المشاركات الجديدة
مواضيع مختلفة : أي موضوع لم يعنون سابقا

ما هي لغة القرآن ؟

افتراضي ما هي لغة القرآن ؟
نشأة اللغة



اللغة ليست أصواتا يعبر بها فحسب بل تمتاز بطائفة من المراكز المخية التي تشرف على مختلف مظاهر اللغة والتي منها مركز إصدار الألفاظ ومركز حفظ الكلمات المسموعة ومركز الكلام ومركز حفظ الأصوات ومركز الكلمات المرئية وغيرها . وقد تعددت أنواع الأصوات وطرق التعبير بتعدد الأمم واختلاف أصواتها فنشأت عن ذلك لغات تفوق الآلاف عدا ، متفاوتة بيانا ومتباينة دلالة ولفظا ، فإن من الأصوات ما هو عاد وسلس عند هذه الأمة وشاق التلفظ به عند تلك (1) . يقول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم ، وهو الكتاب الوحيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، في سورة البقرة : وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {30} وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32} قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ {33}القرة .

هذه الآيات تدل دلالة قاطعة على أن آدم علم لغة في السماء ، علمها إياه رب العزة سبحانه تعليما مباشرا دون وسيط ، وهي لغة مغايرة للغة الملائكة في الملأ الأعلى بدليل أنهم اعتذروا عن فهمها وهي السلاح الذي زوده به الله لحياته المستقبلية على الأرض ، فلما أهبط به إلى الأرض تكلم بها مع زوجه حواء واكتسبها أبناؤه من بعده .

فإذا كنا نؤمن بهذه القصة - ونحن نفعل - فلا بد وأن يكون أصل كل اللغات في الدنيا من يوم خلقها بارئها هي تلك اللغة الأم التي تعلمها آدم في السماء , ولا نستبعد أن تكون تلك "اللغات" الكثيرة التي نشأت فيما بعد هي مجرد لهجات تفرعت عن اللغة الأم - لغة آدم .

وأقدم حضارة في تاريخ الدنيا هي الحضارة المصرية بلا منازع (نطلب التفاصيل كاملة لشرح هذا - موقع الأرقام) , ولغتها المصرية القديمة أقدم اللغات , وقد أسماها أهلها آنذاك لغة "الضاد" .

فتكون هي اللغة التي أهبط بها آدم إلى الأرض .

أما تصنيف الغربيين فيما يعرف باللغات السامية والحامية والهندو أوروبية والطورانية ألخ ....... , فلا يعدو أن يكون مجرد فرضيات وتخمينات ما أنزل الله من سلطان , بل ربما تكون عندهم أساسا لتزوير وتحريف كل تراث المنطقة وتاريخها لمصلحتهم وهم الذين لا تاريخ لهم .

من هذه المحاولات للتزوير الفاضح قولهم الغير مبرهن عليه بأن أصل البشرية هجرات متوالية خرجت من جنوب الجزيرة العربية وانتشرت في منطقة ما بين النهرين وبلاد الشام وانتهى التبجح إلى الادعاء بأنهم خرجوا أيضا إلى مصر , وهذا عندهم ما أسموه بالهجرات السامية , وكأن منطقة جنوب الجزيرة العربية كانت معامل تفريخ للآدميين تصدر كل مدة مئات الآلاف من البشر إلى الشمال وإلى الجنوب , وما زالت أبواق دعايتهم منا نحن تدعى وتؤسس لهذه الفرضية قائلة بأن تحت رمال الجزيرة العربية آثارا لأنهار كانت في يوم من الأيام تجري فيها المياه لتؤسس حضارة وهذا الإدعاء يتهاوى حين نتأمل قاع البحار والمحيطات فسنجد أنه عبارة عن مجار وخطوط تشبه مجاري الأنهار هذا من ناحية ، والأرض بقشرتها كلها نتوءات وتعاريج ولا يوجد عليها أي مساحة مستوية ، فهل كانت كل تلك النتوءات في قاع البحر وعلى سطح الارض أنهارا ؟

فحين كانت اللغة المصرية في بدايتها كانت ولا شيء معها ثم تفرعت عنها كل ما عداها مما يعرف باللغات السامية ، ثم من الأخيرة باقي لغات الأرض آنذاك ومنها اليونانية القديمة التي لا يتعدى عمرها أبعد من ألف وثلاثمائة قبل الميلاد .

وتعلو ثانية أصوات جهولة تدعي بأن اللغة المصرية القديمة لا تشتمل على حروف : ب ث ج د ذ ز ص ض ظ غ ل – وهذا إن دل فإنما يدل على :

أولا : جهل الباحث فيما يبحث فيه وهو اللغة المصرية .

وثانيا : عجزه عن نطق هذه الحروف والتفريق بينها لأنها ليست في لغته الأصلية

وثالثا وليس آخرا : تطبيق معيار ومنهج حديث على لغة عمرها المكتوب يتعدى السبعة آلاف سنة ، فما بالنا بعمرها من يوم نشأتها إلى اختراع الكتابة .

