الزمن؟ هل هذه الأفلام

أو الروايات مجرد خيال علمي أم أن جزئيات بسيطة منها تعتمد – ولو بشكلٍ سطحي – على مفاهيم علمية؟



مفهوم الزمن:

علينا بدايةً تحديد معنى الزمن. حسب تعريف قاموس أكسفورد الإنجليزي The

Oxford English Dictionary فالزمن هو "الامتداد المحدود أو الفراغ المُكوَّن من الوجود

المستمر". في القاموس الانجليزي المتقدم Advanced English Dictionary، هو "المسار المستمر من

التجارب التي تمر فيها الأحداث من المستقبل إلى الحاضر إلى الماضي". فبنظرنا إلى ساعة يدنا فإننا نرى عقرب الثواني يتحرك وبهذه الحركة

فإنه يقوم بعدّ الثواني التي أصبحت في تعداد الماضي.

العالم الشهير كارل ساغان (Carl Sagan 1934-1996

) يرفض فكرة أن الزمن هو امتداد أو تدفق؛ فهو يقول أنه "إذا كان الزمن هو تدفق أو امتداد، فمقارنةً مع ماذا سنعتبره

متدفقاً أو ممتداً. الزمن لا يمكن قياسه بواسطة الأحداث ولا يمكننا قياسه بواسطة الزمن نفسه".

الزمن هو شيء لا يمكننا أن نلمسه أو نراه و لكننا نرى آثاره. يمكننا رؤية آثاره على أجسامنا؛ فهي تكبر ثم تهرم ثم تموت والأمر نفسه ينطبق

على الكثير من الأشياء الأخرى.
الزمن هو البعد الرابع في الكون The Fourth Dimension of the

Universe.

فالزمن إذاً هو هذا الفراغ الممتدة فيه الأحداث متحركة بإتجاه واحد هو المستقبل فالحاضر فالماضي. بكلماتٍ أخرى، فإن ما هو في الغد بالنسبة

لشخصٍ ما هو المستقبل وعندما يمر اليوم ويصبح ذلك الشخص في اليوم التالي "الغد: بمفهوم الأمس" فإن مستقبله تحوّل بذلك إلى

حاضره... وبمرور يومٍ آخر، فإن حاضره انتقل ليصبح ماضيه.


تحديد مفهوم السفر في الزمن:

بشكلٍ ما، فإن الإنسان يقوم بعملية السفر في الزمن طوال حياته. فكما ذكرنا سابقاً هو يتحرك في الفراغ الزمني باتجاهٍ واحدٍ منذ ولادته وحتى

موته. إذاً بهذا المفهوم، السفر في الزمن هو حقيقة فعلاً.
لكن ما نتحدث عنه هنا هو الانتقال من لحظة معينة الآن والذهاب إلى لحظة انتهت في الماضي لنعيشها وكأنها الحاضر أو أن نذهب الى المستقبل

فوراً دون انتظار عداد الزمن الطبيعي لحياة أيٍّ منا. هل هذا ممكن؟

هذه الأفكار كانت موجودة منذ الأزل، ولكن أول من جعل التفكير بها بصورةٍ علميةٍ ممكناً هو آلبرت

آينشتين (Albert Einstein 1879-1955) في نظريتيه النسبية الخاصة والنسبية

العامة. حيث أوضح لنا فيهما أنه بوجود إحداثيات هندسية مناسبة في الزمكان1 (Space

-Time) أو وجود تحركات معينة في الفضاء، فإن السفر في الزمن باتجاه الماضي أو المستقبل يصبح ممكناً.

في نظريتيه اللتين غيرتا نظرتنا الى الكون ككل، يشرح لنا آينشتين أن الزمان

والمكان هما وجهان لنفس الشيء كما أن المادة والطاقة هما وجهان لنفس الشيء، ومن الجملة الثانية حول المادة والطاقة، أمكن وضع المعادلة

الشهيرة ²E = m c التي أوصلتنا إلى الاستفادة من الطاقة النووية.


