المشاركات الجديدة
فلسفة العلوم الخفية : ماوراء الكلمات والسطور ودراسة أساليبها وطرقها

نظرية الوجود عند الامام على(ع)

افتراضي نظرية الوجود عند الامام على(ع)
بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله الذى لا تدركه الشواهد، و لا تحويه المشاهد،و لا تراه النواظر، و لا تحجبه السواتر، الدال على قدمه بحدوث خلقه و بحدوث خلقه على وجوده، و باشتباههم على .ن لا شبه له. الذى صدق فى ميعاده، و ارتفع عن ظلم عباده. و قام بالقسط فى خلقه، و عدل عليهم فى حكمه. مستشهد بحدوث ال.شياء على أزليته، و بما وسمها به من العجز على قدرته، و بما اظطرها اليه من الفناء على دوامه. واحد لا بعدد، و دائم لا بأمد، و قائم لا بعمد. تتلقاه الأذهان لا بمشاهرة. و تشهد له المرائى لا بمحاضرة. لم تحط به الأوهام، بل تجلى لها بها، و بها امتنع منها، و اليها حاكمها. ليس بذى كبر امتدت به النهايات فكبرته تجسيما، و لا بذى عظم تناهت به الغايات فعظمته تجسيدا. بل كبر شأنا، و عظم سلطانا. و أشهد أن محمدا عبده و رسوله الصفى، و أمينه الرضى، صلى الله عليه و آله. .رسله بوجوب الحجج، و ظهور الفلج و ايضاح المنهج، فبلغ الرسالة صادعا بها، و حمل على المحجة دالا عليها . و أقام أعلام الاهتداء و منار الضياء. و جعل أمراس الاسلام متينة و عرى الايمان وثيقة .

منها فى صفة خلق أصناف من الحيوان

ولو فكروا فى عظيم القدرة و جسيم النعمة الرجعوا الى الطريق و خافوا عذاب الحريق. و لكن القلوب عليلة، و البصائر مدخولة. ألا ينظرون الى صغير ما خلق كيف أحكم خلقه، و أتقن تركيبه، و فلق له السمع و البصر، و سوى له العظم و البشر، انظروا الى النملة فى صغر جثتها و لطافة هيتها، لا تكاد تنال بلظ البصر، و لا بمستدرك الفكر، كيف دبت على أرضها، و صبت على رزقها، تنقل الحبة الى جحرها، و تعدها فى مستقرها. تجمع فى حرها لبردها، و فى وردها لصدرها، مكفولة برزقها مرزوقة بوفقها. لا يغفلها المنان، و لا يحرمها الديان و لو فى الصفا اليابس و الحجر الجامس و لو فكرت فى مجارى أكلها فى علوها و سفلها و ما فى الجوف من شراسيف بطنها و ما فى الرأس من عينها و أذنها لقضيت من خلقها عجبا، و لقيت من وصفها تعبا. فتعالى الذى أقاما على قوائمها، و بناها على دعائمها، لم يشركه فى فطرتها فاطر، و لم يعنه فى خلقها قادر.

و لو ضربت فى مذاهب فكرك لتبلغ غاياته، ما دلتك الدلالة الا على أن فاطر النملة هو فاطر النخلة، لدقيق تفصيل كل شى‏ء، و غامص اختلاف كل حى، و ما الجليل و اللطيف و الثقيل و الخفيف و القوى و الضعيف فى خلقه الا سواء، و كذلك السماء و الهواء و الرياح و الماء .

فانظر الى الشمس و القمر و الشجر و الماء و الحجر واختلاف هذ الليل و النهار، و تفجر هذه البحار، و كثرة هذه الجبال، و طول هذه القلال و تفرق هذه اللغات، و الألسن المختلفات . فالويل لمن أنكر المقدر و جحد المدبر. زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع، و لا لاختلاف صورهم صانع. و لم يلجأوا الى حجة فيما دعوا، و لت تحقيق لما أوعوا. و هل يكون بناء من غير بان، أو جناية من غير جان.

و ان شئت قلت فى الجرادة اذ خلق لها عينين حمراوين. و أسرج لها حدقتين قمراوين. و جعل لها السمع الخفى، و فتح لها الفم السوى، و جعل لها الحس القوى، و نابين بهما تقرض، و منجلين بهما تقبض يرهبها الزراع فى زرعهم، و لا يستطيعون ذبها. و لو أجلبوا بجمعهم، حتى ترد الحرث فى نزواتها، و تقضى منه شهواتها. و خلقها كله لا يكون اصبعا مستدقة.

