المشاركات الجديدة
مقالات في الروحانيات للمعتقدات الاخرى : شرح المواضيع و تبادل الآراء والخبرات بين المشاركين والمتابعين

الباب الثالث عشر في تجلّي الأسماء (سلسلة مراتب الوجود)

21 الباب الثالث عشر في تجلّي الأسماء (سلسلة مراتب الوجود)
الباب الثالث عشر في تجلّي الأسماء
إذا تجلّى الله تعالى على عبد من عبيده في اسم من أسمائه اصطلم العبد تحت أنوار ذلك الاسم، فمتى ناديت الحق بذلك الاسم أجابك العبد لوقوع ذلك الاسم عليه، فأول مشهد من تجليات الأسماء أن يتجلى الله لعبده في
اسمه الموجود، فيطلق هذا الاسم على العبد.
وأعلى منه تجلّيه له في اسمه الواحد وأعلى منه تجلّيه له في اسمه الله، فيصطلم العبد لهذا التجلي ويندك جبله،
فيناديه الحق على طور حقيقته: إنه أنا الله، هنالك يمحو الله اسم العبد ويثبت له اسم الله تعالي.
فإن قلت: يا الله، أجابك هذا العبد: لبيك وسعديك.
فإن ارتقى وقوّاه الله وأبقاه بعد فنائه كن الله مجيباً لمن دعا هذا العبد.
فإن قلت مثلاً: يا محمد، أجابك الله: لبيك وسعديك، ثم إذا قوي العبد في الترقي تجلى الحق له في اسمه الرحمن ثم في اسمه الربّ ثم في اسمه الملك ثم في اسمه العليم ثم في اسمه القادر، وآلما تجلى الله في اسم من هؤلاء الأسماء المذكورة فإنه أعزّ مما قبله في الترتيب.
وذلك لأن تجلي الحق في التفصيل أعزّ من تجلّيه في الإجمال، فظهوره لعبده في اسمه الرحمن تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الله، وظهوره لعبده في اسمه الربّ تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الرحمن، وظهوره في اسمه الملك تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الربّ، وظهوره في اسمه العليم والقادر تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الملك.
وكذلك بواقي الأسماء، بخلاف تجلياته الذاتية، فإن ذاته إذا تجلّت لنفسه بحكم مرتبة من هذه المراتب كن الأعم فوق الأخص، فيكون الرحمن فوق الرب، وفوقهما الله فافهم.
وذلك بخلاف التجليات الأسمائية المذكورة، فينتهي العبد في هذه التجلّيات الأسمائية إلى حقيقتها الذاتية إلى أن تطلبه جميع الأسماء الإلهية طلب وقوع كما يطلب الاسم المسمى، فحينئذ يغرّد طائر أنسه على فنن قدسه
قائلاً:
ينادي المنادي باسمها فأجيبه .... وأدعى فليلى عن ندائي تجيب
وما ذاك إلا أننا روح واحد ...... تداولنا جسمان وهو عجيب
كشخص له اسمان والذات واحد ..... بأي تنادي الذات منه تصيب
فذاتي لها ذات واسمي اسمها ..... وحالي بها في الاتحاد غريب
ولسنا على التحقيق ذاتين لواحد .... ولكنه نفس المحبّ حبيب
والعجب في التجليات الأسمائية أن المتجلي له لا يشهد إلاَّ الذات الصرف ولا يشهد الاسم، لكن المميز يعلم سلطانه من الأسماء التي هو بها مع الله تعالي تعالى، لأنه استدل على الذات بذلك الاسم، فعلم مثلاً منه أنه الله أو أنه الرحمن أو أنه العليم أو أمثكل ذلك، فذلك الاسم هو الحكم على وقته وهو مشهده من الذات.
والناس في تجليات الأسماء على أنواع، وسنذكر طرفاً منها إذ لا سبيل إلى إحصاء جميع الأسماء، ثم كل اسم يتجلى به الحق، فإن الناس فيه مختلفون وطرق وصولهم إليه مختلفة.
ولا أذكر من جملة طرق كل اسم إلاَّ ما وقع لي في خاصة سلوكي في الله، بل جميع ما أذكره في كتابي
بطريق الحكاية عن غيري كن أو عني فإني لا أذكره إلاَّ على حسب ما فتح الله به عليَّ في زمان سيري في الله وذهابي فيه بطريق الكشف والمعاينة.
فلنرجع إلى ما آنا بصدده من ذكر الناس في تجليات الأسماء، وهم على أنواع:
فمنهم من تجلى الحق عليه من حيث اسمه القديم،
وكن طريقه إلى هذا التجلي أن كشف له الحق عن كونه موجوداً في علمه قبل أن يخلق الخلق.
إذ كن موجوداً في علمه بوجود علمه، وعلمه موجود بوجوده سبحانه، فهو قديم، والعلم قديم والمعلوم لاحق بالعلم فهو قديم.
لأن العلم لا يكون علماً إلاَّ إذا كن له معلوم، فالمعلوم هو الذي أعطى العالم اسم العالمية، فلزم من هذا الاعتبار قدم الموجودات في العلم الإلهي.
فمرجع هذا العبد إلى الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه القديم، فعندما تجلى له من ذاته القدم الإلهي اضمحل حدثه، فبقي قديماً بالله تعالى فانياً عن حدثه.
ومنهم من تجلى له من حيث اسمه الحق، وكن طريقه إلى هذا التجلي بأن كشف له سبحانه وتعالى عن سرّ حقيقته المشار إليها بقوله :{ وما خلقنا السموات والأرض الا بالحق} 85 سورة الحجر.
فعندما تجلّت به ذاته من حيث اسمه الحق، فنى منه الخلق وبقي مقدس الذات منزّه الصفات.
ومنهم من تجلّى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه الواحد، وكان طريقه إلى هذا التجلي بأن كشف الحق له عن محتد العالم وبروزه من ذاته سبحانه وتعالي كبروز الموج من البحر فشهد ظهوره سبحانه وتعالي في تعدد المخلوقات بحكم واخديته ، فعند ذلك اندك جبله وصعق كليمه ، فذهبت كثرته في وحده الواحد سبحانه وتعالي ، وكانت المخلوقات كأن لم تكن ويقي الحق كان لم يزل.
ومنهم من تجلّى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه القدوس، وكان طريقه بأن كشف له عن سرّ { ونفخت فيه من روحي} 29 سورة الحجر. فأعلمه أن روحه نفسه لا غيره، وروح الله مقدسة منزّهة، فعند ذلك تجلى له الحق في اسمه القدوس، ففني من هذا العبد نقائض الاكوان، وبقي بالله تعالى
منزّهاً عن وصف الحدثان.
ومنهم من تجلى له سبحانه وتعالى من حيث اسمه الظاهر فكشف له عن سرّ ظهور النور الإلهي في كثائف المحدثات ليكون طريقاً له إلى معرفة أن الله هو الظاهر، فعند ذلك تجلى له بأنه الظاهر، فبطن العبد ببطون فناء الخلق في ظهور وجود الحق.
ومنهم من تجلى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه الباطن وكان طريقه بأن كشف له عن قيام الأشياء بالله ليعلم أنه باطنها فعند أن تجلى له ذاته من حيث اسمه الباطن طمس ظهوره بنور الحق، وكان الحق له باطناً وكن هو للحق ظاهراً.
ومنهم من تجلّى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه الله، فالطريق إلى هذا التجلي غير منحصر بل إلى تجلي كل اسم من أسماء الله تعالى آما سبق بأنها لا تنضبط لاختلاف المظاهر باختلاف القوابل، فإذا تجلى الحق لعبده من حيث اسمه الله فني العبد عن نفسه وكن الله عوضاً عنه له فيه، فخلص هيكله من رق الحدثان وفك قيده من قيد الاكوان، فهو أحدي الذات وأحدي الصفات لا يعرف الآباء والأمهات، فمن ذكر الله فقد ذكره، ومن نظر الله فقد نظره، وحينئذ أنشد لسان حاله بغريب عجيب مقاله:
خبتني فكنت فيَّ عني نيابة ..... أجل عوضاً بلى عين ما أنا واقع
فكنت أنا هي وهي كنت أنا وما ...... لها في وجود مفرد من ينازع
بقيت بها فيها ولا تاء بيننا ..... وحالي بها ماض كذا ومضارع
ولكن رفعت النفس فارتفع الحجا .... ونبهت من نومي فما أنا ضاجع
وشاهدتني حقاً بعين حقيقتي ..... فلي في جبين الحسن تلك الطلائع
جلوت جمالي فاجتليت مرائياً ..... ليطبع فيها للكمال مطابع
فأوصافها وصفي وذاتي ذاتها ..... وأخلاقها لي في الجمال مطالع
واسمي حقاً اسمها واسم ذاتها .... لي اسم ولي تلك النعوت توابع