في النظرية النسبية الخاصة، يؤكد آينشتين أنه لا يمكننا أبداً الوصول إلى سرعة

الضوء أو، بالتالي، تجاوزها.
و لكن في نفس الوقت فإن النظرية نفسها تصرح لنا بأن الزمن يمر بشكل يزداد تباطؤاً كلما ازدادت سرعة الجسم المتحرك. فمثلاً، الساعة

الموجودة على متن طائرة تتحرك بسرعة كبيرة ستكون حركة عقاربها أبطأ من عقارب ساعة أخرى ثابتة عند مراقبة كلتيهما من قبل مراقب ثابت.

وهذا تم إثباته عن طريق استخدام ساعتين ذريتين توأمتين (أي تم ضبطهما على نفس التوقيت). تم وضع إحداهما على متن طائرة و الأخرى

بقيت ثابتة على الأرض وعند انتهاء رحلة الطائرة تم أخذ الوقت من كلتيهما فوُجِد أن الساعة التي كانت على متن الطائرة تأخرت في توقيتها ببضع

الأجزاء من الثانية.

إذاً فبزيادة سرعة جسم معين سيستمر الزمن لديه بالتباطؤ. وباستمرار هذا التباطؤ، وبوصول حركته إلى سرعة تقارب سرعة الضوء، فإن هذا

سيجعل الزمن لديه يتوقف. وحسب العديد من العلماء، فمعنى هذا أنه عند التمكن من تجاوز سرعة الضوء، فإن عداد الزمن سيبدأ بالتحرك بشكلٍ

عكسي. أو بكلماتٍ أخرى، سيبدأ بالعودة إلى الوراء في الزمن.

بهذا المفهوم، وبتجاوز سرعة الضوء، فإن السفر في الزمن باتجاه الماضي سيصبح ممكناً. الحديث هنا هو من

الجانب النظري فقط. ولكن لماذا تؤكد النظرية استحالة الوصول إلى سرعة الضوء؟ ما المانع من أن نصل في يومٍ ما إلى السفر بسرعة الضوء

أو نتجاوزها؟ ألم يتمكن الإنسان من تجاوز سرعة الصوت؟

نعم لقد تمكن الإنسان من كسر حاجز الصوت، لكن لا يمكننا فعلاً أن

نقارن سرعة الصوت بتلك الخاصة بالضوء. سرعة الصوت في المعدل هي حوالي 1225 كم/الساعة أي أنها لا تتجاوز الـ

0.3403 كم في الثانية.. في حين أن سرعة الضوء هي حوالي 300000 كم/الثانية.

كذلك فبحسب معطيات النظرية النسبية، فإنه بازدياد سرعة حركة جسم معين فإن كتلته النسبية تزيد بشكلٍ طردي مع سرعته وبوصوله إلى سرعة

الضوء، تصبح كتلته لانهائية مما يمنع امكانية الوصول إلى هذه السرعة مهما حاولنا.

لكن عند الحديث عن زيادة السرعة والوصول إلى سرعة الضوء و استحالتها، فإننا – حتى معلوماتنا الحالية – نقول باستحالة السفر إلى

الماضي. لكن ما هي إمكانية السفر إلى المستقبل؟

المصاعب النظرية مع السفر إلى المستقبل هي أقل بكثير. والعديد من العلماء يؤكدون أنها (من الناحية النظرية) ممكنة.

العامل المهم هنا هو عدم قدرتنا على الوصول إلى سرعة الضوء مما يعني أنه عند تمكن شخص ما من السفرعلى متن مركبة فضائية بسرعة تقارب

سرعة الضوء، كما هو مذكور سابقاً، فإن هذا يعني أن الزمن لديه سيتباطأ بشكل كبير جداً. هو لن يلاحظ هذا التباطؤ بنفسه؛ و لكن لو أمكن (

بشكل جدلي) لشخص من الأرض أن يشاهده على متن المركبة و هو يربط حذائه، فستبدو هذه العملية للمراقب من الأرض وكأنها تستغرق

دهوراً. وعند عودة المسافر إلى الأرض، قد تكون الرحلة بالنسبة له قد استغرقت أياماً قليلة ولكن على الأرض سيجد أن عشرات الأعوام وربما

قرن أو أكثر من الزمان قد مرّ.

