المشاركات الجديدة
العلوم الخفية في التاريخ : تاريخ العلوم ، قصص ، حوادث

السحر ومعرفة الطالع والتعاويذ في بلاد بابل وآشور

Smile السحر ومعرفة الطالع والتعاويذ في بلاد بابل وآشور

السحر ومعرفة الطالع والتعاويذ في بلاد بابل وآشور
سليم طه التكريتي
"تنشر ثقافة شعبية هذه الدراسة الحيوية الموجزة لكاتب ومترجم عراقي راحل قدم الكثير للثقافة الشعبية العراقية.
حفل تأريخ بابل وآشور بالمزيد من المعرفة ووسائلها لاستكناه الغيب، ومعرفة الطالع، ومقاومة الجن والعفاريت التي كان يظن بانها تصاحب الإنسان وتتشبث به بل تتزوجه احياناً أيضاً.
ولا تزال بقايا المعتقدات والاساطير التي تخص السحر والجن والعفاريت سائدة حتى اليوم في المجتمع العراقي الراهن، وان خفت حدتها كثيراً في السنوات الأخيرة. فالكل منا يذكر القصص الكثيرة عن تلبس الجن بالإنسان، وعن نقل المخبول إلى التكيات وبيوت بعض الشيوخ حيث يعالجون بشدة الضرب وبالتعزيم، أي قراءة بعض العبارات التي يقصد بها اخراج الجن من جسم الشخص المجنون.
كما اننا لا نزال نذكر (الفوّال) الذي يقرأ الفال وما يتخذه من وسائل لفك السحر، أو اخراج الجن، أو التنبؤ بالغيب وما يتبع ذلك من الضحك على النسوة الساذجات وسرقة ما لديهن من حلي ونقود، والتسبب في حدوث خلافات شديدة حادة بينهن وبين ازواجهن.
ولقد اشتهرت مدينة بابل بمزاولة عمل السحر ولم يكن السحر معترفاً به فحسب بل اتخذ اداة لمخاطبة الآلهة وكان الكهنة في مقدمة الذين كانوا يستعملونه في المعابد، بل يعتبر جزء مكملاً للديانة البابلية ذاتها.
وكان السحرة في بابل صنفين هما السحرة الشرعيون المعترف بهم من قبل الملك والكهنة، والسحرة غير الشرعيين وكان السحرة غير الشرعيين خصوماً للكهنة لأنهم ينافسونهم في ممارسة اعمال السحر وينتفعون من ورائها انتفاعاً كبيراً كان الكاهن الساحر الذي يعزم على العفاريت ليخرجها من جسد الإنسان يسمى لدى البابليين باسم (مسمشو) أو (اشيبو) ويعني ذلك (الكاهن الذي يقرأ التعاويذ).
وتمييز الاشيبو بهذه الصفة باعتباره مثلاً لآلهة السحر الذين يعتمد عليهم في ممارسة هذا العمل ويستمد العون منهم، وعلى الاخص (أيا) إله المياه الذي يكون مقره في مدينة (اريدو) ولذلك عندما يبدأ الكاهن الساحر بالتعزيم على العفريت يخاطبه بقوله [الاشيبو الذي خلقه في أريدو مدينة ايا المقدسة، هو أنا!) وبعد ذلك يناشد الاشيبو الجن ان يكف عن تعذيب الإنسان المؤمن، وان يرحل عنه، كما يدعو كل الآلهة لمساعدة المعذب، ثم يقرأ التعويذة الخاصة بطرد العفريت.
ويصاحب هذا التعزيم القيام ببعض الاعمال الرمزية من امثال حرق مواد يظن منها أنها تشبه الارواح الشريرة، وفك العقد التي ربطها الجن أو الساحر الشرير في ضحيته.