فتبارك الله الذى يسجد له من فى السموات و الأرض طوعا و كرها، و يعفر له خدا و وجها، و يلقى اليه بالطاعة سلما و ضعفا، و يعطى له القياد رهبة و خوفا. فالطير مسخرة لأمره . أحصى عدد الريش منها و النفس، و أرسى قوائمها عليالندى و اليبس. و قدر أقواتها، و أحصى أجناسها. فهذا غراب و هذا عقاب. و هذا حمام و هذا نعام. دعا كل طائر باسمه، و كفل له برزقه. و أنشأ السحاب الثقال فأهطل ديمها و عدد قسمها، فبل الأرض بعد جفوفها،و أخرج نبتها بعد جدوبها.

نهج البلاغه

--------------------------------

انشأ الخلق انشاء. و ابتداة ابتداء. بلاروية اجالها. ولا تجربة استفادها. ولا حركة احدثها . ولا همامة نفس اضطرب فيها. احال الأشياء لأوقاتها. ولأم بين مختلفاتها. و غرز غرائزها و الزمها اشباحها عالما بها قبل ابتدائها محيطا بحدودها و انتهائها. عارفا بقرائنها و احنائها.

ثم انشأ سبحانه فتق الأجواء و شق الرجاء وسكائك الهواء. فاجرى فيها ماء متلاطما تياره، مترا كما زخاره. حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة. فأمرها برده، و سلطها على شده، وقرنها الى حده. الهواء من تحتها فتيق، والماء من فوقها دفيق. ثم انشأ سبحانه ريحا اعتقم مهبها و ادام مربها. و اعصف مجراها، و ابعد منشاها. فأمرها بتصفيق الماء الزخار، وأثارة موج البحار. فمخضته مخض السقاء، و عصفت به عصفها بالفضاء. ترد اوله الى آخره، و ساجيه الى مائره. حتى عب عبابه، و رمى بالزبد وركامه فرفعه فى هواء منفتق، وجو منفهق. فسوى منه سبع سموات جعل سفلاهن موجا مكفوفا و علياهن سقفا محفوظا. وسمكا مرفوعا . بغير عمد يدعمها. ولا دسار ينظمها. ثم زينها بزينة الكواكب، وضياء الثواقب. و اجرى فيها سراجا مستطيرا، وقمرا منيرا فى فلك دائر، و سقف سائر، و رقيم مائر.

ثم فتق ما بين السموات العلا. فملأهن اطوارا من ملائكته. منهم سجود لا يركعون، و ركوع لا ينتصبون، وصافون لا يتزايلون و مسبحون لا يسأمون. لا يغشاهم نوم العين. ولا سهو العقول . ولا فترة الأبدان. لا غفلة النسيان. و منهم امناء على وحيه، و ألسنة الى رسله، مختلفون بقضائه و امره. و منهم الحفظة لعباده و السدنة لأبواب جنانه. و منهم الثابتة فى الأرضين السفلى اقدامهم، والمارقة من السماء العليا اعناقهم، و الخارجة من الأقطار اركانهم، و المناسبة لقوائم العرش اكتافهم. ناكسة دونه ابصارهم. متلفعون تحته باجنحتهم. مضروبة و بين من دونهم حجب العزة و استار القدرة. لا يتوهمون ربهم بالتصوير. ولا يجرون عليه صفات المصنوعين. ولا يحدونه بالاماكن. لايشيرون اليه بالنظائر.

نهج البلاغه خطبه 1


اخوكم امير الرافدين - العراق

غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: فلسفة العلوم الخفية


...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو DROUDAE
DROUDAE
عضو
°°°
افتراضي
THAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAAANK


مواقع النشر (المفضلة)
نظرية الوجود عند الامام على(ع)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
مفتاح الشهود في مضاهر الوجود
كتاب مفتاح الشهود في مظاهر الوجود
سرّ الوجود دراسة تحليلية عن صاحب الزمان عليه السلام
حلم مضحك وغريب يا شباب

الساعة الآن 10:33 AM.