آلة الزمن:

في معظم الروايات التي تمت كتابتها حول مفهوم السفر في الزمن، كانت هناك دائماً آلة يصعد إليها المخترع و يحدد التاريخ الذي يريد التوجه إليه (سواء في الماضي أو في المستقبل) ثم يشغلها و ينطلق بها في الزمن.

العلماء يحدثوننا الآن عن الإمكانية النظرية للسفر في الزمن. لكن دون أية آلات.
العديد من النظريات تتحدث عن ظواهر طبيعية ستكون هي الوسيلة التي ستمكننا من الانتقال من زمن لآخر.

الثقب الأسود (Blackhole): عند وصول نجم ٍ ما – ذا حجم ٍ يزيد أربع مرات عن حجم شمسنا – إلى نهاية عمره باستهلاكه لكل وقوده النووي، يبدأ في الانهيار تحت ضغط وزنه. هذا الانهيار يُكوّن ثقبا ً أسودا ً.
للثقب الأسود حقل جاذبية شديد الفاعلية لدرجة تمنع أي شيء (حتى الضوء) من الإفلات. يمكننا تخيل شكل الثقب الأسود بتشبيهه بمخروط واسع من الأعلى و يضيق جداً من الأسفل حتى يصل الى نقطة. يعتقد العديد من الفيزيائيين أن دخول جسم معين في هذه النقطة سيمكنه من النفاذ منها إلى جانبٍ آخر قد يكون زمناً آخر أو كوناً آخر يسميه العلماء الكون الموازي Parallel Universe .

الثقب الدودي (Wormhole): أو ما يسمى بجسر آينشتين – روزين... بالاعتماد على معطيات النظرية النسبية التي تنص على أن كل كتلة تقوم بتقويس الزمكان Curving Space-time ، فإنه بوجود كتلتين متساويتين في نقطتين مختلفتين من الفضاء فإنهما تقومان بعمل تقوسين متماثلين في الزمكان وبالتقاء القوسين يتم تكوين نفق يوصل نقطة الكتلة الأولى بنقطة الثانية. هذا النفق هو ما يسمى بالثقب الدودي.

يعتقد الفيزيائيون أن هذا النفق، لو تم العثور عليه، سيكون أفضل آلة تنقل مركبة فضاء، مثلاً، من الأرض إلى مجرة تبعد عنا ملايين السنين الضوئية2 في زمن قصير جداً نسبياً. بإعطاء مثال عملي؛ النجم سيريوس Sirius الموجود على بُعد تسع سنوات ضوئية من الأرض ( أي حوالي 90,000,000,000,000 كم) سيكون من الصعب – إن لم نقل من المستحيل – أن يتمكن طاقم بشري من الوصول إليه طبقاً لسرعات السفر في المركبات الفضائية المعروفة اليوم. ولكن إذا تمكنا من العثور على ثقب دودي فإنه سيمكننا من الانتقال من الأرض إلى النجم سيريوس في أيام قليلة. ما علاقة كل هذا بالسفر في الزمن؟ لنتذكر دائماً أن زيادة السرعة في الحركة تؤدي الى الإنتقال بشكلٍ تلقائي إلى المستقبل.

المشاكل المنطقية للسفر في الزمن:

عند النظر الى إمكانية السفر الى الماضي، تظهر لنا (بالتفكير المنطقي) بعض المشاكل التي تسمى Paradoxes أو المفارقات وهي حقائق تناقض نفسها.