وكل هذا وذاك مردود عليه ببساطة بأن الباحث في اللغة المصرية لا يكفي أن يكون مسلحا بأدوات البحث والعلم فقط بل لابد وأن يكون مصريا أو على أقل تقدير من أبناء ما أسموه باللغات السامية والذين قالوا بأن اللغة المصرية هي لغة حامية ، ومن تعطفوا على مضض بأن قالوا بأنها ربما تكون سامية , نقول لكلا الفريقين أنهم جانبهم الصواب ، لأن اللغة المصرية القديمة هي اللغة الأم التي تعلمها آدم من ربه في السماء تعليما مباشرا ، رغم كيد الكائدين وحقد الحاقدين ، ومنها تفرعت كل لغات الأرض من بعد آدم حتى اليوم ، تتحول إلى لهجة هنا أوهناك ثم تأخذ شكلا أقرب إلى الاستقلالية بعد مئات من الأعوام ، وهكذا ، ورغم تواريها الآن إلا أنها ما زالت تعيش بخصائصها وأسرارها في كل لغات العالم بلا استثناء حتى إلى اليوم .

أما تسمية اللغات السامية بهذا الاسم فهي تسمية غير دقيقة ، ولكنها تحمل في نفسها البرهان على صحة ما سنقول :

فنسبة اللغات السامية إلى سام بن نوح ، وسام بن نوح كان يتكلم اللغة المصرية القديمة وليس أيا من تلك اللغات ( العبرية ، العربية ، السريانية ، الآرامية ، الحبشية ، الأكادية ) فهذه اللغات لم تنشأ وتتفرع من المصرية إلا فيما بعد سام على الأقل بألف سنة

لماذا نقول هذا الكلام ؟

لأن سام بن نوح هو الملك المصري المعروف جدا والذي يبدأ به التاريخ المصري خاصة وتاريخ العالم بصفة عامة , ألا وهو الملك نعرمرمينا – المشهور تحت لقب موحد القطرين وينطق اسمه بالمصرية : سام طاوى . وبناء عليه تكون فكرة بناء الأهرامات قد بدأت ونفذت في زمن هذا الملك , والذي نفذها هو على وجه التحديد أخوه الذي أراد أن يحمي نفسه من الطوفان لأنه لم يؤمن برسالة أبيه نوح ولم يرض أن يركب معهم السفينة . كل هذا يحمل في طياته الدليل على أن تقسيم اللغات إلى مجموعات قائم على أساس خاطئ , ولذا حار المصنفون في وضع اللغة المصرية القديمة في تصنيفها ورتبتها الصحيحة . والذي يجب أن نراعيه في كل ذلك هو أن التاريخ ينقسم إلى قسمين كبيرين :

القسم الأول : من آدم وحتى نوح عليه السلام , وهذه الفترة مهما كان امتدادها فلا نعرف عنها إلا إشارات وردت في الكتب السماوية , وآثارها قد طمرها وذهب بها الطوفان .

القسم الثاني : من زمن نوح إلى وقتنا الحاضر , وآثاره التاريخية الأولى ممثلة في الآثارالمصرية في العصور القديمة ثم بالترتيب في العصور الوسطى وفي نهايتها بوادر حضارات في الرافدين وعيلام وميتان والحيثيين والشام وكنعان والحبشة , ولم يكن في اليمن ولا في أرض الجزيرة العربية حتى هذا التاريخ أي أثر لحياة على الإطلاق (هذا الموضوع يحتاج إلى بحث مفصل قبل البت فيه بهذه البساطة - موقع الأرقام). وكل هذه الأمم متفرعة عن الأمة التي سكنت وادي النيل وغزت المنطقة بأسرها شرقا وغربا وشمالا وجنوبا . وما كانت تلك الأصقاع في حقيقة الأمر إلا مستعمرات مصرية آنذاك .

فاللغة المصرية كانت أولا ثم تطورت منها مجموعة اللغات السامية ومن هذه المجموعة تكون ما أسموه لاحقا الهندوأوربية أو الحامية أو غيرها .

والفرضية التي كانت تقول بأن الأنسان الأول نشأ على ضفاف الفرات ودجلة في العراق وأرمينية ومن نسله تفرقت أمم في الأرض , إن هي إلا أكذوبة عبرانية (سنوضح لاحقا الفرق بين العبرية والعبرانية ) أطلقها اليهود لأسباب أقل ما يقال فيها أنها سياسية , وستتضح في نهاية هذا البحث .

نقول : تلك فرضية لايقوم عليها ولو دليل واحد من الآثار , لأن أقدم دليل مادى من تلك الحضارة لا يتعدى سنة ألف قبل الميلاد . ونقول بكل الثقة لا سفينة نوح رست في تلك البقعة ولا في المكان المسمى لاحقا- أرارات - في أرمينية , بل إن المكان الصحيح لرسو السفينة هو جبل عرفات والذي يسمى بالمصرية أيضا عرفه أو عرفات أو عروات أو عرارات والذي حرفوه فيما بعد إلى أرارات وأسموا به ذلك المكان في أرمينيا لصرف نظر الناس بعيدا عن مكة المكرمة , وهذه التسمية لهذا الجبل المقدس تعنى في المعجم بوابة السماء أو سلم السماء أو مكان الصعود والهبوط من السماء , إشارة بذلك إلى هبوط آدم على الأرض من هذا المكان أيضا .