واثناء تأديته هذه الشعائر يرسم الاشيبو دوائر حول نفسه بالعصا السحرية التي يمسك بها، كما يرسم مثل هذه الدوائر حول الشخص الذي يريد ان يبرئه من السحر وهو يتفوه بالكلمات التالية: (بيدي احمل دائرة سحر "أيا" بيدي احمل عصا الصنوبر، سلاح "ايا" المقدس، بيدي احمل غصن شجرة الشعائر العظيمة) وكان البابليون يعتقدون ان العفاريت لا تتوانى حتى عن مهاجمة الآلهة ذاتها. ولذلك كان الاشيبو يقدم المساعدة إلى الآلهة عندما تهاجم العفاريت الآله (سن) أي القمر، فيؤدي ذلك إلى حدوث الخسوف، حيث يشارك الاشيبو الآلهة الأخرى في انقاذ الآلهة (سن) وذلك عن طريق قراءة التعاويذ والصلوات التي كانت تؤدى بمصاحبة الترانيم والرقصات الخاصة التي تحاكي الاعمال التي يعتزم الاشيبو ان يقوم بها.
كان البابليون يعتقدون ان استعمال السحر يمكن ان يؤدي إلى الحصول على المال والشرف وإعادة الشباب الدائم. وان من يريد ان يحقق هذه الامور عليه ان يستعين بالساحر الشرعي لا بالاشيبو. ومن هنا ارتبطت اعمال السحر بالكهانة وبقيت حية تتحدى القوانين الوضعية عدة قرون.
من الاساليب التي كان المعزمون والسحرة يستعملونها في بابل لطرد العفاريت من الاجسام البشرية هي ان يأخذ المعزم خنزيراً رفيعاً يكون رأسه واطرافه مشابهة لرأس واطراف الشخص المسحور أو المجنون ثم يبعدا المعزم بقراءة التعاويذ التي تغري العفريت بان ينتقل من جسم المريض إلى جسم الخنزير ويتخذه مسكناً له.
كما يحدث احياناً يتلو المعزم قائمة مطلوبة بالهدايا التي سيحصل عليها العفريت ان هو خرج من جسم المريض وغادره إلى الأبد.
ولقد اشتهرت العفريتة (لمشتو) لدى البابليين بانها كانت من اشرس العفاريت وكانت تقتل الأطفال والنساء الحوامل وقد استطاع احد المعزمين ان يقربها برشوة كبيرة حيث جهزها بما يلزمها من مؤونة في رحلتها إلى العالم السفلي، كما اعطيت حلياً وحماراً تقطع به الصحراء، وزورقاً تعبر به المياه الموجودة تحت الأرض. وقد وجدت هذه العفريتة مصورة على لوح محفوظ الآن في المتحف البريطاني. وهذا اللوح مصنوع من البرونز وقد عثر عليه في قرقميش شمالي سوريا.
كذلك يوضح لوح آخر محفوظ في مجموعة كلرك بباريس، صورة مريض ممدد على سرير وقد احاط به المعزمون الذين ارتدوا ملابسهم الخاصة، ومعهم الجن الصالحون، وقد انهمكوا في ابطال تأثير هجمات الشياطين سيئة الصيت.
كانت هناك وسائل عديدة لمعرفة الطالع والتنبؤ بالغيب وكان هناك آلهان من بين بقية الآلهة ممن انحصرت بهما هذه المهمة وهما (شمس) و (أدد) وعلى هذا الاساس الكهنة انفسهم يمارسون عملية التكهن بالغيب وكانوا يسمون باسم (برو) أي الشخص الذي يرى ويفتش، ويشترط فيه ان يكون كامل الخلقة وان يتدرب على هذه المهمة لفترة طويلة من الزمن، ينقطع بعدها إلى عمله هذا، وان يظل حليق الرأس دوماً.
وكانت الدلالات التي تكشف الغيب مدونة في ألواح تنقل من القدامى إلى الجدد. فإذا ما لوحظ وجود طائر يقع على يمين صاحب الطالع فان ذلك يعني الشر وإذا ما كان على يساره انعكست الآية.
كان الجواب الذي يعطيه الآلهة يعتبر ابسط وسائل التنبؤ بالغيب وكان بعض الكهنة ينوبون عن الآهلة في اعطاء هذا الجواب، ويفسرونه ان جاء غامضاً، وعلى هذا كانت رؤية الآلهة في المنام تعني ذات رؤيته في اليقظة.