- فيما يسمى بمفارقة الجد Grandfather Paradox، لو تمكن شخصٌ ما من السفر إلى الماضي وقام بقتل جده قبل زواجه من جدته. في هذه الحالة لن يكون ممكناً وجود هذا الشخص من الأساس. فكيف كان ممكناً إذاً أن يذهب ليقتل جده حينما لم يكن هو موجودٌ أصلاً؟

- لو تمكن شخصٌ من الذهاب إلى الماضي السابق لولادته هو، فكيف يمكن له أن يكون موجوداً؟ على فرض أنه وُلد في العام 1948، فكيف له أن يكون موجوداً في العام 1910 بينما لم يكن هو موجودٌ أصلاً؟

- لو تمكن شخصٌ من العودة الى زمن الموسيقي باخ وأخبره أنه يعتبرمن الرجال العظماء في زمننا، وأعطاه يداً بيد كل السيمفونيات الموسيقية التي سيؤلفها في مستقبله (أي في مستقبل باخ نفسه). فيأخذ باخ المعزوفات و يعيد كتابتها بنفسه ناسخاً إياها من تلك التي قدمها له ذلك الشخص. في هذه الحالة، باخ لم يؤلف بعد هذه السيمفونيات هو قام فقط بنسخها. بذلك هل ستوجد سيمفونيات لم يقم أحد بتأليفها؟

المحصلة النهائية:

بعض العلماء يرفضون فكرة السفر في الزمن من أساسها و منهم العالم ستيفن هوكنغ Stephen Hawking (المولود في العام 1942) والذي يؤكد أنه إذا كان المبدأ ممكناً، فلماذا إذاً لا نرى حولنا الآن الكثير من المسافرين في الزمن Time Travelers القادمين من المستقبل لرؤيتنا و رؤية حاضرنا – الذي هو الماضي بالنسبة لهم؟

هذه الحجة تماثل نظرية الفيزيائي إنريكو فيرمي (Enrico Fermi 1901 –1954) القائلة بعدم وجود حضارات متقدمة (غير تلك الموجودة على كوكبنا) في الكون وإلا فلماذا إذاً لا نشاهدهم يأتون إلى كوكبنا بشكل دوري و دائم؟ لماذا لا نشاهد مركباتهم الفضائية تهبط على أرضنا؟

الحقيقة التي يركز عليها العالم الراحل كارل ساغان هي أن عدم وجود زوار من كواكب أخرى نراهم يهبطون بمركباتهم على أرضنا لا يعني على الاطلاق عدم وجودهم في الكون. هو يؤكد أن السبب يكمن في حقيقةٍ بسيطة جداً ألا وهي أن كوكبنا بالغ الصغر في وسط مليارات المليارات من الكواكب والنجوم الموجودة في مجرتنا وحدها. ناهيك القول عن الكون ككل.

وبالنسبة للمسافرين في الزمن، فهو يقول أن الاحتمالات عديدة، فربما يمكنهم السفر فقط باتجاه مستقبلهم وليس باتجاه ماضيهم. أو ربما يمكنهم السفر إلى الماضي ولكن فقط في الفترة التي اختُرعت فيها آلة الزمن وليس قبل ذلك؛ وبما أن آلة الزمن لم يتم اختراعها حتى الآن فهم لا يمكنهم القدوم إلى زمننا. أو ربما يكونون متقدمين عنا جداً في المستقبل (بتعداد مئات أو آلاف السنين) و هم لذلك – ببساطة – لم يصلوا إلى زمننا بعد.

ساغان يؤكد أن الاحتمالات كثيرة. لكن من الناحية النظرية، السفر في الزمن (على الأقل بإتجاه المستقبل) ممكن.

في رأي فيزيائيين آخرين فإن وجهة نظر هوكنغ تماثل وجهة نظر العديدين في الماضي الذين كانوا يقولون أنه بما أننا لم نر أي رجل يطير في السماء من قبل، إذاً من البديهي أن نقول أنه من المستحيل أن يتمكن أي رجل من الطيران في المستقبل. دون ذكر آراء العديدين فيما يخص الإفلات من جاذبية الأرض والتنقل في الفضاء والهبوط على سطح القمر.