وحيث أن الجزيرة العربية كانت ولازالت (رغم الجهود) منطقة فقيرة في الزراعة فقد غادر راكبو السفينة (سفينة نوح) من هذا المكان إلى وادي النيل واستقروا به , بل ربما أنهم عبروا البحر الأحمر بنفس السفينة إلى السواحل المصرية , واستعملوا أخشابها ربما في التدفئة ! , أو ربما دفنوها مع سام طاوى موحد القطرين في مقبرته , ونمت منها فكرة مراكب الشمس المشهورة في الدولة القديمة في مصر , وكل هذا يفسره أولا : فقدان أي أثر لتلك السفينة من جهة , ومن جهة أخرى : تقديس هذا المكان في مكة على طول فترات التاريخ المصري القديم حتى أن البعض يبالغ فيقول بأن الفراعنة كانوا يقدسون الكعبة ويكسونها .

ولنا عود حميد إن شاء الله لكيفية إعمار الجزيرة العربية بأكملها في عصور متأخرة أيضا على يد المصريين .

ولسنا هنا رغم ذلك في مقام بحث لغوي يرجح أو يثبت أولوية اللغة المصرية وأمومتها لكل اللغات , فهذا لم يعد صعب الإثبات , ولكن هذا البحث التاريخى الدينى اللغوى الذي نعالجه في هذا الكتاب سيساهم في التأسيس لهذه الفكرة ويبرهن عليها .







القرآن الكريم



القر آن هو كلام الله تعالى المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم والمكتوب بين دفتي المصحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس ومجموعه 114 سورة ، وهو المنزل باللفظ والمعنى ، والمنقول إلينا بالتواتر .(2)

والقلرآن ليس اللفظ فقط وليس المعنى فقط ، بل هو اللفظ والمعنى معا ، وهو رسالة الله إلى كل البشر ونزل بلسان عربي مبين ، ولذلك لا يصح أن يقال عن كتابة بعض معانيه بغير اللغة العربية أنها قرآن ، وأيضا تفاسير القرآن بألفاظ أخرى بالعربية لا تصح تسميتها قرآنا .

والقرآن الكريم هو المعجزة التي أيد الله بها نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم والدستور الذي وضعه لعباده ، فقضى به على الضلالة ، وبدد به ظلمات الجهالة :

يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ {15} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ {16}المائدة .

ومن أظهر خصائص الأسلوب القرآني أنه معجز ، وللإعجاز في أسلوب القرآن مظاهر متعددة :

1- حسن تأليفه وتناسق كلماته .

2- اعتراف فصحاء العرب بالعجز عن معارضته .

3- تحقق وقوع ما وعد به .

4- إرضاؤه العامة والخاصة .

5- براعته في تصريف القول على أفانين الكلام .

6- قصد القرآن في اللفظ مع وفائه بالمعنى .

7- استعماله أسلوب الكناية ، والكناية نوع من التصوير .

8- اعتناؤه بذكر القصة لتثبيت الأخبار وتصوير الوقائع كقصة يوسف وقصة عيسى عليهما السلام وغيرهما .

9- اعتناؤه بالتصوير الفني للحوادث والأفكار .

10- ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الدائرة ، مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك (3) .

11- ونزيد على كل ذلك بأن القرآن حوى في طياته مانسميه الآن علوم التاريخ والجغرافيا نقيضا لما يدعيه البعض بأن القرآن ليس كتاب جغرافيا ولا تاريخ ، وسنثبت كل ذلك من خلال كتابنا هذا ، ووصولا إلى ذلك لا نحتاج إلا لإمعان النظر والفكر في آياته لتأويلها وفهمها الفهم الصحيح .

12- ونقول في خصائص القرآن المعجز أنه رسالة الله إلى البشر كافة ، ومن خصائص الرسالة - أي رسالة - أن يكون لها معنى واحد وفهم واحد ، وهذا بالذات ما يناقضه كل يوم جمهور غفير من المفسرين المجتهدين الذين يجعلون للمعنى الواحد في القرآن ألف معنى بحجة أن القرآن يتفق مع كل زمان ومكان ، وهذا لا يصح لأن القرآن ليس " حمال أوجه " كما يدعون .

الخاصية الوحيدة التي تشير إلى اتفاق القرآن مع الزمان والمكان هي في الأحكام متمثلة في المبدأ القرآني : التدرج في نزول أحكامه وتشريعه . كما حدث في موضوع الرق وموضوع الخمر وغيرها من الموضوعات المشابهة وعلى الأخص موضوع تعدد الزوجات الذي هو من صلب الموضوع التدرج في نزول الأحكام ، لكن أحدا إلى الآن لا يريد أن يتنبه لهذا ، فمع وصول البشرية إلى مرحلة النضج لابد وأن يصل الإنسان إلى تحريم الخمر لفظا وتحريم الرق والحرص على الزواج بواحدة فقط .

أما فيما عدا ما ينطبق عليه منهج التدرج في نزول الأحكام ، فكل آيات القرآن لها معنى واحد غير متغير لا بالزمان ولا بالمكان .

