المشاركات الجديدة
العلوم الخفية في التاريخ : تاريخ العلوم ، قصص ، حوادث

تأمل في مقامي الوقفة والرؤيا في الفكر الصوفي عند النِّفَّري

افتراضي تأمل في مقامي الوقفة والرؤيا في الفكر الصوفي عند النِّفَّري
[align=right:df5c07b602]
الفكر الصوفي عند النِّفَّري
وليد عبدالله 23 يوليو 2006
تأمل في مقامي “الوقفة” و”الرؤيا”

مقدمة
يعد التصوف والعرفان من الحقول المهمة في المعرفة الإنسانية، بشكل عام، والمعرفة الإسلامية، بشكل خاص. فقد توغل أهل العرفان والتصوف في جميع مجالات الحياة والفكر، وتعمقوا في مفردات الدين ورموزه وحقائقه، وأنتجوا لنا نصوصاً تحمل إبداعات مختلفة على صعيد اللغة والأدب والحكمة المتعالية، وفتحوا في مجال العلوم علوماً خاصة، كعلم الحروف والأرقام، وعلم الحكمة، وعلم المقامات، وعلم الأحوال، وعلم المنازل والدرجات، وعلم الكشوفات، وعلم الولاية، وعلم النبوة والإمامة والأقطاب، وعلم الوجود والمعرفة، وعلوم الذات والأسرار، وعلم الآخر والكيانات. وكذلك أسَّسوا الفهم الوجودي لكيان الدين واحتوائه مفردات الوجود، ورسموا اتجاهات معرفية متعددة في إدراك الإنسان وأسراره وشبكة اتصالاته بالذات وبالآخر، وكذلك في معرفة مكنون النصوص الدينية المقدسة والأمثال العليا والقيم الأخلاقية والاجتماعية والسياسية. وكان نتائج بحثهم صياغةٌ حية متكاملة لذات متكاملة، منداحة من عوالم الغيب إلى عوالم الشهادة، ولحركة الإنسان في الحياة الدنيا، التي دخلوا كل زواياها ومسالكها، حتى صاغوا سلوكاً إنسانياً صافياً يحمل كل حيثيات الإنسانية وتفاصيل ظهورها وتكاملها. ومازال هذا التراث العرفاني والصوفي يدهشنا ويثيرنا، كما يحمل في دواخله حضوراً متواصلاً. والعلة في ذلك ترجع إلى تحطيمه كل القيود والأسلاك والأنظمة التقليدية التي تتسلَّط على الحقائق وتُضمِر وجودها وتعيق حضورها وحركتها الزمانية والمكانية. فأهل هذا العلم الإلهي يتجوَّلون في مدارات الوجود والمعرفة والحياة والفكر بشكل حرٍّ وثابت؛ فهم الأحرار حقاً في كل زمان ومكان، وفي كل دوائر الحياة اليومية، وعلى صعيد التاريخ الإنساني.
وما يهمنا في هذه البحث هو أن نتجول في مدارات الشيخ النفَّري بشكل عام، ونقتفي الإشارات إلى تأثيره على مجالات متعددة، وتأثيره في الفكر الإنساني والإسلامي على وجه الخصوص. وأهم هذه الإشارات هي:

الإشارة الأولى:
إن جوهر أهل الطريق وهدفهم الأسمى هو الله فقط، وشعارهم الأبدي هو “لا مقصود إلا الله” – تلك الحقيقة المطلقة التي يتشوقون للاتصال بها والوصول إليها. ولا يتم ذلك إلا بشروط، كما يعتقد أهل هذا العلم، وخصوصاً ما ركز عليه الشيخ النفَّري في نصوصه من خلال فلسفة الإزاحة والعبور، اللذين هما سُلَّمه العروجي في الاتصال والوصول. وأهم هذه الشروط المتعلقة بفلسفة النفَّري بشكل خاص، وعند باقي المتصوفة، شرطان هما:
1. التخلِّي: وهذا يعني التخلِّي عن كل العوالق والعوائق والأستار والزخارف في الذات الإنسانية التي تقف حاجزاً سميكاً بين هذه الذات والحقيقة المطلقة. وتسمى هذه الحواجز في فلسفة أهل الطريق، في شكلها الظاهري، بـ”فلسفة الحجب”، وفي شكلها الباطني، بـ”البرازخ”. وتنقسم هذه الحجب إلى قسمين:
أ‌. الحجب المادية (أو “الظلمانية” بالمصطلح الصوفي)؛ وهذه الحجب تحيط بالذات الإنسانية، وتشكل دوائر مغلقة في حركة هذه الذات، وتغلف معانيها في حضورها داخل مدارات الوجود. تتمركز هذه الحجب في مساحة الذات داخل عوالمها وملكاتها من النفس والعقل والجسد – وكل عالم أو ملَكة له حجابه الخاص ودورته داخل الذات – وتسمى بالحجب النفسية والحجب العقلية والحجب الجسدية.
وأول مراحل الاتفاق والعهد للدخول في دائرة أهل هذا الطريق هو العمل على إزاحة هذه الحجب واقتلاعها من الجذور، ليتسنى للسالك والسائر الوصول إلى تصفية تامة لهذه الملَكات والعوالم كيما تكون مستعدة لاستقبال التنزُّلات الإلهية والتجلِّيات على الذات الإنسانية من أجل رؤيا واضحة للحقيقة. ويعتبر النفَّري هذه العملية من أهم وأخطر العمليات عند أصحاب السير والسلوك، لأنها ستحدِّد معالم حضوره ومنزلته ودرجته داخل دائرة الحقيقة الإلهية. وتكمن خطورتها في الكيفيات التي يتعامل بها مع تلك الحجب لاعتقاده بتحول هذه الكيفيات إلى حجب أخرى. وأما الطريقة المثلى عند أهل هذا الطريق في التعامل مع عالم الحجب فهي المجاهدة والرياضة المادية على منهاج الشيخ والطريقة التي يتعامل بها مع مريديه.
ب‌. القسم الثاني من الحجب هو الحجب المعنوية (الحجب النورانية)؛ وهي الحجب التي تتعلق بالأمثال العليا والحقائق السامية وما تُظهِره من أنوار حقائقها وأسرارها، مما يؤسِّس للسالك معتقداته وانتماءاته وهوياته الحضورية في دوائر الدين والحياة والفكر.
وتتعلق هذه الحجب بالأسماء الإلهية وأسماء الحقائق الظهورية، من الأنبياء والأئمة والأولياء والأمثال السامية في مجالات علوم أهل العرفان، كالمعرفة والولاية والأسرار، والعلوم الباطنية، من كشف وكرامات. ومراكز هذه الحجب في عوالم الذات الإنسانية وملَكاتها مستتبة في القلب والروح والسر؛ وتسمى بالحجب القلبية والحجب الروحية وحجب الأسرار. وتتعلق هذه الحجب بمركز الذات الإنسانية؛ ويُتطلَّب من أهل السير والسلوك التخلص منها وإزاحة المسافات الوهمية والصور الخيالية لها. وطريقة التخلص منها تتمثل بالمجاهدات والرياضات المعنوية. ويؤكد الشيخ النفَّري في نصوصه على هذه الحجب بالذات؛ ذلك أن التخلص منها يمهد الطريق لأصحاب العرفان والولاية للوصول إلى المقامات التي أبدعها الشيخ، وأبرزها مقاما الوقفة والرؤيا، كنا سنرى.
أما الشرط الثاني في الاتصال والوصول إلى الحقيقة المطلقة فهو:
2. التحلِّي: ويعني أن يتحلَّى أصحاب السلوك العرفاني والصوفي بالأسماء الإلهية الصفاتية والأسمائية والعقلية التي تسري في وجودهم، بشكل خاص، كونهم مراكز الوجود والحضور الذاتي للذات الإلهية، وفي الوجود، بشكل عام. فعليهم أن يتمثلوا ويتحققوا بهذه الأسماء حتى الوصول إلى التكامل في دائرة الحضور الإلهي. والطريقة التي يتم بها التحلِّي هي تسلق المقامات العرفانية والمنازل الوجودية التي لها حالات مباشرة وذاتية مع الحق الإلهي. والغاية هي التكامل وشهود الحق في الوجود كلِّه، من خلال كل الوجود المادي والمعنوي. وهم يتخذون أسفاراً في الوصول قسَّموها إلى أربعة أسفار:
أ‌. السفر الأول: هو السير من الخلق إلى الحق
ب‌. السفر الثاني: هو السير بالحق في الحق
ت‌. السفر الثالث: هو السير من الحق إلى الخلق بالحق
ث‌. السفر الرابع: هو السير من الخلق بالحق
وتُعتبَر هذه الأسفار محور دوائر العلوم العرفانية للسالك والسائر بغية بلوغ التكامل.

وللحديث بقية مع الإشارة الثانية:[/align:df5c07b602]

غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: العلوم الخفية في التاريخ


...
....

مواقع النشر (المفضلة)
تأمل في مقامي الوقفة والرؤيا في الفكر الصوفي عند النِّفَّري

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
تأمل الكونداليني للحكيم أوشو
تأمل العين الثالثة
الفكر والسلوك
كيف إكتسب الصوفى المعرفة؟
((عطارد)) أو ::: الفكر والدراسات والذكاء

الساعة الآن 11:47 AM.