نعود إلى النظرية النسبية فنقول أن السفر إلى المستقبل ممكن نظرياً و لا يمنعنا من الوصول إليه سوى القدرة على إنشاء وسائط سفر متفوقة آلاف المرات عن تلك التي نعرفها اليوم. السفر إلى الماضي – حسب قدر العلوم المتوفر لنا حتى هذه اللحظة – يبدو مستحيلاً.
لكن الإنسان بدأ في هذا المضمار منذ فترةٍ قصيرة جداً قياساً مع عمر وجوده على الأرض. المستقبل سيحمل الكثير من الإنجازات و النجاحات. والعلوم الفيزيائية لا تتوقف عن التطور يوماً بعد يوم.

من يدري! قد أتمكن من كتابة هذا المقال مرة أخرى. في الماضي.

الكاتب هو أردني مقيم في روسيا

--------------------------------

صورة رمزية إفتراضية للعضو jehad
jehad
عضو
°°°
افتراضي
السلام عليكم
موضوع شيق
الا أنني لاأعتقد باختراع هذه الآلة

صورة رمزية إفتراضية للعضو lorans777
lorans777
عضو
°°°
افتراضي
شكرا اخى على الموضوع الرائع

وانشالله يتطور العلم اكثر فاكثر

صورة رمزية إفتراضية للعضو prince of darkness
prince of darkness
عضو
°°°
افتراضي
اعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم ابليس اللعين الا لعنه الله عليه في العالمين

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام على شهداء العراق السلام المحرومين السلام على اليتامى والثكالي اجمعين
السلام على الصابرين السلام على شرفاء هذه الامة وحاملين لواء الدين
ان هذا يومكم الي بشركم الله به ان وعد الله حق وبشر الصابرين
الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا لله وانا اليه راجعون

سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته

مقالة جديده عن الة الزمن ارجو ان تنال اعجابكم

واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا ابي القاسم
محمد واله الطيبين الطاهرين وصحابته المنتجبين ومن تبعهم باحسان وسار على هديهم
ودعا بدعوتهم الى يوم الدين امين يا رب العالمين

امير الرافدين - العراق





--------------------------------------------------
في العام نفسه الذي ظهرت فيه النسبية العامة 1916 وطرح فكرة انحناء (الزمكان), أثبت الفلكي الألماني كارل سفارتسشيلد أنه إذا ضغطت كتلة (ك) في حدود نصف قطر صغير بما فيه الكفاية, فإن انحراف (الزمكان) سيكون كبيرا بحيث لن تتمكن أي إشارة من أي نوع من الإفلات, بما فيها الضوء نفسه, مكونا حيّزا لا يمكن رؤيته, سمي فيما بعد (الثقب الأسود). ويحدث ذلك عند انهيار نجم تتجاوز كتلته كتلتين شمسيتين, حيث ينضغط ويتداخل بفعل قوته الجاذبة حتى تكون كل مادة النجم قد انضغطت في نقطة ذات كثافة لامتناهية, تسمى نقطة التفرد الزمكاني.

وأي شعاع ضوء (أو أي جسم) يرسل داخل حدود الثقب الأسود, ويسمى أفق الحدث, يسحب دون هوادة إلى مركز الثقب الأسود. ومن الناحية النظرية يبدو أنه عند الاقتراب من الثقب الأسود تتزايد انحناءة (الزمكان) حتى تبلغ أفق الحدث, الذي لا نستطيع أن نرى ما وراءه. ورغم أن فكرة وجود نجم بهذه المواصفات ترجع إلى العالم جون ميتشيل الذي قدمها في ورقة بحث عام 1783, إلا أن مساهمة سفارتسشيلد تكمن في أنه قدم حلولا للمعادلات التي تصف انهيار النجم إلى ثقب أسود على أساس نظرية النسبية. واتضح لاحقًا أن سفارتسشيلد لم يصل إلى حل واحد للثقب الأسود, وإنما إلى حلين, وهو شيء يشابه الحل الموجب والحل السالب للجذر التربيعي. فالمعادلات التي تصف الانهيار النهائي لجسم يقتحم الثقب الأسود تصف أيضا, كحل بديل, ما يحدث لجسم يخرج من الثقب الأسود (يطلق عليه في هذه الحال أحيانا (الثقب الأبيض)). وبذلك يبدو أننا إذا ما تابعنا انحناء الزمكان داخلا لثقب الأسود يبدو لنا وكأنه ينفتح مرة أخرى على زمكان آخر, فكأنما الثقب الأسود يربط (زمكان) كوننا (بزمكان) مختلف تمام الاختلاف, ربما (زمكان) لكون آخر.