ونحن لا نريد بهذا أن نمنع الاجتهاد أو نحجر عليه ولكن أقول : اجتهدوا فالاجتهاد مفيد في الوصول إلى المعنى الحقيقى وهو مراد الله عز وجل . فدائما هناك معنى واحدا لكلام الله وليس أكثر من معنى . القصور من عند البشر . وتعدد الآراء الذي قد يصل إلى الأربعين رأيا في المسألة الواحدة ووقوفها جنبا إلى جنب كمعان صحيحة لكتاب الله ، بينما يتضارب معناها إلى حد التناقض ليس شيئا صحيحا ولا إيجابيا وليس ميزة ولكنه يسيء إلى العقيدة وإلى كتاب الله ، ويوقع العقيدة الإسلامية في شراك المستشرقين وأعداء الإسلام .

وفي الختام فإن كتاب الله وهوالقرآن هو كتاب موجه إلى العقل البشري وليس إلى شيء آخر ، فهو خطاب العقل الإلهي إلى العقل البشري ، ولهذا نجده يتمتع بالعلمية والمنهجية في أكمل صورها ، فالحرف له هدف ومعنى ، والكلمة لها هدف ومعنى ، والآية لها هدف ومعنى ، والسورة لها أهداف ومعان ، والكتاب كله له أهداف ومعان ، كلها تدرك بالجزء الإلهي فينا ، وليس بالقرآن غيب ، فكل الظواهر كالموت والساعة مثلا ذكر في تبيانها أنها لا تدرك بعقولنا وأوضح الله أنه غيبها عنا ، هذا منتهى العلمية .

فالغيب شيء وتغييب المعاني شيء آخر ، ولهذا نعترض على من يقول أن الله غيب عنا بعض المعاني في القرآن أو أنه استأثر هذه الأشياء بعلمه ، فنحن مطالبون بكل ما جاء بالرسالة المنزلة لنا نحن ، وإلا فما معنى أن يرسل الله رسالة لنا ونحن لا نفهمها أو لا نفهم جزء منها أو بعضها ، وكيف يحاسبنا على ما جاء بها ولم نفهمها بعد ، هذا هو الاجتهاد إذا أن نحاول الوصول إلى تلك المعاني التي لم نتوصل إليها بعد من كتاب الله ونضع هذه الاجتهادات وتلك في ميزان العقل لنصل إلى مراد الله عز وجل الذي هو دائما واحد وثابت وليس متغيرا لا زمانا ولا مكانا .

وقد جاء القرآن الكريم مكملا للغة العربية التي لم تكن قد اكتملت لا في مفرداتها ولا في علومها ، فكل المفردات التي تخص عوالم الآخرة وعوالم الملأ الأعلى وأحداث القيامة والثواب والعقاب لم تكن في اللغة أساسا ، لأنها كانت حضارة وثنية دنيوية مادية لم تكن تؤمن لا بالله ولا بالآخرة وعوالمها . ومن أمثلة ذلك : الجحيم والسعير وسقر والحطمة والفردوس وسجيل وغيرها وغيرها من المفردات التي أضافها القرآن وأصلها كلها من اللغة المصرية القديمة وليست من لغة الملأ الأعلى .

ومن ناحية أخرى فقد جاء القرآن فأسس مرجعية علمية لعلم النحو والصرف والبلاغة والفقه وغيرها من العلوم التي كانت قبل نزول القرآن غير موجودة بالمرة ولم تكن لتنشأ ، لأن علم النحو مثلا ما كان ليقوم أبدا علو لغة الشعرالتي لم تكن تعرف إلا الاستثناءات التي نتجت من الضرورات الشعرية ، والعلم لا يقوم إلا على أساس ثبات القواعد وليس على شاذ القاعدة . فالقرآن جاء ليثبت قواعد وليصبح المرجعية الأولى في علوم كثيرة .

هذا هو القرآن وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد .



علم التفسير وعلم التأويل



التفسير لغة : مصدر فسَره بتشديد السين مأخوذ من الفسر بمعنى البيان ، يقال فسرت الكتاب بتخفيف السين أفسره فسرا وفسَرته بالتشديد أفسره تفسيرا ، وقيل هو مقلوب من السفر بتقديم الفاء على السين – والمعنى واحد يقال أسفر الصبح إذا أضاء ، ففيه معنى الكشف والتوضيح .

وأما في الاصطلاح : فقد اختلفت أساليب العلماء في تعريفه ؛ فمنهم من أطال في تعريفه فقال : هو علم نزول الآيات وشئونها وأقاصيصها والأساليب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ، وبيان محكمها ومتشابهها ، وناسخها ومنسوخها ، وخاصها وعامها ، ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها ، وحلالها وحرامها ، ووعدها ووعيدها ، وأمرها ونهيها ، وعبرها وأمثالها ونحو ذلك .

ومنهم من توسط – كأبي حيان في البحر المحيط – فقال في تعريفه : علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك .

وهذا التعريف غير جلي ولا واضح ، وكذلك لم يصرح بالغرضين الأهمين اللذين نزل لهما القرآن وهما : كونه كتاب الهداية البينة التي هي أوضح الهدايات وأقومها والتي لو اتبعها البشر لحققت لهم السعادتين الدنيوية والأخروية . وهو الكتاب السماوي المعجز ، فهو المعجزة العظمى والآية الكبرى الباقية على وجه الدهر لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

وقال الزركشي في البرهان : التفسير علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه ، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والصرف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ويحتاج إلى أسباب النزول والناسخ والمنسوخ .