كان التنبؤ عن الغيب بواسطة الكبد احدى الوسائل المهمة وقد اختصر استعمال هذه الوسيلة على الملك وكبار الموظفين كان البابليون يعتقدون ان من يضحي بجدي أو نعجة للآله فان الآله يكشف عن إرادته بطريق التغييرات التي تحدث في اجزاء كبد الضحية. فبعد ان يتم ذبح الحيوان وتستخرج كبده يجري فحصها بدقة ويأخذ الاستنتاجات من التغيرات التي يراها فيها. ولذلك كان العرافون الذين يمارسون هذه المهنة يستخدمون نماذج لمختلف الاكباد مصنوعة من الطين ويقارنونه باكباد الضحايا، وتصور هذه النماذج انواع التغيرات الشاذة التي تحدث في الكبد.
وكان التنجيم من أهم وسائل معرفة الطالع والكشف عن امور الغيب. لقد كان العراقيون القدامى اسبق الأمم التي اتخذت من الانواء الجوية قاعدة لمعرفة الطوالع، وذلك عن طريق مراقبة الرياح وألوان النجوم والكواكب السيارة، وحدوث الخسوف والكسوف وهناك طريقة أخرى لمعرفة الطالع تعتمد على ولادة الكائن البشري أو الحيوان، أو بالظروف الشاذة التي ترافق هذه الولادة، مثال ذلك مراقبة الطيور الطائرة، أو ظهور علامة مناقضة للطبيعة تعتبر نذيراً بكارثة ما.
توجد الواح عديدة تسجل نصوصاً عن معرفة الطالع بطرائق مختلفة من امثال معرفة ما يمثله الماء المسكوب في الطريق، أو ملاقاة حيوان أو نبات.
يقول احد الألواح (إذا كانت المدينة تقوم على تل...) أو (عندما يكون المعزم في طريقه إلى بيت احد المرضى فان كان شيء يقابله المعزم يؤثر في حياة المريض!).
كان العرافون يخضعون لدراسة وتدريب طويل الامد كيما يلمون بمهنتهم هذه وكان ينبغي لهم ان يظلوا حلقى الرؤوس على الدوام، أو ان يحلقوا أم رأسهم في الأقل. وكانت تعهد إلى العرافين واجبات خاصة يؤدونها اما في قصر الملك أو في المعبد المجاور له ويتبين من احدى الرسائل التي كتبها بعض العرافين انهم كانوا يقومون باعمال الاستطلاع إذ تقول هذه الرسالة (لقد جعلني الملك ابحث عن هذا وذاك).
وكان ينبغي للعرافين الملحقين بالقصر ان يكونوا على استعداد دوماً لتفسير أي شيء يطلب منهم تفسيره، وان يؤدوا يمين الولاء للملك مثلهم في ذلك مثل بقية الموظفين.
وكان العرافون بين الأشخاص الذين يحضرون مراسيم تأدية اليمين امام الملك حيث يشتركون في ذلك مع المعزمين ومراقبي الطيور والاطباء وبقية موظفي القصر.


غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: العلوم الخفية في التاريخ


...
....
صورة رمزية إفتراضية للعضو وائل الباشا
وائل الباشا
عضو
°°°
افتراضي
مشكور اخي على المجهود وننتظر منك المزيد


مواقع النشر (المفضلة)
السحر ومعرفة الطالع والتعاويذ في بلاد بابل وآشور

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
شرح مفصل ومصور لتحويل المخطوطات والكتب من صور الى pdf
كتاب حادى الارواح الى بلاد الافراح
علم التزامن في بابل...والحضارات القديمة
من رب الطالع اذا كان الطالع يتضمن برجين معا

الساعة الآن 06:26 PM.