ولكن المشكلة كانت في أن أي مادة تدخل مثل هذا الثقب الأسود ستسقط حتمًا في التفردية المركزية لتنسحق بشكل يخرج عن فهمنا. ولكن مع تقدم الأبحاث وجدت هذه المشكلة حلا, فقد ثبت أن كل الأجسام المادية في الكون تدور سواء كانت مجرات أو نجوما أو كواكب, ومن ثم فإننا نتوقع أن تدور الثقوب السوداء بالمثل.

وفي تلك الحال يمكن أن يدخل جسم ما إلى الثقب الأسود ويخرج من الناحية الأخرى دون أن يمر بالمفردة ويتحطم, وذلك بتأثير دوران الثقب الأسود. وفي عام 1963 نشر روي كير حلول آينشتين لمعادلات المجال المتعلقة بالثقوب السوداء الدوّارة, وبينت أنه ينبغي أن يكون من الممكن من حيث المبدأ الدخول إلى ثقب أسود دوار من خلال ممر يتجنب التفردية المركزية (نقطة الانسحاق) ليظهر على ما يبدو في كون آخر, أو ربما في منطقة (زمكان) أخرى في كوننا ذاته, ويتحول بذلك الثقب الأسود إلى ما يسمى بالثقب (الدودي).


وبذلك تثير هذه النتيجة بشكل قوي إمكان استخدام الثقوب السوداء بوصفها وسيلة للسفر إلى الماضي بين أجزاء مختلفة من الكون والزمان.


إن فكرة استخدام الثقوب السوداء في السفر عبر الزمان تعتمد على أنه من الممكن عندما يحدث انحناء شديد (للزمكان) أن يحدث اتصال بين نقطتين متباعدتين في (الزمكان). وبالتالي إذا تحقق مسار مغلق (للزمكان) يمكن العودة إلى نقطة البدء في الزمان والمكان, أي السفر إلى الماضي. ويرى بعض العلماء أن السفر إلى الماضي يحدث حقا ولكن على المستوى الميكروسكوبي, حيث تتكون ثقوب سوداء ميكروسكوبية نتيجة نشوء مجالات تلقائية من الطاقة السلبية كأحد تأثيرات نظرية الكم. وفي هذه الثقوب تتردد الجسيمات/الموجات دون الذرية بين الماضي والحاضر, ولكن هذه الثقوب لا تدوم إلا لأجزاء ضئيلة جدًا من الثانية.


وطرحت فيما بعد عدة أفكار للسفر عبر الزمان تعتمد بشكل أو بآخر على فكرة المسار المغلق للزمكان. فطرح البعض الاعتماد على ما يسمى (بالأوتار الكونية), وهي أجسام يفترض أنها تخلفت عن (الانفجار العظيم) لها طول يقدر بالسنين الضوئية, ولكنها دقيقة جدا إلى حد انحناء (الزمكان) بشدة حولها. فإذا تقابل وتران كونيان يسير أحدهما عبر الآخر بسرعة الضوء تقريبًا تكون منحنى مغلق للزمكان يستطيع المرء اتباعه للسفر في الماضي. وقدم فرانك تبلر عام 1974 فكرة للسفر عبر الزمان تعتمد على أن اسطوانة كثيفة الكتلة سريعة الدوران سوف تجر (الزمكان) حولها مكونة مسارات زمنية مغلقة. وفي عام 1949 أثبت الرياضي الشهير كورت جودل أن الكون يمكن أن يكون دوارًا, بمعدل بطيء جدا, وأنه يمكن أن يترتب على ذلك مسار مغلق في الزمكان.
أما كيب ثورن وزملاؤه فقد وضعوا تصميمًا لآلة للسفر في الزمن تعتمد على تخليق ثقب دودي ميكروسكوبي في المعمل, وذلك من خلال تحطيم الذرة في معجل للجسيمات. ثم يلي ذلك التأثير على الثقب الدودي الناتج بواسطة نبضات من الطاقة حتى يستمر فترة مناسبة في الزمان, ويلي ذلك خطوة تشكيله بواسطة شحنات كهربية تؤدي إلى تحديد مدخل ومخرج للثقب الدودي, وأخيرًا تكبيره بحيث يناسب حجم رائد فضاء بواسطة إضافة طاقة سلبية ناتجة عن نبضات الليزر.