وهذا التعريف أوضح وأيسر من التعريفين السابقين

ومن العلماء من أوجز في التعريف فقال : هو علم يبحث فيه أحوال القرآن الكريم من حيث دلالته على مراد الله عز وجل بقدر الطاقة البشرية (4).

التأويل :



التأويل لغة : أصله من الأَوْل ، وهو الرجوع ، فكأن المؤول للآية يرجع بها إلى ما تحتمله من المعاني . وقيل مأخوذ من الإيالة وهي السياسة ، كأن المؤول للكلام ساسه وتناوله بالمحاورة والمداورة حتى وصل إلى المراد منه .

أما معناه في الاصطلاح : فقد قال الراغب الأصفهاني في " مفرداته " : التفسير أعم من الـتأويل ، وأكثر استعمالاته في الألفاظ ومفرداتها ، وأكثر استعمالات التأويل في المعاني والجمل ، وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية .

وأما التفسير فيستعمل فيها وفي غيرها ، وقال غيره : التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلا وجها واحدا . والتأويل توجيه لفظ متوجه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة .

وعلم التفسير من العلوم المهمة التي يجب على الامة تعلمها ، وقد أوجب الله على الأمة حفظ القرآن ، وكذلك أوجب عليهم فهمه وتدبر معانيه والعمل بأحكامه : قال تعالى :

{أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (82) سورة النساء

، وقال : {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (24) سورة محمد



وتدبر القرآن بدون فهم معانيه غير ممكن ، وفهم معانيه إنما يكون بمعرفة تفسيره ، فتفسير القرآن فرض على الأمة ، ولكنه فرض كفائي بمعنى ، إذا قام به أهل العلم المتأهلون له من الأمة الإسلامية سقط عن الباقين بشرط أن يوصلوا هذه التفاسير مبسطة إلى الباقين .

وأخرج أبو عبيد عن الحسن قال : " ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم فيما أنزلت وما أراد بها " .

العلوم التي لابد منها للمفسر والمؤول :

قال بعض العلماء : يجوز تفسير القرآن لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها وهي خمسة عشر علما :

1- اللغة ، لأن بها يعرف شرح المفردات ومدلولاتها ، قال الإمام مالك : لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا . والمراد العلم باللغة الواسع المتعمق .

2- النحو : لأن المعنى يتغير ويختلف باختلاف الإعراب .

3- علم التصريف : لأن به تعرف أبنية الكلمات والصيغ .

4- علم الاشتقاق ، لأن الاسم إذا كان اشتقاقه من مادتين مختلفتين اختلف المعنى باختلافهما .

5- و 6- و7 : علوم المعاني والبيان والبديع .

8- علم القراءات وكيفية النطق بألفاظ القرآن .

9- علم أصول الدين ، وهو ما يجب لله وما يستحيل عليه وما يجوز له والفرق بين العقائد والشرائع .

10- علم أصول الفقه ، وجه الاستدلال على الأحكام وطرق الاستنباط من النصوص .

11- علم أسباب النزول ، وعلم القصص والأخبار .

12- علم الناسخ والمنسوخ .

13- علم الفقه وبه يعرف مذاهب الفقهاء .

14- علم الأحاديث والسنن والآثار المبينة لتفصيل المجمل .

15- علم الموهبة وهو هبة من الله تعالى .





علوم أخرى لابد للمفسر أو المؤول منها :



1- أن يكون عالما بالأحاديث ، صحيحها وحسنها وضعيفها .

2- أن يكون عالما بالسير ولا سيما سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وسير الصحابة رضوان الله عليهم .

3- أن يكون عالما بعلم الاجتماع البشري وعلم النفس .

4- أن يكون عالما بتاريخ الأديان السماوية السابقة وما دخلها من تحريف وتبديل , بحيث لا تنقل عنهم أي قصة مهما كانت إلا بعد التحقق من صحتها مائة بالمائة .

وننوه إلى أن كتب التفسير التراثية تعج بقصصهم وأساطيرهم وهي كلها موضوعة , وتوقع النصوص القرآنية في إشكاليات. عن ابن عباس قال : "كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ وكتابكم الذي أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدث , تقرؤونه محضا لم يشب ؟! وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه , وكتبوا بأيديهم الكتاب , وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا , ألا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم , لا والله ما رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل إليكم " .

5- ونزيد على هذه العلوم كلها بأن يكون المفسر أو المؤول على علم باللغة المصرية القديمة , وهي اللغة الأم لكل اللغات واللغة العربية على وجه التخصيص , لما في ذلك من فائدة في تفسير بعض الكلمات التي وردت بالقرآن ولا تستطيع معاجم اللغة العربية ولا اللغات السامية الأخرى الوفاء بهذا الغرض .

6- أن يكون عالما بعلوم التاريخ والآثار ولا سيما التاريخ المصري القديم لعلاقته الوثيقة بتاريخ الأنبياء , مع الحذر كل الحذر من المواضع التي زورها كتاب التاريخ الغربيين وعلمائهم الأثريين .