ومنهم من تجلّى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه الرحمن، وذلك أنه لما تجلى له الحق سبحانه وتعالى من حيث اسمه الله دلّه بذاته على مرتبة العلية الكبرى الشاملة لأوصاف المجد السارية في جميع
الموجودات.
وكان ذلك طريقاً له إلى الوصول لذي التجلّي الذاتي من حيث اسمه الرحمن، وشأن العبد في هذا التجلي أن ينزل عليه الأسماء الإلهية اسماً اسماً، فلا يزال يقبل منها على قدر ما أودع الله في هذا العبد من نور ذاته إلى أن ينزل عليها اسم الربّ،
فإذا قبله وتجلى له الحق فيه تنزَّلت عليه الأسماء النفسية المشتركة التي هي تحت هيمنة الربّ كالعليم والقدير وأمثالهما، حتى ينزل عليه اسم الملك فإذا قبله وتجلّى له الحق في
ذاته تنزّلت عليه بواقي الأسماء بكمالها اسماً فاسماً إلى أن ينتهي إلى اسمه القيوم، فإذا قوّاه الله وتجلى له الحق في اسمه القيوم انتقل من تجليات الأسماء إلى تجليات الصفات.
* * *

يتابع إن شاء الله في الباب الرابع عشر
غير مبريء الذمه نقل الموضوع أو مضمونه بدون ذكر المصدر: منتديات الشامل لعلوم الفلك والتنجيم - من قسم: مقالات في الروحانيات للمعتقدات الاخرى


...
....

مواقع النشر (المفضلة)
الباب الثالث عشر في تجلّي الأسماء (سلسلة مراتب الوجود)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

الانتقال السريع
المواضيع المتشابهه
الموضوع
الباب الثاني عشر في تجلّي الأفعال (سلسلة مراتب الوجود)
الباب الحادي عشر في التشبيه (سلسلة مراتب الوجود)
الباب الرابع في الألوهية (سلسلة مراتب الوجود)
الباب الثالث في الصفة مطلقاً (سلسلة مراتب الوجود)
الباب الأول في الذات (سلسلة مراتب الوجود)

الساعة الآن 01:07 AM.