وقد أدت تلك التصوّرات النظرية لإمكان السفر إلى الماضي إلى مناقشة التناقضات الناتجة عن ذلك, كمثل أن يسافر المرء إلى الماضي ليقتل جدته قبل أن تحمل بأمه, أو أن يؤثر على مسار التاريخ فيمنع الحروب مثلا... إلخ. ورأى بعض العلماء أنه يمكن حل تلك المفارقات من خلال مفهوم المسارات المتوازية للتاريخ بحيث يكون لكل إمكان مسار مستقل للأحداث. فيكون العالم بعد تغيير أحداثه في الماضي عالمًا مستقلاً موازيًا. وفي الوقت الحالي لا تمثل تلك المناقشات سوى أفكار تأملية فلسفية وليست علمية, فلم يسافر أحد إلى الماضي حتى الآن.


ويؤيد ستيفن هوكنج العالم المشهور بأبحاثه عن الثقوب السوداء ونشأة الكون فكرة حدوث السفر في الماضي على المستوى الميكروسكوبي, ولكنه يرى أن احتمال أن يكون هناك انحناء في الزمكان يكفي لوجود آلة للزمان تسمح بالسفر في الماضي هو صفر.

ويرى أن هذا يدعم ما يسميه (حدس حماية التتابع الزمني) الذي يقول إن قوانين الفيزياء تتآمر لمنع الأشياء الميكروسكوبية من السفر في الزمان. ويرى بول ديفيز أن وجود جسر للزمان ما هو إلا مفهوم مثالي لا يضع في حسبانه الموقف الفيزيائي اللاواقعي للثقب الأسود في الكون, وأنه من الأرجح أن هذا الجسر المثالي, لابد أن يتحطم داخل الثقب الأسود. ومع ذلك فإن ما يجري داخل الثقب الأسود سيظل مثيرًا للبحث العلمي والتأمل العقلي, وأنه يستطيع أن يكشف لنا عن مزيد من جوانب الطبيعة التي يتسم بها الزمان.


فالعلماء في واقع الأمر يختلفون في تقدير إمكان السفر في الماضي, وإن كانت الغالبية ترى أن هذا غير ممكن.

ويذكر ستيفن هوكنج أن كيب ثورن يعتبر أول عالم جاد يناقش السفر في الزمان كاحتمال عملي. وهو يرى أن ذلك له فائدة في كل حال, فعلى الأقل سيمكننا من أن نعرف لم لا يمكن السفر في الماضي? وأن فهم ذلك لن يتأتى إلا بعد الوصول إلى نظرية موحدة للكم والجاذبية (النظرية الموحدة للقوى), وسيظل تفسير ما يحدث للمادة داخل الثقب الأسود أو في مسار زمكاني مغلق مبهمًا بالنسبة إلينا.

منقول من موقع :
العضو العزيز...شكر صاحب الموضوع للجهد الذي يقوم به لخدمة اهل العلم يشجعه لإعطاء عطاء أكبر . ضع رد لرؤية الرابط..


مواقع النشر (المفضلة)
هل سيتمكن الإنسان من صنع آلة الزمن؟

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
نظرية الأوتارالفائقةوالنسيج الكوني+طي الزمان=السفر عبر الزمن
تحفة الزمن في ظرف اهل اليمن
الإنسان طالب السحر
مفهوم الزمن بين صدر الدين الشيرازي وآينشتاين
العلاج بخط الزمن ماهو ومافائدته ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الساعة الآن 05:20 PM.