الإسرائيليات



لفظ الإسرائيليات لفظ في صيغة الجمع ، مفرده : إسرائيلية ، وهي قصة أو حادثة تروى عن مصدر إسرائيلي ، والنسبة فيها إلى إسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وهو أبو الأسباط الإثني عشر ، وإليه نسب اليهود ، فيقال بنو إسرائيل .

وقد ورد ذكرهم في القرآن منسوبين إليه في مواضع كثيرة منها قوله تعالى : {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ} (78) سورة المائدة .





ومصطلح الإسرائيليات – وإن دل بظاهره على القصص الذي يروى أصلا عن مصادر يهودية – يستعمله علماء التفسير والحديث ويطلقونه على ما هو أوسع وأشمل من القصص اليهودية ، فهو في اصطلاحهم يدل على كل ما تطرق إلى التفسير والحديث من أساطير قديمة منسوبة في أصل روايتها إلى مصدر يهودي أو نصراني صنعوها بخبث نية وسوء طوية ثم دسوها على التفسير والحديث ليفسدوا بها عقائد المسلمين ، ويتسع المصطلح اليوم ليشمل كل أعداء الإسلام .



مدى خطورة الإسرائيليات على الإسلام :



لاشك أن الإسرائيليات بما حوته من أباطيل وخرافات نسب الكثير منها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى صحابته , واتخذها بعض المشتغلين بالتفسير مادة يشرحون بها بعض نصوص القرآن الكريم وهي تشكل خطرا بالغا وشرا مستطيرا وذلك لإفضائها إلى النتائج الآتية :

1- أنها تفسد عقائد المسلمين بما تنطوي عليه من تشبيه وتجسيم لله سبحانه ووصفه بما لا يليق بجلاله وكماله وسفر التكوين يفيض بالمنكرات في هذا الشأن .

2- أنها تصور الإسلام في صورة دين خرافي .

3- أنها كادت تذهب بالثقة في بعض علماء السلف من الصحابة والتابعين .

4- أنها كادت تصرف الناس عن الغرض الذي أنزل القرآن من أجله وتلهيهم عن التدبر في آياته .

5- أنها تشوه قصص الأنبياء الحقيقية مما يضفي لا منطقية لتلك اللقطات السريعة التي وردت بالقرآن ومن أمثلتها قصة أبي الأنبياء إبراهيم والنبي لوط عليهما السلام , وهذا موضوع بحثنا هذا (هذا الموضوع إرتأينا تأجيله حتى نستكمل بحثنا عنه - مع تحيات موقع الأرقام) , وسنميط اللثام إن شاء الله عن كل هذه المحاولات .

- ومن أشهر رواة الإسرائيليات أبو هريرة , ابن عباس , عبد الله بن عمرو بن العاص , عبدالله بن سلام , وتميم الداري .

- ومن أشهر رواتها من التابعين كعب الأحبار ووهب بن منبه .

- ومن أشهر من عرف بالرواية من أتباع التابعين محمد بن سائب الكلبي وعبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ومقاتل بن سليمان ومحمد بن مروان السعدي .

أما كتب التفسير والحديث التي اشتهرت بما فيها من إسرائيليات :

- تفسير محمد بن جرير الطبري (جامع البيان في تفسير القرآن ) .

- تفسير الحافظ بن كثير( تفسير القرآن العظيم ) .

- تفسير مقاتل بن سليمان

- نفسير الثعلبي ( الكشف عن بيان تفسير القرآن ) .

- تفسير الخازن ( لباب التأويل في معاني التنزيل ) .

- نفسير الألوسي ( روح المعاني )

- تفسير السيد محمد رشيد رضا( تفسير القرآن الحكيم ) .



فكتب التفسير قد حوت في جنباتها من الإسرائيليات كل عجيب وعجيبة ، واستوى في ذلك تفاسير المتقدمين والمتأخرين ، والمتساهلين ، على تفاوت بينهما في ذلك قلة وكثرة .

وكلها فيها جانب الخطورة على عقول المسلمين وعقائدهم . وتتضاعف تلك الخطورة يوما بعد يوم بسبب الشهرة العلمية الواسعة لمؤلفيها الذين ذكرنا من قبل ، أما الخطورة الحقيقية فبسبب أنها ما زالت تدرس في الأزهر الشريف على وجه الخصوص وغيره من الجامعات الإسلامية ، وأن أحدا من المسلمين لم ينبه على أنها تحوي أباطيل وأضاليل .



المصرية القديمة واللغة العربية



اللغة المصرية هي أقدم اللغات على الاطلاق وهي كما أسلفنا لغة آدم عليه السلام التي علمها في السماء وأهبط بها على الأرض ، وقد مرت تلك اللغة بعدة مراحل بعد الطوفان :

- المرحلة الأولى : وهي تلك المرحلة المسماة بالمصرية القديمة من عهد نعرمر مينا والأسرة الأولى ( حوالى 3180 ق. م. ) وحتى الأسرة الثامنة (حوالي 2240 ق. م. ) ، وتشمل ما يعرف بنصوص الأهرام والوثائق الجنائزية ونصوص المقابر من ذلك العهد .

- ثم مرحلة اللغة المصرية الوسيطة في الدولة الوسطى من الأسرة التاسعة وحتى الأسرة الحادية عشرة ( من 2240- 1990 ق. م. ) ومعظم أدبيات اللغة المصرية تنتمي لتلك الحقبة .

- - ثم المصرية الحديثة أو المتأخرة من الأسرة الثامنة عشرة إلى الأسرة الرابعة والعشرين ( من حوالي 1573- 715 ق. م. ) ومن مظاهرها وثائق تجارية ومراسلات وقصص ونصوص أدبية ، ولكن في الغالب ما تأتي تلك اللغة مختلطة مع سابقتها الوسيطة أو كما تسمى الكلاسيكية .

- المرحلة التي تلي هي اللغة الديموطيقية ، الشعبية والتي ألفت بها كتب حتى العصر حتى العصر الروماني أي (من 715 ق م – 470 بعد الميلاد ) .

- أما في مرحلة القبطية : وكانت تكتب النصوص بهذه اللغة من القرن الثالث بعد الميلاد إلى ما بعد الفتح العربي الإسلامي ( 640 م. ) بقليل وسموا بالأقباط وتميزوا بأنهم اعتنقوا المسيحية ، وكانت اللغة تكتب في تلك الحقبة بحروف يونانية ، مضافا إليها سبعة حروف من الحروف الهيروغليفية ، واشتملت تلك اللغة على ثلاث لهجات هي الأخميمية والصعيدية والبحيرية .

أما حروف الكتابة فقد مرت هي الأخرى بمراحل تطور :

- المرحلة الأولى وهي الهيروغليفية .

- المرحلة الثانية هي الهيراطيقية .

- أما الثالثة فهي الديموطيقية .

والفارق بين الثلاثة يتلخص في أن الصورة كانت تتجرد من الشكل الواقعي المطابق لرمزه في الواقع سواء كان هذا نباتا أم حيوانا أم طائرا ، إلى الشكل التجريدي الذي تحول في النهاية إلى مجرد خطوط والتي منها اقتبست حروف الكتابة في جميع لغات العالم .

واللغة المصرية تحمل نفس سمات وخصائص اللغات المسماة بالسامية في قواعد نحوها وفي صرفها . وموازينها تبدأ من الثلاثي والرباعي والخماسي ، وهذه الموازين بالإضافة إلى تشكيل الكلمات ورثتها اللغة العربية كلها . ومفردات اللغة المصرية متوغلة ومتغلغلة في كل اللغات السامية بما فيها العربية .

واللغة المصرية القديمة كان يسميها المصريون القدماء بلغتهم " لغة الضاد " فعندما نكشف عن معنى هذه الكلمة في معجم اللغة المصرية نجد معانيها كثيرة ، وتؤدي في النهاية إلى معنى واحد ألا وهو وظيفة اللغة ، بل كل وظائف اللغة على الإطلاق ، فمعانيها : يقول – يتكلم – يتحدث – يعلق – يعلن – يتقول – يدعي – يصرح - ، يقص ، قصة ....... إلخ .

وقد بقيت لنا هذه التسمية على طول الأزمان يطلقها البعض خطأ على اللغة العربية ، فقط لأنها تحتوي على حرف الضاد في أبجديتها ومفرداتها . وفي مقابل ذلك فإن اللغة المصرية يوجد بها هذا الحرف الثعباني الدال عليه ، ومن عجيب أن نفس حرف الضاد في اللغة العربية نجده قد أخذ رسمه وصورته ( ض ) في العربية من الحرف في اللغة المصرية ، ولو تأملنا في رسم – ض – في العربية لوضح لنا أصله وهو ذلك الحرف الثعباني . (يوجد بالوقع بحث كامل عن هذا الموضوع)

أما في العبرية فقد تحول هذا الحرف الثعباني إلى حرف اللام ، وعليه فلا يصح أن نطلق هذا المسمى على العبرية .

وحيث أن هذه التسمية قد عاشت كل هذا الزمن وأطلقت على العربية بلا دليل علمي – فهذه التسمية لا معنى لها في العربية على الإطلاق سوى أنها اسم لحرف الهجاء ، ولا تضيف هذه التسمية للعربية شرفا ولا تسلب منها شرفا لأنها لا تدل على معنى ، وهذا إن دل فإنما يدل على أن لغة ما في يوم ما كانت تسمى بهذا الاسم . فلما كانت هذه التسمية هي كلمة مصرية قديمة وتدل في نفس الوقت على وظائف اللغة كما أنها مسمى لحرف الهجاء الثعباني ، وجب إعادة الحق إلى نصابه لنقول إن اللغة المصرية القديمة عند الفراعنة هي لغة " الضاد " .

القضية الثانية : هي قرابة اللغة المصرية للغة العربية .

وفي هذا الإطار يطرح سؤال نفسه

ما أصل كلمة عرب ؟ وهل لها معنى في اللغة العربية ؟

فإن لم يكن لها معنى في اللغة العربية سوى أنها تشير إلى قاطني الجزيرة العربية ، فقد دعانا هذا إلى البحث العلمي الدقيق وراء هذه الكلمة للوصول إلى أصلها الفيلولوجي ؛ كلمة عرب مشتقة من كلمة عرفات أو عرفة أو عررات أو عروات . وكلمتا عرفات وعروات بحرفها الواو والذي يمكن أن تكون قيمته الصوتية هي واو أو فاء بثلاث نقاط على فاءيها وتقابل حرف v والذي يتحول في كل اللغات السامية إلى حرف الباء في عدة أحوال منها أن يكون في نهاية الكلمة أو المقطع ، أي أن كلمة عرب من كلمة عرفات التي هي عربات ، ومنه عرب .

وقد قلنا في ترجمة هذه الكلمة من المصرية أنها تعني : سلم السماء أو مكان الصعود والهبوط من السماء أو بوابة السماء ، أو المهبط من السماء إلى الأرض وبناء عليه تكون كلمة عرب معناها الساكنون أو القاطنون أو الذين ينتمون إلى المهبط السماوي على الأرض .

فإذا كان هذا المسمى – عرب – أصله من اللغة المصرية – لغة الضاد – فهذا يثبت بالقطع وحدة الأصل لكلا العرب والمصريين القدماء ، ومن حيث أنه بديهي أن المصريين أقدم في الزمان يكون العرب أحفادا للفراعنة الذين هاجروا إلى الجزيرة العربية وهو ما سنوضحه بالتفصيل في هذا البحث . (سنوافيكم في بحث آخر عن هذه التفاصيل إن شاء الله) .



النقطة الثالثة : هي في قوة اللغة المصرية وصمودها على مدى العصور ؛ فقد ابتليت مصر القديمة في عصور ضعفها بالغزو من كل طامع فيها ابتداء بما أسموهم الهكسوس ( إن صح ذلك ) ولم تستسلم اللغة المصرية للغة وثقافة الغازي وانتصرت عليها ، وتحدت غزو الليبيين والفرس واليونانيين ثم من بعدهم الرومان ولكنها أبدا لم تستسلم لتلك الثقافات بل وانتصرت عليها جميعا ، ولكن وللعجب تستسلم اللغة المصرية بكل طواعية ورضى خاطر لأول زحف عربي ، عندما فتحها المسلمون في القرن السابع الميلادي . ألا يدعو ذلك للدهشة ، فهل تنازلت اللغة الأم لابنتها الشرعية اللغة العربية ، بل وتريد اللغة العربية أن تحتفظ بمسماها الذي هو لغة " الضاد " .



مما سبق يتضح درجة القرابة بين اللغتين إلى الدرجة التي يمكن معها أن نقول إن القرآن الكريم لم يستعر كلماته التي يسمونها بالأعجمية لا من الفارسية ولا من الحبشية ولا من العبرية بل من اللغة الأم ، لغة الضاد ، ليس هذا وفقط بل إن افتتاحيات السور التسع والعشرين والتي أطلقوا عليها خطأ الحروف المقطعة ، أخذت من اللغة المصرية بحرفيتها وهذا لا يتناقض مع كون القرآن في صريح آياته عربيا ، لأننا الآن نسلم أن اللغة العربية هي اللغة المصرية في صورة متطورة ، والمصرية والعربية ، هما معا لغة المهبط من السماء ، لغة آدم ، اللغة الأم واللغة الابنة ، التي علمها آدم من رب العزة تعليما مباشرا في السماء .

ولا عجب إذن أن تأخذ اللغة العربية حتى حروف هجائها من اللغة الأم – اللغة المصرية لغة الضاد ، كما اقتبستها باقي اللغات حتى اليونانية واللغات الأوروبية الحديثة ، وليس من الحروف الفينيقية كما يدعون ، ولا نبالغ إن قلنا إن الفينيقية اقتبست حروفها من اللغة المصرية القديمة ، والتي تطورت من صور إلى خطوط مجردة من تلك الصور .



هوامش الفصل الأول :

(1) فقه العربية – د. رمضان عبد التواب – دار الجيل للطباعة .

(2) شرح طيبة النشر في القراءات العشر – أبي القاسم النويري – الهيئة العامة لشؤون الطابع الأميرية .

(3) حول خصائص القرآن – محمد بن علوي المالكي – مطابع سحر – 1401 هجرية .

(4) الإسرائيليات والموضوعات – د محمد أبو شهبة – مكتبة السنة

(5 ) نفس المرجع

(6) دراسات في التفسير ورجاله – أبو اليقظان عطية الجبوري – دار الندوة الجديدة – طبعة

(7) الإسرائيليات في التفسير والحديث – د محمد السيد الذهبي مجمع البحوث الإسلامية

(8) نفس المرجع السابق

(9) نفس المجع السابق

(10) EGYPTIAN GRAMMAR SIR ALAN GARDINER

(11) المرجع السابق

(12) GROSSES HANDWOERTERBUCH – AEGYPTISCH-DEUTSCH

معجم مصري ألماني – تأليف راينر هانيج – ماينس

(13) نفس المعجم

(14) الهيروغليفية تفسر القرآن الكريم – سعد عبد المطلب العدل – دار نشر مدبولي .

















المصدر : من سلسلة مؤلفات الأستاذ / سعد عبد المطلب العدل

منقول
سلامات
سامي
غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: مواضيع مختلفة


...
....

مواقع النشر (المفضلة)
ما هي لغة القرآن ؟

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
من خواص القرآن
قالوا عن القرآن
ما هي لغة القرآن ؟
العلاج بالألوان من وحى القرآن

الساعة الآن 01:07 PM.